أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 11. التحديات والحلول الثورية














المزيد.....

11. التحديات والحلول الثورية


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 23:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُظهر النماذج الجنينية للسلطة الشعبية في آنٍ واحد قدرة الجماهير على الإدارة الذاتية وحدودها القاتلة، ومن هنا تتحدد المهمة في ابتكار أدوات عملية تمكّن هذه النماذج من التحول إلى مجالس طبقية قادرة على قيادة المعركة. وبحكم الضرورة التاريخية، فإن التحديات التي تواجه هذا التحول ليست قدرًا محتومًا، بل هي عقبات قابلة للتجاوز عبر الوعي والتنظيم والاستراتيجية الثورية.

وعلى هذا الأساس، فإن مواجهة القمع الأمني ومحاولات الاختراق تستلزم تبني استراتيجيات أمن ثوري تقوم على اللامركزية والتناوب، الأمر الذي يضعف قدرة العدو على شل الحركة. وقد برهنت التجربة البلشفية في روسيا القيصرية على أن الخلايا الصغيرة السرية والقيادات الجماعية قادرة على الصمود أمام الضربات، خلافًا للنماذج الفردية الكاريزمية التي يسهل استهدافها. ومن ثم، فإن تقسيم العمل في خلايا مستقلة مع آليات تنسيق محكمة يضمن بقاء التنظيم متماسكًا رغم الضربات، في الوقت الذي يشكل فيه تطوير فرق الدفاع الذاتي الجماعية في الأحياء وأماكن العمل خط الحماية الأول أمام عنف الأجهزة القمعية. وإلى جانب ذلك، فإن التوثيق المنهجي للانتهاكات يغدو أداة فعالة لكسر جدار الصمت الإعلامي وفضح طبيعة السلطة، كما أثبتت تجارب توثيق انتهاكات الأنظمة خلال انتفاضات الربيع العربي.

وبنفس المنطق، فإن تجاوز التشرذم الطبقي والانقسامات يقتضي بناء تحالفات أفقية بين لجان الأحياء والعمال والفلاحين. ومن هنا يؤكد التاريخ أن التحالف العمالي-الفلاحي شكّل العمود الفقري لانتصار الثورة الصينية بقيادة ماو تسي تونغ، كما كان ركيزة أساسية لنجاح الثورة الروسية. لذا، فإن إنشاء شبكات تضامن عملية، مثل التنسيق بين عمال النقل ولجان الأحياء أثناء الإضرابات، يحول النضالات المتفرقة إلى قوة موحدة. وعلاوة على ذلك، فإن صياغة برنامج مشترك يعبر عن المصالح الطبقية الواضحة للجماهير الكادحة من شأنه إذابة الانقسامات الهوياتية وكشف العداء الطبقي المشترك. وفي السياق ذاته، تصبح إعادة الهيكلة الطبقية داخل اللجان عبر زيادة تمثيل العمال والفلاحين الفعليين في مواقع القيادة وسيلة تحول دون استقطاب البرجوازية الصغيرة للحركات الجماهيرية، وهو درس مستفاد من إنجازات وإخفاقات أمريكا اللاتينية.

وعلى ضوء ذلك، فإن مقاومة التأثير الإصلاحي تستلزم خوض معركة أيديولوجية يومية داخل صفوف الحركة. فبنشر الوعي الطبقي عبر ندوات ونقاشات مفتوحة حول حدود الإصلاحية وأهمية الثورة، تُبنى مناعة الجماهير ضد سموم الاستلاب. ويتعين في هذا السياق طرح برنامج انتقالي واضح يربط المطالب اليومية بالهدف الاستراتيجي للسلطة الشعبية، مع بناء أدوات اقتصادية بديلة كالتعاونيات الاستهلاكية وصناديق التضامن الصحي والدعم الاجتماعي. كما يغدو فضح ومقاطعة أدوات الاستلاب من منظمات المجتمع المدني الممولة من النظام شرطًا أساسيًا لحماية استقلالية الحركة. وليس من قبيل الصدفة أن كتبت روزا لوكسمبورغ: "من يضع الإصلاح فوق الثورة، يفقد في النهاية الإصلاح والثورة معًا."

ومن هنا، فإن المواجهة الإعلامية تتطلب بناء إعلام ثوري موازٍ قادر على كسر التعتيم، إذ إن الحرب الدعائية المعادية لا يمكن التصدي لها إلا بهذه الوسيلة. وقد أدرك لينين مبكرًا هذا الدور حين أسس صحيفة إيسكرا كسلاح تنظيمي يربط الطليعة بالجماهير. وبناءً على ذلك، فإن إنشاء قنوات اتصال مباشرة مع الجماهير عبر منصات بسيطة وتوثيق إنجازات الإدارة الذاتية يشكّل رواية مضادة لأكاذيب النظام، بينما يتيح تطوير خطاب إعلامي مركّز وبسيط، مدعوم بالفن الثوري، نشر الوعي وكسر حاجز الخوف. ويكتمل هذا الجهد بالتضامن مع الإعلاميين المستقلين والمتعاطفين، بما يضمن كشف الحقائق ونقل صوت الجماهير إلى العالم.

وعليه، فإن هذه الأدوات العملية مترابطة في تسلسل جدلي واحد: فحماية التنظيم من القمع تفتح الطريق لتوسيع التحالف الطبقي، وهذا الأخير يمهّد لمقاومة الإصلاحية، التي بدورها تتيح بناء إعلام ثوري صلب. ومن خلال هذا الترابط تتحول العناصر المختلفة إلى حزمة متكاملة لمواجهة المعركة، فامتلاك هذه الأدوات يمنح الحركة المناعة اللازمة للانتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، ومن النماذج الجنينية إلى مجالس طبقية قادرة على قيادة الصراع حتى النصر.

"تحرير الإنسان لا يتم إلا من خلال تجاوز التقاليد المهيمنة ومواجهة القمع بشكل مباشر."
فرانز فانون.

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 10. الوهم الإصلاحي والواقع الطبقي
- 9. تفكيك إخفاق النماذج الجنينية في الثورة السودانية
- 8. المجالس الطبقية من البناء التنظيمي إلى المعركة الشاملة
- 7. المجالس الطبقية كسلطة بديلة: الطريق الوحيد أمام الثورة ال ...
- 6. السودان بين الثورة والثورة المضادة: السوفييتات أو الهزيمة
- الانتهازية والانعزالية: وجهان لعملة واحدة في أزمة اليسار الث ...
- 5. أشكال بلا مضمون: كيف حوّلت الثورة المضادة أدوات النضال ال ...
- 4. السوفييتات - النموذج التاريخي والضرورة الراهنة
- 3. الجذور التاريخية للثورة: دروس من تجارب الشعوب
- 2. الوهم الإصلاحي ولجان الأحياء: آلية البرجوازية الصغيرة لسر ...
- على خط النار: الثورة السودانية بين الأوهام والسلطة 1. لماذا ...
- 21. إصلاحية مقنّعة، جذرية منهزمة
- 20. المشروع الثوري: طبقية، تنظيم، ممارسة
- 19. المشروع الثوري: طبقية، تنظيم، ممارسة
- 18. من الراديكالية الزائفة إلى الانحراف البيروقراطي
- 17. هيمنة البرجوازية الصغيرة: صراع طبقي داخل الحزب
- 16. استعادة القيادة البروليتارية: شرط البقاء الثوري
- 15. الأممية الشكلية والديمقراطية الشكلية: أدوات هيمنة البرجو ...
- 14. الريف الغائب: جغرافيا الصراع الطبقي المُهملة
- 13. البرجوازية الصغيرة: خطاب بلا ثورة، كلمات بلا محتوى طبقي


المزيد.....




- أمريكا.. إطلاق نار على الناشط تشارلي كيرك المؤيد لترامب خلال ...
- رئيس إسرائيل يوضح لـCNN موقف بلاده من التوصل لاتفاق مع -حماس ...
- مُتجهة إلى غزة.. تونس: سفينة راسية في ميناء سيدي بوسعيد تعرض ...
- ترامب أعلن وفاته، ماذا نعرف عن إطلاق النار الذي استهدف تشارل ...
- بعد 61 عامًا من وصمها كمجرمة.. تبرئة ضحية اعتداء جنسي في كور ...
- الاتحاد الأوروبي يقترح عقوبات بحق إسرائيل ويعلق مدفوعات لها ...
- النيابة العامة الفرنسية تعلن أن مواطنيْن أجنبيين وضعا رؤوس خ ...
- أزمة المسيّرة بين مالي والجزائر: خيار -التصعيد- الدولي؟
- وزارة داخلية تونس تعلن تعرض أسطول المساعدات إلى غزة لهجوم -م ...
- هجوم إسرائيل على قطر: تنديد مغاربي والجزائر تطلب عقد اجتماع ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 11. التحديات والحلول الثورية