أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الشرق الأوسط بين إعادة التوازن وتفكيك النفوذ الإيراني














المزيد.....

الشرق الأوسط بين إعادة التوازن وتفكيك النفوذ الإيراني


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 09:13
المحور: قضايا ثقافية
    


منذ أكثر من نصف عقد، تشهد المنطقة تحولاتٍ كبرى أعادت رسم الخريطة السياسية والأمنية للشرق الأوسط، في سياق صراعٍ طويلٍ بين مشروعين متناقضين: مشروع يسعى إلى بناء منظومة استقرارٍ إقليميٍ تقوم على الردع والتحالفات، ومشروعٍ توسّعيٍّ يقوم على نشر الفوضى عبر الوكلاء والجماعات المسلحة.
في هذا المفترق الدقيق من التاريخ، يبرز الدور الأمريكي من جديد، ولكن بوجهٍ أكثر حسمًا مما كان عليه في السنوات السابقة.
في عام 2019 بدأت الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب آنذاك، تنفيذ استراتيجية واضحة لتفكيك منظومة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. هذه الاستراتيجية لم تكن وليدة لحظةٍ سياسيةٍ طارئة، بل جاءت نتيجة تراكماتٍ من الفوضى التي خلّفها التمدد الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة.كانت الخطوة الأولى والمفصلية هي عملية بغداد عام 2020، التي أنهت وجود أبرز رموز هذا المشروع: قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وهو الحدث الذي شكّل نقطة التحوّل الكبرى في مسار توازن القوى داخل المنطقة.غير أن تبدّل الإدارة الأمريكية لاحقًا، وعودة الحزب الديمقراطي إلى الحكم، أعاد السياسة الأمريكية إلى مربع “الاحتواء” بدل “المواجهة”. توقّفت العمليات المباشرة، وبدأت واشنطن تعتمد على الأسلوب الدبلوماسي وضبط الإيقاع، لكن تلك المرحلة لم تدم طويلًا.فالأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الأعوام الأخيرة — من التصعيد في غزة، إلى التوتر في البحر الأحمر، وصولًا إلى اضطراب الوضع الأمني في العراق وسوريا — أعادت القناعة داخل مراكز القرار الأمريكي بضرورة العودة إلى سياسة الردع، بل وتوسيعها إلى نطاقٍ أشمل يهدف إلى إنهاء نفوذ طهران وأذرعها بشكلٍ جذري.خلال الشهور الأخيرة، بدا المشهد أكثر وضوحًا: العمليات الأمنية والاستخبارية تكاثرت ضد الفصائل الموالية لإيران في أكثر من ساحة. في لبنان، تم تحجيم “حزب الله” عسكريًا وسياسيًا بعد سلسلةٍ من الضربات التي أضعفت حضوره الميداني وأفقدته الكثير من أدواته.في سوريا، جرى تقويض بنية النظام الذي اعتمد لسنوات على الدعم الإيراني، وتراجعت قدرة طهران على التأثير في مسار الصراع هناك.أما في غزة، فقد وصلت العمليات إلى مستوى غير مسبوق من التصعيد، وضع “حماس” في أضيق دائرةٍ منذ تأسيسها.وفي العراق، تتجه الأمور نحو تفكيك الميليشيات تدريجيًا، في ظل دعمٍ أمريكي وإقليمي متزايد لحكومةٍ تحاول إعادة فرض سلطة الدولة.أما اليمن، فتجري معالجته وفق معادلةٍ أكثر حذرًا، تراعي الجغرافيا والتهديدات المتقاطعة، لكنها تصب في نهاية المطاف في هدفٍ واحد: تحييد النفوذ الإيراني ومنع إعادة إنتاج الفوضى.وفي العمق، تتعرّض إيران نفسها اليوم لضغطٍ غير مسبوق. فقد واجهت البلاد عملياتٍ أمنيةً نوعيةً استهدفت مواقعها النووية والعسكرية، وتزايدت مؤشرات الاختراق الاستخباري داخل مؤسساتها الحساسة.الهدف من ذلك — بحسب مؤشراتٍ سياسيةٍ غربية — هو إضعاف قدرة النظام الإيراني على المساومة والتهديد، ووضع حدٍّ لأي محاولةٍ لامتلاك سلاحٍ نوويٍّ يعيد ميزان القوى إلى نقطة الخطر.
هذه الوقائع جميعها تُعيد التذكير بمبدأٍ أساسيٍّ في العقيدة السياسية التي طرحها ترامب منذ توليه الحكم: “السلام بالقوة”.
فالمسألة لم تعد مقتصرة على ردعٍ تكتيكي، بل على بناء منظومة استقرارٍ طويلة المدى، تضمن أن تكون المنطقة خالية من الأنظمة والجماعات التي استخدمت الدين والطائفية كغطاءٍ لمشاريع النفوذ والابتزاز.لقد أدركت واشنطن ومعها العواصم الإقليمية أن السنوات الماضية كانت ثمناً باهظاً لسياسة المهادنة، وأن النظام الإيراني لم يكن شريكًا في الاستقرار بقدر ما كان محرّكًا للفوضى. لذلك، تتجه السياسات اليوم نحو إعادة رسم التوازنات بقوة، في ما يمكن تسميته“مرحلة فرض السلام الإجباري”، وهي مرحلة لا تعتمد على الحروب الواسعة، بل على الضربات المركّزة، والضغوط الاقتصادية، والحصار السياسي، والتفكيك التدريجي لشبكات النفوذ.كل المؤشرات تشير إلى أن الشرق الأوسط يسير نحو مرحلة جديدة، لا مكان فيها للولاءات المتعددة ولا للمشاريع العابرة للحدود.إنها مرحلة بناء شرقٍ أوسطٍ مختلفٍ في بنيته وأولوياته، شرقٍ يقوم على التحالفات الواقعية لا على الشعارات، وعلى استقرارٍ تُصنع معادلته بالقوة لا بالتمني.
قد يختلف المراقبون في تقييم هذه التحولات، لكن المؤكد أن المنطقة تدخل عهدًا جديدًا، تُعاد فيه كتابة موازين القوة بيدٍ لا تعرف المجاملة.وإذا ما استمر هذا المسار، فإن ما بدأه ترامب قبل أعوام لن يكون مجرد فصلٍ في تاريخ المواجهة، بل مشروعًا طويل الأمد لتغيير وجه الشرق الأوسط إلى الأبد.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى المجزرة..مدرسة بلاط الشهداء وجريمة إيران
- العراق.. حلم اللقاء المتحقق في مرايا النفط والسياسة
- عطرُ حضوركِ
- ريما… الجنون الذي أحببتُه بلا حدود
- اعذريني يا بنت الحرير-
- سامي آغا شامي الجيزاني.. ابن البصرة الذي كتب المنافي على جدا ...
- العراق.. جمهورية الجسور المكسورة
- حين بدأ الحب يتفتّت بصمت
- لماذا نجعل دائمًا من هزائمنا انتصارًا؟
- -الخنجر المتكرر… سردية الغدر عبر العصور-
- غزة: أنين الروح المحاصرة
- أنتخبهم… حتى يُباع الوطن في سوق الوهم
- البستان الذي ينام في الخراب
- ريما...
- حين يتكلّم الركام ويصمت العالم
- عندما تعزف طبول الحرب لحن الفلسفة
- إياد الطائي.. حين يترجّل المسرح عن صهوته
- -الأحلام التي لم تعشها البيوت المهجورة-
- أساطيل الحديد وأشباح البحر
- أتعس الخونة من يبيعون الوطن باسم الوطنية


المزيد.....




- الأميرة رجوة الحسين في لندن..أناقة كلاسيكية بلمسات عصريّة
- ما هو مصير قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار؟
- معضلة جثث الرهائن في غزة.. نبرة التهديد والوعيد عادت مجددا م ...
- شعب مدغشقر يطالب ماكرون بالاعتذار ويتهم سياسته -بالوصاية الن ...
- حكومة لوكورنو الثانية مهددة بالسقوط مجددا.. وتغييرات إقليمية ...
- غزة: هل تحارب إسرائيل حماس عبر ميليشيات مسلحة؟
- إندونيسيا في حالة إنذار بيئي خشية تلوث إشعاعي
- اقتحامات بأنحاء الضفة والاحتلال يقتل فلسطينيا ضربا شمال القد ...
- بين الاستعراض ودفع الثمن.. ماذا وراء الظهور الجديد لـ-أبو شب ...
- مطالبات لماكرون بالاعتذار للشعب الملاغاشي


المزيد.....

- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الشرق الأوسط بين إعادة التوازن وتفكيك النفوذ الإيراني