أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 11. رافعة وليس بديلا














المزيد.....

11. رافعة وليس بديلا


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 08:18
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


إذا كانت النقابة أداة تنظيم اقتصادي للطبقة العاملة، فإن الحزب هو أداتها السياسيّة العليا في مشروع التحرر. من يخلط بين الاثنين يختزل السياسة في المطالب، ومن يفصل بينهما يسقط في الإصلاحية العمياء. وفي السودان، حيث تكاد النقابات تُختزل إما في خدمات مهنية أو شعارات معزولة، وحيث تترنّح الأحزاب بين التذبذب البرجوازي والنخبويّة الانتهازية، تصبح العلاقة بين النقابة والحزب سؤالًا ثوريًا عاجلًا: هل تستطيع النقابة أن تكون بديلاً عن الحزب؟ وهل يمكن للحزب أن ينجح دون جذوره العمالية؟ ومن يُعيد إنتاج الآخر: التنظيم الاقتصادي أم المشروع السياسي الطبقي؟

لقد كشفت التجربة السودانية، بما فيها من انتفاضات وثورات وانتكاسات، أن غياب حزب طبقي صلب يجعل من النقابة ساحةً للارتجال، وواجهةً لتناقضات لا يمكن تسويتها إلا ضمن مشروع سياسي أعلى. فعلى الرغم من الانفجارات العمالية التي هزّت الدولة، من السكة حديد والموانئ والمعلمين والأطباء، إلا أن أغلب هذه القوى لم تجد حاضنة سياسية تُعيد صياغة فعلها في إطار تاريخي ومنهجي، فبقيت النقابة تصرخ في العراء، وتُساومها السلطة، وتستقطبها الأحزاب، وتبتلعها البيروقراطية. بينما يظل النظام الطبقي سليم البنية، يعيد إنتاج نفسه من خلال كل تراجع.

إن النقابة، من موقعها، تملك إمكانية تعبئة الجماهير على قاعدة المصالح المباشرة. لكنها، دون حزب ثوري، تبقى عاجزة عن تجاوز هذه المصالح نحو مشروع تغيير شامل. فما يُكسب العامل أجره اليوم قد يسقط غدًا بقانون أو انقلاب، وما يُنتزع عبر الإضراب قد يُفرّغ عبر التسوية، إذا لم يُصغ في مشروع اشتراكي يحوّل النضال اليومي إلى رافعة تاريخية. الحزب، بهذا المعنى، ليس مؤسسة فوق النقابة، بل هو تجسيد لوعيها الأعلى، ولتنظيمها الشامل، ولقدرتها على خوض المعركة حتى نهايتها.

ولذلك، فإن بناء حزب الطبقة العاملة لا ينفصل عن النقابة، بل يتغذى منها. الحزب الثوري ليس كتلة مثقفين تقدّميين يكتبون البيانات، بل هو التنظيم السياسي الذي يتشكّل من رحم الحركة العمالية، ينظّمها، ويُعيد بناء وعيها الطبقي، ويقودها نحو تحوّل المجتمع برمته. وكل حزب يُقصي النقابات، أو يُعاملها كـ"واجهة جماهيرية" فحسب، إنما يعزل نفسه عن الجماهير، ويتحوّل إلى جهاز فارغ.

وفي المقابل، فإن النقابة التي تُغلق على ذاتها، وترفض الاشتباك السياسي، وتتحصن خلف "الحياد النقابي"، تقع في فخ الإصلاحية، أو تتحوّل إلى ملحق لحزب برجوازي يُدجّنها. فالحياد النقابي، في واقع طبقي متفجّر كالذي نعيشه في السودان، ليس سوى قناع للانحياز القائم. ولا يمكن لأي نقابة أن تحافظ على استقلالها الطبقي دون وعي سياسي ثوري، ودون أن تندرج في مشروع تحرري يطمح إلى قلب البنية الطبقية من جذورها.

في هذا السياق، يصبح مطلوبًا من الحزب الثوري أن لا يكتفي بدعم النقابات، بل أن يندمج في بنائها، ويفتح صفوفه للعمال، ويعيد صياغة خطابه وممارساته من موقع القاعدة لا المركز. فالحزب الذي لا يتعلّم من العامل كما يُعلّمه، سينعزل. والنقابة التي لا تنتظم في مشروع الحزب ستُستوعب. العلاقة بينهما علاقة جدلية: الحزب يُمكّن النقابة من تجاوز المحدودية، والنقابة تُمد الحزب بصلابة الواقع، ونبض الشارع، وشرعية الفعل.

وقد دلّت التجارب الثورية، من روسيا إلى جنوب إفريقيا، ومن الهند إلى أمريكا اللاتينية، أن أي قطيعة بين التنظيم النقابي والتنظيم السياسي تقود إما إلى بيروقراطية نقابية خانعة، أو إلى حزب طُهراني منفصل عن الواقع. أما الاندماج الجدلي بينهما، فهو الذي يصنع الحركة الثورية: نقابات تُنظم القواعد وتُراكم الوعي، وأحزاب تُوحّد الجبهات وتُسقط الأنظمة.

في السودان، لا بد من إعادة رسم هذه العلاقة من جديد. لا بإعادة إنتاج التبعية، بل بتأسيس مشروع اشتراكي سوداني، ينبثق من همّ العامل اليومي، ويتجاوز قضاياه المباشرة نحو مشروع تحرير شامل. فالنقابة ليست بديلًا عن الحزب، لكنها رافعة لا بديل عنها.

"لا ثورة دون تنظيم، ولا تنظيم دون وعي، ولا وعي دون ارتباط بجماهير العمال."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قدمت لهم الوعي ما استطعت
- مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام
- قصائد تشبه الناس
- 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر
- «بيت برناردا ألبا»: المأساة الطبقية في عباءة الشرف
- 5. البيروقراطية النقابية: طبقة طفيلية تعيش على تناقضات العما ...
- من العجز إلى البصيرة الطبقية: قراءة في القوقعة الفارغة للمجذ ...
- 4. اللجان التمهيدية: اختراق الدولة لجسد الطبقة العاملة
- عندما تغيب شمس الحق: ديالكتيك الثورة في أغنية الجنوب اللبنان ...
- 3. القانون النقابي – عندما يصبح التشريع أداة قمع برجوازية
- تشريح الحلم الممنوع: -قارئة الفنجان- كمرآة للهزيمة الجماعية
- 2. النقابة في مرآة الهيمنة الدولية - من الشرعية الأممية إلى ...
- النقابات في السودان – من أدوات الترويض إلى جبهات الثورة


المزيد.....




- طريقة التقديم في منحة البطالة الجزائر 2025 والشروط المطلوبة ...
- الفينيق يختتم تدريباً لتعزيز قدرات المجتمع المدني في إعداد ت ...
- الفينيق يختتم تدريبا لسائقي تطبيقات النقل الذكية حول العمل ا ...
- الفينيق يختتم تدريبا لسائقي تطبيقات النقل الذكية حول العمل ا ...
- “بخطوات سهلة وبسيطة” طريقة تجديد منحة البطالة الجزائرية 2025 ...
- لا تألف الإبادة في غزة.. وقفة احتجاجية في إسطنبول لتأكيد الو ...
- متحدث باسم -شهداء الأقصى-: لا نجد طعاما للمرضى ولا للعاملين ...
- نقابة المعلمين تعلن عن عدة مفاجآت غير متوقعة لأصحاب المعاشات ...
- “مبروك عليك العلاوة” وزارة المالية تكشف موعد صرف مرتبات شهر ...
- عاجل للعراقيين.. بدء صرف رواتب أيار وحزيران لجميع الموظفين غ ...


المزيد.....

- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية / الحزب الشيوعي السوداني
- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 11. رافعة وليس بديلا