أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري














المزيد.....

9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 08:07
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


المرأة العاملة ليست مجرد فئة تبحث عن مقعد في مجلس نقابة يسيطر عليه الذكور، بل هي جزء لا يتجزأ من الطبقة العاملة، تتقاطع تجربتها في العمل مع اضطهاد مزدوج: استغلال رأسمالي من جهة، وهيمنة أبوية من جهة أخرى. وفي السودان، كما في بقية المجتمعات التابعة، يكتسب هذا الاضطهاد طابعًا مركّبًا، تغذّيه الدولة، والمؤسسة الدينية، والأعراف، والبيروقراطية النقابية ذاتها، مما يجعل النضال الجندري داخل النقابات ليس مسألة تمثيل عددي، بل معركة ضد النظام برمّته.

لقد ساد داخل الحركة النقابية السودانية – حتى في لحظاتها التقدمية – تصور رجعي لدور المرأة، يقوم على "دعم" الرجال في المعركة الطبقية، لا على كونها طرفًا فاعلًا ومبادرًا في خوضها. فحتى حين تم انتخاب نساء في مجالس النقابات، غالبًا ما جرى تهميشهن، أو توجيههن نحو الملفات الاجتماعية والثانوية (كالرعاية، والخدمات، والشكاوى)، بينما بقيت ملفات الأجور والسياسات والحقوق الكبرى في يد القيادة الذكورية. هذا التوزيع الأدواري، وإن اتخذ طابعًا إداريًا، هو في جوهره تكريس لفكرة أن النضال "الجدي" هو شأن الرجال، وأن دور النساء هو تحسين صورة النقابة لا إعادة صياغة مضمونها الطبقي والجندري.

لكن المرأة العاملة في السودان ليست ضحية سلبية تنتظر الإنصاف من النظام أو من رفاقها الرجال. بل إنها، منذ بدايات العمل النقابي، كانت في مقدمة الصفوف: من عاملات الغزل والنسيج، والمربيات والمعلمات، إلى الممرضات والموظفات في الخدمة المدنية. وقد شاركت هؤلاء النساء في الإضرابات، ووقفن ضد الطرد التعسفي، ونظّمن الاعتصامات، وتحملن عنف الدولة وقسوة المجتمع. بل إن كثيرات منهن قدن المعارك داخل النقابات، وإن تم التعتيم على أدوارهن في السردية الرسمية للـ"نضال النقابي". ولهذا فإن تفكيك الخطاب الذكوري السائد داخل العمل النقابي ليس ترفًا فكريًا، بل مهمة ثورية تهدف إلى استعادة نصف الطبقة العاملة من التهميش الرمزي والمؤسسي.

إن بناء نقابات ثورية لا يمكن أن يتم دون نسويات عاملات يحملن وعيًا طبقيًا-جندريًا مزدوجًا. وعيٌ يرى في النقابة موقعًا للصراع ضد البطريركية كما ضد الرأسمالية، ويفضح التحالف العميق بين الاستغلال الاقتصادي والاضطهاد الجندري. فالمرأة العاملة لا تُستغل فقط لأنها تبيع قوة عملها بأجر زهيد، بل لأنها كذلك تتعرض لتسليع جسدها، وتهميش صوتها، وتحميلها أعباء الرعاية المجانية داخل البيت والمجتمع، دون أي مقابل. والنقابة التي لا تُدرج هذه الأشكال في جدول نضالها، تصبح شريكًا ضمنيًا في إعادة إنتاجها.

لهذا، لا يكفي أن "تُرحّب" النقابات بالنساء، بل يجب أن تتحول بنيويًا لتُصبح بيئة نضالية عادلة وشاملة. وهذا يقتضي مراجعة قوانينها الداخلية، تمكين القواعد النسائية من انتخاب ممثلاتهن بحرية، خلق فضاءات آمنة للتعبير والتنظيم، وتقديم برامج تدريب وتمكين طبقي-نسوي يربط بين تجربة القهر الجندري والصراع الطبقي. بل ويتطلب أيضًا إعادة النظر في الخطاب النقابي ذاته، وتحريره من اللغة الذكورية التي تعتبر القوة والصلابة والقيادة صفات حصرية للرجال.

إن النسوية العمالية ليست دعوة للانعزال، بل لتوسيع أفق النضال الطبقي، من خلال الكشف عن التجارب المهمّشة، وإعادة تعريف القضايا النقابية بحيث تشمل العمل الإنجابي، والتحرش، وظروف الأمومة، وأشكال العنف البنيوي التي تتعرض لها النساء داخل مواقع العمل وخارجها. ففي السياق السوداني، حيث تتقاطع القبلية والدين والسلطة الأبوية مع الرأسمالية، يصبح النضال الجندري داخل النقابة ثورة ضمن الثورة، لا ملحقًا بها.

وإذا كانت النقابة تُبنى بوصفها أداةً جماعية للتحرر، فإن تحريرها من الذكورية هو جزء أصيل من هذا التحرر. ولن تُبنى نقابات ثورية إلا حين تُكسر هياكل الهيمنة داخلها، ويُعاد توزيع السلطة على أسس طبقية وجندرية عادلة. فالمرأة العاملة لا تطالب بتمثيل رمزي، بل بحقها في القيادة والتنظيم والمشاركة في صياغة القرار. وما لم يحدث ذلك، فإن الحركة النقابية ستظل تُعيد إنتاج الاستغلال داخل صفوفها، حتى وهي ترفعه شعارًا خارجيًا.

"من تُنجب الحياة، تستطيع أن تُنجب الثورة، إن امتلكت وعيها وسلاحها."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر
- «بيت برناردا ألبا»: المأساة الطبقية في عباءة الشرف
- 5. البيروقراطية النقابية: طبقة طفيلية تعيش على تناقضات العما ...
- من العجز إلى البصيرة الطبقية: قراءة في القوقعة الفارغة للمجذ ...
- 4. اللجان التمهيدية: اختراق الدولة لجسد الطبقة العاملة
- عندما تغيب شمس الحق: ديالكتيك الثورة في أغنية الجنوب اللبنان ...
- 3. القانون النقابي – عندما يصبح التشريع أداة قمع برجوازية
- تشريح الحلم الممنوع: -قارئة الفنجان- كمرآة للهزيمة الجماعية
- 2. النقابة في مرآة الهيمنة الدولية - من الشرعية الأممية إلى ...
- النقابات في السودان – من أدوات الترويض إلى جبهات الثورة
- -البيضاء-: الغموض كتكتيك مقاومة ضد الحداثة التشخيصية
- الفراغ المعبأ بالحزن
- خطاب الكراهية الجزء العاشر والأخير: من الكلمات إلى السلطة: ا ...
- آلة الوعي الزائف: وسائل التواصل كأداة قمع طبقي
- 9. نحو خطاب تحرري بديل: من هندسة الكراهية إلى هندسة الوعي


المزيد.....




- هذا ما قاله المخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل حول إ ...
- تصريح الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل عقب لقاء مع الحكومة ...
- مصادر تكشف لـCNN عن تداعيات -فوضى- تسريح الموظفين بالخارجية ...
- حكم دستوري ينهي مشروعية نقابة المعلمين في الأردن
- بـــــــــــــــــــــلاغ حول اجتماع وفد الاتحاد المغربي لل ...
- مشاركة الأمين العام في افتتاح توسعة جديدة لمصنع ستيلانتس بال ...
- رئيس غانا يلغي بدلات الوقود للمسؤولين السياسيين في إطار سياس ...
- موعد عطلة المولد النبوي الشريف للقطاع الحكومي والموظفين في م ...
- رئيس غانا يلغي بدلات الوقود للمسؤولين السياسيين في إطار سياس ...
- باقي كم يوم؟ .. موعد صرف رواتب الموظفين لشهر يوليو 2025 بالز ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري