أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حسب الرسول الطيب - المؤسسة الكنسية كأداة طبقية في -زوربا اليوناني-














المزيد.....

المؤسسة الكنسية كأداة طبقية في -زوربا اليوناني-


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 08:47
المحور: الادب والفن
    


تتكشف في رواية "زوربا اليوناني" لنيكوس كازانتزاكيس معالم السلطة المقنّعة التي تتوارى خلف عباءة الدين، بوصفها امتدادًا ماديًا لبنية استغلالية أوسع. في شخصية بابا ليونيداس، كبير الرهبان، تتجسد الكنيسة كمؤسسة إقطاعية تحكم الأرض باسم المقدس، وتفرض وصايتها على العمل والثروة والطبيعة باسم الخلاص. لا يقدمه كازانتزاكيس من منظور درامي يضفي عليه عواطف شخصية، بل يتركه عاريًا من كل تفصيل إنساني كي يُشير إلى نمط سلطوي قابل للتكرار، ويؤدي وظيفة طبقية محددة داخل النظام الاجتماعي.

في المشهد الذي يدور حول استغلال منجم الفحم داخل أراضي الدير، يظهر بابا ليونيداس ليس كراهب زاهد، بل كمالك أراضٍ يتفاوض على الربح والسلطة حيث الأرض هنا رأسمال خام يُساوَم عليه. المنجم ليس مجرد فضاء تقني، بل موضع صراع بين منطق الربح ومنطق الحياة. وكل خطوة نحو تطويره تعني بالضرورة تهديدًا لاحتكار الكنيسة للموارد، وتحفيزًا لقوة العمل كي تنتزع موقعًا جديدًا في معادلة الإنتاج. ولهذا، فإن وقوف بابا ليونيداس ضد المشروع لا ينبع من ورع زائف فحسب، بل من موقع طبقي يدافع عن مصالح متجذرة تاريخيًا.

زوربا، باندفاعه الجسدي وعفويته الصادقة، يمثل وجدان الطبقة العاملة التي لم تُروّضها مؤسسات السيطرة. لا يملك رأس مال، ولا يتحدث بلغة السلطة، لكنه يمتلك ما هو أعمق: طاقة العمل، والرفض الغريزي للامتثال، والرغبة الفطرية في نزع الحواجز التي تحول بين الإنسان والحياة. وجوده ذاته صراع طبقي متحرك، يشكّل نقيضًا حيًّا للسلطة الرمزية والمادية التي يمثلها بابا ليونيداس. التناقض بينهما ليس نفسيًا أو وجوديًا، بل ماديٌّ صرف، ينكشف في علاقة كل منهما بالعمل، بالموارد، وبالناس.

الكنيسة في الرواية، ممثلة في بابا ليونيداس، ليست كيانًا منحرفًا عن وظيفته الأصلية، بل تمارس وظيفتها الحقيقية في الحفاظ على النظام القائم، من خلال بث الوعي الزائف، وتجميد الصراع الطبقي، وإعادة إنتاج الخضوع في صورة رضا. إنها كما وصفها ماركس: "الروح في عالم بلا روح". لكنها هنا تفرض شروط الحياة والموت، عبر ما تمتلكه من أرض ومن شرعية، ومن قدرة على تعطيل كل مشروع لا يمر عبرها.

كازانتزاكيس، في تقديمه لشخصية بابا ليونيداس، يفضح، ولو أدبيًا، شكل التحالف التاريخي بين القداسة والملكية. روايته تقرأ من داخل التناقض، وإن لم تعلن مآلاته الثورية. فهو، برغم نزعته الوجودية في بعض المواطن، يعرّي البنية السلطوية للمؤسسة الكنسية، ويُظهر كيف تتقاطع مصالح الدين مع مصالح المال، خاصة حين تُهدَّد احتكارات التاريخ باسم الإنسان الحر.

الحقيقة التي يحملها زوربا ليست "رؤية للحياة"، بل فعل نضالي من خارج النظام، يتم عبر الجسد والعمل والتجربة، لا عبر الخطابة أو الأوامر أو الفتاوى. إنه لا يمثل وعياً كاملاً بذاته الطبقية، لكنه يمثّل إرهاصًا بانفجارها. فهو يخلخل الواقع القائم كما هو، ويرفض أن يُعاد إنتاجه على جسده أو فوق ركام روحه. هكذا يصبح حضوره ذاته فعلًا مارقًا، يتحدى التراتب، ويكسر التواطؤ بين المقدس والعنف المؤسسي.

"الكنيسة لا تعادي الظلم، بل تباركه حين يُكفّر الفقراء عن شقائهم بالصبر. وحده الكفر العادل هو الذي يفتح طريق الثورة."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 15. أزمة البرنامج والنظرية: غياب المشروع النقابي الثوري
- 14. كتابة بلا صراع، سرد بلا مساءلة: مأزق الذاكرة النقابية ال ...
- قمع الطبقات الصاعدة بأدوات متبدلة
- يا ظريف الطول: الأغنية التي حملت الوطن على كتفيها
- 13. من يكتب تاريخنا؟ دراسات بلا قاعدة وتنظير بلا جذور
- فلوت الطبقة لا النخبة
- 12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الح ...
- 11. رافعة وليس بديلا
- قدمت لهم الوعي ما استطعت
- مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام
- قصائد تشبه الناس
- 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر
- «بيت برناردا ألبا»: المأساة الطبقية في عباءة الشرف


المزيد.....




- محللون إسرائيليون: نخسر معركة الرواية في كارثة الجوع بغزة
- -أشبه بأفلام التجسس-.. كيف وصلت طائرات بوينغ إلى إيران رغم ا ...
- صدر حديثا : صور من ذاكرة قروية للأديب والباحث مسعود غنايم
- -كل ما نريده هو السلام-.. مجتمع مسالم وسط صراع أمهرة في إثيو ...
- -ميغان 2- دمية القرن الجديد التي أعادت تعريف رعب الدمى في ال ...
- هل يحب أولادك أفلام الرعب؟ أعمال مخيفة مناسبة للأطفال
- -وحشتوني يا أهل الأردن-.. أحلام تشوق جمهورها لحفلها في مهرجا ...
- مايا ويند: هكذا تتواطأ الجامعات الإسرائيلية مع نظام الفصل ال ...
- منع فرقة -كنيكاب- الأيرلندية من المشاركة في مهرجان -سيجيت-.. ...
- حنظلة: قصة كاريكاتير، وسفينة تحاول -كسر الحصار- عن غزة


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حسب الرسول الطيب - المؤسسة الكنسية كأداة طبقية في -زوربا اليوناني-