أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 16. وحدة من؟ وبناء ماذا؟ تفكيك خطابي لمفاهيم غامضة بلا مضمون طبقي














المزيد.....

16. وحدة من؟ وبناء ماذا؟ تفكيك خطابي لمفاهيم غامضة بلا مضمون طبقي


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 08:23
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


من يتتبع محور "بناء النقابات" في وثيقة الحزب الشيوعي السوداني المنشورة هنا عن مكتب التثقيف المركزي في يوليو 2025، يجد نفسه أمام صياغات محافظة تستدعي "الواجب الحزبي" تجاه التنظيم النقابي بوصفه وظيفة دائمة، لكن دون أي مساءلة للشروط المادية لتطور هذا التنظيم، ولا للبنية المتغيرة للطبقة العاملة نفسها. تقول الوثيقة، على سبيل المثال: "إن بناء النقابات مسألة مستمرة ولا تتوقف على ظروف القمع والإرهاب أو تقييد الحريات النقابية"، وهي عبارة تبدو في ظاهرها صحيحة، لكنها حين تُفصل عن صراع الطبقات على الأرض، تتحول إلى وصية أخلاقية، تخفي ما تقتضيه هذه الاستمرارية من مراجعة نقدية لوسائل البناء، وأساليبه، وإخفاقاته.

وفي الوثيقة، يُشار إلى أن "الحزب ظل منذ نشأته يعمل لبناء نقابات ديمقراطية ومستقلة عن الدولة وأرباب العمل، وتخدم مصالح الطبقة العاملة...". هذا التصور لا يحيلنا إلى تحليل مادي لكيفية هذا "العمل" وظروفه، بل يكتفي بتقرير سردي عن الإرادة الحزبية. فلا نقاش عن الفئات التي تم تنظيمها، أو المناطق التي لم تُمس، أو الأسباب التي جعلت من بعض المحاولات هشّة وسطحية. ما نراه هنا هو تعميم شفاف لا يُمسّ، يُضفي طابع القداسة على "المهمة"، دون نقد موضوعي للكيفية التي أُنجزت بها أو التي فشلت بها.

وتزداد خطورة هذا المنظور حين تتعامل الوثيقة مع "الوحدة النقابية" كمجرد شعار إيجابي مطلوب في كل الأحوال. ففي متن الوثيقة مثلاً، نقرأ: "يجب أن نعمل على وحدة الحركة النقابية، وتجاوز الانقسامات وسط العاملين...". لا تُوضح الوثيقة طبيعة هذه الانقسامات: هل هي سياسية، طبقية، مناطقية، أم نتيجة سيطرة بيروقراطيات موالية للأنظمة؟ كما لا تشرح كيف تُبنى هذه الوحدة، ولا من هي القوى التي تمثل القاعدة، ومن هي التي تُعيقها. فهل يُقصد بالوحدة انضواء الجميع تحت مركز نقابي واحد، حتى لو سيطرت عليه عناصر مصالحة مع الدولة؟ أم بناء تكتلات قاعدية تناضل ضد هذه الهيمنة؟ لا إجابة.

النزعة الأخطر في هذا السياق هي تلك التي تُفرغ التنظيم من بعده الصراعي. ففي الحديث عن "بناء النقابات في القطاعين العام والخاص"، يُختزل المطلب في عبارة فضفاضة: "مواصلة بناء التنظيم النقابي في مختلف مواقع العمل، ووسط الفئات الجديدة في سوق العمل"، دون أن تناقش الوثيقة التحولات البنيوية في سوق العمل السوداني: من تشظي العقود، إلى هيمنة العمل الهش، إلى تآكل العلاقة القانونية بين العامل وصاحب العمل. هذه التحولات تجعل من مهمة التنظيم مسألة أكثر تعقيداً مما تقدمه الوثيقة، لأنها لم تعد تدور حول بناء هياكل تقليدية، بل حول إعادة إنتاج مفهوم النقابة ذاته: هل يمكن لنقابة أن تنشأ في موقع عمل بلا صاحب عمل مباشر؟ في شركة مقاولة تُبدّل عمالها كل شهر؟ في قطاعٍ تُدار علاقاته عبر تطبيقات الهواتف المحمولة؟ هذه الأسئلة لا مكان لها في وثيقة الحزب.

وفي ظل هذه الرؤية العمومية، يغيب السؤال الجوهري: من أين يأتي التنظيم؟ هل من قرار تنظيمي فوقي أم من تراكم مبادرات قاعدية؟ الحزب في الوثيقة يبدو متمركزاً كذات قائدة للعمل النقابي، وليس كفاعل يتغذى من ديناميكيات القاعدة. لا حديث عن اللجان القاعدية، ولا عن التضارب بين توجيهات المركز وحاجات العمال في الميدان، ولا عن فشل تجارب المركزية النقابية التي أفضت إلى نقابات بلا روح، بلا قاعدة، وبلا صراع.

الوثيقة، بهذا المعنى، تُعيد إنتاج خريطة تنظيمية تتجاهل الواقع. إنها تنطلق من تصور ثابت للعمل النقابي، وتُقحمه على سياقات متغيرة، فتبدو كمن يُصر على بناء منزل من الطين وسط طوفان عاصف.

"ليست مهمة الحزب أن يوجه الجماهير، بل أن يكون صدى واعياً لحركتها، وأن ينير لها الطريق بما تفرزه تجاربها، لا أن يفرض عليها اتجاهه من علٍ."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤسسة الكنسية كأداة طبقية في -زوربا اليوناني-
- 15. أزمة البرنامج والنظرية: غياب المشروع النقابي الثوري
- 14. كتابة بلا صراع، سرد بلا مساءلة: مأزق الذاكرة النقابية ال ...
- قمع الطبقات الصاعدة بأدوات متبدلة
- يا ظريف الطول: الأغنية التي حملت الوطن على كتفيها
- 13. من يكتب تاريخنا؟ دراسات بلا قاعدة وتنظير بلا جذور
- فلوت الطبقة لا النخبة
- 12. تأريخ ناقص، وعي مأزوم: في نقد التصور التاريخي لتجربة الح ...
- 11. رافعة وليس بديلا
- قدمت لهم الوعي ما استطعت
- مشروع بلا طبقة: وهم التغيير الجذري في خطاب النخبة التنموية
- 10. نقابات الظل: التنظيم في اقتصاد اللا-نظام
- قصائد تشبه الناس
- 9. من التمثيل النسائي إلى التنظيم الجندري الثوري
- 8. من النقابة إلى الجبهة الطبقية: وحدة القطاعات في وجه الرأس ...
- عرائس ضد الخضوع
- حينما يصبح صوت المرأة أداة للثورة
- 7. مستقبل النقابات: لا إصلاح بلا ثورة ولا ثورة بلا تنظيم طبق ...
- الأب فاريا: المعرفة المصادَرة وبذرة الوعي الطبقي في «الكونت ...
- 6. النقابات والثورة: من أكتوبر إلى ما بعد ديسمبر


المزيد.....




- الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يستقبل وفدًا لبنانيًا لتعزيز ...
- قيادي في حماس: مصر وقطر تبذلان جهودا كبيرة للتوصل لاتفاق.. و ...
- The Eurof-WFTU supports the transport and port workers who a ...
- بيان اتحاد النقابات العالمي بمناسبة ذكرى الهجوم على ثكنات مو ...
- WFTU Statement on the Anniversary of the Attack on the Monca ...
- أكثر من 100 مهنة قد تُستثنى من شرط الراتب الجديد في هجرة الا ...
- كولومبيا توقف تصدير الفحم لـ إسرائيل احتجاجا على ما يحدث في ...
- إضراب يشل مطار بن غوريون لقلة الأجور ونقص الأيدي العاملة
- ترامب يأمر بإزالة خيام المشردين في أميركا
- إضراب رقمي عن الطعام.. حملة لصناع المحتوى والمطاعم المصرية ت ...


المزيد.....

- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية / الحزب الشيوعي السوداني
- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عماد حسب الرسول الطيب - 16. وحدة من؟ وبناء ماذا؟ تفكيك خطابي لمفاهيم غامضة بلا مضمون طبقي