أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 14. كتابة بلا صراع، سرد بلا مساءلة: مأزق الذاكرة النقابية الرسمية














المزيد.....

14. كتابة بلا صراع، سرد بلا مساءلة: مأزق الذاكرة النقابية الرسمية


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 08:40
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


الجماهير تواجه دوما بأسئلة الحاضر ولا تطلب سردًا بطوليًا لما أنجز، تريد مساءلة حية لما تعثّر، ولماذا لم يكتمل. وعندما يتعذر ذلك، تنبعث قوى الجمود من أنقاض التاريخ، لا لتواصله، بل لتحنيطه.

وثيقة "تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية"، الصادرة عن مكتب التثقيف المركزي في 18 يوليو 2025، لا تمثل مجرد استعادة لذاكرة العمل النقابي للحزب، بل تكشف أزمةً أعمق في كيفية استحضار الماضي بوصفه تراثًا لا كمعضلة تاريخية، بوصفه سردًا نضاليًا لا كعملية تحليل طبقي. النص يعيد تمثيل التاريخ كما لو كان شريطًا صاعدًا بلا تناقضات، بلا إخفاقات جدلية، بلا قطيعة معرفية أو نظرية.

ما يُقدَّم ليس تحليلًا، بل تكديسًا للأحداث والوقائع، بلا تفسير جدلي لصيرورتها الطبقية. تغيب الأسئلة الضرورية: لماذا فشلت أشكال التنظيم السابقة في مجابهة التغييرات النيوليبرالية؟ لماذا تراجعت المبادرات النقابية الثورية منذ التسعينات؟ كيف تحولت الشعارات من التعبئة إلى التكيف؟ إن هذا الغياب لا يعبّر فقط عن عجز في التقييم، بل عن خيار أيديولوجي بتعليق المساءلة.

ويغدو الإشكال أعمق حين يُحوَّل كل تراجع إلى تمجيد، وكل تنازل إلى حكمة، وكل جمود إلى نصر مؤجل. فتصبح التجربة حصنًا مغلقًا لا يُطال، وتُكرَّس الرموز دون تحليل لأدوارها، وتُعاد صياغة التاريخ وفق نسق دوغمائي لا يسمح بالكسر أو التجاوز. هكذا، لا يُستدعى الماضي بوصفه مادة للفهم، بل ذخيرة للدفاع عن الراهن التنظيمي، مهما كانت هشاشته.

في هذا السياق، تُختزل محطات مركزية في العمل النقابي – كصعود المقاومة ضد الخصخصة في أوائل التسعينات، وبروز الكوادر النقابية المستقلة في 2013، ولحظات الانقسام حول "الوحدة النقابية" – في إشارات سريعة تُهمِّش دلالاتها الطبقية، وتُبقي الممارسة محصورة في سرد إنجازات القيادة لا ديناميات الصراع من الأسفل. هذا التغييب المقصود للانحرافات والتحولات الكبرى يُعد شكلًا من أشكال طمس الصراع الطبقي داخل التجربة نفسها.

ليست هذه طريقة في التأريخ فحسب، بل نمط في إعادة إنتاج التنظيم من فوق، وتثبيت علاقة أبوية بين المركز والقاعدة. فالمعرفة تُحتكر، والنقد يُؤجل، والتاريخ يُكتب من موقع الخائف من الحقيقة لا الباحث عنها. يصبح التنظيم هو الذات الوحيدة التي تروي وتحلل وتقيّم، بلا فسحة لأصوات أخرى ولا مساحة لوعي مضاد يُنتج من القاعدة ولا يُلقّن من القمة.

إن السؤال الذي تتهرب منه الوثيقة ليس: "ما الذي أنجزناه؟"، بل "ما الذي أخفقنا في إنجازه، ولماذا؟". السؤال الذي تُغلقه ليس: "كيف نُراكم على النضال؟"، بل "من نُقصي كي نواصل النضال كما هو؟". والمفارقة أن ما يُسمى "درس التاريخ" لا يُستخلص هنا سوى كموعظة أخلاقية، لا كمحرك لتجاوز الضرورات القديمة بأدوات جديدة.

علينا أن نكتب ما لم يُكتب، أن نحفر في هوامش التجربة، أن نستدعي التاريخ من جهة المهزومين، من موقع العمال الذين سُحقوا في صمت، من المعارك التي لم تُروَ، من اللجان التي نشأت وانطفأت لأن أحدًا لم يحتفِ بها، من النقابيين الذين طُردوا لأنهم سألوا أكثر مما يجب. فهناك فقط تبدأ الثورة.

"ليس هناك سلاح أكثر ثورية من نقد الذات"، كما قال تشي غيفارا. والسلاح الذي لا يُستخدم، يصدأ. والنص الذي لا يهزّ البنى، يجمّد الوعي.

"السكوت عن الخطأ جريمة بحق الحقيقة الثورية."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمع الطبقات الصاعدة بأدوات متبدلة
- يا ظريف الطول: الأغنية التي حملت الوطن على كتفيها
- 13. من يكتب تاريخنا؟ دراسات بلا قاعدة وتنظير بلا جذور
- فلوت الطبقة لا النخبة
- 12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الح ...
- 11. رافعة وليس بديلا
- قدمت لهم الوعي ما استطعت
- مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام
- قصائد تشبه الناس
- 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر
- «بيت برناردا ألبا»: المأساة الطبقية في عباءة الشرف
- 5. البيروقراطية النقابية: طبقة طفيلية تعيش على تناقضات العما ...
- من العجز إلى البصيرة الطبقية: قراءة في القوقعة الفارغة للمجذ ...


المزيد.....




- Ligurian Ports Closed to the War Supply Chain and Genocide: ...
- بعد القرار المصري.. نقابة لبنان تدافع عن راغب علامة
- كم راتبك.. طريقة الإستعلام عن رواتب المتقاعدين في العراق 202 ...
- تعديل السن حصري.. سن التقاعد الجديد في الجزائر ضمن قانون الع ...
- لقاء تعارف وتواصل بين النقابة والادارة في المركز الوطني للجل ...
- ورقة موقف: نظام الضمان الاجتماعي في الأردن بحاجة إلى إصلاحات ...
- ورقة موقف: نظام الضمان الاجتماعي في الأردن بحاجة إلى إصلاحات ...
- المالية تباشر بصرف رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر أيار
- بغدا وأنقرة بعد “تفكيك” العمال الكردستاني.. فرص أم أوهام؟
- مرسال في حفل تكريم “حنان” يكشف مشروع اقتصادى باتحاد العمال ي ...


المزيد.....

- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية / الحزب الشيوعي السوداني
- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 14. كتابة بلا صراع، سرد بلا مساءلة: مأزق الذاكرة النقابية الرسمية