|
التهذيب مرآة الحضارة عبر ثقافات الأمم.
أوزجان يشار
كاتب وباحث وروائي
(Ozjan Yeshar)
الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 00:49
المحور:
قضايا ثقافية
ليست الحضارة قلاعًا من حجارة، ولا لغاتٍ رنانة تتباهى بها الأمم، بل هي قبل كل شيء سلوك رفيع يترجم روح الإنسان في أبسط التفاصيل. الحضارة تُقاس بقدرة الفرد على أن يروّض ذاته، فيكبح انفعاله، ويزن كلماته، ويحترم الآخر لا لضعفه بل لكرامته. فمن دون الذوق، تتحول المدن الكبرى إلى غابات إسمنتية، وتتحول العلوم إلى أدوات فوضى بدل أن تكون وسائل نهضة.
لقد أبدع الإنسان في صناعة التكنولوجيا والعمارة، لكنه لم يعرف التحضّر الحقيقي إلا حين جلس إلى مائدة منظمة، وألقى التحية بصدق، واعتذر من قلبه لا من لسانه فقط. الحضارة، بهذا المعنى، تبدأ من كلمة وتكبر بفعل. هي تلك الخيوط الخفية التي تنسج مجتمعًا متماسكًا، حتى لو كان أفراده غرباء في الدم والعقيدة.
وكما قال ألبير كامو: “الإنسان المتحضّر هو من يشعر بالحرج من أن يسعد وحده.” فالذوق لا يعيش في عزلة، بل يكتمل حين يصبح جسرًا يربطنا بالآخرين، وحين يتحول التهذيب إلى مرآة تعكس أجمل ما في أرواحنا.
من هنا تبدأ رحلتنا: من الصين القديمة حيث الطقس قانون، مرورًا بالأندلس حيث جعل زرياب من المائدة فنًّا، إلى أوروبا حيث تحولت الفلسفة إلى بروتوكول، وصولًا إلى اليابان حيث يُدرَّس الصمت بوصفه لغة. رحلة تكشف أن الحضارة ليست ملكًا لأمة واحدة، بل ميراثًا إنسانيًا مشتركًا، يجمعنا على مبدأ واحد: أن التهذيب هو أعذب موسيقى تعزفها الإنسانية.
البدايات الفلسفية للسلوك المنظَّم
من مقدمة الحضارة إلى الصين وسلالة تشو وكونفوشيوس
⸻
الحضارة ليست حجرًا بل سلوك
حين نبحث في معنى الحضارة، لا يمكن أن نكتفي بتلك الصور الباهرة للمدن والقصور. فالمباني وإن علت، تبقى صامتة إن لم تسكنها روح إنسان متوازن. الحضارة الحقيقية تبدأ في اللحظة التي يختار فيها الإنسان أن يقول كلمة طيبة بدلًا من كلمة جارحة، أن يمد يده بالسلام بدلًا من العدوان، أن ينظم فوضى غرائزه بميزان داخلي يعلو على شهواته. هنا تكتسب المقولة التي نطق بها ألبير كامو معناها العميق: “الإنسان المتحضّر هو من يشعر بالحرج من أن يسعد وحده.” فالحرج من الأنانية هو أول بذرة في وعي حضاري يتجاوز الفرد نحو الجماعة.
⸻
الصين وسلالة “تشو”: حين تحوّل النظام إلى طقس
قبل أن تشرق الأندلس أو يسطع نجم زرياب، كانت الصين القديمة قد بدأت رحلتها مع السلوك المنظَّم. في عهد سلالة “تشو” (Zhou) التي امتدت من القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وُضعت أسس لنظام اجتماعي يقوم على الطقوس. لم تكن الطقوس مجرد شعائر دينية، بل شبكة معقدة من الممارسات اليومية التي تنظّم كل تفاصيل الحياة: كيف يُلقى السلام، كيف يُجلس الضيف، كيف يُقدَّم الطعام، وكيف يُدار الحوار في حضرة الأكبر شأنًا.
لقد أدركت هذه السلالة أن السيطرة على المجتمع لا تكون بالقوة العسكرية فقط، بل بالانضباط السلوكي الذي يجعل الأفراد يتحركون كأنهم جزء من سيمفونية واحدة. كانت الطقوس، في جوهرها، قانونًا غير مكتوب، يضمن احترام المراتب، ويحول دون الفوضى.
⸻
كونفوشيوس: من الطقس إلى الفلسفة
في القرن السادس قبل الميلاد، جاء كونفوشيوس ليمنح تلك الطقوس روحًا فلسفية. وضع مفهوم “اللي” (Li) الذي يعني النظام الأخلاقي والسلوكي الذي يضبط العلاقات الإنسانية. بالنسبة له، لم يكن التحضّر مجرد إتقان للطقوس، بل التزام داخلي يحوّل السلوك إلى انعكاس للفضيلة. كان يرى أن المجتمع العادل لا يُبنى بالقوانين فحسب، بل بالاحترام العميق للآخر، وبالقدرة على ضبط الانفعالات، وبالموازنة بين الحرية الشخصية والواجب الاجتماعي.
لقد أصبح “اللي” بمثابة دستور أخلاقي للصينيين، يُمارَس في البيوت كما في البلاط الإمبراطوري، في السوق كما في المعابد. ومن خلاله وُلدت فكرة أن السلوك المتحضر ليس سلوكًا فرديًا عابرًا، بل مسؤولية اجتماعية تُعبر عن روح الأمة.
⸻
أثر الفكر الكونفوشي في الحضارة الإنسانية
من الصين، انتقلت هذه الفلسفة عبر القرون لتؤثر في اليابان وكوريا، بل حتى في بعض المجتمعات الأوروبية التي رأت في الانضباط الصيني نموذجًا مختلفًا عن الفوضى التي كانت تهيمن على بلاطات الملوك في العصور الوسطى. لقد كان تأثير كونفوشيوس أعمق من أن يُحصر في حدود جغرافية. فقد وضع اللبنة الأولى لفكرة أن “التحضر يبدأ من السلوك”، وأن “الأخلاق ليست رفاهية روحية، بل ضرورة اجتماعية”.
⸻
البداية التي صنعت المسار
يمكن القول إن سلالة تشو وكونفوشيوس لم يتركا للعالم جدرانًا عظيمة فقط، مثل سور الصين، بل تركا ما هو أعظم: نموذجًا حضاريًا يثبت أن السلوك المنظم هو أقوى أداة لبناء المجتمع. لقد مهّدوا الطريق لغيرهم من الحضارات التي ستأتي لاحقًا – من زرياب في الأندلس إلى البروتوكول الفيكتوري في أوروبا – لتثبت أن الحضارة ليست صخب الإنجازات، بل صمت الأخلاق.
الأندلس وزرياب – حين صار التهذيب موسيقى
⸻
زرياب… كان أكثر من مجرد موسيقار
في القرن التاسع الميلادي، حين كانت قرطبة عاصمة لعبد الرحمن الثاني الأموي، ظهر رجل غيّر ملامح الذوق العام في الأندلس وأوروبا من بعدُ: زرياب. لم يكن مجرد موسيقارٍ بارع، بل كان حامل مشروع حضاري صاغ السلوك كما يصوغ الفنان اللحن. جاء من المشرق محمّلًا بتجارب بغداد العباسية، لكنه في الأندلس لم يكتفِ بنقل ما تعلمه، بل ابتكر منظومة جديدة جعلت الفن أسلوب حياة، وربطت بين الموسيقى والذوق اليومي.
⸻
فن الموائد: التهذيب يبدأ من الطعام
كان زرياب أول من وضع ترتيبًا منهجيًا للمائدة في الغرب الإسلامي: بدايةً بالمقبلات، فالأطباق الرئيسة، وختامًا بالتحلية. هذه البساطة المنظمة كانت ثورة في عصر كانت الولائم فيه عشوائية، تُقدَّم الأصناف دفعة واحدة. كما أدخل استخدام الكؤوس الزجاجية بدل المعادن، وابتكر ألوانًا جديدة من الأطعمة، ليحوّل الأكل إلى مشهد جمالي يشارك فيه النظر كما يشارك الذوق. بهذا، لم يعد الطعام وسيلة للبقاء فقط، بل صار مسرحًا للذوق، مدرسة يتعلم منها الضيف والابن والطالب أن النظام والاعتدال جزء من التحضّر.
⸻
الأزياء: زمن الصباح يختلف عن زمن المساء
من ابتكارات زرياب أنه ميّز بين لباس النهار ولباس الليل، وبين أزياء الفصول الأربعة. لم يكن هذا مجرد تجميل للمظهر، بل تأسيس لفكرة أن الزمن نفسه يفرض ذوقًا، وأن اللباس خطاب اجتماعي يراعي المكان والوقت. انتقل هذا النظام إلى أوروبا لاحقًا عبر الاحتكاك الأندلسي، ليصبح أساسًا لفكرة “الموضة” التي ما تزال حتى اليوم مقياسًا للذوق والطبقة.
⸻
التجميل والنظافة: أناقة مرتبطة بالصحة
لم يتوقف زرياب عند الطعام واللباس، بل أدخل مفاهيم جديدة في النظافة والعناية الشخصية. كان يوصي باستعمال المرايا الصغيرة، ويدعو النساء إلى تصفيف الشعر بطرق مبتكرة، ويحثّ على استعمال العطور بشكل متوازن. بهذا، ربط بين الأناقة والصحة، بين الجمال والاعتدال، فأصبحت قرطبة أكثر من مركز للعلم والشعر، صارت مختبرًا للذوق الرفيع.
⸻
التأثير العميق في أوروبا
لم تكن هذه الممارسات محصورة في بلاط عبد الرحمن، بل سرعان ما وصلت إلى القصور الأوروبية عبر الرحلات التجارية والسفارات. يقول بعض المؤرخين إن فرنسا وإيطاليا تلقّتا أول دروس المائدة المنظمة من الأندلس، وأن عادة ارتداء الملابس الموسمية وصلت إليهما من قرطبة. لقد كان زرياب – من دون أن يدري – معلّم أوروبا الأول في فن السلوك الاجتماعي.
⸻
زرياب والفكر الأندلسي: السلوك كامتداد للفلسفة
لم يأتِ زرياب في فراغ. فقد جايله فلاسفة وأدباء جعلوا من الأندلس بوتقة حضارية متكاملة. ابن خلدون، الذي سيؤسس لاحقًا علم الاجتماع، أشار إلى أن العمران لا يقوم بلا أخلاق. ابن حزم، في “طوق الحمامة”، رسم الحب بوصفه سلوكًا رفيعًا، لا انفعالًا غريزيًا. ابن ميمون، اليهودي الأندلسي، جمع بين العقل والدين، ليؤكد أن التوازن أصل الحضارة. مع زرياب، وجد هؤلاء أن التهذيب لا يبقى في الكتب، بل يتجسّد في المائدة واللباس والجلوس والابتسامة.
⸻
لا شك الأندلس ككانت جسر حضاري بين الشرق والغرب
الأندلس لم تكن فقط جنة شعرية وفلسفية، بل مدرسة سلوكية نقلت إلى العالم معنى جديدًا للذوق. زرياب، بهذا المعنى، كان سفير حضارة لا موسيقيًا فقط. لقد أسّس لفكرة أن السلوك يمكن أن يكون لحنًا، وأن التهذيب هو أعذب موسيقى يمكن أن تعزفها الأمم.
أوروبا – من التنوير إلى البروتوكول الفيكتوري
⸻
أوروبا المستيقظة: التنوير بوصفه ثورة في السلوك
في القرن الثامن عشر، حين بدأ ما يُسمى بعصر التنوير، لم يكن المشروع مجرد حركة فكرية لفلاسفة يجلسون على مقاعد مكتبات باريس وجنيف ولندن. كان مشروعًا يطمح إلى صياغة إنسان جديد، يعيد النظر في علاقته بذاته وبالآخر. هنا برزت أسماء مثل جان جاك روسو، وفولتير، وديفيد هيوم، وجون لوك، لتضع أسسًا فلسفية تربط العقل بالحرية والكرامة الإنسانية.
كان روسو، على سبيل المثال، يرفض أن يُختزل السلوك في قشرة اجتماعية زائفة، ورأى أن التهذيب الحقيقي يبدأ من التوافق مع الطبيعة. في كتابه “إميل” جعل التربية ليست نقل معارف، بل غرس قيم تجعل الطفل يعيش في انسجام مع محيطه، لا في صراع مع ذاته. بينما وقف فولتير بلسانه الساخر مدافعًا عن حرية التعبير، مُدركًا أن المجتمعات لا تُقاس فقط بما تُنتجه من علوم، بل بما تسمح به من اختلاف وتنوع.
لقد كان التنوير، في جوهره، لحظة وعي بأن السلوك المتحضر ليس مجرد آداب صالون، بل ممارسة للعقل والحرية في كل مجالات الحياة.
⸻
الصالونات الأدبية: تهذيب الحوار
إلى جانب كتب الفلاسفة، شهدت أوروبا نشأة الصالونات الأدبية التي أدارها في كثير من الأحيان نساء مثقفات مثل مدام جيفْرين ومدام دي ستايل. هذه الصالونات لم تكن مجرد مجالس نقاش، بل مدارس في فن الحوار، حيث يتعلّم الحضور ألا يقاطعوا، وألا يرفعوا الصوت فوق اللازم، وأن يصيغوا الفكرة بلباقة تجعلها مقبولة حتى لو كانت مثيرة للجدل.
كان يُنظر إلى اللباقة في هذه الصالونات باعتبارها فضيلة فكرية لا مجاملة فارغة. فالمتحاور المهذّب هو من يربح الاحترام، حتى لو خسر النقاش.
⸻
الانتقال إلى القرن التاسع عشر: البروتوكول الفيكتوري
حين جاءت الحقبة الفيكتورية في إنجلترا (1837–1901)، تُرجمت تلك الفلسفات إلى أنظمة دقيقة تنظم الحياة اليومية. صدرت كتيبات الإتيكيت التي علّمت كيف يُمسك فنجان الشاي، وكيف يُحيى الضيف، ومتى يليق الضحك أو الصمت. لم يكن الأمر تفصيلاً شكليًا، بل انعكاسًا لوعي اجتماعي جديد: أن الرقي لا يُقاس بالثروة فقط، بل بقدرتك على احترام الآخرين وضبط نفسك في العلن والسر.
البرجوازية الأوروبية، التي كانت تسعى إلى تقليد الأرستقراطية، وجدت في هذه القواعد جواز مرور إلى “العالم الراقي”. ومع مرور الوقت، أصبح الذوق ليس مجرد ترف طبقي، بل لغة مشتركة توحّد المجتمع في إطار حضاري.
⸻
من الفلسفة إلى الحياة اليومية
في التنوير، كان النقاش حول العقل والحرية. في العصر الفيكتوري، صار النقاش حول كيف نعيش يومنا. النتيجة كانت ثورة صامتة: أن يتحول الفكر الفلسفي إلى تفاصيل ملموسة في السلوك. أن يصبح التهذيب في طريقة الجلوس، أو خفض الصوت، أو الاعتذار في الوقت المناسب، ترجمة عملية لفكرة الكرامة الإنسانية التي بشّر بها التنوير.
⸻
أوروبا بين العقل والبروتوكول
أوروبا إذن قدّمت درسًا مختلفًا: أن الفلسفة لا تبقى في الكتب إنما تتحول إلى بروتوكول. من روسو وفولتير وهيوم، إلى كتيبات الإتيكيت في الحقبة الفيكتورية، نجد خيطًا واحدًا يربط بينهما: أن الحضارة هي تهذيب العقل أولًا، ثم تهذيب الهيئة والسلوك ثانيًا.
اليابان – حضارة الصمت والانضباط
⸻
الصمت كقيمة حضارية
في اليابان، لم تُبْنَ الحضارة على الضجيج ولا على المباهاة، بل على نظام دقيق يجعل من أبسط الإشارات لغة كاملة. الصمت عند اليابانيين ليس فراغًا، بل خطابًا راقيًا يعكس الاحترام والإنصات. فمنذ قرون، تحوّل الانحناء إلى تحية، وتقديم الهدايا بكلتا اليدين إلى عرف، وضبط النظرة والابتسامة إلى فنّ. كل ذلك ليس تكلّفًا، بل ممارسة يومية راسخة في وجدان المجتمع.
⸻
الجيشا: مدرسة السلوك الناعم
غالبًا ما يُساء فهم “الجيشا”، إذ يختصرها البعض في الرقص والموسيقى. لكن حقيقتها أنها مؤسسة تهذيبية كاملة. كانت الجيشا سفيرات للجمال المنضبط: يعلّمن فن الإصغاء قبل فن الغناء، وكيف تُدار جلسة حوار بالإنصات أكثر من الكلام. في حضورهن، يصبح توقيت الابتسامة، أو رفع الكوب، أو تعديل الجلسة، رسالة صامتة عن الرقي. لقد حملت الجيشا إلى المجتمع درسًا حضاريًا مهمًا: أن الذوق يمكن أن يُعاش في الحركات الصغيرة، لا في المظاهر الكبيرة.
⸻
الكوشن: البروتوكول الياباني الصارم
أما طقوس “الكوشن” التي ارتبطت بالبلاط والنبلاء، فقد رسّخت قواعد سلوك أكثر رسمية. كان لكل حركة معنى، ولكل كلمة وزن، حتى طريقة الجلوس والانحناء أمام شخص أعلى منزلة كانت جزءًا من نظام اجتماعي محكم. لم تبقَ هذه الطقوس محصورة في القصور، بل انحدرت تدريجيًا إلى المجتمع بأسره، فصارت قيمًا جمعية يمارسها الجميع، من المدرسة إلى الحديقة العامة.
⸻
اليابان الحديثة: التكنولوجيا بروح قديمة
ما يثير الدهشة أن اليابان لم تتخلَّ عن هذه القيم حتى بعد أن أصبحت من أكثر الدول تقدمًا في التكنولوجيا. ففي القطارات السريعة، ما زال الركاب يلتزمون الصمت احترامًا للآخرين. وفي المدارس، يُعلّم الأطفال كيف ينحنون، وكيف يشكرون، وكيف يعتذرون علنًا دون حرج. حتى في الشركات الكبرى، تُقدَّم بطاقة العمل بكلتا اليدين كرمز للاحترام المتبادل. هنا تبرز المفارقة: أن أمة تملك أحدث الروبوتات ما زالت ترى أن أعظم ما تقدمه لأطفالها ليس فقط البرمجة، بل الانحناءة.
⸻
فلسفة الجمال المنضبط
اليابان أثبتت أن الحضارة ليست ضجيج قوة، بل نعومة احترام. فالتكنولوجيا قد تصنع آلة دقيقة، لكن الذوق هو ما يصنع مجتمعًا متماسكًا. وفي ثقافة اليابان، يتحول الصمت إلى موسيقى من نوع آخر، والابتسامة إلى لغة كاملة، والانحناء إلى جسر حضاري يربط بين القلوب.
التربية المنزلية – حجر الأساس للسلوك المتحضّر
⸻
البيت بوابة الحضارة الأولى
قبل أن يعرف الإنسان المدرسة أو الجامعة، كان البيت هو مدرسته الأولى. في تلك الجدران الصغيرة يتشكل الوعي الأخلاقي، وفيها تُزرع البذور التي تنبت لاحقًا في السلوك العام. الحضارة لا تبدأ في المكتبات ولا في المعاهد، بل حين يرى الطفل أباه يقول “من فضلك” وأمه تقول “شكرًا”، حين يسمع الاعتذار بلا حرج، وحين يشهد كيف يُحترم الجار والعامل والمارّ في الطريق.
البيت ليس مكانًا للنوم فحسب، بل مصنع قيم. وإذا اختلّت هذه القيم في الطفولة، صعب على المدرسة والقانون أن يُصلحا ما تكسّر.
⸻
القدوة أقوى من الوعظ
التربية بالقدوة أبلغ من التربية بالكلمات. حين يُخبر الأب ابنه أن الصدق فضيلة، ثم يكذب أمامه في مكالمة هاتفية، ينهار الدرس. وحين تقول الأم لابنتها أن الاحترام واجب، ثم تحتقر خادمة أو بائعًا، يختفي المعنى. أما إذا رأى الطفل أبويه يعتذران لبعضهما البعض، أو يشكران عامل النظافة في الشارع، أو يُحسنان إلى حيوان ضعيف، فإنه يتشرّب تلك القيم بغير وعي. هذه اللحظات البسيطة هي التي تصوغ “المتحضّر” الحقيقي، لا المواعظ النظرية.
⸻
الحب بديلاً عن العنف
كثير من الأسر العربية والشرقية اعتادت على تربية تقوم على الصراخ والضرب، متذرعة بمقولة: “العصا لمن عصى”. لكن الأبحاث التربوية الحديثة أثبتت أن العنف لا يخلق إلا عنفًا، وأن القسوة لا تُخرج إلا نفسًا مأزومة تميل إلى التمرّد أو الخضوع المذل. أما التربية المبنية على الحب والاحترام، فتخلق شخصية متوازنة، تعرف متى تصمت، ومتى تتكلم، ومتى تعترض بلباقة.
كما قال سيغموند فرويد: “ما نكونه في الكبر، هو غالبًا ما اختبرناه في طفولتنا المبكرة.” فإذا كان الطفولة مخزن خوف وقمع، خرج البالغ مشوهًا في سلوكه. أما إذا كانت الطفولة مخزن حب وذوق، خرج البالغ مؤدبًا بغير تكلّف.
⸻
التوازن بين الحزم والحنان
ليست التربية المنزلية دعوة إلى التدليل المفرط أو التسيّب. فالتحضر ليس أن يُترك الطفل بلا حدود، بل أن تُرسم له الحدود بالحب لا بالعنف. أن يُقال له: “لا” حين يجب، ولكن بلهجة تحترم كيانه، لا تُحطّ من قدره. فالحضارة ليست مجرد كلمة طيبة، بل أيضًا قدرة على ضبط النفس، وعلى تعليم الأبناء أن الحرية تُمارس في إطار من الذوق.
⸻
البيت الذي يخرّج حضارة
حين يُربّى الطفل على أن الخصوصية تُحترم، لن ينتهك خصوصية الآخرين حين يكبر. وحين يُدرَّب على أن المزاح لا يَصح أن يجرح، لن يتحول ساخرًا فجًا في شبكات التواصل. وحين يرى أن اختلاف الرأي لا يعني العداء، سيتعلم أن التهذيب أكبر من الأيديولوجيات.
البيت، بهذا المعنى، هو المختبر الأول للحضارة. ومنه تنطلق القيم التي تصوغ المجتمع: إذا زرعنا في أبنائنا الشكر والاعتذار والتحية، فسوف نحصد مجتمعًا لا يحتاج إلى لافتات “كن مهذبًا” لأنها ستكون جزءًا من تكوينه.
⸻
الحضارة تبدأ من حضن الأم
ليست الحضارة مشروع مدن فقط، بل مشروع أسر. قد يبني السياسيون أبراجًا شاهقة، لكن إذا لم تُبنَ القيم في البيت، ستبقى تلك الأبراج خاوية من المعنى. إن الحضارة تبدأ من لحظة صمت طفل في حضن أمه، حين يسمعها تقول كلمة طيبة، أو يراها تعطي ابتسامة عابرة. تلك اللحظة الصغيرة قد تكون أعظم من أي درس يُلقَّن في مدرسة أو جامعة.
التعليم السلوكي – مسؤولية حضارية داخل المدارس
⸻
المدرسة ليست للأرقام فقط
إذا كان البيت هو الحاضنة الأولى للقيم، فإن المدرسة هي المؤسسة التي تُحوّل تلك القيم إلى ممارسة جماعية. لكن ما يحدث في كثير من المجتمعات أن المدرسة تُغرق الطفل في الحروف والأرقام والمعادلات، بينما تغفل عن تدريبه على كيف يتحدث، كيف يستمع، كيف يعتذر، وكيف يحترم الآخر المختلف عنه. المدرسة التي تعلّم الحساب دون السلوك، تُخرّج أجيالًا تعرف كيف تحسب الأرباح والخسائر، لكنها قد تفتقر إلى أبسط أشكال الذوق في التعامل الإنساني.
⸻
تجارب حضارية ملهمة
في الأندلس، كان زرياب جزءًا من المنهاج غير المكتوب: دروس في التهذيب عبر الموسيقى والمائدة واللباس. في اليابان، يبدأ الطفل يومه الدراسي بالتحية الجماعية والانحناءة، ليتعلم أن الاحترام لا يقل أهمية عن الرياضيات. وفي أوروبا الفيكتورية، كانت كتيبات الإتيكيت تُوزع كما تُوزع كتب القراءة، وكأن تعليم السلوك جزء أصيل من تعليم اللغة.
هذه التجارب كلها تؤكد أن الأمم العريقة لم تفصل يومًا بين المعرفة والسلوك. العلم بلا تهذيب يولّد غرورًا، والسلوك بلا معرفة يولّد خواءً. أما حين يجتمعان، يتشكل الإنسان المتوازن الذي تبنى عليه الحضارات.
⸻
منهج دراسي للسلوك
ما نحتاج إليه اليوم هو أن تصبح التربية السلوكية مادة أساسية، تُدرَّس منذ السنوات الأولى. مادة لا تقتصر على حفظ جمل محفوظة من قبيل “قل شكرًا” و”قل عفوًا”، بل تمتد إلى التدريب العملي: • كيف يُدير الطفل حوارًا دون مقاطعة؟ • كيف يُقدّم رأيًا مخالفًا دون تجريح؟ • كيف يساعد زميله الأضعف بدل السخرية منه؟ • كيف يضبط غضبه حين يُستفز؟
هذه الدروس لا تقل أهمية عن جدول الضرب أو قواعد النحو، بل ربما تكون أهم، لأنها تصنع الإنسان قبل أن تصنع المهندس أو الطبيب.
⸻
المدرسة بوصفها مختبرًا للقيم
في الفصول الدراسية، يمكن للمعلم أن يحوّل كل موقف صغير إلى درس حضاري. تأخر طالب عن الحصة؟ هنا فرصة لتعليمه الاعتذار. أضاع أحدهم قلمه؟ هنا فرصة ليتعلم زميله معنى العطاء. تناقش طفلان بصوت مرتفع؟ هنا مناسبة ليدركا أن النقاش لا يُكسب بالصراخ بل بالمنطق.
بهذا، تتحول المدرسة من مكان لتلقين المعلومات، إلى مختبر حي للقيم، يصوغ شخصية لا تحتاج إلى رقيب خارجي كي تكون مهذبة، لأن الذوق صار جزءًا من بنيتها الداخلية.
⸻
التعليم أمانة حضارية
إدراج السلوك في المناهج ليس ترفًا فكريًا، بل مسؤولية حضارية. فالمجتمع الذي يخرّج علماء بلا ذوق، يخلق أزمات أكثر مما يحل. أما المجتمع الذي يجمع بين المعرفة والسلوك، فهو الذي يبني حضارة متوازنة قادرة على أن تُدهش العالم لا بما تملك من تقنيات فقط، بل بما تملك من رقي إنساني.
وسائل التواصل – فوضى الذوق في العصر الرقمي
⸻
انكشاف بلا حدود
حين دخلت وسائل التواصل إلى حياتنا، أزالت الحواجز بين الناس، لكنها في الوقت ذاته كشفت هشاشة الذوق عند كثيرين. صار المرء يكتب كما يفكر بلا فلترة، وينشر صور حياته الخاصة كما لو كان العالم كله صديقًا حميمًا. ما كان يُقال همسًا صار يقال جهرًا، وما كان يُمارَس في السر أصبح علنيًا أمام جمهور افتراضي ضخم.
⸻
مظاهر الفوضى الرقمية
من أبرز ما نراه اليوم في فضاءات التواصل: • تعليقات جارحة على الوزن أو الشكل، تُلقى ببرود دون إدراك أثرها النفسي. • عرض مفرط للرفاهية أمام محتاجين، فيتحول التباهي إلى قسوة صامتة. • نشر صور المساعدات الخيرية بدلاً من سترها، وكأن الهدف التفاخر لا الرحمة. • اقتحام خصوصيات الآخرين بأسئلة شخصية أو مزاح فج. • مجاهرة بالمشاعر الخاصة والخصومات العائلية أمام جمهور لا تعنيه تفاصيل الحياة. • لغة مبتذلة تسعى وراء اللايكات أكثر مما تسعى وراء الحقيقة.
هذه المظاهر ليست مجرد سلوكيات فردية، بل مؤشرات على غياب منظومة الذوق التي تحفظ للمجتمع توازنه.
⸻
الرأسمال الرمزي: القوة الحقيقية في السلوك
الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو لخص هذه الأزمة بمفهوم “الرأسمال الرمزي”، حيث اعتبر أن المكانة الاجتماعية لا تُبنى على المال فقط، بل على السلوك والذوق. فالذي يملك القدرة على التصرف بلباقة، واحترام حدود الآخرين، والتعبير بأدب، يملك رأسمالًا لا يقل قيمة عن الثروة المادية.
لكن وسائل التواصل عكست الآية: صار البعض يظن أن قيمته بما يعرضه من ممتلكات، لا بما يعكسه من احترام. وبهذا، تحولت المنصات إلى أسواق صاخبة للمظاهر، بدل أن تكون فضاءً للحوار الراقي.
⸻
الحاجة إلى تربية رقمية
كما نُعلّم أبناءنا كيف يلقون التحية في الواقع، يجب أن نُعلّمهم كيف يكتبون التعليقات في العالم الافتراضي. التربية الرقمية لا تعني فقط حماية البيانات الشخصية، بل تعني أيضًا حماية الذوق العام: • أن نتذكر أن خلف كل شاشة إنسان له مشاعر. • أن نعرف أن الكلمة الإلكترونية قد تجرح أكثر من كلمة وجاهية. • أن ندرك أن السلوك المهذب مطلوب في العالم الافتراضي كما هو في العالم الواقعي.
إن تربية الذوق الرقمي صارت ضرورة حضارية، لأن الفضاء الرقمي بات امتدادًا لحياتنا اليومية، وغياب التهذيب فيه يعني انهيار أحد أهم أعمدة الحضارة.
⸻
الشاشة مرآة الروح
إذا كانت الحضارة تُقاس بقدرتنا على احترام الآخر، فإن وسائل التواصل هي المحكّ الحقيقي في هذا الزمن. الشاشة لا تكذب: إنها تكشف إنساننا الداخلي بوضوح. فإذا كان فينا ذوق، ظهر في تعليقنا؛ وإذا كان فينا احترام، ظهر في لغتنا؛ وإذا كان فينا تهذيب، ظهر في طريقة عرضنا لذواتنا.
بهذا، يصبح السؤال الحضاري الجديد: كيف نكون متحضرين ليس فقط في الشارع أو المدرسة، بل أيضًا في الفضاء الرقمي؟
السلوكيات الراقية – أساس متين لبناء المجتمع
⸻
الذوق بوصفه رابطًا خفيًا
المجتمع، أي مجتمع، لا يقوم فقط بالقوانين والدساتير، بل بالذوق الذي يُمارَس في تفاصيل الحياة اليومية. هذا الذوق هو الغراء الخفي الذي يربط الأفراد ببعضهم، ويمنع الاحتكاكات الصغيرة من أن تتحول إلى صراعات كبيرة. فالكلمة اللطيفة قد تُصلح ما لا يُصلحه القانون، والابتسامة قد تُطفئ غضبًا لا تُطفئه العقوبات.
⸻
السلوكيات التي تُعلي من قيمة الإنسان
الذوق المتحضر يظهر في مواقف كثيرة: حين لا يُلحّ أحدنا في الاتصال المتكرر على مشغول، وحين لا يطرق باب بيت في ساعة غير مناسبة، وحين يُعيد ما استعار دون أن يُذكَّر. يظهر الذوق حين يُنصت المرء لغيره بدل أن يقاطعه، وحين يُراعي أن لا يطلب أغلى صنف على مائدة دعاه إليها صديق. يظهر الذوق حين يُدرك أن السؤال عن الراتب أو سبب تأخر الزواج هو تطفل لا فضول بريء.
ويتجلى السلوك الراقي في احترام الصغير قبل الكبير، وفي الامتناع عن النظر إلى الهاتف أثناء حديث وجاهي، وفي عدم اقتحام نقاشات لا تخصنا. وفي أن يكون النقد رفيقًا، يُقال على انفراد، بينما يُقال الثناء علنًا ليُرفع من قدر الآخر.
⸻
البساطة الراقية في التعامل
قد يظن البعض أن التهذيب تعقيد، لكنه في الحقيقة بساطة عميقة. أن تفتح الباب لمن خلفك، أن تبتسم في وجه من لا تعرفه، أن تشكر من قدّم لك خدمة صغيرة، أن تمتنع عن تعليق جارح على شكل أو وزن، أن تضع نفسك مكان الآخر قبل أن تنطق أو تكتب. هذه أفعال تبدو عابرة، لكنها تصنع مناخًا اجتماعيًا يفيض بالاحترام.
⸻
الذوق في الفرح والحزن
التحضّر يظهر أيضًا في القدرة على ضبط الانفعالات. الفرح المبالغ فيه قد يكون جارحًا لمن يعيش الحزن، والغضب المتفجر قد يدمّر علاقات يصعب ترميمها. المتحضر هو من يعرف أن التعبير عن المشاعر حق، لكن التوازن فيها واجب. حتى زيارة المريض تحتاج إلى ذوق: لا تطيل الجلوس، لا تكثر الكلام، ولا تُثقل على من يحتاج الراحة أكثر من الصحبة.
⸻
النظام بوصفه أخلاقًا
الاحترام في الشارع، كاحترام قوانين المرور، ليس فقط التزامًا بالقانون، بل التزامًا بالأخلاق. حين يتوقف السائق أمام إشارة حمراء في شارع فارغ، فإنه لا يخضع لعين شرطي، بل لضمير حضاري يقول له: “النظام التزام داخلي قبل أن يكون إكراهًا خارجيًا.”
⸻
الخلاصة: الذوق هو العمود الفقري للمجتمع
هذه السلوكيات ليست تفاصيل ثانوية ولا كماليات، بل هي الركائز التي يقوم عليها المجتمع. بدونها يتحول التعايش إلى صراع، والمدينة إلى غابة. ومعها يصبح الناس أكثر قربًا، وأكثر قدرة على الثقة ببعضهم. الحضارة ليست فقط بناء الجامعات والجسور، بل أيضًا بناء النفوس على احترام الآخر، في البيت، في المدرسة، في الشارع، وحتى في الفضاء الرقمي.
الحضارة ليست صخبًا
بعد هذه الرحلة بين الصين وكونفوشيوس، والأندلس وزرياب، وأوروبا في التنوير والفيكتورية، واليابان بصمتها الراقي، ندرك أن الحضارة ليست صخب الإنجازات ولا بهرجة الأبنية. إنها تكمن في التفاصيل اليومية: في كلمة تُقال برفق، في اعتذار صادق، في تحية تُمنح بلا مقابل. كل بناء مادي يمكن أن ينهار، لكن البناء الأخلاقي إن ترسّخ يبقى خالدًا في ضمير الأمة.
⸻
الفلاسفة والذوق كجوهر للإنسان
فولتير كان يذكّر الناس بأن حرية الرأي لا تعني الوقاحة، بل الاحترام العميق لحق الآخر في أن يختلف. روسو كان يرى أن التربية تبدأ من تهذيب الطبيعة الإنسانية قبل تهذيب العقول. حتى جون لوك، الذي صاغ مفهوم “الصفحة البيضاء”، أشار إلى أن ما يُكتَب أولًا في وجدان الطفل يبقى أثره أبقى من أي معرفة لاحقة. كل هؤلاء الفلاسفة، وإن اختلفوا في التفاصيل، التقوا عند نقطة واحدة: أن الإنسان بلا ذوق ولا تهذيب هو كيان ناقص، مهما بلغ من علوم.
⸻
البُعد الروحي للحضارة
الأديان جميعها جعلت من الكلمة الطيبة ميثاقًا للبشرية. ففي الإسلام، جاءت الآية الجامعة: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ هذه الوصية البسيطة تُغني عن آلاف القوانين. فهي تختصر الحضارة في جملة واحدة: أن تُعامل الإنسان بما يليق بكرامته، لا بما تراه في لحظة غضب أو غرور. هنا يلتقي كانط في عبارته الشهيرة: “عامل الإنسان كغاية، لا كوسيلة”، مع النص القرآني، في وحدة إنسانية تؤكد أن السلوك ليس مجرد خيار، بل هو واجب وجودي.
⸻
الحضارة مسؤولية شخصية
ليست الحضارة شعارًا سياسيًا ولا مشروعًا حكوميًا فقط، بل هي مسؤولية تبدأ من الفرد. في طريقة سلامه، في طريقة حديثه، في احترامه للآخر المختلف في الدين أو اللغة أو الطبقة. الحضارة أن تتواضع رغم العلم، وأن تُكرم رغم الغنى، وأن تترفّع عن السخرية رغم القدرة عليها.
⸻
في النهاية فلنكن دعاة حضارة بالفعل، فلنجعل سلوكنا هو رسالتنا. لا نحتاج إلى خُطب مطوّلة لنُثبت أننا متحضرون، بل نحتاج إلى تصرفات يومية تُترجم ذلك: أن نبتسم لمن لا نعرف، أن نعتذر بصدق، أن لا نستعرض ما نملك أمام من لا يملك. الحضارة ليست إعلانًا على جدار، بل هي حياة تُعاش بذوق. وكما قال أحد الحكماء: “الكلمة الطيبة صدقة.”
فلنكن نحن الصدقة اليومية التي يمشي بها المجتمع نحو التوازن، ولتكن أفعالنا قبل أقوالنا هي التي تبني صورة حضارتنا في عيون الآخرين.
#أوزجان_يشار (هاشتاغ)
Ozjan_Yeshar#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ومضات من فن الرسام البحريني علي الموسوي
-
قواعد التوفيق الخمسة عشر: طريقك نحو التميز والتفوق
-
ومضات من حياة وأدب إدوارد مورغان فورستر
-
مهارة التفاوض: سلوك يومي في الحياة لا ساحة معركة حتمية
-
سور الصين العظيم: عندما سقط الجدار من الداخل
-
التركي الذي ركب صاروخاً ليتحدث مع المسيح عيسى عليه السلام
-
كيف أتصالح مع الجانب المظلم داخلي وأحب ذاتي بصدق؟
-
النور الخفي يشع في روح الإنسان… لكن البعض لا يرى سوى العتمة
-
حكاية الثعلب الماكر والمزرعة الواسعة
-
الذكاء العاطفي وإدارة الأولويات: عندما تقود المشاعر قراراتنا
-
غياب الفهم المتبادل: سجن للروح أم حرية في ظل التواصل الإنسان
...
-
تركيا الحديثة بين الحقائق والمزايدات: كمال أتاتورك وعصمت إين
...
-
توحش الحليف وغدر الصديق: كيف خانت الولايات المتحدة قطر مرتين
-
التوقعات التي تحمي النوايا الطيبة من الصدمات
-
الرضا الذاتي: السيادة على النفس ومعنى الحرية الداخلية
-
حين تكشفنا الكلمات… من مزحة مارك توين إلى ثعبان الاجتماعات
-
راسبوتين: أسطورة راهب أو مشعوذ يتراقص فوق حافة عرش يترنّح؟
-
ومضات من حياة تولستوي
-
الخيانة: بين الوعي والقرار والأثر النفسي
-
لوحة الطوفان: صراع الإنسان بين الماضي والمستقبل.. نقد تحليلي
...
المزيد.....
-
سجال في مجلس الأمن بعد رفض مساعي روسيا والصين لتأجيل العقوبا
...
-
العدوان على الدوحة يُعيد تعريف أمن المنطقة
-
العراق يرفض تهديدات نتنياهو باستهداف أراضيه
-
مجلس الأمن يرفض مشروع قرار روسيًا صينيًا لتأجيل عقوبات إيران
...
-
وول ستريت جورنال: بلير سيتولى منصب الحاكم المؤقت لغزة
-
شاهد..أسباب تفوق النصر على الإتحاد في جدة
-
الخبر السار في رسالة ماكرون لنتنياهو
-
تقارير: توني بلير قد يقود -السلطة الانتقالية الدولية- في غزة
...
-
الإفراج عن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بكفالة تعد الأع
...
-
نتنياهو يهاجم الغرب في خطاب أممي ويؤكد رفض الدولة الفلسطينية
...
المزيد.....
-
التجربة الجمالية
/ د. خالد زغريت
-
الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان
/ د. خالد زغريت
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
/ منذر خدام
-
ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
/ مضر خليل عمر
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
المزيد.....
|