أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حسب الرسول الطيب - يا ظريف الطول: الأغنية التي حملت الوطن على كتفيها














المزيد.....

يا ظريف الطول: الأغنية التي حملت الوطن على كتفيها


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


ولدت "يا ظريف الطول" من قلب الشارع الفلسطيني، من أفواه الأمهات على عتبات البيوت، ومن حناجر الشباب في الزنازين والمنافي والمخيمات لتكون وشماً في الذاكرة الجمعية، سلاحاً من نوع آخر، يستنهض الضمير الوطني في وجه التهجير والاقتلاع. خرجت كبيان شعبي للهوية، للحنين، وللمقاومة.

تسري كلماتها بين الأجيال، يختلط فيها العاطفي بالوطني، الشخصي بالجمعي، والغربة بالحلم بالعودة. وما يبدو للوهلة الأولى نداءً لحبيب مغادر، يتبدى – بعمق ماركسي – نداءً لجيل كامل من الطبقة المُضطهدة، جيلٍ اقتُلعت جذوره ليُعاد تشكيله قسراً في الشتات، لاجئاً يُخاطب ظلّه في المنافي بينما يُمسك بالمفتاح وبصورة الدار.

حين تقول "بلادك أحسن لك والله"، فإنها تنطق باسم الأرض التي تُحرم من أبنائها. في تحذير نابع من غيرة أنثى، في إدراكٍ حاد بأن الغربة ليست مجرّد بعدٍ عن الأحبة، بل انفصال طبقي عن الوطن، عن النضال، عن المشاركة في معركة المصير. "ظريف الطول" هنا هو العامل، الفلاح، الطالب، اللاجئ، المُهجّر قسراً، هو الذات الفلسطينية التي يتم اقتلاعها من مكانها الطبيعي في مواجهة الاستعمار، لتنحرف نحو وهم النجاة الفردية في المنافي.

لا يختلف "ظريف الطول" كثيرًا عن أبناء السودان المقتلعين الآن من قراهم ومدنهم وذاكرتهم، تحت أزيز القنابل ودخان المجازر. ما يحدث في دارفور وكردفان والخرطوم ليس نزوحًا، بل اقتلاعًا منظّمًا للطبقة الكادحة من جذورها التاريخية، تمامًا كما فعل الاستعمار الصهيوني في فلسطين. وبينما يتحدث الإعلام عن لاجئين ونازحين بلغة الأرقام، تسير الأغنية في الاتجاه المعاكس: تُعيد للضحية اسمه ووجهه وصوته، ترفض اختزال الألم في الإحصاء، وتُصرّ على تحويل الوجع إلى ذاكرةٍ نضالية لا تنسى.

أعادت الأجيال اللاحقة تشكيل الأغنية لتُعمّق مضمونها السياسي. حمزة نمرة، بنسخته الحديثة، لم يُضف فقط إيقاعًا جديدًا، بل نبرة احتجاج، هجاءً للانهزام، ووعياً وطنياً متجدداً في مواجهة محو التاريخ واغتيال الحقيقة. الأغنية صارت منشورًا نضالياً، وصوتًا للدم النازف على الأرصفة، وتحديًا للأصوات التي تُسخّف الحق الفلسطيني وتختزل القضية في صفقات أو شعارات بلا فعل.

وهكذا، كما يردد اللاجئ الفلسطيني "يا ظريف الطول" في شوارع الشتات، ترددها الآن أفواه الشباب السوداني في بورتسودان ونيالا ودول الجوار وشتات أوروبا. يُخاطبون أنفسهم كما خاطبها الظريف الأول: هل سنعود؟ هل سنُنسى؟ هل ستبقى بلادنا كما نعرفها؟ أم أننا محكومون بالتفتت والتشظي والتلاشي في مجاهل العالم؟

الوعي الشعبي – كما يفهمه ماركس – ليس انعكاسًا تلقائيًا للواقع بل نتيجة لصراع فكري وسياسي وثقافي طويل. و"يا ظريف الطول" جزءٌ من هذا الصراع. هي تعبيرٌ عن وعي طبقي يتشكل في سياق الاستعمار والشتات، في مواجهة محاولات الإلحاق والتطبيع والنسيان. هي أغنية الجماهير لا النخب، صوت المخيم لا الفندق، حنجرة الكادح لا المُترف.

التراث هنا لا يُقدّم بوصفه متحفًا من الذكريات بل كمجالٍ للصراع، كساحة لإعادة تأكيد الوجود الشعبي من خلال الأشكال التعبيرية الحيّة. ليست "يا ظريف الطول" خالدة لأنها رومانسية، بل لأنها متجددة في خطابها السياسي والاجتماعي، لأنها قادرة على مخاطبة وجدان اللاجئ والثائر، المُشتاق والمناضل في آنٍ معاً.

"الثورة هي صوت الذين لا صوت لهم."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 13. من يكتب تاريخنا؟ دراسات بلا قاعدة وتنظير بلا جذور
- فلوت الطبقة لا النخبة
- 12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الح ...
- 11. رافعة وليس بديلا
- قدمت لهم الوعي ما استطعت
- مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام
- قصائد تشبه الناس
- 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر
- «بيت برناردا ألبا»: المأساة الطبقية في عباءة الشرف
- 5. البيروقراطية النقابية: طبقة طفيلية تعيش على تناقضات العما ...
- من العجز إلى البصيرة الطبقية: قراءة في القوقعة الفارغة للمجذ ...
- 4. اللجان التمهيدية: اختراق الدولة لجسد الطبقة العاملة
- عندما تغيب شمس الحق: ديالكتيك الثورة في أغنية الجنوب اللبنان ...


المزيد.....




- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...
- -تاريخ العطش- لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني
- 66 فنا وحرفة تتنافس على قوائم التراث الثقافي باليونسكو
- فنان من غزة يوثق معاناة النازحين بريشته داخل الخيام
- إلغاء حفلات مالك جندلي في ذكرى الثورة السورية: تساؤلات حول د ...
- أصوات من غزة.. يوميات الحرب وتجارب النار بأقلام كتابها
- ناج من الإبادة.. فنان فلسطيني يحكي بلوحاته مكابدة الألم في غ ...
- سليم النفّار.. الشاعر الذي رحل وما زال ينشد للوطن
- التحديات التي تواجه التعليم والثقافة في القدس تحت الاحتلال


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حسب الرسول الطيب - يا ظريف الطول: الأغنية التي حملت الوطن على كتفيها