أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد صالح سلوم - السيرك العالمي يفتتح موسمه الجديد في تل أبيب وواشنطن..كتابات ساخرة















المزيد.....



السيرك العالمي يفتتح موسمه الجديد في تل أبيب وواشنطن..كتابات ساخرة


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 10:20
المحور: كتابات ساخرة
    


يبدو أن قوانين الكوميديا قد حلت محل قوانين السياسة، في يومنا ، مما يمنح المسرح العالمي ،فرصة ، كي يقدم لنا ، عرضاً جديداً بعنوان "الفاشية تتزلج على جليد رقيق". النجوم الرئيسيون؟ دونالد ترامب، بنيامين نتنياهو، ومجموعة مختارة من قادة المفوضية الأوروبية الذين يبدون وكأنهم يحاولون الفوز بلقب "أفضل ممثل داعم للإبادة" في مهرجان السياسة الدولية. والجمهور؟ حسناً، الجمهور هو نحن، الشعوب التي تقف في طوابير طويلة لشراء تذكرة هذا العرض المرعب، لكنها بدأت تدرك أنها تستطيع كتابة نص أفضل.في ميلانو، المدينة التي اشتهرت بالموضة والأناقة، قرر المواطنون ارتداء أحذية الاحتجاج بدلاً من أحذية غوتشي، وخرجوا في أكبر مظاهرة منذ الستينيات. تخيلوا المشهد: عشرات الآلاف يهتفون "فلسطين حرة من البحر إلى النهر"، بينما يحاول أحد السياسيين المحليين إقناعهم بأن المشكلة ليست في الاحتلال، بل في أن المتظاهرين لم يحجزوا موعداً مسبقاً للتظاهر! يا لها من فضيحة، كيف تجرؤ الجماهير على التظاهر دون موافقة البيروقراطية؟ لكن المتظاهرين، كما يبدو، لم يكونوا في مزاج لملء استمارات، فقرروا ملء الشوارع بدلاً من ذلك.في بروكسل، عاصمة القرارات الأوروبية التي لا يفهمها أحد، تحولت المدينة إلى مسرح كوميدي مفتوح. مئة وعشرة آلاف متظاهر، تحت شعار "الخط الأحمر"، حاصروا مقرات المفوضية الأوروبية وحلف الناتو، مطالبين بإسقاطهما. المشهد كان يستحق جائزة: موظفو المفوضية ينظرون من النوافذ، يتساءلون إن كان بإمكانهم إنهاء هذا الحصار بتقديم بعض الكرواسون والقهوة. لكن المتظاهرين لم يكونوا جائعين للكرواسون، بل للعدالة. وفي لحظة دراماتيكية، رفع أحدهم لافتة تقول: "نتنياهو، ترامب، والناتو: ثلاثي الكوميديا السيئة". الجمهور صفق بحرارة، لكن الثلاثي، على ما يبدو، لم يتلق الدعوة لحضور العرض.في غزة، حيث تكتب المقاومة الفلسطينية سيناريو مختلفاً تماماً، يبدو أن الشعب قرر أن يكون مخرجاً وممثلاً وبطلاً في آن واحد. شعار "فلسطين حرة من البحر إلى النهر" لم يعد مجرد كلمات، بل أصبح نشيداً عالمياً يتردد في كل زاوية من العالم. حتى اليسار الفلسطيني، الذي كان يخجل من هذا الشعار خوفاً من أن يُتهم بـ"الراديكالية"، بدأ يتساءل: "لحظة، لماذا نحن خجولون؟ هذا الشعار يبدو وكأنه كتبته فرقة روك ثورية!" وهكذا، أصبح الشعار ترنيمة الشعوب، من ميلانو إلى مكسيكو سيتي، ومن بروكسل إلى بريتوريا.لكن دعونا نعود إلى نجوم العرض: ترامب، نتنياهو، وشركاؤهما في المفوضية الأوروبية. تخيلوا ترامب وهو يقف أمام مرآة ذهبية في مار-a-لاغو، يمارس خطابه التالي: "أنا أعظم داعم لإسرائيل، لا أحد يدعم إسرائيل مثلي، أنا عملياً سفير تل أبيب!" ثم يتلقى مكالمة من نتنياهو، الذي يبدو أنه في حالة ذعر: "دونالد، المتظاهرون في كل مكان! ماذا نفعل؟" ترامب، بكل ثقة، يجيب: "سهلة، نتهمهم بأنهم ممولون من منظمات غامضة، ثم نبني جداراً حول بروكسل!" نتنياهو، الذي يعرف شيئاً أو اثنين عن الجدران، يرد: "عبقري! لكن من سيدفع ثمن الجدار؟" ترامب، بابتسامته المعتادة: "المكسيك، بالطبع!"في هذه الأثناء، في واشنطن، يحاول جو بايدن أن يبدو وكأنه يفهم ما يحدث. في مؤتمر صحفي، يقول: "أنظر، أنا أدعم الحرية... والشيء الآخر... كيف يسمونه؟ السلام؟" ثم ينظر إلى مساعديه، يهمس: "هل هذا عن أوكرانيا أم فلسطين؟" المساعدون، في حالة ارتباك، يقررون تغيير الموضوع ويعلنون عن زيادة في ميزانية المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني. الجمهور في الخارج يهتف: "برافو، جو! جائزة أفضل ممثل مساعد لك!"لكن بعيداً عن هذا السيرك، هناك شيء جدي يحدث. المقاومة الفلسطينية في غزة، التي تواجه آلة حرب مدعومة من أقوى دول العالم، أصبحت مصدر إلهام للجماهير في كل مكان. تخيلوا المشهد: في غزة، يقاوم الناس بكل ما لديهم، بينما في ميلانو، يرفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها: "نتنياهو، حان وقت التقاعد!" وفي بروكسل، يهتف آخرون: "الناتو، توقف عن تمويل الكوميديا السيئة!" هذه ليست مجرد احتجاجات، بل هي ثورة عالمية تكتب فصلاً جديداً في كتاب التاريخ.في أوروبا، التي طالما كانت تابعاً وفياً للسياسات الأمريكية، بدأت الأمور تأخذ منعطفاً كوميدياً. في باريس، حيث يُفترض أن الرومانسية هي العملة الرئيسية، قرر المتظاهرون استبدال الورود باللافتات التي تقول: "الحرية لفلسطين، والسجن للفاشية!" في لندن، حيث يحب الجميع الحديث عن الطقس، تحولت المظاهرات إلى نقاش عالمي عن "طقس التغيير"، حيث هتف أحدهم: "اليوم مشمس في غزة، وغائم في تل أبيب!" حتى في برلين، حيث يُفضل السياسيون الحديث بلغة الدبلوماسية، قرر المتظاهرون أن لغة الشوارع أكثر فعالية.لكن دعونا لا ننسى المفوضية الأوروبية، تلك المؤسسة التي تبدو وكأنها تحاول كسب لقب "أكثر بيروقراطية في التاريخ". عندما حاصر المتظاهرون مقراتها في بروكسل، كانت الاستجابة نمطية: بيان رسمي يقول إن "الاتحاد الأوروبي يدعم السلام والاستقرار"، ثم اجتماع طارئ لمناقشة... شكل الكرواسون الرسمي للمفوضية! في هذه الأثناء، كان المتظاهرون في الخارج يهتفون: "إذا كان السلام يعني دعم الإبادة، فاحتفظوا بكرواسوناتكم!"في واشنطن، حيث يبدو أن السياسة أصبحت عرضاً تلفزيونياً، يحاول ترامب وبايدن التنافس على لقب "الأكثر دعماً للكيان الصهيوني". ترامب يتفاخر بأنه نقل السفارة إلى القدس، بينما يرد بايدن: "لكن أنا أرسلت المزيد من الأسلحة!" في هذه الأثناء، يجلس نتنياهو في تل أبيب، يشاهد المشهد ويتساءل: "لماذا لا يعطونني جائزة نوبل للسلام؟ أنا أحافظ على استقرار السيرك!" لكن الجمهور، الذي سئم من هذا العرض المتكرر، بدأ يكتب سيناريو جديداً.في غزة، حيث يكتب الشعب الفلسطيني قصة بطولية، يبدو أن العالم بدأ يستمع. المقاومة، التي تقاوم بكل ما لديها، أعادت تعريف معنى النضال. لم يعد الأمر يتعلق فقط بتحرير أرض، بل بتحرير الإنسانية من قبضة الفاشية. شعار "من البحر إلى النهر" لم يعد مجرد هتاف، بل أصبح دعوة لتغيير النظام العالمي. حتى السياسيون الذين كانوا يتجنبون هذا الشعار خوفاً من "الإحراج" بدأوا يدركون أنه قد يكون الشيء الوحيد الذي يستحق الهتاف من أجله.في النهاية، يبدو أن السيرك العالمي يقترب من نهايته. ترامب، نتنياهو، وشركاؤهما في المفوضية الأوروبية قد يكونون نجوم هذا العرض، لكن الجمهور بدأ يكتب نصاً جديداً. من ميلانو إلى بروكسل، ومن غزة إلى كل ركن من أركان العالم، تنتفض الشعوب لتقول: "كفى!" إن العالم يستحق عرضاً أفضل، ويبدو أن الشعوب قد بدأت تكتب النهاية السعيدة لهذه الكوميديا السوداء.


…………….

السطو على الثروات: كيف يدفع الائتلاف البلجيكي أوروبا نحو حرب اقتصادية مدمرة، وما الذي ينتظره الاستثمارات العالمية؟

مرحبًا بكم في أعظم عرض كوميدي لهذا القرن، يُقام في قاعات البرلمان الدنماركي في كوبنهاغن، حيث تجمع قادة أوروبا في أكتوبر 2025 لما ظنوه قمة جادة. مفاجأة: لم تكن كذلك! العنوان الرئيسي؟ قرض بقيمة 140 مليار يورو لدعم أوكرانيا، لكن النجم الحقيقي لهذا العرض الهزلي كان خطة لسرقة 300 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة كضمان، مغلفة بتأكيدات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها تستند إلى "أساس قانوني متين". قانوني؟ بالطبع، إذا كنت تعتقد أن سرقة بنك ببدلة رسمية تجعلها "إعادة هيكلة مالية"! هذه ليست مجرد سرقة؛ إنها كوميديا عالمية من إخراج ائتلاف أريزونا البلجيكي النيوليبرالي، مع العم سام كمنتج يبتسم بسعادة وهو يدفع أوروبا نحو الخراب الاقتصادي والسياسي. احضروا الفشار بينما نأخذكم في جولة ساخرة عبر هذه المسرحية ، نكشف فيها عن آليات هذا السطو المالي، ومخططات أمريكا الماكرة، والرد الروسي المزلزل، وانقسام أوروبا المحتوم، وما يجب على الصين والسعودية فعله لتجنب هذه الكارثة الكوميدية العالمية. تقرير بلومبرغ بتاريخ 1 أكتوبر 2025 يكشف أن روسيا قد تؤمم الأصول الأجنبية ردًا على هذا – استعدوا، فهذه الكوميديا على وشك تفجير المسرح المالي العالمي!
آليات السطو: من التجميد إلى الخدعة المالية
تخيلوا المشهد: فبراير 2022، والغرب، بقيادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يلعب لعبة التجميد المالي مع 300 مليار يورو من احتياطيات البنك المركزي الروسي، 210 مليارات منها مركونة في يوروكلير البلجيكية، وهي بمثابة فورت نوكس المالي. لم تكن هذه مجرد عقوبة على مغامرة روسيا في أوكرانيا؛ بل هي الآن النكتة الكبرى لهذا القرن! الفكرة الأحدث؟ استخدام هذه الأصول المجمدة كضمان لقرض "تعويضات" بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، مع مفارقة مضحكة: كييف لن تسدد إلا إذا دفعت روسيا تعويضات حرب بعد انتهاء النزاع. إنها ليست سرقة، كما يقولون – إنها "هندسة مالية"، كما زعمت فون أو دير لاين في خطابها أمام البرلمان الأوروبي في سبتمبر 2025، ربما وهي تمارس غمزة الساحر المحترف.في قلب هذا العرض نجد ائتلاف أريزونا البلجيكي، سيرك سياسي تشكل في فبراير 2025 بقيادة بارت دي ويفر من حزب التحالف الفلمنكي الجديد، مع مجموعة من الليبراليين والمسيحيين الديمقراطيين والاشتراكيين. سُمي "أريزونا" نسبة إلى ألوان أحزابه على خريطة أمريكا، وهو العرض الأكثر يمينية في تاريخ بلجيكا، يقطع الإنفاق العام ويلوح بالعقوبات كماتادور بغطائه الأحمر. دي ويفر، مدير السيرك الجديد، يقلق من أن "اختفاء أموال البنوك المركزية" قد يدفع الدول لسحب احتياطياتها من اليورو، لكنه في الوقت نفسه يدعم تقاسم المخاطر، مما يجعل بلجيكا – موطن يوروكلير – المهرج الأكثر عرضة للسقوط في هذا السطو. هذا الطاقم النيوليبرالي هو دمية أمريكا المثالية، مع فون دير لاين كمتحدثة أوروبية بملامح جامدة لمخطط واشنطن لتحميل أوروبا فاتورة الحرب بينما أمريكا ترتشف قهوتها على الهامش. تقرير رويترز يكشف أن أمريكا، التي جمدت 5 مليارات دولار فقط من الأصول الروسية، تدفع بقوة لجعل الاتحاد الأوروبي الضامن الرئيسي، معرضة اليورو لخطر فقدان مكانته كعملة احتياطية. بنك التسويات الدولية يتوقع خسارة أوروبا 2-3% من نموها السنوي إذا انهارت الثقة باليورو، وبلجيكا قد تخسر 5% من ناتجها المحلي في عام واحد. نكتة، لكنها موجعة!
كارثة الاستثمار: وداعًا لمدخرات أوروبا!
تخيل أميرًا سعوديًا أو قطبًا من بكين يفكر في إيداع ملياراته في بنوك بروكسل أو فرانكفورت. قبل عامين، كان هذا رهانًا آمنًا؛ الآن، بعد كوبنهاغن، هو مثل المراهنة على حصان بعرجة. تلك الأصول الروسية المجمدة، التي جنت 3.2 مليار دولار فوائد في النصف الأول من 2025، أصبحت رمزًا لما يسميه فلاديمير بوتين "البلطجة المالية". وهو محق – هذه ليست سرقة، بل سطو مسلح مع ابتسامة! إذا أصبحت هذه الأصول ضمانًا، فكل مستثمر عالمي، من حكومات إلى بنوك مركزية، سيهجر منطقة اليورو أسرع مما تقول "أزمة بنكية". تقديرات بنك التسويات تشير إلى أن الاستثمارات الأجنبية في أوروبا – 1.2 تريليون يورو من دول الخليج وآسيا في 2024 – قد تنخفض بنسبة 15-20%. بلجيكا، مع يوروكلير كجوهرتها المالية، هي الخاسر الأكبر في هذه الكوميديا الفاشلة. إذا سحبت الصين أو السعودية احتياطياتها، ستواجه البنوك البلجيكية أزمة سيولة، مما يرفع الفوائد ويضغط على الشركات الصغيرة، التي تشكل 70% من وظائف الاتحاد الأوروبي. الجزيرة نقلت عن كايا كالاس قولها إن "الدول التي لا تبدأ الحروب آمنة". نعم يا كايا، قولي ذلك للـ90 مليار يورو من الأصول الأوروبية التي قد تجمد في موسكو! المودعون الأفراد؟ على بعد خطوة من إخفاء نقودهم تحت المراتب، خوفًا من ركود اقتصادي على طراز 2008، لكن هذه المرة مع دبابات على الحدود.
عبقرية أمريكا الشريرة: تفجير الأنابيب وفوضى أوكرانيا
لماذا تلعب أمريكا بأوروبا كدمية على خيوط؟ إنها مسرحية جيوسياسية حيث أمريكا المخرج وأوروبا الممثل الإضافي المسكين. أولًا، انفجارات خطوط السيل الشمالي في سبتمبر 2022 – التي ألقت تقارير المخابرات الأمريكية باللوم فيها على مجموعة مؤيدة لأوكرانيا – قوضت اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، الذي كان 40% من وارداتها قبل الحرب. تصريح جو بايدن في فبراير 2022 بأن "السيل الشمالي يمكن إيقافه" أثار الحواجب، لكن الفائز الحقيقي؟ صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية إلى أوروبا، التي قفزت 50%، مع ضحكات شيفرون حتى البنك بأرباح 35 مليار دولار في 2023. ثانيًا، جر أوروبا إلى حرب أوكرانيا هو ضربة أمريكا الماكرة. الحرب، التي دمرت بنية تحتية أوكرانية بقيمة 349 مليار دولار، أضعفت أوروبا اقتصاديًا: أسعار الطاقة ارتفعت 300%، والنمو تراجع إلى 0.3% في 2023. في المقابل، جنت أمريكا 100 مليار دولار من مبيعات الأسلحة، وقدمت 47.9 مليار دولار فقط كمساعدات. أوروبا، العالقة مع فاتورة القروض، هي النكتة الكبرى، مع فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا البالغة 1.1 تريليون دولار بحلول 2030. والختام الكبير؟ هزيمة أوكرانيا المحتملة – 400,000 قتيل وجريح بحلول يناير 2025، حسب زيلينسكي – ستترك بنية أوروبا التحتية، المعتمدة على شبكات متصلة، تنهار في أيام، مما يجبرها على الاعتماد الكامل على الناتو، أي أمريكا. مؤامرة حتى إم نايت شايمالان لم يكن ليحلم بها!
رد روسيا: التأميم مع ابتسامة ساخرة
روسيا لا تجلس تشرب الفودكا في صمت. في 1 أكتوبر 2025، أعلنت موسكو خططًا لتأميم 90 مليار يورو من الأصول الأجنبية، مع تقليص فترة التقييم إلى 10 أيام وتسريع البيع. دميتري بيسكوف وصفها بـ"السرقة النقية"، وهو محق – إنها مباراة سطو! الشركات الأوروبية، التي خسرت بالفعل 90 مليار يورو منذ الفرار من روسيا في 2022، تواجه الآن خسارة مصانع واستثمارات طاقة. الاستثمارات الأجنبية في روسيا – 500 مليار دولار قبل الحرب – قد تنخفض 40% إضافية، معززة الاعتماد على الصين والهند، اللتين زادتا استثماراتهما 30% منذ 2022. لكن النكتة الحقيقية؟ روسيا تملك أصولًا غربية مماثلة وقد تجمدها أو تبيعها، مما يرفع أسعار النفط العالمية 10-15% إذا أصيبت شركات مثل توتال أو شل. التضخم في أوروبا سيتصاعد، والجمهور – الأسواق العالمية – لن يعرف ما إذا كان يضحك أو يبكي.
انقسام أوروبا: مسلسل درامي من الانفصال
اقتراح كوبنهاغن ليس مجرد صداع روسي؛ بل هو يمزق الاتحاد الأوروبي مثل مسلسل درامي رديء. فيكتور أوربان من المجر، المتمرد الأبدي، رفض القرض ووصفه بـ"انتهاك السيادة"، بينما فرنسا ولوكسمبورغ قلقتان بشأن المشاكل القانونية. صعود اليمين المتطرف في فلاندرز البلجيكية وإيطاليا وهولندا يحول الاتحاد إلى بيت منقسم، مع دول شرقية تقترب من موسكو ودول غربية عالقة مع فواتير الحرب. حرب أوكرانيا، التي دمرت 97 مليار دولار من البنية التحتية مبكرًا، تظهر ما قد تواجهه أوروبا إذا امتد النزاع – شبكاتها المترابطة قد تنهار في أسابيع. خيارات الاتحاد؟ الخضوع لأمريكا أو التوسل لروسيا من أجل السلام. في كلتا الحالتين، نهاية المسلسل الكوميدي خاسرة.
الصين والسعودية: تفادي عرض السيرك العالمي
الصين والسعودية، باحتياطيات تزيد عن تريليون دولار في أوروبا، تشاهدان هذا السيرك باندهاش. السعودية تهدد ببيع السندات الأوروبية، مما قد يهوي باليورو 5-7%. الصين، التي ضغطت في اجتماعات مجموعة العشرين، تحذر من أن هذا "يهدد النظام المالي العالمي". لتجنب هذه الكوميديا المالية، ستحتاجان إلى: 1) تنويع 30% من الاحتياطيات إلى اليوان أو الريال، مع تعزيز BRICS؛ 2) تعزيز التحالفات مع روسيا وآسيا الوسطى عبر الحزام والطريق أو OPEC+؛ 3) مقاضاة الاتحاد الأوروبي في محكمة العدل الدولية؛ 4) تحويل الاستثمارات إلى الهند أو إندونيسيا، حيث السيرك السياسي أقل جنونًا. هذا السطو، الأكثر جرأة منذ الحرب العالمية الثانية، يدفع العالم نحو نظام مالي متعدد الأقطاب، مع أوروبا كمهرج نسي نصه.
الخاتمة: الستارة الأخيرة لأوروبا
اقتراح كوبنهاغن ليس قرضًا؛ بل هو إعلان حرب اقتصادية على الثقة العالمية، مع ائتلاف أريزونا البلجيكي كمدير سيرك عاجز وأمريكا ككاتب سيناريو ساخر. رد روسيا، بدعم الصين والسعودية، قد يحول هذه الكوميديا إلى مأساة للاستثمارات العالمية. لتجنب خاتمة كارثية، يجب على أوروبا التخلي عن هذه الخطة والتفاوض مع روسيا قبل أن تتحول إلى ممثل ثانوي على مسرح العالم. الجمهور يشاهد، والضحكات تتحول إلى قلق – هل ستأخذ أوروبا انحناءة أم تسقط من المسرح؟


………….


سقوط الإمبراطورية الأمريكية: كوميديا سوداء على مسرح العالم


مرحبًا بكم في عرض الكوميديا العالمي الكبير، حيث الولايات المتحدة وبريطانيا يؤديان رقصة الانهيار على حبل مشدود فوق هاوية من الفوضى! هذه ليست مأساة، بل مسرحية هزلية سوداء، يلعب فيها الجميع دور المهرج دون أن يدركوا. الولايات المتحدة، التي كانت يومًا سيدة العالم، تتعثر الآن في ديونها كما لو كانت ممثلة كوميدية في فيلم صامت، بينما بريطانيا، الإمبراطورية التي كانت شمسها لا تغيب، تقدم عرضًا مستمرًا لـ"من سيُطرد من داونينغ ستريت هذا الأسبوع؟" دعونا نأخذكم في جولة ساخرة عبر هذا العرض المثير، حيث العجز المالي، والانتخابات الفاشلة، والمغامرات العسكرية تشكل أعظم كوميديا القرن الحادي والعشرين!
أمريكا: حيث الدولار يغني أغنية البجعة
تخيلوا المشهد: البيت الأبيض، مركز القوة العالمية، يتحول إلى مكتب محاسبة في حالة ذعر. الموظفون الحكوميون يقفون في طوابير، ليس لأخذ رواتبهم، بل لمعرفة متى سيُدفع لهم – إذا دُفع على الإطلاق! العجز المالي الأمريكي ليس مجرد أزمة، بل هو نكتة طويلة الأمد، بدأت منذ عقود عندما قرر العم سام أن ينفق كل دولار على صواريخ لامعة بدلاً من إصلاح الجسور المتداعية. التضخم يرقص رقصة التانغو مع الدين الوطني، والدولار – نجم العرض – يفقد بريقه كعملة عالمية. المواطنون يتساءلون: هل سنتحول إلى جمهورية موز بلا موز؟ والإجابة، أيها السادة، هي أن الفوضى أصبحت العملة الجديدة!الأولويات؟ حسنًا، لا شيء يضاهي إنفاق مئات المليارات على حروب لا تنتهي بينما المدارس تتساقط كأوراق الخريف. البنتاغون يطلب دبابات جديدة، بينما المستشفيات تطلب... حسنًا، أي شيء! هذا العرض المالي الكارثي ليس خطأ أحد، بل هو سيناريو كُتب بعناية عبر عقود من التفاؤل المفرط والإنفاق العسكري المبهرج. والآن، مع توقف الرواتب، يبدو أن الجمهور الأمريكي يشاهد عرضًا كوميديًا حيث الجميع ينتظر النهاية السعيدة التي لن تأتي أبدًا.
بريطانيا: لعبة الكراسي الموسيقية في داونينغ ستريت
على الجانب الآخر من المحيط، تقدم بريطانيا عرضًا كوميديًا بعنوان "من سيكون رئيس الوزراء التالي؟" كل بضعة أشهر، يظهر نجم شعبوي جديد، يعد بإنقاذ البلاد من نفسها، ثم يتعثر في خطابه الأول ويُطرد بسرعة إلى الشارع. إنه مثل برنامج تلفزيون الواقع، لكن بدون جوائز! البريكست، الذي كان من المفترض أن يكون بوابة الحرية، تحول إلى فخ مضحك: التجارة تنهار، والأسعار ترتفع، والناخبون يتساءلون إن كانوا قد صوتوا للاستقلال أم للفوضى.الطبقة العاملة تكافح لشراء رغيف خبز، بينما النخب تتجادل حول من يملك أفضل قصر في لندن. الديمقراطية البريطانية أصبحت مثل فيلم كوميدي قديم: الكل يضحك، لكن لا أحد يعرف لماذا. والشعبوية؟ أوه، إنها التوابل التي تجعل هذا العرض ممتعًا! كل مرشح يعد بإعادة بريطانيا إلى أيام المجد، لكن النتيجة دائمًا هي نفسها: مزيد من الفوضى، وقليل من الأمل. الناخبون، المساكين، يبدأون في التساؤل: هل الديمقراطية مجرد لعبة كراسي موسيقية، حيث الكل يخسر في النهاية؟
الشيوعية: العدو الوهمي الذي يُضحك الجميع
وسط هذه الفوضى، يبرز الحل الواضح كمهرج غير مدعو إلى الحفلة: الشيوعية! نعم، تلك الفكرة التي تجعل الرأسماليين يرتجفون ويختبئون تحت مكاتبهم. إعادة توزيع الثروة، ملكية عامة للمصانع، وتقليص الميزانيات العسكرية – يبدو وكأنه سيناريو معقول، أليس كذلك؟ لكن الشعب الأمريكي والبريطاني يفضلان الرقص مع الشيطان الذي يعرفونه: الشعبوية. لماذا؟ لأن الإعلام قضى عقودًا في رسم الشيوعية كوحش مخيف يأكل الأطفال، بينما الحقيقة هي أن الرأسمالية هي التي تسرق الغداء منهم!الناس يريدون العودة إلى "الأيام الخوالي"، لكن أي أيام؟ تلك التي كان فيها العمال يعملون 16 ساعة يوميًا مقابل حفنة من العملات؟ أو تلك التي كانت فيها الإمبراطوريات تسرق العالم باسم الحضارة؟ هذا الرفض للشيوعية ليس سوى نكتة مكررة: الجميع يضحك، لكن لا أحد يفهم النهاية. والحلول الجزئية؟ مثل وضع ضمادة على جرح نازف – مضحكة، لكنها لن توقف النزيف.
على حافة الهاوية: عرض الانتحار العالمي
تخيلوا لوحة فنية: الولايات المتحدة وبريطانيا يقفان على حافة جرف، يرتديان أزياء إمبراطورية متداعية، ويغنيان "نحن لا نزال عظماء!" بينما العالم يشاهد ويضحك. هذا ليس انهيارًا تقليديًا، بل عرض كوميدي يتحول إلى مأساة بطيئة. الدبلوماسية؟ أصبحت مثل دعوة إلى حفلة لم يعد أحد يرغب في حضورها. التحالفات؟ تتفكك كما لو كانت مصنوعة من ورق مبلل. وفي هذه الأثناء، آسيا وأفريقيا تتقدمان لتسليط الضوء، تاركين أمريكا وبريطانيا في ظلال النسيان.النكتة الكبرى؟ هذه الدول التي كانت تقود العالم أصبحت الآن مجرد ممثلين ثانويين في مسرحية لا أحد يشاهدها. الديون ترتفع، الثقة تنهار، والنفوذ يتلاشى. والجمهور؟ يضحك، لكن الضحكات تتحول إلى همهمات قلقة وهم يدركون أن التذكرة إلى هذا العرض قد تكلفهم كل شيء.
المغامرات الخارجية: الكوميديا الحربية الكبرى
لمواجهة هذا الفشل، تلجأ الولايات المتحدة وبريطانيا إلى الحل القديم: الحروب! أوكرانيا، فلسطين، إيران – إنها مثل قائمة مواعيد سيئة لا تنتهي. لماذا؟ لأن لا شيء يوحد شعبًا منقسمًا أفضل من قصف بلد آخر! هذه المغامرات ليست سوى نكتة سوداء: إنفاق المليارات على صواريخ بينما المواطنون يتوسلون للحصول على رعاية صحية. تاريخيًا، كانت الإمبراطوريات تطلق الحروب عندما تكون على وشك الانهيار، وهذا العرض ليس استثناءً. الجمهور يصفق، لكن الموارد تنفد، والستارة تقترب من السقوط.والأفضل؟ هذه الحروب لا تحقق شيئًا سوى المزيد من الفوضى. أوكرانيا تتحول إلى حقل خراب، فلسطين تنزف، وإيران تضحك من بعيد. والجمهور الأمريكي والبريطاني؟ يظلون يصفقون، معتقدين أن هذه المغامرات ستعيد لهم المجد. إنها مثل مشاهدة فيلم حربي بميزانية ضخمة، لكن بدون نهاية سعيدة.
الحلفاء: السقوط الحر للدمى
وماذا عن الحلفاء؟ الكيان الصهيوني، الذي كان يعيش على أحلام الدعم الأمريكي، يجد نفسه الآن مثل دمية على مسرح بدون خيوط. والمحميات في الخليج؟ مثل الأطفال الذين فقدوا والديهم في السوبرماركت – يبكون، لكنهم لا يعرفون إلى أين يتجهون. عندما تنهار الإمبراطورية الأم، تسقط الدمى واحدة تلو الأخرى، في مشهد يجمع بين الكوميديا والمأساة. الشرق الأوسط، الذي كان يعتمد على القوة الأمريكية، يبدأ الآن في البحث عن أبطال جدد، وربما يكونون في بكين أو موسكو.
الخاتمة: الضحكة الأخيرة
في النهاية، هذه المسرحية الكوميدية ليست سوى عرض للنهاية. الولايات المتحدة وبريطانيا يرقصان على إيقاع انهيارهما، بينما العالم يشاهد، بعضهم يضحك، والبعض الآخر يرتجف. الشعوب وحدها تملك مفتاح تغيير النهاية: هل ستصفق للانهيار، أم ستختار الثورة؟ النكتة الكبرى هي أن الحل – الشيوعية – موجود أمامهم، لكنهم يفضلون الضحك على النكتة القديمة بدلاً من كتابة فصل جديد. والستارة؟ حسنًا، إنها تُسدل ببطء، لكن الجمهور لا يزال ينتظر النهاية السعيدة التي لن تأتي أبدًا.


……………

زلزال التغيير العالمي في مواجهة الفاشية وأسيادها

تتكشف أمامنا صورة دراماتيكية لتحولات عميقة تهز أركان النظام العالمي القائم. إنها لحظة تاريخية تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، لتصبح معركة وجودية بين قوى التحرر والعدالة من جهة، وأنظمة الهيمنة والفاشية من جهة أخرى. في قلب هذا الصراع، تبرز مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة كمنارة إلهام، ليس فقط للشعوب المضطهدة، بل لكل من يؤمن بإمكانية بناء عالم أكثر عدلاً. من ميلانو إلى بروكسل، ومن شوارع المدن الأوروبية إلى عواصم القرار السياسي، تنتفض الجماهير لتقول كلمتها: إن زمن الفاشية ينحسر، وإن إرادة الشعوب لن تُكسر.في ميلانو، المدينة الإيطالية التي شهدت عبر تاريخها لحظات حاسمة من النضال، خرجت أكبر مظاهرة منذ عقود، تحديداً منذ الستينيات، حين كانت شوارعها تعج بحركات الاحتجاج ضد الظلم الاجتماعي والسياسي. هذه المرة، لم تكن المظاهرة مجرد تعبير عن غضب عابر، بل كانت صرخة مدوية ضد النظام العالمي الذي يقف وراء الفاشية المعاصرة.
عشرات الآلاف من المتظاهرين، من مختلف الأعمار والخلفيات، رفعوا شعارات تندد بالهيمنة الغربية وتدعو إلى تحرير فلسطين، ليس كقضية إقليمية فحسب، بل كرمز عالمي للنضال ضد الظلم.

هذه الجموع لم تتظاهر فقط ضد الاحتلال الصهيوني، بل ضد الأنظمة التي تدعمه، سواء في واشنطن أو بروكسل أو عواصم أوروبا الأخرى.في بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، تجسدت هذه الروح الثورية بشكل أكثر دراماتيكية. أكثر من مئة وعشرة آلاف متظاهر، تحت راية "الخط الأحمر"، حاصروا مقرات المفوضية الأوروبية وحلف الناتو، مطالبين بإسقاط هذه المؤسسات التي يرونها رمزاً للهيمنة الغربية والدعم المطلق للكيان الصهيوني. لم يكن هذا الحصار مجرد فعل رمزي، بل كان تعبيراً عن رفض عميق لسياسات هذه المؤسسات التي يتهمها المتظاهرون بالتواطؤ في جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة. هذه اللحظة ليست مجرد احتجاج، بل هي إعلان عن بداية نهاية نظام عالمي قائم على الظلم والاستغلال.ما يحدث في غزة ليس مجرد صراع محلي، بل هو محرك لتغيير عالمي.

مقاومة الشعب الفلسطيني، التي تجسدت في صمودها الأسطوري وإصرارها على الحرية، أصبحت مصدر إلهام لشعوب العالم. شعار "فلسطين حرة من البحر إلى النهر"، الذي يرفعه المقاومون في غزة، أصبح شعاراً عالمياً يتردد في شوارع المدن الكبرى، من لندن إلى نيويورك، ومن باريس إلى طوكيو. هذا الشعار، الذي يخجل حتى بعض اليساريين الفلسطينيين من رفعه خوفاً من اتهامات "التطرف"، أصبح رمزاً للتحدي العالمي ضد الفاشية والاستعمار. إنه ليس مجرد دعوة لتحرير أرض، بل هو نداء لتحرير الإنسانية من قبضة الأنظمة التي تُكرس الظلم.في هذا السياق، لا يمكن فهم هذه التحولات دون النظر إلى الأزمة العميقة التي تعصف بالنظام العالمي.

الفاشية، التي يمثلها قادة مثل دونالد ترامب وجو بايدن في الولايات المتحدة، وبنيامين نتنياهو في الكيان الصهيوني، تواجه اليوم تحدياً غير مسبوق. هؤلاء القادة، الذين ارتبطت أسماؤهم بسياسات القمع والإبادة والدعم المطلق للاحتلال، يجدون أنفسهم في مواجهة موجة شعبية عالمية لا تُبقي ولا تذر. إن سقوط هذه الأنظمة لم يعد مجرد احتمال، بل أصبح مسألة وقت، كما يقول المحللون الذين يرون في هذه الانتفاضات الشعبية بداية نهاية عصر الهيمنة الغربية.لقد أظهرت المقاومة الفلسطينية أنها ليست مجرد قوة عسكرية أو سياسية، بل هي قوة فكرية وأخلاقية.

هذه المقاومة، التي تقاوم بكل الوسائل المتاحة، أعادت تعريف مفهوم النضال. لم تعد القضية الفلسطينية مجرد قضية شعب يطالب بحقوقه، بل أصبحت رمزاً لكل شعوب العالم التي تتوق إلى الحرية والعدالة. إن صمود غزة في وجه آلة الحرب الصهيونية، المدعومة من القوى الغربية، ألهم الملايين للخروج إلى الشوارع، ليس فقط للتضامن مع فلسطين، بل للمطالبة بتغيير جذري في النظام العالمي.في واشنطن، حيث تُتخذ القرارات التي تؤثر على مصير العالم، تتزايد الأصوات التي تنتقد السياسات الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني. الحركات الشعبية، خاصة بين الشباب والطلاب، بدأت تتحدى الهيمنة الأمريكية بشكل غير مسبوق.

الجامعات الأمريكية، التي كانت يوماً مراكز للدعم الأعمى للسياسات الصهيونية، أصبحت اليوم مسرحاً لاحتجاجات تطالب بمقاطعة الكيان الصهيوني ووقف الدعم العسكري والسياسي له. هذه الحركات ليست مجرد تعبير عن تضامن، بل هي جزء من حركة عالمية أوسع تهدف إلى تفكيك النظام الذي يقوم على الاستغلال والقمع.في أوروبا، التي طالما كانت تابعاً وفياً للسياسات الأمريكية، بدأت تظهر بوادر تغيير. المظاهرات في ميلانو وبروكسل ليست سوى غيض من فيض. في باريس، لندن، وبرلين، تنظم حركات شعبية مظاهرات أسبوعية تندد بالتواطؤ الأوروبي مع الاحتلال
.
هذه الحركات لم تعد تقتصر على الأقليات أو المهاجرين، بل أصبحت تضم شرائح واسعة من المجتمع، بما في ذلك الطبقة الوسطى والمثقفين. هذا التحول يعكس وعياً متزايداً بأن القضية الفلسطينية ليست قضية إنسانية فحسب، بل هي قضية سياسية تتعلق بمستقبل العالم بأسره.إن ما يحدث اليوم هو أكثر من مجرد احتجاجات. إنه زلزال سياسي وثقافي يهدد أسس النظام العالمي القائم.

الفاشية، التي تجسدت في سياسات ترامب وبايدن ونتنياهو، تواجه تحدياً وجودياً. هؤلاء القادة، الذين اعتقدوا أن بإمكانهم فرض إرادتهم على العالم بالقوة والمال، يكتشفون الآن أن الشعوب لم تعد تقبل بالخضوع. إن مصير زعماء مثل نيكولا ساركوزي، الذي انتهى به المطاف في السجن، قد يكون بمثابة نذير بما ينتظر هؤلاء القادة إذا استمروا في سياساتهم القمعية.في هذا السياق، لا يمكن إغفال دور المقاومة العالمية التي بدأت تتجذر في مختلف أنحاء العالم. من أمريكا اللاتينية إلى آسيا، ومن أفريقيا إلى أوروبا، تنمو حركات شعبية ترفض الهيمنة الغربية وتدعو إلى نظام عالمي جديد يقوم على العدالة والمساواة. هذه الحركات ليست مجرد رد فعل على الأحداث في غزة، بل هي جزء من موجة تاريخية أوسع تهدف إلى تحرير العالم من قبضة الفاشية والاستعمار.

إن المقاومة الفلسطينية، بصمودها وإصرارها، أعادت إحياء الأمل في إمكانية التغيير. لقد أظهرت أن الشعوب، مهما كانت قليلة الموارد، قادرة على مواجهة أعتى القوى العالمية. هذا الدرس لم يقتصر على فلسطين، بل امتد إلى كل ركن من أركان العالم، حيث بدأ الناس يدركون أن النضال من أجل العدالة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة وجودية. إن شعار "فلسطين حرة" أصبح شعاراً عالمياً، يوحّد الشعوب في مواجهة الظلم والفاشية.في النهاية، إن ما نشهده اليوم هو بداية تحول تاريخي. إن سقوط النظام الفاشي، الذي يمثله قادة مثل ترامب ونتنياهو، ليس مجرد حلم، بل هو واقع يتشكل أمام أعيننا. المظاهرات في ميلانو وبروكسل، والاحتجاجات في مختلف أنحاء العالم، هي دليل على أن الشعوب لم تعد تقبل بالخضوع.

إن المقاومة الفلسطينية، التي ألهمت هذه الحركات، أثبتت أن الإرادة الشعبية قادرة على تغيير مجرى التاريخ. إن العالم يقف اليوم على مفترق طرق، حيث تتصارع قوى الظلم مع إرادة الشعوب. والمستقبل، بلا شك، لمن يؤمن بالحرية والعدالة.





……………


أزمة الإمبراطورية الأمريكية : الهبوط نحو الهاوية

الولايات المتحدة وبريطانيا ، تمثلان اليوم ، رمزين للتراجع الذي يهدد بإعادة رسم خريطة القوى العالمية. الأولى تواجه عجزاً مالياً يهدد أساساتها الإدارية، بينما الثانية تغرق في حلقة مفرغة من الانتخابات والإقالة. هذه الأزمات ليست مصادفات، بل أعراض لانهيار هيكلي أعمق، يتجاوز الإصلاحات السطحية ويستدعي تحولاً جذرياً يرفضه الشعب نفسه. مع تزايد التوترات الخارجية، يلوح في الأفق سيناريو يشبه الانهيار التدريجي للإمبراطوريات التاريخية، حيث يصبح النشاط العسكري الخارجي مجرد هروب يومي نحو النهاية.
العجز المالي الأمريكي: رواتب معلقة ودولة متعثرة
في قلب الاقتصاد العالمي، أصبحت الولايات المتحدة تواجه تحدياً يهز أركانها الداخلية: عدم القدرة على دفع رواتب موظفي الإدارات الحكومية. هذا ليس مجرد تأخير إداري، بل إشارة إلى فشل نظام مالي يعتمد على الديون المتفاقمة والإنفاق العسكري الذي يفوق الإنتاج الاقتصادي. مع ارتفاع معدلات التضخم وتراجع الثقة في الدولار، يجد ملايين العاملين في القطاع العام أنفسهم أمام شبح الانهيار. التقارير تشير إلى أن هذا العجز ليس مؤقتاً، بل نتيجة لسياسات تراكمت على مدى عقود، حيث أولوية الإنفاق على الدفاع والحروب الخارجية أدت إلى إهمال البنية التحتية الداخلية. في مثل هذه الظروف، يصبح السؤال ليس متى، بل كيف ستتعامل الدولة مع هذا الانهيار الذي يهدد بتعطيل الخدمات الأساسية، من التعليم إلى الرعاية الصحية.
الدوامة البريطانية: شعبويون يأتون ويذهبون في فراغ سياسي
عبر المحيط، تشهد بريطانيا سلسلة من الانتخابات المتسارعة التي تكشف عن فراغ سياسي عميق. ينتخب الشعب رئيس وزراءً شعبوياً يعد بالتغيير الجذري، ليجد نفسه مسقطاً بعد أشهر قليلة، ثم يتكرر المشهد مع خلف آخر. هذه الدورة المفرغة ليست مصيبة فردية، بل انعكاس لأزمات طبقية كثيفة ومعقدة، حيث يتصارع العمال والطبقات الوسطى مع ارتفاع تكاليف المعيشة، بينما يحتكر النخب الاقتصادي الثروة. البريكست، الذي كان يُفترض أنه خطوة نحو الاستقلال، تحول إلى قنبلة موقوتة، مع تراجع التجارة وتفاقم التفاوت الاجتماعي. في هذه الدوامة، يفقد الناخبون الثقة في النظام الديمقراطي نفسه، مما يعزز من خطر الشعبوية المتطرفة كحل سريع، لكنه غير مستدام.
الرفض الشعبي للحل الجذري: يسار شيوعي كمفتاح مفقود
أمام هذه الأزمات الهيكلية، يبرز الحل الوحيد كخيار يتجاوز الإصلاحات الليبرالية: تحول جذري نحو يسار شيوعي يعيد توزيع الثروة ويضمن العدالة الاجتماعية. هذا النهج، الذي نجح تاريخياً في مواجهة الرأسمالية المتوحشة، يتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد من الأساس، بما في ذلك الملكية العامة للوسائل الإنتاجية وتقليص الإنفاق العسكري. ومع ذلك، يرفض الشعب الأمريكي والبريطاني هذا الخيار، مفضلاً الوهم بالعودة إلى "المجد السابق" عبر الشعبوية. هذا الرفض ليس جهلاً، بل نتيجة لدعاية إعلامية وثقافية عميقة ترسم الشيوعية كشبح، مما يدفع المجتمعات نحو حلول جزئية تفاقم الانهيار بدلاً من منعه.
حافة الانتحار الجماعي: من قوى عظمى إلى دول هامشية
بهذا الرفض، تقف الولايات المتحدة وبريطانيا على حافة انتحار جماعي، حيث يؤدي التراجع الاقتصادي والسياسي إلى انزياح تدريجي من صفوف الدول المهمة. تخيل دولة كانت تقود العالم اقتصادياً، اليوم تكافح لدفع رواتب موظفيها، وأخرى كانت إمبراطورية شمسها لا تغيب، تغرق في فوضى داخلية. هذا الانزياح ليس نظرياً؛ إنه يتجلى في فقدان النفوذ الدبلوماسي، تراجع التحالفات، وصعود قوى أخرى في آسيا وأفريقيا. النتيجة هي فقدان القدرة على السيطرة على الأحداث العالمية، مما يجعل هذه الدول عرضة للصدمات الخارجية التي كانت تتحكم بها سابقاً.
المغامرات الخارجية: علامات الموت بالهروب إلى الأمام
في محاولة يائسة لإنقاذ الوهم، تتجه هاتان الدولتان نحو نشاط محموم خارجي، يشبه مغامرات الإمبراطوريات المنهارة في مراحلها الأخيرة. الحروب في أوكرانيا، فلسطين، وإيران ليست مصادفات، بل محاولات للهروب إلى الأمام، حيث يُستخدم النشاط العسكري كوسيلة لتوحيد الداخل الممزق وصرف الانتباه عن الفشل الداخلي. تاريخياً، سبق انهيار روما وبريطانيا العظمى تصعيد الحملات الخارجية، لكنها كانت دائماً علامة الموت الأخيرة. اليوم، يصبح هذا النشاط محموماً أكثر، مع دعم للصراعات التي تستهلك الموارد دون عائد، مما يسرع من الانهيار الداخلي.
سقوط الحلفاء: الكيان والمحميات في مهب الريح
مع هذا الانهيار، لن يقف الأمر عند الحدود الوطنية؛ فالحلفاء والمحميات ستسقط أوتوماتيكياً كأوراق الخريف. الكيان الصهيوني، الذي اعتمد على الدعم الأمريكي اللامحدود، سيجد نفسه معزولاً أمام الضغوط الإقليمية، بينما محميات الخليج، المبنية على الاعتماد الأمني والاقتصادي، ستفقد درعها الرئيسي. هذا السقوط ليس انتقاماً، بل نتيجة منطقية لنظام يعتمد على قوة خارجية هشة. عندما تنهار الإمبراطورية الأم، يفقد التابعون أساس وجودهم، مما يفتح الباب لتحالفات جديدة تعيد تشكيل الشرق الأوسط والعالم.في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستدرك هذه الدول خطورة مسارها قبل فوات الأوان، أم ستستمر في الهروب نحو الهاوية؟ الإجابة تكمن في إرادة الشعوب، التي يمكن أن تحول الكارثة إلى فرصة لولادة جديدة، إذا ما اختارت الطريق الجذري الذي ترفضه اليوم.





………………

السطو على الثروات: كيف يدفع الائتلاف البلجيكي أوروبا نحو حرب اقتصادية مدمرة، وما الذي ينتظره الاستثمارات العالمية؟

في قاعات البرلمان الدنماركي في كوبنهاغن، حيث اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الأول من أكتوبر 2025، كان الهواء مشحونًا بتوتر غير مسبوق. لم يكن الاجتماع يتعلق فقط بقرض بقيمة 140 مليار يورو لدعم أوكرانيا، بل كان يتعلق بقرار قد يعيد تشكيل النظام المالي العالمي: اقتراح استخدام الأصول الروسية المجمدة، التي تقدر بحوالي 300 مليار يورو، كضمان لهذا القرض. هذا الاقتراح، الذي دافع عنه بقوة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وصفته بأنه يقوم على "أساس قانوني متين". لكن وراء هذه الواجهة القانونية، تكمن عملية سطو مالي محتملة، تُدار من قبل حكومة ائتلاف أريزونا البلجيكية النيوليبرالية، بدعم واضح من الولايات المتحدة التي تسعى إلى إضعاف أوروبا اقتصاديًا وسياسيًا. هذه العملية ليست مجرد مصادرة أصول؛ إنها جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى زعزعة استقرار أوروبا من خلال توريطها في حرب اقتصادية وعسكرية مع روسيا، مع تداعيات خطيرة على الإيداعات والاستثمارات في الاتحاد الأوروبي، وبالأخص في بلجيكا التي تستضيف يوروكلير، مركز الأصول المجمدة. في هذه المادة التحليلية المعمقة، نستعرض آليات هذا السطو، والأسباب الأمريكية وراء دفع أوروبا نحو هذا الاتجاه، والرد الروسي الذي قد يهز الاستثمارات في روسيا، وتأثيرات تقسيم القارة الأوروبية، وما ستحتاجه دول مثل الصين والسعودية لمواجهة هذه البلطجة غير المسبوقة في العصر الحديث. بناءً على تقرير بلومبرغ بتاريخ 1 أكتوبر 2025، الذي أشار إلى أن روسيا تدرس تأميم وبيع أصول أجنبية ردًا على هذا الاقتراح، نحلل هنا كيف أن هذا القرار قد يُشعل فتيل أزمة مالية عالمية.
آليات السطو: من التجميد إلى الهندسة المالية الخبيثة
بدأت القصة في فبراير 2022، عندما جمدت الدول الغربية، بقيادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، حوالي 300 مليار يورو من احتياطيات البنك المركزي الروسي، مع تخصيص 210 مليارات يورو منها في يوروكلير، غرفة المقاصة البلجيكية. هذا التجميد جاء كعقوبة على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكنه تحول تدريجيًا إلى أداة للتمويل العسكري. اليوم، يقترح الاتحاد الأوروبي استخدام هذه الأصول كضمان لقرض "تعويضات" بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، مع شرط غريب: لن تسدد كييف القرض إلا إذا دفعت روسيا تعويضات حرب بعد انتهاء النزاع. هذا ليس مصادرة مباشرة – التي قد تُعرض الاتحاد لدعاوى قانونية دولية – بل "هندسة مالية" معقدة، كما وصفتها فون دير لاين في خطابها أمام البرلمان الأوروبي في سبتمبر 2025.في قلب هذه العملية تقف حكومة ائتلاف أريزونا البلجيكية، التي تشكلت في فبراير 2025 بقيادة بارت دي ويفر من حزب التحالف الفلمنكي الجديد (N-VA)، إلى جانب الليبراليين، والمسيحيين الديمقراطيين، والاشتراكيين. هذا الائتلاف، الذي سُمي "أريزونا" نسبة إلى ألوان أحزابه في خريطة الولايات المتحدة، يُعتبر الأكثر يمينية في تاريخ بلجيكا الحديث، ويتبنى سياسة نيوليبرالية صلبة تركز على خفض الإنفاق العام، وتعزيز التنافسية، والدفع نحو العقوبات الاقتصادية كأداة سياسية. دي ويفر، رئيس الوزراء الجديد، أعرب عن مخاوف من أن "اختفاء أموال البنوك المركزية" قد يؤدي إلى سحب الاحتياطيات من منطقة اليورو، لكنه في الوقت ذاته دعم مشاركة المخاطر بين دول الاتحاد، مما يجعل بلجيكا – التي تستضيف يوروكلير – نقطة الضعف الأولى في هذه العملية.النيوليبرالية التي يتبناها هذا الائتلاف تجعل من بلجيكا أداة طيعة في يد الضغوط الأمريكية. فون دير لاين، التي أكدت في كوبنهاغن أن المشروع "قانوني"، تُمثل الواجهة الأوروبية لاستراتيجية واشنطن التي تهدف إلى تحميل أوروبا تكاليف الحرب دون أن تتكبد الولايات المتحدة خسائر مباشرة. وفقًا لتقارير رويترز، فإن الولايات المتحدة، التي جمدت أصولًا روسية بقيمة 5 مليارات دولار فقط، تدفع بقوة لجعل الاتحاد الأوروبي الضامن الرئيسي للقرض، مما يعرض اليورو لخطر فقدان الثقة كعملة احتياطية عالمية. تقديرات بنك التسويات الدولية (BIS) تشير إلى أن هذا الإجراء قد يكلف الاقتصاد الأوروبي ما بين 2-3% من النمو السنوي إذا انهارت الثقة في اليورو، مع تأثيرات أكبر على بلجيكا التي قد تخسر 5% من ناتجها المحلي الإجمالي في عام واحد.
التداعيات الخطيرة على الإيداعات والاستثمارات في أوروبا وبلجيكا
تخيل مستثمرًا من الرياض أو بكين يفكر في إيداع أمواله في بنوك بروكسل أو فرانكفورت. قبل عامين، كان هذا الخيار يُعتبر آمنًا، لكن اليوم، بعد اقتراح كوبنهاغن، أصبح محفوفًا بالمخاطر. الأصول الروسية المجمدة، التي تولد فوائد بقيمة 3.2 مليار دولار في النصف الأول من 2025، أصبحت رمزًا لما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"البلطجة المالية". هذا الوصف ليس مبالغة: إذا تم استخدام هذه الأصول كضمان، فإن أي مستثمر عالمي – سواء كان حكومة أو بنكًا مركزيًا – سيفكر مرتين قبل الاحتفاظ باحتياطياته في منطقة اليورو.الاستثمارات الأجنبية في أوروبا، التي بلغت 1.2 تريليون يورو من دول الخليج وآسيا في عام 2024، قد تنخفض بنسبة 15-20% إذا تم تنفيذ القرض، وفقًا لتقديرات بنك التسويات الدولية. بلجيكا، كمركز مالي يستضيف يوروكلير، ستكون الخاسر الأكبر. إذا قررت دول مثل الصين أو السعودية سحب احتياطياتها، فقد تواجه البنوك البلجيكية أزمة سيولة، مما يرفع أسعار الفائدة ويضغط على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل 70% من التوظيف في الاتحاد الأوروبي. تقرير من الجزيرة نقل عن الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قولها إن "الدول التي لا تبدأ حروبًا آمنة"، لكن هذا الطمأنة تبدو فارغة أمام احتمال رد روسي قد يُجمد أصولًا أوروبية بقيمة 90 مليار يورو في موسكو.الخطر لا يقتصر على المستثمرين الحكوميين. الأفراد والشركات الخاصة، الذين يودعون أموالهم في بنوك الاتحاد الأوروبي، قد يواجهون أزمة ثقة غير مسبوقة. إذا أصبحت الأصول المجمدة عرضة للاستخدام السياسي، فإن الإيداعات الخاصة قد تشهد سحوبات جماعية، مما يعيد الاقتصاد الأوروبي إلى حالة الركود الاقتصادي التي شهدها في 2008، ولكن هذه المرة مع حرب عسكرية مشتعلة على حدود أوروبا.
الأسباب الأمريكية: تدمير أوروبا عبر تفجير أنابيب الغاز وتوريط أوكرانيا
لماذا تدفع الولايات المتحدة أوروبا نحو هذا الهاوية؟ الإجابة تكمن في استراتيجية جيوسياسية طويلة الأمد تهدف إلى الحفاظ على الهيمنة الأمريكية على حساب القارة الأوروبية. أولاً، تفجير خطوط أنابيب السيل الشمالي في سبتمبر 2022، الذي أشارت تقارير الاستخبارات الأمريكية إلى تورط مجموعة مؤيدة لأوكرانيا فيه، كان ضربة مباشرة لاعتماد أوروبا على الغاز الروسي، الذي كان يشكل 40% من وارداتها قبل الحرب. على الرغم من نفي الرئيس جو بايدن تورط واشنطن المباشر، إلا أن تصريحه في فبراير 2022 بأن "السيل الشمالي يمكن وقفه" أثار شكوكًا حول دور الولايات المتحدة. هذا التفجير أدى إلى زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى أوروبا بنسبة 50%، مما حقق أرباحًا قياسية لشركات مثل شيفرون بلغت 35 مليار دولار في 2023.ثانيًا، توريط أوروبا في حرب أوكرانيا يخدم مصالح واشنطن الاقتصادية والعسكرية. الحرب، التي تسببت في تدمير بنية تحتية أوكرانية بقيمة 349 مليار دولار، أضعفت أوروبا اقتصاديًا: ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 300%، وانخفض النمو الاقتصادي إلى 0.3% في 2023. في المقابل، استفادت الولايات المتحدة من بيع أسلحة بقيمة 100 مليار دولار، بينما قدمت مساعدات عسكرية بقيمة 47.9 مليار دولار فقط. أوروبا، التي تحملت الجزء الأكبر من تمويل القروض، أصبحت الخاسر الأكبر، مع توقعات بأن تستمر في دفع تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا، التي قد تصل إلى 1.1 تريليون دولار بحلول 2030.ثالثًا، الهزيمة المحتملة في أوكرانيا هي الجائزة الكبرى لواشنطن. الخسائر العسكرية الأوكرانية، التي بلغت 400,000 قتيل وجريح حتى يناير 2025، بما في ذلك 46,000 قتيل وفقًا لتصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تجعل استمرار الحرب غير مستدام. التقديرات الروسية، التي تتحدث عن مليون جندي وضابط أوكراني قضوا خلال العامين الماضيين، تُظهر مدى الدمار. إذا امتدت الحرب إلى أوروبا، فإن البنية التحتية الأوروبية – التي تعتمد على شبكات طاقة ولوجستيات متكاملة – قد تنهار خلال أيام، مما يجبر القارة على الاعتماد الكامل على الناتو، أي على الولايات المتحدة، للأمن والدعم الاقتصادي.
الرد الروسي: تأميم الأصول وتأثيره على الاستثمارات في روسيا
روسيا لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدي. في 1 أكتوبر 2025، أعلنت موسكو خططًا لتأميم وبيع أصول أجنبية بقيمة 90 مليار يورو، مع تقليص فترة التقييم المسبق إلى 10 أيام فقط، وتسريع إجراءات التسجيل. هذا الرد، الذي وصفه المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بـ"السرقة النقية"، يهدف إلى مواجهة ما تُعتبره موسكو انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. الشركات الأوروبية، التي خسرت بالفعل 90 مليار يورو بسبب انسحابها من روسيا منذ 2022، تواجه الآن خطر خسارة المزيد من الأصول، بما في ذلك مصانع واستثمارات طاقة.الاستثمارات الأجنبية في روسيا، التي كانت تبلغ 500 مليار دولار قبل الحرب، قد تنخفض بنسبة 40% إضافية نتيجة هذه الخطوة. هذا سيؤدي إلى تعزيز الاعتماد على الصين والهند، اللتين زادتا استثماراتهما في روسيا بنسبة 30% منذ 2022، خاصة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا. ومع ذلك، فإن التأثير العالمي سيكون أكبر: روسيا تمتلك أصولًا غربية متساوية القيمة تقريبًا، وقد ترد بتجميد هذه الأصول أو بيعها، مما يهدد أسواق الطاقة والسلع العالمية. على سبيل المثال، إذا جمدت روسيا أصول شركات نفط أوروبية مثل توتال أو شل، فقد ترتفع أسعار النفط العالمية بنسبة 10-15%، مما يؤدي إلى تضخم إضافي في أوروبا.
تقسيم أوروبا: من كوبنهاغن إلى الانهيار السياسي والاقتصادي
اقتراح كوبنهاغن لم يُواجه فقط بمعارضة روسية، بل أثار انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي نفسه. المجر، بقيادة فيكتور أوربان، رفضت دعم القرض، معتبرة إياه "انتهاكًا للسيادة الاقتصادية"، بينما أعربت دول مثل فرنسا ولوكسمبورغ عن مخاوف قانونية بشأن استخدام الأصول المجمدة. هذه الانقسامات تُعمق الشقوق داخل الاتحاد، حيث يزداد نفوذ اليمين المتطرف في بلجيكا (خاصة في فلاندرز) وفي دول أخرى مثل إيطاليا وهولندا. هذا التقسيم قد يؤدي إلى تفكك الاتحاد الأوروبي، مع دول شرقية تتقارب مع موسكو، ودول غربية تتحمل العبء الاقتصادي والعسكري.الحرب في أوكرانيا، التي دمرت بنيتها التحتية بقيمة 97 مليار دولار في الأشهر الأولى، تُظهر مدى الدمار الذي يمكن أن يُصيب أوروبا إذا امتدت الحرب. الاقتصاد الأوروبي، الذي يعتمد على شبكات طاقة ولوجستيات مترابطة، قد ينهار خلال أسابيع إذا واجه هجومًا مشابهًا. هذا السيناريو يجعل الاتحاد الأوروبي أمام خيارين: الاستسلام للضغوط الأمريكية أو البحث عن تسوية مع روسيا، وكلاهما مكلف.
احتياجات الصين والسعودية: مواجهة البلطجة غير المسبوقة
الصين والسعودية، اللتين تمتلكان احتياطيات في أوروبا بقيمة تزيد عن 1 تريليون دولار مجتمعة، أبدتا قلقًا عميقًا من هذه الخطوة. السعودية هددت ببيع سندات أوروبية إذا تم تنفيذ القرض، مما قد يؤدي إلى انخفاض قيمة اليورو بنسبة 5-7%. الصين، من جانبها، لوبّت ضد الخطة في اجتماعات مجموعة العشرين، مشيرة إلى أنها "تُهدد النظام المالي العالمي". لمواجهة هذه البلطجة، ستحتاج هذه الدول إلى استراتيجيات جديدة:
تنويع الاحتياطيات: نقل 30% من الأصول إلى عملات مثل اليوان أو الريال، مما يعزز دور مجموعة BRICS كبديل للنظام الغربي.
تحالفات اقتصادية بديلة: تعزيز الشراكات مع روسيا ودول آسيا الوسطى، كما في مبادرة الحزام والطريق أو اتفاقيات OPEC+.
دفاع قانوني: اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لإدانة الاتحاد الأوروبي وفرض عقوبات مضادة.
استثمارات آمنة: تحويل الاستثمارات إلى أسواق ناشئة مثل الهند أو إندونيسيا، حيث المخاطر السياسية أقل.
هذه البلطجة، التي تُعتبر الأكثر جرأة منذ الحرب العالمية الثانية، تدفع العالم نحو نظام مالي متعدد الأقطاب، حيث تفقد أوروبا مكانتها كمركز مالي آمن.
الخاتمة: أوروبا على مفترق طرق
اقتراح كوبنهاغن ليس مجرد قرض؛ إنه إعلان حرب اقتصادية على الثقة العالمية. حكومة ائتلاف أريزونا البلجيكية، بدعم من الولايات المتحدة، تقود أوروبا نحو انهيار مالي وسياسي محتمل. الرد الروسي، المدعوم من الصين والسعودية، قد يُسرع هذا الانهيار، مع تداعيات على الاستثمارات العالمية. لتجنب الكارثة، يجب على أوروبا التراجع عن هذا الاقتراح، والبحث عن حلول دبلوماسية مع روسيا، قبل أن تفقد مكانتها كقوة اقتصادية عالمية.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الإمبراطورية الأمريكية : الهبوط نحو الهاوية
- مسرحية : ايقاعات الورك المتمرد
- مجموعة قصصية : أكوام الخيال - الجزء الأول-
- الثقب الأسود الأوكراني: كوميديا جيوسياسية في مسرح العبث
- خيوط الاستعمار الإنكليزي ومحميات الخليج في صلب الفوضى العالم ...
- مسرحية -مدرسة الوحدة العجيبة-
- من إيقاعات النيل إلى أسواق إدلب : رقصة الشرق ضد الإسلام الصه ...
- رواية: خيوط الزيف
- -مسرحية الخيانة: عباس والجولاني في عرضٍ ساخر -
- التاريخ المُعاد كتابته بريشة الروتشيلد وسكين لورانس
- مسرحية: -أزقة باريس تحترق-..كوميديا
- عالم المخدرات العجيب حيث الشعر البرتقالي والعيون الزرقاء تحك ...
- العالم يرقص على إيقاع ترامب العبقري... أو ربما العكس!
- مسرحية -رقصة دولارات الإبادة : عبد الحميد الثالث ودونالد الص ...
- عشرين تريليون أو المشنقة... والمقاومة تضحك أخيراً!
- أردوغان وترامب: مسرحية الصداقة التجارية بطعم الإبادة
- تفكيك الإنسان في الأدب: قراءة في -سلاسل العقل، أغلال القلب-
- بولندا ترقص على حبل المصالح: من بروكسل إلى بكين
- وعد بلفور يعود بموسيقى تصويرية جديدة..
- مسرحية -عاصفة الاستقلال-


المزيد.....




- الرياض تقرأ.. والسعودية تكتب المستقبل (فيديو)
- أسطورة الشطرنج بوبي فيشر.. البيدق الأميركي الذي هزم السوفيات ...
- القضاء الأمريكي يحكم على مغني الراب -ديدي- بالسجن أربع سنوات ...
- محمد صلاح الحربي: -محتاج لحظة سلام- بين الفصحى واللهجة
- سياسات ترامب تلقي بظلالها على جوائز نوبل مع مخاوف على الحرية ...
- مئات المتاحف والمؤسسات الثقافية بهولندا وبلجيكا تعلن مقاطعة ...
- ساحة الاحتفالات تحتضن حفلاً فنياً وطنياً بمشاركة نجوم الغناء ...
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- لا أسكن هذا العالم


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد صالح سلوم - السيرك العالمي يفتتح موسمه الجديد في تل أبيب وواشنطن..كتابات ساخرة