أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - عندما تعزف طبول الحرب لحن الفلسفة














المزيد.....

عندما تعزف طبول الحرب لحن الفلسفة


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 15:28
المحور: قضايا ثقافية
    


لا شيء يعلو على أصوات الطبول حين تعلن الأفق ميدانًا من نار. الحرب ليست مجرد حركة دبابات، ولا انطلاق طائرات، ولا صفقات دفاعية تملأ العناوين العريضة، بل هي تجلٍّ رمزيّ للفناء والبعث، كأنها الطقس البدائي الأول حين أكلت النار قرابين المذعورين، ثم صعد دخانها إلى السماء باحثًا عن إله يستجيب.التحالفات اليوم ليست إلا دوائر نارية تحيط بجسد المنطقة، كالأفعى التي تلتف حول ضحيتها حتى يختنق آخر نفس. العقوبات بدورها ليست إلا خيوطًا من حديد تُغلق رئة الخصم، فيتلوّى في صمته مثل شاعر فقد قصيدته الأخيرة. أمّا إيران، فهي لا تُعدّ عُدّتها في صمت، بل في طقوس أشبه برقصة الموت؛ تُوزع صواريخها كما يوزع الكهنة التمائم في ليلٍ عاصف، كأنها تؤمن أن الحديد قد يُنقذها حين تتكسر أوراقها اليابسة تحت مطر التاريخ.
كل شيء في هذه الرقعة الجغرافية بات مسرحًا لمسرحية أسطورية. قطع بحرية تتحرك كأحجار على رقعة شطرنج، طائرات تحلق فوق الغيوم كغربان تستشرف الجثث، واتفاقيات تُوقع بأقلام مبللة بالحبر والدم معًا. السعودية مع باكستان، دول الخليج مع واشنطن، تركيا مع النصوص الأممية التي ترجمتها إلى تجميد أصول ومصادرة أنفاس. كل خط توقيع ليس سوى خندقٍ جديد في أرضٍ تتهيأ للانفجار.لكن ما لا يُدركه الفاعلون على المسرح أن الطبول ليست ملكًا لهم، بل هي أداة رمزية للحتمية. طبول الحرب لا تُقرع بقرار سياسي، بل تُدوي حين يبلغ التوتر نقطة اللاعودة، حين يفيض الكأس بالدم، وحين تصبح الأيدي مقيدة بالعقود أكثر من القيود. في ذلك المشهد، تتحول الكلمات إلى سكاكين، والحدود إلى جراح، والدول إلى كائنات أسطورية تتصارع بين البقاء والزوال.إيران، التي تعتقد أن وقف النار مع إسرائيل مجرد استراحة محارب، تنسى أن التاريخ لا يمنح الاستراحات إلا ليكتب فصلًا أشد دموية. وكل صاروخ تُسلمه إلى الفصائل العراقية ليس سوى رسالة مكتوبة بلغة الرموز: "إن متُّ، فلتكنوا أشلاءي المنتشرة." وكأنها تُشبه طائر الفينيق، يوزع رماده على الأرض قبل أن يحترق ليولد من جديد، غير أن الفينيق هذه المرة قد لا يجد سماءً تحتضنه.الشرق الأوسط، كما يلوح في الأفق، ليس خريطة جغرافية فحسب، بل لوحة كونية يتصارع فيها الضوء والظلام. كل تحالف هو خط أبيض يحاول طرد السواد، وكل عقوبة هي مطرقة تكسر أوتارًا من نار، وكل خطاب صادر من طهران أو أنقرة أو واشنطن هو صدى لقصيدة لم تكتمل.طبول الحرب إذن ليست إعلانًا عن حرب قادمة فقط، بل إعلان عن ميلاد شرق جديد، شرق تتكسر فيه أنياب النفوذ الإيراني كما تتكسر أمواج البحر على صخورٍ صامتة. شرقٌ قد لا يعرف السلام بالمعنى البسيط، لكنه سيعرف حتمًا أن المعادلات القديمة قد تحطمت، وأن زمن الهيمنة المتغطرسة صار غبارًا على أقدام القادمين.
وها نحن في حضرة الرموز: الحرب طقس، العقوبة نصل، التحالف جدار، وإيران قناع يتشقق. أما الشرق الأوسط، فهو المسرح الذي لا تنطفئ أنواره، حتى لو تحولت السماء إلى رماد والبحر إلى ليلٍ أزرق لا ينتهي.طبول الحرب تدوي، لكن ما يدوي حقًا هو قلب العالم، وهو يتهيأ لاستقبال ميلاد جديد، من رحم الدمار… ومن أفقٍ يوشك أن ينفجر.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إياد الطائي.. حين يترجّل المسرح عن صهوته
- -الأحلام التي لم تعشها البيوت المهجورة-
- أساطيل الحديد وأشباح البحر
- أتعس الخونة من يبيعون الوطن باسم الوطنية
- العراق بين عقدة الماضي وامتحان المستقبل
- انحنى الحجر وظل النور قائماً
- -المذبوحون باسم الله-
- -الطرق التي تبكي تحت أقدام الغائبين-
- دواء الروح بين كأس الحكمة وأفعى المعرفة
- عامل السكراب
- عطر الكتب القديمة… حوار بين الغبار والخلود
- مكتبة الأسرار الكونية
- بغداد حين تعيد للعتمة صوتها.. مسرح الطيب على ضفاف دجلة
- البؤس العربي وفقدان الحياء: صرخة في وجه الرذيلة
- -بين دم الأرض وحديد السماء: تأملات في صراع القوى ومآل الإنسا ...
- نهداكِ… حين يغنّي البنفسج
- تراتيل الرماد فوق معبد اليورانيوم المكسور
- أشباح الموت في وطن الطوائف
- دول المذهب وعرش الدم
- كارثة الأشباح والعبيد في عراق الهدر


المزيد.....




- مشهد نادر.. علماء يوثقون لقطات لمجموعة من الحيتان القاتلة ال ...
- تساقط ثلوج مبكر يشل البلقان ويترك آلاف السكان بلا كهرباء
- هل فتح ترامب الباب أمام ضربات أوكرانية داخل العمق الروسي؟
- هل تتجه حماس للموافقة على خطة ترامب؟.. ماذا تطلب وهل لديها ه ...
- الاحتجاجات في المغرب.. هل تتجه نحو التصعيد أو التهدئة بعد تص ...
- فرنسا: هل تنفع محاولات رئيس الوزراء لوكورنو لإغراء المعارضة؟ ...
- المغنية الأمريكية تايلور سويفت تطلق ألبومها الثاني عشر.. رقم ...
- المغرب: بين الحلم والاحتجاج.. -جيل زد- الشاب يكسر الصمت والخ ...
- إندونيسيا: هل حصلت وحدة الشرطة -بريموب-، فائقة العنف، على رخ ...
- خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة.. ما الخيارات أمام حركة حماس؟ ...


المزيد.....

- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - عندما تعزف طبول الحرب لحن الفلسفة