أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العراق بين عقدة الماضي وامتحان المستقبل














المزيد.....

العراق بين عقدة الماضي وامتحان المستقبل


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 10:25
المحور: قضايا ثقافية
    


يقف العراق اليوم على عتبة زمنٍ تتنازع فيه القوى، زمنٍ يتشابك فيه التاريخ مع الحاضر كما تتشابك الأغصان في غابة عتيقة لا تسمح للنور أن يتسلل بسهولة. هو بلدٌ وُلد من رحم الحضارات، لكنه لا يزال حتى اللحظة أسير جراحه، يترنح بين عقدة الماضي وامتحان المستقبل، وكأنه سجين في قاعة انتظار كونية لا يعرف إن كان سيدخل منها إلى فضاء النهضة أم إلى هاوية التكرار.
العراق أشبه بلوحة شطرنج أبدية، تتناوب عليها أصابع الداخل والخارج، وتتنازع فوقها إرادات القوى الكبرى كما لو كانت بيادق ملونة تتحرك بلا هوادة. داخليًا، السلاح ما زال سيد الكلمة في شوارع المدن، والولاءات تتوزع بين الطوائف والفصائل، فلا تكاد الديمقراطية تخرج رأسها من التراب حتى تنهال عليها معاول الشكوك. وخارجيًا، المنطقة بأسرها تعيش صدمة التحولات: سوريا التي لا تعرف بعد مآلها الأخير، لبنان المعلّق بين الانهيار والانتظار، اليمن الذي يتنفس عبر تسوياتٍ مؤقتة، وإيران التي تواجه حصارًا ضاغطًا يحاول أن يغير جلدها. وسط هذا الإعصار، يقف العراق متردّدًا، يسأل نفسه: هل سيظل مرآةً لخيارات الآخرين أم يصبح أخيرًا صورةً لنفسه؟..في الداخل، يتشكل السؤال الأكثر إلحاحًا: هل يمكن أن تكون هناك انتخابات نزيهة في ظل سطوة البنادق؟.. إن الديمقراطية حين تُجرى تحت تهديد السلاح، لا تكون سوى مسرحيةٍ مُكرّرة، نهايتها معلومة سلفًا. تقارير وتحذيرات من وراء البحار لم تفعل سوى تأكيد ما يعرفه العراقيون بالفطرة: أن السلطة التي تُدار بفوهات البنادق لا تمنح شرعية، بل تسرقها. فكيف يمكن لشعبٍ أن يثق بوعود الإصلاح بينما أصواته تُختطف قبل أن تصل إلى صناديقها؟
أما في الخارج، فالمشهد يتجاوز تفاصيل السياسة إلى خرائط التاريخ التي تُعاد رسمها. الحديث عن "شرق أوسط جديد" ليس جديدًا، لكنه اليوم يُطرح بأدوات مختلفة، بمشاريع وخطط تحمل في طياتها إعادة توزيع الأدوار والنفوذ، وعلى رأسها تقليص ظل إيران الذي امتد طويلًا عبر بوابة العراق. من غزة إلى الخليج، ومن بيروت إلى بغداد، هناك إعادة ترتيب تُصاغ في الغرف المغلقة، والعراق في قلب هذا الترتيب، شاء أم أبى.وهنا يظهر التناقض الأكبر: بلدٌ يريد أن يكون سيد نفسه، لكنه مثقل بعقدة الماضي. منذ سقوط النظام القديم وهو يحاول أن يكتب دستورًا جديدًا لروحه، لكن الحبر كان في كثير من الأحيان مستعارًا من غيره. سنوات الاحتلال، سنوات الفوضى، سنوات المحاصصة، كلها أوراقٌ تراكمت في دفتر العراق حتى بات من الصعب أن يفتح صفحةً جديدة دون أن تتساقط أوراق الأمس على الطاولة. ومع ذلك، يبقى الأمل معلقًا كقنديل بعيد في سماء معتمة: أن يجد هذا البلد طريقه ليصير دولةً كاملة السيادة، لا ساحةً للمشاريع المتقاطعة.إن العراق اليوم يقف بين خيارين: أن يكون فاعلًا في صياغة ملامح المرحلة المقبلة، أو أن يظل مجرّد متفرج على مسرح الآخرين، يصفق حينًا، ويُجبر على البكاء حينًا آخر. التاريخ لا ينتظر، والقدر لا يُنصت طويلاً للمترددين.
وإذا كان الماضي قد ربط العراق بقيودٍ من دم وبارود، فإن المستقبل لا يرحم إلا من يملك الجرأة على كسر تلك القيود. وبين الماضي الذي لا ينام والمستقبل الذي لا يتأخر، يظل العراق في امتحانه الأصعب: أن يقرر أخيرًا أن يكون سيد مصيره.فهل سينهض من رماد التاريخ ليكتب سطره الخاص، أم سيبقى أسيرًا في كتاب الآخرين؟.. الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة، غير أن المؤكد أن الزمن لا يمنح فرصًا بلا ثمن، وأن من يتأخر عن قطار التاريخ، يجلس طويلًا على رصيف الانتظار.
ـ



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انحنى الحجر وظل النور قائماً
- -المذبوحون باسم الله-
- -الطرق التي تبكي تحت أقدام الغائبين-
- دواء الروح بين كأس الحكمة وأفعى المعرفة
- عامل السكراب
- عطر الكتب القديمة… حوار بين الغبار والخلود
- مكتبة الأسرار الكونية
- بغداد حين تعيد للعتمة صوتها.. مسرح الطيب على ضفاف دجلة
- البؤس العربي وفقدان الحياء: صرخة في وجه الرذيلة
- -بين دم الأرض وحديد السماء: تأملات في صراع القوى ومآل الإنسا ...
- نهداكِ… حين يغنّي البنفسج
- تراتيل الرماد فوق معبد اليورانيوم المكسور
- أشباح الموت في وطن الطوائف
- دول المذهب وعرش الدم
- كارثة الأشباح والعبيد في عراق الهدر
- ملحمة السيوف والنار… ذكرى الرد العراقي على العدوان الإيراني
- -مهرجان بغداد السينمائي… احتفال بالصدى الفارغ-
- مأساة المبدع بين حياةٍ يُغتال فيها وموتٍ يُستثمر فيه
- موازنة 2025… لمن ذهبت؟ بجيب الفأر أم بجيب الجار
- رحيل داود الفرحان… حين يغادر القلم وتبقى الذاكرة


المزيد.....




- شاهد.. راكب دراجة يفر من حرس الحدود وهو يصرخ: -أنا لست مواطن ...
- الإغلاق الحكومي يبدأ رسميا في أمريكا بعد فشل مشروع القانون ا ...
- اليوم 726 للحرب: غارات لا تهدأ وأسطول الصمود يقترب من مياه غ ...
- إغلاق وشلل حكومي في الولايات المتحدة
- ترامب يحذر حماس: -في حال رفض خطة السلام، ستكون النتيجة وخيمة ...
- الدانمارك تستضيف قمة أوروبية وسط تعزيزات أمنية مشددة
- الصيادلة محاصرون بالمرضى القلقين بعد تصريحات ترامب بشأن بارا ...
- 60 قتيلا و147 جريحا بزلزال الفلبين
- لعنة القذافي تصيب ساركوزي بعد مطاردة لعقد من الزمان
- البنتاغون: نقلص قواتنا في العراق مع تراجع تهديد تنظيم الدولة ...


المزيد.....

- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العراق بين عقدة الماضي وامتحان المستقبل