أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 13. المهام الطبقية للثورة السودانية: من الوطني إلى الاشتراكي














المزيد.....

13. المهام الطبقية للثورة السودانية: من الوطني إلى الاشتراكي


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشهد السودان لحظة تاريخية حاسمة تتصاعد فيها التناقضات الطبقية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يواجه الشعب تحالفاً ثلاثياً من العسكر والإسلام السياسي والطائفية يمثل ذروة تطور الرأسمالية الطفيلية التابعة، فيما يمثل تعبيرا عن بنية طبقية هجينة تكرس التبعية للإمبريالية وتعتمد على النهب المنهجي للموارد الوطنية [1]. لقد تجاوزت الأزمة السودانية مرحلة أزمة حكم إلى أزمة نظام بكامله، نظام أفقد الشعب حقه في الحياة الكريمة وسلبه سيادته الوطنية.

يستلزم تحليل المهام الطبقية للثورة تفكيكاً دقيقاً لطبيعة هذا التحالف الطفيلي. فالمؤسسة العسكرية تحولت من جهاز دفاع عن الوطن إلى طبقة طفيلية تملك إمبراطوريات اقتصادية ضخمة تسيطر على قطاعات النفط والتعدين والزراعة والتجارة [2]. بينما أصبح الإسلام السياسي أداة أيديولوجية لتبرير النهب وتطييف الدولة، ومثلت الطائفية آلية فعالة لتفتيت الوحدة الطبقية للجماهير عبر إحياء الولاءات ما قبل الحديثة. هذا الثالوث الطفيلي أنتج دولة تعتمد على الريع والنهب بدلاً من الإنتاج، وعلى القمع بدلاً من الشرعية الشعبية.

تواجه الثورة السودانية مهمتين تاريخيتين متداخلتين لا تنفصلان: المهام الوطنية الديمقراطية والمهام الاشتراكية. تشمل المهام الوطنية حل المؤسسة العسكرية الطفيلية، وتفكيك أجهزة الإسلام السياسي، وبناء دولة ديمقراطية حقيقية، واستعادة السيادة الكاملة على الثروات الوطنية [3]. أما المهام الاشتراكية فتشمل تأميم ممتلكات الطفيليين، وبناء اقتصاد مخطط يخدم احتياجات الجماهير، وإقامة مجتمع العدالة الاجتماعية يقوم على الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج [4].

وهنا يصبح الربط بين التحرر الوطني والتحول الاشتراكي ليس خياراً بل ضرورة تاريخية تفرضها طبيعة المرحلة. فالتجربة التاريخية للسودان أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك عجز البرجوازية الوطنية عن قيادة المهام الوطنية الديمقراطية. فبعد كل انتفاضة شعبية، سواء في أكتوبر 1964 أو أبريل 1985 أو ديسمبر 2018، عادت النخب البرجوازية إلى التسويات مع القوى الطفيلية، مما أفشل كل محاولات الإصلاح الجذري [5]. هذا العجز البنيوي يستدعي قيادة جديدة تقودها تحالف الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والبرجوازية الصغيرة الثورية، الذين يملكون المصلحة الحقيقية في تفكيك النظام الطفيلي من جذوره.

وهذا العجز البرجوازي وضرورة القيادة الطبقية الجديدة يجدان تعبيرهما الملموس في المبادرات الشعبية التي تنبثق من صلب المعاناة اليومية. ففي الواقع المعيش، تبرز نماذج حية لقدرة الجماهير على بناء البدائل. ففي الأحياء الشعبية، تحولت لجان المقاومة من هياكل تنظيمية مؤقتة إلى أجنة حقيقية لسلطة شعبية بديلة، تدار بشكل ديمقراطي أفقي وتقوم بمهام إدارة الموارد الأساسية وتنظيم الحياة اليومية بشكل يتجاوز منطق الدولة البيروقراطية. وفي مناطق الهامش، شكل الفلاحون لجاناً للدفاع عن الأراضي ضد نهب الشركات الطفيلية [6]. كما طورت النساء شبكات أمان اجتماعي طليعية توفر الدعم الصحي والتعليمي في ظل انهيار الخدمات الأساسية، مؤكدات قدرة الشعوب على خلق بدائل عملية في مواجهة انهيار الدولة.

غير أن تطوير هذه المبادرات التلقائية إلى مشروع ثوري متكامل يتطلب بناء جبهة ثورية عمالية-شعبية، تقوم على برنامج انتقالي يربط بشكل عضوي بين المطالب اليومية للجماهير والأهداف الاستراتيجية للثورة [7]. فشعارات "الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية" يجب أن تتحول إلى مطالب ملموسة بتأميم شركات الجيش والإسلام السياسي، وإعادة توزيع الثروة، وبناء مجالس شعبية لإدارة الاقتصاد والمجتمع.

وهذه المهام الطبقية للثورة السودانية ليست معزولة عن النضال الأممي الأوسع، بل هي حلقة أساسية في مواجهة النظام الإمبريالي العالمي الذي يدعم التحالف الطفيلي محلياً. فالنضال من أجل اشتراكية في السودان هو جزء لا يتجزأ من النضال الأممي ضد الرأسمالية العالمية، حيث تتداخل مصالح الطبقة العاملة السودانية مع نضالات شعوب العالم ضد نظام الاستغلال نفسه.

إن الانتقال من الوطني إلى الاشتراكي ليس خياراً نخبوياً، بل هو ضرورة تاريخية تفرضها طبيعة النظام الرأسمالي الطفيلي التابع. فالديمقراطية الحقيقية لا تتحقق تحت هيمنة الرأسمالية الطفيلية، والتحرر الوطني لا يكتمل في ظل التبعية للإمبريالية. لذا فإن إنجاز المهام الوطنية بشكل جذري يفتح الطريق حتماً نحو المهام الاشتراكية.

إن مصير الثورة السودانية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة الجماهير على تحويل أشكال المقاومة العفوية إلى مشروع ثوري منظم، قادر على هزيمة التحالف الطفيلي وبناء نظام بديل. فالثورة الدائمة، كما أثبتت التجارب التاريخية، هي القانون الموضوعي للتحرر في عصر الرأسمالية الطفيلية المعولمة.

"ليس للعمال ما يخسرونه إلا قيودهم. وبإمكانهم أن يكسبوا عالماً جديداً."
كارل ماركس.

النضال مستمر،،
--------------------------
المراجع:
[1] Mamdani, M. (2018). Citizen and Subject: Contemporary Africa and the Legacy of Late Colonialism. Princeton University Press.
[2] Johnson, D. H. (2003). The Root Causes of Sudan s Civil Wars. Indiana University Press.
[3] Fanon, F. (2004). The Wretched of the Earth. Grove Press.
[4] Lenin, V. I. (2010). The State and Revolution. Penguin Classics.
[5] Cabral, A. (2016). Revolution in Guinea: Selected Texts. Monthly Review Press.
[6] Scott, J. C. (2012). Two Cheers for Anarchism: Six Easy Pieces on Autonomy, Dignity, and Meaningful Work and Play. Princeton University Press.
[7] Trotsky, L. (2019). The Permanent Revolution and Results and Prospects. Haymarket Books.



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 12. مقاومة الهامش: الحركات الاجتماعية البديلة خارج الأطر الت ...
- 11. استراتيجيات المواجهة - تفكيك الطائفية والإسلام السياسي و ...
- 10. معضلة القيادة الثورية: أزمة اليسار والتحالفات المشبوهة
- 9. ثورة ديسمبر: انفجار التناقضات الطبقية
- 8. الهيمنة الطفيلية: التعليم والإعلام والدين في السودان
- 7. البعد الجندري للأزمة: النساء بين القهر والمقاومة
- 6. استعمار الداخل: الحرب كآلية للنهب المنظم في السودان
- 5. إمبراطورية العسكر
- 4. الإنقاذ وتكثيف الطفيلية: من الأيديولوجيا إلى آلة النهب
- 3. التحول النيوليبرالي في عهد نميري: تفكيك القاعدة المنتجة
- 2. التأسيس الطائفي للرأسمالية الطفيلية في السودان (1898–1956 ...
- الأزمة البنيوية للرأسمالية الطفيلية التابعة في السودان
- 12. من الاحتجاج إلى بناء البديل الثوري في السودان
- التحديات والحلول الثورية
- 11. التحديات والحلول الثورية
- 10. الوهم الإصلاحي والواقع الطبقي
- 9. تفكيك إخفاق النماذج الجنينية في الثورة السودانية
- 8. المجالس الطبقية من البناء التنظيمي إلى المعركة الشاملة
- 7. المجالس الطبقية كسلطة بديلة: الطريق الوحيد أمام الثورة ال ...
- 6. السودان بين الثورة والثورة المضادة: السوفييتات أو الهزيمة


المزيد.....




- شاهد بكاء جيمي كيميل بعد عودته لبرنامجه عندما تحدث عن تشارلي ...
- ماذا قالت واشنطن عن -خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط-؟
- إيطاليا وإسبانيا ترسلان سفيني إنقاذ لمرافقة -أسطول الصمود- ع ...
- أسطول الصمود يقول إنه استهدف بهجوم جديد في البحر
- -ضم إسرائيل للضفة الغربية خط أحمر-... أبرز تصرحات ماكرون حول ...
- المغرب - إسبانيا: هل يضع الحلف الأطلسي سبتة ومليلية تحت حماي ...
- ناشطة إسبانية للجزيرة نت: الهجوم على أسطول الصمود يهدف لتقلي ...
- ماكرون محذرا بزشكيان: أمامك بضع ساعات لتجنب العقوبات
- يديعوت: العالم يرفع البطاقة الصفراء لحكومة نتنياهو
- صحفي لعمدة لندن: ترامب وصفك بالفاشل.. شاهد كيف رد


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 13. المهام الطبقية للثورة السودانية: من الوطني إلى الاشتراكي