أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الحزب














المزيد.....

12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الحزب


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 07:46
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


يتطلب التوسع في المعالجة النقدية لمجمل التجربة النقابية في السودان الوقوف بالتفصيل أمام الوثيقة الصادرة عن الحزب الشيوعي السوداني بعنوان: "تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية"، والمنشورة بموقع الحوار المتمدن – العدد 8408 بتاريخ 19 يوليو 2025.

ستشكّل هذه الوثيقة مادة مركزية في هذا الجزء والأجزاء التالية، في محاولة لقراءتها قراءة ماركسية علمية نقدية، تستند إلى أدوات التحليل الطبقي والتاريخي، وإلى التجارب الحية ومقولات الفكر الثوري، من أجل إبراز التناقضات، واستخلاص الدروس، وطرح مسارات جديدة تُعيد وصل النضال النقابي بجذره الطبقي وأفقه الاشتراكي.

لا تأتي هذه القراءة بغرض المحاكمة أو التصويب الأكاديمي، بل بوصفها مساهمة في تجاوز المأزق النظري والعملي الذي يواجه المشروع النقابي الثوري، وانخراطًا واعيًا في نحت بدائل تستمد شرعيتها من صراع الطبقات ومن الحضور الفاعل للطبقة العاملة في قلب مشروع التغيير الجذري.

----------------------------

لا يُمكن للذاكرة أن تُصبح أداة للتحرر ما لم تُخضع نفسها للنقد. وفي الوثيقة التي قدمها الحزب الشيوعي السوداني حول "تجربته في الحركة النقابية"، تبرز محاولة لرسم سردية تاريخية تبدو – للوهلة الأولى – مُتماسكة، لكنها في جوهرها محكومة بمنهج انتقائي، وبوعي تنظيمي مثقل بموازنات اللحظة، لا بالتحليل الطبقي الكلي لمسارات الصراع النقابي في السودان. هذا النوع من التأريخ لا يُحرر العقل، بل يعيد إنتاج القوالب ذاتها التي عطلت الفعل الثوري لعقود.

الوثيقة تؤرخ لتجربة الحزب في النقابات كأنما كانت حركة تصاعدية، تنتقل من النشأة إلى البناء إلى المقاومة، متجاوزةً بتجاهل شبه كامل لحلقات التفكك، ومراحل التحول المحافظ، واختلال العلاقة بين التنظيم القاعدي والقيادة. يُستبعد ذكر الإخفاقات الحاسمة التي تخللت المسار، وتُحجب الصراعات الداخلية التي أنتجت أعطابًا بنيوية في آليات القرار، ويتم القفز فوق لحظات الانحراف عن خط الجماهير نحو التمركز البيروقراطي. النتيجة هي سردية يُعاد فيها إنتاج البطولة التنظيمية على حساب تحليل الشروط الطبقية التي أنتجت الهزائم والانتصارات معًا.

هذا التأريخ المغلق لا يتيح فهمًا جدليًا لتطور النقابات، بل يُجردها من تناقضاتها. فبدل أن يُسائل الوثيقة التجربة في ضوء الوقائع الطبقية المتحولة، يُسطّحها بإرجاع كل الانتصارات إلى الحزب، وكل الانتكاسات إلى القمع. وبينما يكرّر النص استدعاء "دور الحزب"، يغيب الدور الفعلي للقاعدة العمالية، كأنها مجرد جمهور يتلقى، لا ذات تصوغ الصراع من تحت. هكذا يتكرس وعي مأزوم يرى في ذاته مركز التاريخ، ويتغافل عن لحظات تخلّي القيادة عن القواعد، أو خضوعها لمنطق التحالفات الإصلاحية التي جرّدت النقابات من بعدها الثوري.

منهج التأريخ الذي تنتهجه الوثيقة يتجنب طرح الأسئلة الحرجة: ما العلاقة بين الحزب كتنظيم والنقابة كأداة؟ متى تماهى الحزب مع الدولة؟ ومتى خضع لموازين القوى على حساب مهماته الطبقية؟ لماذا تم التمسك باللجان التمهيدية حتى بعد سقوط النظام؟ وماذا يعني غياب أي محاولة للتقييم الذاتي الجذري رغم التراجعات الممتدة؟ كل هذه الأسئلة تُقصى، لتُستبدل بسردية خطية تُعيد إنتاج المجد التنظيمي كما لو أنه قائم بذاته، لا محكوم بتناقضات الواقع الطبقي.

إن التأريخ الذي لا يُمسك بالبنية الطبقية لكل مرحلة، لا يُعدو كونه تمجيدًا محكومًا بالحنين. وهو ما يجعل من الوثيقة نموذجًا على وعي مأزوم، يرى في الذات التنظيمية مرجعية مطلقة، لا أداة تتغير وتُسائل نفسها. لهذا لم تأتِ الوثيقة بوصفها مراجعة نقدية، بل بوصفها إعادة تثبيت لشرعية خطاب ماضوي عاجز عن فهم اللحظة الثورية الجديدة، التي تتطلب وعيًا مفتوحًا على التناقض، ومساءلة جذرية لدور التنظيم نفسه.

"من لا يجرؤ على مساءلة ذاته، لن يجرؤ على إسقاط النظام."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 11. رافعة وليس بديلا
- قدمت لهم الوعي ما استطعت
- مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام
- قصائد تشبه الناس
- 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر
- «بيت برناردا ألبا»: المأساة الطبقية في عباءة الشرف
- 5. البيروقراطية النقابية: طبقة طفيلية تعيش على تناقضات العما ...
- من العجز إلى البصيرة الطبقية: قراءة في القوقعة الفارغة للمجذ ...
- 4. اللجان التمهيدية: اختراق الدولة لجسد الطبقة العاملة
- عندما تغيب شمس الحق: ديالكتيك الثورة في أغنية الجنوب اللبنان ...
- 3. القانون النقابي – عندما يصبح التشريع أداة قمع برجوازية
- تشريح الحلم الممنوع: -قارئة الفنجان- كمرآة للهزيمة الجماعية
- 2. النقابة في مرآة الهيمنة الدولية - من الشرعية الأممية إلى ...


المزيد.....




- عاجل.. تأخر رواتب موظفي العراق عن الشهر الجديد لهذا السبب
- متحدث الدفاع المدني بغزة يعلن الإضراب عن الطعام: لن آكل حتى ...
- WFTU Secretariat Meeting on July 18th, 2025, in Athens
- اجتماع أمانة اتحاد النقابات العالمي في 18 تموز 2025، في أثين ...
- نقابة الصحفيين: 33 شهيداً خلال النصف الأول من الجاري في الضف ...
- بشروط بسيطة وسهلة.. رابط تجديد منحة البطالة الجزائرية 2025 ع ...
- طريقة التقديم في منحة البطالة الجزائر 2025 والشروط المطلوبة ...
- الفينيق يختتم تدريباً لتعزيز قدرات المجتمع المدني في إعداد ت ...
- الفينيق يختتم تدريبا لسائقي تطبيقات النقل الذكية حول العمل ا ...
- الفينيق يختتم تدريبا لسائقي تطبيقات النقل الذكية حول العمل ا ...


المزيد.....

- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية / الحزب الشيوعي السوداني
- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الحزب