أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 20. صراع البرامج والطبقات: نقابة تابعة أم أداة تحرر؟














المزيد.....

20. صراع البرامج والطبقات: نقابة تابعة أم أداة تحرر؟


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 07:14
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


في التجارب النقابية الحقيقية، يكون البرنامج تموضعًا سياسيًا يعبّر عن انحياز طبقي واضح، ويكشف وظيفة التنظيم في لحظة الصراع. ليست القضية ما الذي تطالب به النقابة، بل من أجل من، وضد من، وبأي أدوات. ويمثل البرنامج هنا مرآة للصراع الطبقي الدائر، يُظهر إن كانت النقابة تبني وعيًا تحرريًا من الأسفل، أم تُعيد إنتاج التبعية من الأعلى.

هذا التحديد الجذري للدور النقابي لا يحتمل الميوعة التي تتبناها وثيقة الحزب الشيوعي بعنوان "تجربة الحزب في الحركة النقابية". الوثيقة تصوغ تصورًا للنقابة كمؤسسة وساطة، تبحث عن "استقرار" و"توازن" و"تعاون"، لا كموقع صدام مع علاقات الإنتاج المسيطرة. لغة الوثيقة تخلو من الصراع، وتفيض بالهندسة المؤسسية والتكتيكات التنظيمية، فتبدو أقرب إلى دليل إداري منها إلى مشروع نضالي.

باختزال النقابة إلى ذراع تنفيذية تضبط الإيقاع بين العمال والدولة، يتم انتزاع جوهرها الطبقي بحيث لا يعود البرنامج تعبيرًا عن رفض الواقع، بل يصبح محاولة لتحسين شروطه من داخل منطق الخضوع ذاته. تقول الوثيقة:
"عمل الحزب على توجيه النقابات للحفاظ على الاستقرار النقابي، ومنع الانجرار خلف الصراعات السياسية التي قد تُفقد الحركة النقابية وحدتها." هذه الصيغة، وإن بدت حريصة على "الوحدة"، غير أنها تنطق بانحياز واضح ضد الصراع. فالوحدة هنا تُختزل إلى تناغم بيروقراطي فوقي، لا إلى توحيد قاعدي يُبنى بالمواجهة. كما أن "منع الانجرار خلف السياسة" ليس إلا تعبيرا ناعما لتجريم الوعي الطبقي، ومصادرة النقابة من أن تكون أداة للصدام مع النظام.

غياب برنامج نقابي تحرري في الوثيقة لا يعني فقط غياب الموقف، بل غياب المشروع. إذ لا يوجد فيها أي تناول جذري لبنية قانون 2004، ولا أي رفض لبنية الاتحاد المهني كمؤسسة تابعة. كما تغيب أي دعوة لتأسيس نقابات قاعدية حقيقية خارج وصاية الدولة، ولا حتى تلميح لإمكانية خرق القانون باسم النضال، كما فعل عمال الموانئ أو لجان المعلمين. كل ما تقترحه الوثيقة هو "التكيف" مع ما هو متاح، وتحقيق مكاسب "ضمن الممكن"، دون مساءلة حدود الممكن نفسه أو من يرسمها.

ينبع هذا الخضوع للممكن من انعدام الرؤية الطبقية. لأن البرنامج الذي لا يُصاغ من موقع الطبقة العاملة، يُصاغ حتمًا من فوقها. وتلك هي النقطة التي تختبر كل خطاب نقابي: هل هو تعبير عن الذات الطبقية في لحظة النضال، أم لغة تسوية تُملى من مراكز القرار وتُدار بتوقيعات مكاتب؟

حين لا تذكر الوثيقة تجارب مثل إسقاط نقابة الميناء الجنوبي، أو الإضرابات القاعدية، أو مقاومة لجان الخدمات لتدخل الدولة، فهي لا تنسى، بل تُقصي. وما يُقصى ليس الحدث، بل الإمكانية التي يحملها: أن التنظيم ممكن خارج بنى الدولة، وأن البرنامج الحقيقي يُكتب في الشارع، لا في المقرات.

كما كتب ماركس في "البيان الشيوعي": "كل نضال طبقي هو صراع سياسي." والمعركة حول البرنامج النقابي ليست استثناءً، بل تجلٍ لهذه الحقيقة. البرنامج الذي لا يتضمن إسقاط قانون 2004، وتأميم مرافق الدولة، وبناء نقابات مستقلة فعليًا من أسفل، هو برنامج للسيطرة لا للتحرر. النقابة التي تصمت على شروط الاستغلال، وتتحدث فقط عن تحسين الأجور، تُدار كـ"مؤسسة خدمات"، لا كمنبر نضال.

أزمة العمل النقابي ليست أزمة ضعف تنظيمي، بل أزمة موقع طبقي. ولهذا فإن المطلوب ليس فقط نقد الوثيقة، بل فضحها بوصفها منتجًا لنمط محدد من العمل النقابي، القائم على الترويض والتكيّف والانضباط، لا على الصدام والانعتاق. النقابة التي لا تُواجه البنية، تُعيد إنتاجها. والنقابة التي لا تُصغ برنامجها من صرخة العامل، تصوغها الدولة من فوق.

وكما قالت روزا لوكسمبورغ "لا توجد نقابة حيادية في مجتمع منقسم طبقيًا. فإما أن تكون أداة تحرر أو تصبح جهاز قمع ناعم باسم التمثيل." فإن كل نقاش حول البرنامج النقابي لا يبدأ من موقع القطيعة مع منظومة العمل الرسمية، ولا يُعيد الاعتبار للقاعدة كمصدر شرعية وحيدة، هو نقاش عقيم. لا يكفي التمسك بالمكاسب، بل لا بد من إعادة تعريف النقابة كأداة لخلخلة السلطة الاقتصادية والسياسية، لا كحلقة وصل بينها وبين من تستغلهم.

"نقابة بلا برنامج طبقي، كجسد بلا روح؛ تتحرك، لكنها لا تُغير شيئًا"

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 19. النقابة كجهاز في المنظومة الإمبريالية: وثيقة الحزب الشيو ...
- اللغة ليست نعناعًا: تفكيك ماركسي لبلاغة الامتياز في خطاب -دا ...
- كسلا التي لا ترد التحية: الحب كقهر طبقي في أغنية الحلنقي
- 18. من تنظيم الطبقة إلى طبقة التنظيم: انزلاق الوعي النقابي
- شيبوب: تمجيد الإنسان المغيَّب في بطولات السادة
- 17. مجاز العتمة والمرآة المعتمة: حين تكتب الوثيقة سرديتها عل ...
- لوركا: صوت الطبقة، سلاح ضد القمع
- 16. وحدة من؟ وبناء ماذا؟ تفكيك خطابي لمفاهيم غامضة بلا مضمون ...
- المؤسسة الكنسية كأداة طبقية في -زوربا اليوناني-
- 15. أزمة البرنامج والنظرية: غياب المشروع النقابي الثوري
- 14. كتابة بلا صراع، سرد بلا مساءلة: مأزق الذاكرة النقابية ال ...
- قمع الطبقات الصاعدة بأدوات متبدلة
- يا ظريف الطول: الأغنية التي حملت الوطن على كتفيها
- 13. من يكتب تاريخنا؟ دراسات بلا قاعدة وتنظير بلا جذور
- فلوت الطبقة لا النخبة
- 12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الح ...
- 11. رافعة وليس بديلا
- قدمت لهم الوعي ما استطعت
- مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام


المزيد.....




- The WFTU salutes the release of the pro-Palestinian Lebanese ...
- اتحاد النقابات العالمي يحيّي الإفراج عن المناضل اللبناني الم ...
- الاحتلال يحظر عمل نقابة المحامين الفلسطينيين في القدس
- بعد توقف 3 أشهر.. الحكومة الفلسطينية تستأنف صرف رواتب موظفيه ...
- Statement of the Collective for Work, Culture and Science on ...
- Cyprus: Solidarity campaign for the support of the fire-affe ...
- Italy: USB honored the anniversary of the attack on the Cuar ...
- متعطل يعتصم أمام بلدية معان للمطالبة بتوفير فرصة عمل
- وزارة المالية تعلن صرف رواتب الموظفين اليوم
- الاحتلال يستدعي نقيب المحامين ويبلغه بحظر عمل النقابة داخل ا ...


المزيد.....

- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية / الحزب الشيوعي السوداني
- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 20. صراع البرامج والطبقات: نقابة تابعة أم أداة تحرر؟