أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - دم الشهداء لا يجف: من تفكيك منظومة القتل والنهب إلى بناء سلطة الجماهير














المزيد.....

دم الشهداء لا يجف: من تفكيك منظومة القتل والنهب إلى بناء سلطة الجماهير


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 14:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمثل دم الشهيد قنبلة موقوتة تنفجر في قلب النظام كل يوم. كل قطرة دم تسقط على تراب الوطن تحوّل الشوارع إلى خرائط حمراء تكشف خطوط النهب: قوافل الذهب المسروق إلى دبي، شاحنات القمح التي تغادر الحقول تاركة الفلاحين في الجوع، صفقات الأراضي التي تُبرم خلف جدران القصور، بينما الجماهير تدفن أبناءها. هذا الدم يرسم الخريطة الحقيقية للسلطة، حيث تُقاس حدودها بمسارات النهب لا بخطوط الجغرافيا.

النظام القائم ليس سوى وكيل محلي لرأس المال الإمبريالي، حارس ثلاثية العسكر والرأسماليين والطغاة العالميين. هو نسخة معدلة من المافيات المنظمة، بفارق واحد: يمتلك علمًا ودستورًا يبرران الجرائم تحت ستار "الشرعية". منذ أن صمم الاستعمار البريطاني السودان كمنجم ومزرعة، جرى دمج الاقتصاد المحلي في آلية التبادل الإمبريالي: مواد خام تخرج، وسلع أجنبية تبتلع السوق. ومع ما سُمّي بالاستقلال، ورثت الطبقة الحاكمة نفس البنية الطفيلية، نفس الاقتصاد الريعي، نفس التحالف القاتل بين الجنرالات وسماسرة رأس المال العالمي.

هذه الدولة ليست محايدة. بنيتها مفخخة بخيار طبقي واضح: نهب 90% من الشعب لملء جيوب 10%. مؤسساتها تعمل كأذرع لوحش متعدد الرؤوس: رأس عسكري يحوّل الرتب إلى أسهم في شركات النهب، رأس اقتصادي يمثله مليشيات الشركات مثل "الجنيد" و"زادنا" التي تبتلع الأرض والذهب، رأس إعلامي يمسح الدم من الشاشة ويمنح القتلة لقب "خبراء"، ورأس ديني/قبلي يخدّر الجماهير ويحوّل الصراع الطبقي إلى حروب هوية تخدم النهب.

رصاص النظام ليس فعلًا أمنيًا، بل سياسة اقتصادية بامتياز. كل رصاصة في صدر ثائر هي تأمين لصفقة ذهب في بورصة لندن، حماية لعقد استيراد سلاح إسرائيلي، وضمان لتحويل مالي إلى بنوك الإمارات. القمع هو شرط بقاء المنظومة، لأنه يحمي تدفق الأرباح ويحرس شبكة العملاء المحليين والإقليميين.

الرصاص لن يوقف حركة التاريخ، بل يزيدها اندفاعًا نحو نقطة الانفجار. ودماء الشهداء تصرخ بحقيقة تاريخية: المقاومة ليست خيارًا، بل قانون يولده كل نظام ظالم. المعركة مع هذا النظام ليست حول إصلاحه، بل حول اقتلاعه من الجذور. إسقاطه يعني هدم الدولة الرأسمالية التابعة، وبناء سلطة جديدة من أسفل، سلطة الجماهير المنظمة في الأحياء والمصانع والحقول، سلطة تمتلك وسائل الإنتاج وتديرها لخدمة الحاجات الاجتماعية لا الأرباح الخاصة.

لجان المقاومة يجب أن تتحول إلى مجالس شعبية تدير الحياة اليومية وتفرض إرادتها، النقابات الثورية واتحادات المزارعين يجب أن تتوحد في جبهة طبقية واحدة، والأمن يجب أن يعاد تعريفه كحرس شعبي يحمي موارد الشعب، لا كأداة لحماية ثروة الطغمة. الإضرابات العامة والعصيان المدني والسيطرة الشعبية على الإنتاج ليست شعارات، بل هي خطوات عملية على طريق تحطيم آلة الدولة القديمة.

إما أن نواصل العبودية لآلة النهب العالمية، وإما أن نصنع من دماء الشهداء سلالم نصعد بها إلى سودان جديد. وكما قال توم سانكارا: "الثوار يموتون واقفين". في سوداننا، كل شهيد يسقط يترك وراءه ألف ثائر، وكل رصاصة يطلقها الجبان تُنبت عشرات المناضلين الجدد.

"حين يثور الفقراء، فإنهم لا يطالبون بالخبز وحده، بل بالحياة نفسها"
إرنستو كاردينال

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تفريغ الغضب إلى تصفية الوعي
- الثورة بين الشعارات والممارسة: تفنيد مزاعم التطبيع
- 30. نحو وعي نقابي طبقي جذري
- 29.الحياد النقابي: شعار فارغ لتصفية المعركة الطبقية
- 28. ترويض العمل النقابي عبر القوانين الدولية: وهم الحماية
- ماركسية بلا ماركس: تفكيك المنهج الزائف في خطاب تاج السر عثما ...
- 27. الماركسية ليست إصلاحًا: مراجعة نقدية لخطاب تاج السر عثما ...
- 26. من هندسة الانقسام إلى بناء التنظيم القاعدي
- 25. تحالف القامعين: كيف تواطأت قوى الهبوط الناعم مع قانون قم ...
- من صراع الطبقات إلى واقعية الترويض: سقوط النظرية في فخ التكي ...
- من -الطنين- إلى -الإنكار-: تفنيد ماركسي لمقال تاج السر عثمان
- 24. إتحاد فوقي: كيف يخدم النظام الأساسي قمع الطبقة العاملة
- 23. قانون تنظيم الاتحادات المهنية 2004: أداة السلطة لعزل الط ...
- 22. وثيقة بلا عمق ولا بوصلة: تفريغ للتاريخ الماركسي إلى سرد ...
- 21. البيروقراطية الخائنة: نقابة بلا طبقة، ووثيقة بلا ماركسية
- بين إنقلابين ووثيقة واحدة: الحزب الشيوعي خارج جبهة الوعي الث ...
- 20. صراع البرامج والطبقات: نقابة تابعة أم أداة تحرر؟
- 19. النقابة كجهاز في المنظومة الإمبريالية: وثيقة الحزب الشيو ...
- اللغة ليست نعناعًا: تفكيك ماركسي لبلاغة الامتياز في خطاب -دا ...
- كسلا التي لا ترد التحية: الحب كقهر طبقي في أغنية الحلنقي


المزيد.....




- -البعض يحبها-.. ترامب يكشف دراسة إدارته لقرار بشأن الماريغوا ...
- خلّف سحابة سوداء ضخمة.. فيديو يُظهر انفجارًا بمصنع للصلب في ...
- قصف روسي على زابوريجيا يصيب 20 شخصا على الأقل
- خطة نتنياهو الكارثية للسيطرة على غزة - افتتاحية فايننشال تاي ...
- استنفار أوروبي قبل قمة ألاسكا.. ميرتس يجتمع بترامب وزيلينسكي ...
- السودان: 40 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم نازحين ...
- -مراسلون بلا حدود- تطالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن لحماية صحفي ...
- منظمات دولية للجزيرة نت: اغتيال طاقم غزة لإسكات آخر شهود الح ...
- موقع وهمي وشعارات مزيفة.. سقوط -مكتب مكافحة الجريمة- في الهن ...
- 7 أيام في ألماتي الكازاخية جوهرة آسيا الوسطى


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - دم الشهداء لا يجف: من تفكيك منظومة القتل والنهب إلى بناء سلطة الجماهير