أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عماد حسب الرسول الطيب - 18. من الراديكالية الزائفة إلى الانحراف البيروقراطي














المزيد.....

18. من الراديكالية الزائفة إلى الانحراف البيروقراطي


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 04:51
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تُشكّل البرجوازية الصغيرة خطراً مزمناً على الحركة الثورية لأنها تُمثل حامل الأيديولوجيا الوسيطة التي تُعطل الدفع التاريخي للبروليتاريا نحو الاشتراكية. فهي طبقة غير مستقرة، تتأرجح بين مواقع الاستغلال والاستغلالية، وبين أوهام الترقّي الفردي والخوف من الانحدار الاجتماعي. هذا التذبذب يُفرز وعياً طبقياً مشوشاً يُترجم داخل الحركة الثورية إلى نزعات انتهازية ومساومات سياسية تُضعف الاستراتيجية الثورية وتُحوّلها إلى إصلاحية منقوصة.

أخطر ما تملكه البرجوازية الصغيرة هو قدرتها على إنتاج خطاب ثوري لفظي يخفي مصالحها الطبقية. فهي تُجيد تبني الشعارات الراديكالية في فترات الصعود الجماهيري، ثم سرعان ما ترتد نحو المحافظة حين يتطلب الصراع تضحيات تُهدد امتيازاتها. هذه الظاهرة ليست نظرية مجردة بل حقيقة تاريخية؛ فقد أظهرت التجربة الروسية أن أغلب قادة الأحزاب الاشتراكية-الثورية الذين انحدروا من البرجوازية الصغيرة انقلبوا ضد سلطة السوفييت عام 1917، واختاروا التحالف مع قوى الثورة المضادة بدلاً من المضي مع الجماهير العاملة في تحطيم الدولة البرجوازية.

آليات سيطرتها داخل التنظيمات الثورية تتجسد في تحويل الحزب إلى جهاز بيروقراطي منفصل عن طبقته، حيث تُصبح المواقع القيادية مجالاً لإعادة إنتاج النفوذ الاجتماعي والرمزي. في هذه العملية يتراجع دور الجماهير إلى مجرد تابع يُستدعى للتصفيق أو لتعبئة ظرفية، بينما يُختزل القرار السياسي في دوائر ضيقة مغلقة. ومع كل خطوة على هذا الطريق تتعاظم القطيعة بين النظرية والممارسة، ويُستبدل العمل الثوري بمسرح سياسي فارغ.

تميل البرجوازية الصغيرة بحكم موقعها إلى إنتاج أيديولوجيا إصلاحية تُقدّم كبديل عن الاشتراكية الثورية. هي لا تهاجم الرأسمالية جذرياً بل تسعى إلى "تلطيفها" عبر مشاريع إصلاح اقتصادي أو وعود بـ"تنمية وطنية مستقلة"، لكنها في الواقع تُعيد إنتاج التبعية للنظام العالمي الإمبريالي. هذا ما شهدته تجارب بلدان العالم الثالث بعد الاستقلال؛ فحكومات البرجوازية الصغيرة، رغم خطابها المناهض للاستعمار، أعادت ربط الاقتصادات الوطنية بالأسواق الإمبريالية، بينما تحولت أجهزة الدولة إلى أدوات للقمع الطبقي. كما أشار فرانتز فانون، فإن هذه الطبقة في المجتمعات المستعمَرة "لا تحمل مشروعاً للتحرر الوطني، بل مشروعاً لإدارة الاستغلال بالنيابة عن الاستعمار".

أمام هذا التحدي، لا يكفي فضح الطابع الانتهازي للبرجوازية الصغيرة، بل يجب تفكيك بنيتها داخل التنظيمات الثورية. البداية تكون بكسر الطابع البيروقراطي وإعادة السلطة للقاعدة العمالية والفلاحية. المطلوب هو استعادة جوهر المركزية الديمقراطية، حيث تُنتج القيادة من التجربة الحية للنضال الجماهيري، وتخضع دوماً للمحاسبة الصارمة. كما أن المواجهة الأيديولوجية تفرض نفسها كشرط ضروري: لا بد من تحرير الماركسية من الاستخدام الأكاديمي النخبوي، وإعادتها إلى وظيفتها الأصلية كمنهج ثوري لتحليل الصراع الطبقي وتغييره.

تظل المعركة ضد هيمنة البرجوازية الصغيرة داخل الحركة الثورية مسألة بقاء، فالحزب الذي تستولي عليه هذه الطبقة يتحول إلى جهاز يُعيد إنتاج النظام الذي يفترض به أن يُسقطه. أما الحزب الذي يتسلح بقيادة بروليتارية عضوية، تُفرزها التجربة اليومية للطبقة العاملة والفلاحين، فهو وحده القادر على إنجاز مهام الثورة الاجتماعية.

كما قال لينين: "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية، ولكن النظرية الثورية لا تصير قوة إلا حين تتجذر في الجماهير".

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 17. هيمنة البرجوازية الصغيرة: صراع طبقي داخل الحزب
- 16. استعادة القيادة البروليتارية: شرط البقاء الثوري
- 15. الأممية الشكلية والديمقراطية الشكلية: أدوات هيمنة البرجو ...
- 14. الريف الغائب: جغرافيا الصراع الطبقي المُهملة
- 13. البرجوازية الصغيرة: خطاب بلا ثورة، كلمات بلا محتوى طبقي
- 12. البرجوازية الصغيرة: خطاب بلا ثورة، كلمات بلا محتوى طبقي.
- 11. ​خزينة الحزب الثوري: البوابة السرية لهيمنة البرجوا ...
- 10. الاستعمار وتشكُّل البرجوازية الصغيرة: الجذور التاريخية ل ...
- 9. البرجوازية الصغيرة بين التأرجح الطبقي وعجز القيادة الثوري ...
- 8. التحالفات الطبقية: بين ضرورة الثورة وفخ الهيمنة البرجوازي ...
- 7. البيروقراطية كأداة للهيمنة الطبقية
- 6. الانفصال عن الجماهير: كيف تتحول الأحزاب الثورية إلى أجهزة ...
- 5. الانفصال عن الجماهير: حين تتحول الأحزاب إلى نخب سياسية
- 4. الهيمنة على الوعي الطبقي: أدواتها، آثارها، وسبل المواجهة ...
- 3. تسلل البرجوازية الصغيرة إلى الأحزاب الشيوعية: آليات وأدوا ...
- 2. التناقض البنيوي: لماذا تتأرجح البرجوازية الصغيرة بين الثو ...
- 1. البرجوازية الصغيرة: الموقع الطبقي ووظيفتها في الصراع الاج ...
- دم الشهداء لا يجف: من تفكيك منظومة القتل والنهب إلى بناء سلط ...
- من تفريغ الغضب إلى تصفية الوعي
- الثورة بين الشعارات والممارسة: تفنيد مزاعم التطبيع


المزيد.....




- اعتصام عمال “كهرباء أسوان” للمطالبة بـ “الأدنى للأجور” وصرف ...
- الفصائل الفلسطينية: عملية طوباس ومنطقة طمون جزء من -حرب الإب ...
- المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ينعي ببالغ الحزن والأ ...
- «الديمقراطية»: التشريع لتملك المستوطنين في أراضي الضفة الغرب ...
- ماركس يغزو نيويورك.. الثروة ملك إيلون ماسك وممداني يملك الشا ...
- القرار 2803 في منظور القرار 242
- إما الاشتراكية الإيكولوجية أو الانقراض: الدفاع عن الحياة، وب ...
- التقدم والاشتراكية يستنكرُ ما يقع في الفضاء الصحفي… والحكومة ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- كلمة الميدان: ثمنُ التسوية الأمريكية… مدفوعٌ سلفاً


المزيد.....

- الإنتاجية ل -العمل الرقمي- من منظور ماركسية! / كاوە کریم
- إرساء علاقات تعاونيّة بين الناس وفق المبادئ الإشتراكيّة - ال ... / شادي الشماوي
- المجتمع الإشتراكي يدشّن عصرا جديدا في تاريخ الإنسانيّة -الفص ... / شادي الشماوي
- النظام الإشتراكي للملكيّة هو أساس علاقات الإنتاج الإشتراكية ... / شادي الشماوي
- الإقتصاد الماويّ و مستقبل الإشتراكيّة - مقدّمة ريموند لوتا ل ... / شادي الشماوي
- النضال الآن في سبيل ثورة اشتراكية جديدة / شادي الشماوي
- الماركسية والمال والتضخم:بقلم آدم بوث.مجلة (دفاعا عن الماركس ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الأسس المادية للحكم الذاتي بسوس جنوب المغرب / امال الحسين
- كراسات شيوعية(نظرية -النفايات المنظمة- نيقولاي إيڤانو& ... / عبدالرؤوف بطيخ
- قضية الصحراء الغربية بين تقرير المصير والحكم الذاتي / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عماد حسب الرسول الطيب - 18. من الراديكالية الزائفة إلى الانحراف البيروقراطي