أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية














المزيد.....

مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 09:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبدو الورقة التي تقدم بها حسن بشير محمد نور محاولة طموحة لرسم خريطة طريق نحو ما يسميه "مشروع وطني للتغيير الجذري في السودان"، لكن الطموح وحده لا يكفي حين يُبنى على مقاربة تكنوقراطية تتهرب من الصراع الطبقي، وتستبدل جذور الأزمة الاجتماعية-التاريخية باختزالات مؤسسية وتنموية خالية من التحليل المادي للتناقضات التي يعاني منها المجتمع السوداني. فبينما تُركّز الورقة على أهمية "إعادة الهيكلة الاقتصادية" و"بناء نظام سياسي ديمقراطي جامع"، فإنها تنأى بنفسها عمدًا عن السؤال الجوهري: لمن تُعاد هيكلة الاقتصاد؟ ومن الذي سيبني هذه الدولة؟ وأي طبقة ستقود هذا التغيير؟

يتعامل النص مع السودان كمريض تقني يعاني من اختلالات في أنظمته الحيوية، يمكن إصلاحها عبر خليط من الدساتير التوافقية، الحوكمة الرشيدة، وسياسات تعليمية شاملة. لكنه لا يرى أن هذا "الجسد" ما هو إلا ساحة صراع دائم بين قوى اجتماعية غير متكافئة، تقف فيها الطبقة الرأسمالية الطفيلية، والعسكر، والنخبة السياسية المتصالحة مع السوق العالمي، على رأس التدمير الممنهج الذي طال البنية الإنتاجية، وأغرق الشعب في دوامة الفقر والعنف والتهميش.

ولأن المشروع لا يُصاغ من قلب النضال الطبقي بل من علٍ، نرى كيف يتحاشى الورق حتى ذكر الطبقة العاملة أو الفلاحين أو الكادحين. بل يتم استبدال هذه الفئات بـ"المجتمعات المحلية" و"الفئات الضعيفة"، كمصطلحات ناعمة لا تخيف البنك الدولي ولا تُزعج المؤسسات الغربية المانحة. هذا الاختزال يفرغ مصطلح "التغيير الجذري" من مضمونه الثوري، ليحوله إلى حزمة إصلاحات تدريجية قابلة للتمويل من الخارج، لا إلى مشروع تحرري من أسفل.

كما أن استدعاء التجارب الدولية يتم بطريقة انتقائية تُمجّد النتائج دون فحص السياقات الطبقية للنهوض ذاته. فالنهضة اليابانية لم تُبنَ على الديمقراطية كما يزعم، بل على دولة رأسمالية بوليسية أعادت تشكيل الطبقة العاملة تحت هيمنة الدولة. وكوريا الجنوبية صعدت تحت قبضة ديكتاتورية عسكرية مدعومة أميركيًا على حساب حقوق العمال. أما رواندا فليست سوى مثال على "تنمية بدون ديمقراطية"، حيث تُحكم البلاد بقبضة استبدادية تخفي خلف خطاب "النهضة" قمعًا إثنيًا عنيفًا. وتشيلي التي يُشيد بها، ما زالت تعاني حتى اليوم من إرث النيوليبرالية التي فرضها بينوشيه تحت إشراف مدرسة شيكاغو.

في كل تلك الأمثلة، تغيب نظرة ماركسية ترى في الإنتاج وعلاقات الملكية جوهر المسألة. فالسودان، كما بيّنت التجربة الثورية بعد ديسمبر، لا تنقصه الرؤى أو المخططات، بل تنقصه الطبقة الثورية القادرة على التنظيم والقيادة والانتصار. والحديث عن "تحالف وطني جامع" يعيدنا إلى نفس الفخ الذي سقطت فيه قوى الحرية والتغيير، حيث التعدد والتشاركية يلتهمان الوضوح الطبقي، ويُفرغان الثورة من جوهرها.

إن تجميل الأزمة بتعبيرات إنشائية عن "السلام المستدام" و"توظيف الإرث الثقافي" و"التعددية اللغوية" لا يغيّر من حقيقة أن الطبقة السائدة، سواء في المركز أو الهامش، لن تسمح بتغيير جذري إلا على أنقاضها. وهو ما لا تجرؤ هذه الورقة على قوله. إذ تبدو مصممة على البقاء داخل حدود الممكن في عالم يستحيل فيه الإصلاح دون ثورة، والتنمية دون صراع، والنهضة دون تحرر من الرأسمالية العالمية وأدواتها المحلية.

التحرر لا يأتي بنقل التجارب، بل بإشعال النضال، لا بالإصلاح من فوق بل بتنظيم القاعدة، لا بوصفات المجتمعات الدولية، بل بإرادة الجماهير.

"الثورة ليست مائدة يُدعى إليها الناس، وليست كلمات تُقال، بل هي فعل طبقي يغير الواقع بالقوة"

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام
- قصائد تشبه الناس
- 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر
- «بيت برناردا ألبا»: المأساة الطبقية في عباءة الشرف
- 5. البيروقراطية النقابية: طبقة طفيلية تعيش على تناقضات العما ...
- من العجز إلى البصيرة الطبقية: قراءة في القوقعة الفارغة للمجذ ...
- 4. اللجان التمهيدية: اختراق الدولة لجسد الطبقة العاملة
- عندما تغيب شمس الحق: ديالكتيك الثورة في أغنية الجنوب اللبنان ...
- 3. القانون النقابي – عندما يصبح التشريع أداة قمع برجوازية
- تشريح الحلم الممنوع: -قارئة الفنجان- كمرآة للهزيمة الجماعية
- 2. النقابة في مرآة الهيمنة الدولية - من الشرعية الأممية إلى ...
- النقابات في السودان – من أدوات الترويض إلى جبهات الثورة
- -البيضاء-: الغموض كتكتيك مقاومة ضد الحداثة التشخيصية
- الفراغ المعبأ بالحزن


المزيد.....




- السعودية.. وفاة -الأمير النائم- بعد دخوله في غيبوبة دامت 21 ...
- السعودية.. من هو -الأمير النائم- بعد إعلان وفاته إثر تعرضه ل ...
- مباحثات أردنية سورية أمريكية لدعم تنفيذ اتفاق الهدنة في السو ...
- بهدف الوصول إلى السويداء.. استمرار توافد مقاتلي العشائر إلى ...
- الرسوم الجمركية الأمريكية على البرازيل تؤثر سلبًا على المسته ...
- لماذا فضل فيرتز الانتقال لليفربول وليس إلى بايرن ميونيخ؟
- فيتنام: مقتل 34 شخصا وفقدان أخرين إثر انقلاب قارب سياحي فى خ ...
- قراءة في موجة انتحار الجنود الإسرائيليين.. أعراض ما بعد الحر ...
- واشنطن بوست: تخفيضات تمويل البث العام تترك سكان الريف الأمير ...
- 104 شهداء والاحتلال يتمادى باستهداف طالبي المساعدات في غزة


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية