أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن صالح الشنكالي - العراق بين صناديق الاقتراع ومأزق الطائفية














المزيد.....

العراق بين صناديق الاقتراع ومأزق الطائفية


حسن صالح الشنكالي

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 02:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رؤية نقدية في سلوك الناخب والنائب بعد عقدين من التجربة الديمقراطية العراقية

من المؤسف أن القوائم الانتخابية في العراق، رغم تعاقب التجارب وتكرار الدروس، لم تخرج بعد من أسر الطائفية والتصنيفات العِرقية والمذهبية، إلا في حالات نادرة لا تكاد تُذكر.
فالمشهد الانتخابي ما زال محكوماً بثقافة الانقسام التي غُرست في الوعي الجمعي منذ عقود، حتى أصبح الانتماء المذهبي أو العشائري معيارًا للفوز والخسارة، لا البرنامج الانتخابي ولا الكفاءة ولا النزاهة.

إن العراق، في جوهره، بلدٌ واحد، لا يمكن تجزئته ولا اختزاله في مكوّن دون آخر.
ومن يفوز في الانتخابات، حتى وإن كان ذا توجهٍ طائفي أو قومي، يُفترض به أن يرتقي فوق انتمائه الضيق، وأن يعمل من أجل منطقته ومواطنيه جميعًا بغضّ النظر عن خلفياتهم.
فالمسؤولية الوطنية تفرض على النائب أن يسعى لتحقيق المطالب المشروعة في مجالات الخدمات العامة، والأمن، والبيئة، والحقوق المدنية، دون تمييز أو انتقائية.

ولا يمكن بحالٍ من الأحوال عزلُ منطقةٍ عن أخرى، أو تصنيفُ المواطنين إلى مؤيدين ومعارضين ليُكافأ بعضهم بالخدمات ويُعاقَب آخرون بالحرمان.
فالنائب لا يمثل حزبًا أو طائفةً فحسب، بل يمثل إرادة الناس الذين أوصلوه إلى البرلمان ليكون صوتهم جميعًا، لا صدى لجماعته أو لمصالح ضيقة.

والأعجب من ذلك أن أكثر من عشرين عاماً قد مرّت على التغيير، ومع ذلك لم يتحرر فكرُ الناخب بعدُ من مأزق الطائفية، ولا زال كثيرون يصوتون بدافع الولاء المذهبي أو العشائري، لا بدافع المصلحة العامة

أما النائب المنتخب، فبدلاً من أن يكون لسان حال منطقته والمدافع عن حقوقها، أصبح في الغالب أسير المصالح الشخصية أو المذهبية أو الحزبية، لا يقدم لمنطقته عُشر ما هو مطلوب منه.

ولعلّنا نحن الإيزيديين المنكوبين أكثر الخاسرين من التوجهات الطائفية، إذ نجد أنفسنا مجبرين على خوضها رغم مرارتها.
فناخبونا نصفهم نازحٌ أو مهجّر، والنصف الآخر العائد منهم لم يتمكن من تحديث بياناته الانتخابية، بعد أن خذلته التجارب السابقة، وتوقفت مشاريع مناطقه بين نزاعات المركز والإقليم.
فالمشاريع متعثرة، والبنى التحتية متهالكة، والبطالة تتفاقم، والخدمات الأساسية غائبة، وكأننا نعيش في دائرة مغلقة لا فكاك منها.

لقد آن الأوان لإعادة النظر في مفهومنا للانتخاب والتمثيل.
فصندوق الاقتراع ليس وسيلة لتكريس الانقسام، بل أداة للتغيير والإصلاح.
والمواطنة الحقة لا تُقاس بالانتماء الضيق، بل بالقدرة على خدمة الجميع بعد الفوز.
إنّ العراق لن ينهض ما لم يتحرر وعي الناخب من سجن الطائفة، وما لم يدرك المرشح أن الوطن أكبر من كل المكوّنات، وأن العدالة لا تُجزَّأ.

فالتاريخ لا يرحم، والأجيال القادمة ستحاسبنا جميعًا: على صمتنا، وعلى اختياراتنا، وعلى استمرارنا في الدوران داخل مأزق الطائفية ذاته منذ أكثر من عقدين، فيما العالم من حولنا تجاوزها نحو أفقٍ أوسع من التعدد والتعايش والمواطنة.



خاتمة

إن العراق بحاجةٍ إلى ثورةٍ في الوعي لا تقل أهمية عن أي إصلاحٍ سياسي أو اقتصادي.
ثورةٍ تُعيد تعريف المواطنة على أساس العدالة والمساواة، لا على أساس الطائفة والعرق والانتماء الضيق.
حين يدرك الناخب أن صوته أمانة في عنقه، وأن النائب خادمٌ للشعب لا سيدٌ عليه، وحين يعي السياسي أن الكرسي وسيلةٌ لخدمة الناس لا غايةٌ في ذاته، عندها فقط يمكن أن نؤسس لوطنٍ يتسع للجميع.

فلنخرج من مأزق الطائفية، ولنرفع رؤوسنا نحو سماء العراق الواسعة التي لا تُظل إلا من أحبها بصدقٍ، وعمل لها بإخلاصٍ، وآمن أن خدمة الوطن أعظم من كل الولاءات الصغيرة.
فالإصلاح الحقيقي يبدأ من وعينا نحن، من قلمٍ يكتب بصدق، وصوتٍ ينتخب بعقل، وضميرٍ يضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار.



الكاتب: حسن صالح مراد الشنكالي
مدير قسم تربية سنجار، وباحث في الشأن الاجتماعي والتربوي



#حسن_صالح_الشنكالي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس التاسع : كيف نفهم الدرس بسهولة
- الدرس العاشر: مستقبل التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي
- التعليم والاقتصاد… هدر الطاقات في وطنٍ حائر
- دروس في التربية / الدرس الثاني
- دورس في التربية / الدرس الثالث
- دروس في التربية / الدرس الرابع
- دروس في التربية / الدرس الخامس
- دروس في التربية / الدرس السادس
- دروس في التربية / الدرس السابع
- دروس في التربية / الدرس الثامن
- دروس في التربية / الدرس الاول
- بيان استنكار
- الصراع بين ولاء الوطن وولاء الدين
- رسالة إلى المراجع الإسلامية الكرام
- هل يشهد العراق حرب مياه في العقد القادم؟
- رائحة الطين
- حين يُذبح الوطن باسم الدين، وتصمت الإنسانية
- الشرق الأوسط والحروب القادمة: غياب الوعي في زمن التفوق العسك ...
- حيادكم قد يُنقذنا: نداء مفتوح إلى الحكومة والشعب
- اسباب عدم تأهل منتخبنا ( العراقي) المباشر لنهائيات كاس العال ...


المزيد.....




- متى يشارك رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي في مفاوضات شرم الشيخ؟ ...
- قنصل إسرائيلي سابق لـCNN: نتنياهو -مُرغم- على قبول خطة ترامب ...
- قصة حرب الرمال بين المغرب والجزائر
- بوركينا فاسو: توقيف ثمانية من أعضاء منظمة إنسانية بينهم ثلاث ...
- شكوى أمام الجنائية الدولية تتهم ميلوني ومسؤولين إيطاليين بال ...
- محاكمة فرنسية عائدة من سوريا في قضية إبادة جماعية متعلقة بال ...
- ميلوني: دعوى ضدي في الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في الإباد ...
- الشرع يبحث مع المبعوث الأميركي وقائد القيادة الوسطى تعزيز ال ...
- الجيش الأميركي يعلن قتل قيادي في القاعدة بسوريا
- دوفيلبان.. خصم أميركا وخصيم إسرائيل الذي صفق له مجلس الأمن ط ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن صالح الشنكالي - العراق بين صناديق الاقتراع ومأزق الطائفية