عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)
الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 08:25
المحور:
الادب والفن
اغتيل فيديريكو غارثيا لوركا لأنه جسد وعيًا طبقيًا رافضًا للقهر، كلماته حملت صوت الفلاحين والمهمشين، وتحولت إلى سلاح يكشف هشاشة النظام الطبقي القائم على الاستغلال. اغتياله كان إعدامًا للجمال الذي يتصادم مع المنطق الرأسمالي، إعدامًا لوعي الطبقة الكادحة المحرومة من صوتها والمغيّبة. دمه لم يكن دم شاعر، بل دم الجماهير المسحوقة، دم رفض الإبادة والتغييب الممنهج.
في السودان، تتكرر آليات القمع الطبقي نفسها. القتل لا يطال الأجساد فقط، بل يمتد إلى الكلمة والفكر والوعي. النظام يخشى حرية التعبير التي تنبض في الأغاني والقصائد والجداريات. الفن المقاوم هو عدو أساسي للنظام؛ فالأغنية التي تصدح في التظاهرات أخطر من الرصاصة، والقصيدة التي تغرس الوعي تهدد السلطة. قطع الكهرباء عن المغني ومنع الشعر هما إجراءان متعمدان لفرض الرقابة ومحو المعنى المقاوم من الوعي الجمعي. كل تعبير فني يتجاوز الترفيه ليحمل انحياز الجماهير يصبح هدفًا للعنف المنظم.
النظام القمعي يدرك دور الفن التحريضي بعمق، ولا يكرهه من جهل. الفن ساحة صراع طبقي رئيسية. الجمال هو فعل نفي للواقع القبيح الذي تفرضه الرأسمالية. كل تعبير عن الحب والحرية والفرح يصبح هدفًا للنيران لأنه يهدد انضباط القمع. الرقص لا يكتمل لأن إيقاع الجسد الحر يهز الانضباط العسكري. الجداريات تطمس لأنها تحمل رسائل ثورية تكشف زيف السلطة. كل مظهر جمال أصيل يمثل تحديًا للواقع الطبقي المفروض.
لوركا رمزٌ لفنٍ منحاز للجماهير ومتقابل مع السلطة القمعية. كل لوحة تُرسم، كل قصيدة تُنشد، وكل أغنية تُغنى هي فعل تحرر يهدد الاستبداد. لا حياد في الفن حين تكون الحياة قمعًا مستمرًا. الفن الذي يدعي الحياد غالبًا ما يكون أداةً للقمع. الفن المنحاز سلاحٌ ضد الاستبداد الطبقي.
يصدح في الخرطوم كما في غرناطة، يرفض الخضوع ويقهر القهر. الفن سلاح لا يُرى ولكنه يهزم الظلام بالكلمة الحرة. إنه يضيء الوعي ويكشف التي تحاول الأنظمة طمسها. الوعي الحر ينتقل ويُغذى بتضحيات الأبطال. الفن ثورة مستمرة لا تهدأ حتى يتحقق التحرر الكامل للطبقة العاملة والجماهير المضطهدة.
"إن الفن ليس مجرد تعبير عن الأيديولوجيا، بل وسيلة لاكتشاف المسافة التي تفصلنا عنها، وبداية للتحرر من قيودها."
النضال مستمر،،
#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)
Imad_H._El_Tayeb#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟