أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - الثورة بين الشعارات والممارسة: تفنيد مزاعم التطبيع














المزيد.....

الثورة بين الشعارات والممارسة: تفنيد مزاعم التطبيع


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 14:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعكس خطاب خالد كودي الذي يصفه بالنقد الجذري لمواقف الحزب الشيوعي السوداني تصورًا مثاليًا يضع الشعارات في مواجهة مع الواقع المادي للصراع الطبقي. جوهر هذا الخطاب هو فكرة النقاء الأيديولوجي المزعوم، متجاهلًا أن الوعي الثوري لا ينبع من الشعارات الفوقية، بل من الممارسة الثورية اليومية المرتبطة بالنظرية والمندمجة في معارك الجماهير على قضاياها الملموسة. ما يسميه كودي "تطبيعًا" هو في الحقيقة نشاط جماهيري يستهدف تنظيم الناس حول احتياجاتهم المباشرة كخطوة لبناء وعي سياسي قادر على مواجهة السلطة. الماركسية لا تدعو إلى عزلة طهرانية، بل إلى تحويل النضال على الخبز والماء والكهرباء إلى مواجهة مع النظام الطبقي. تجاهل هذا الواقع موقف نخبوي ينظر للجماهير كأدوات لتنفيذ شعارات جاهزة، لا كقوة حية في صناعة التاريخ.

اتهام الحزب بـ"التطبيع" مغالطة واضحة. الحزب الشيوعي لم يشارك في حكومة البرهان ولم يمنحها شرعية، بل أطلق مبادرة محلية لإنقاذ الناس من العطش بتمويل وتنظيم شعبي خارج مؤسسات الانقلاب. تشبيه هذه الخطوة بانحرافات أحزاب شيوعية أوروبية أو آسيوية انخرطت في حكومات برجوازية يفتقر للأساس العلمي. إن حرمان الناس من الخدمات الأساسية بحجة النقاء الثوري لا يقوي الثورة، بل يعزلها عن الجماهير. وقد قال ماركس بوضوح: "يجب أن يحصل الناس على الخبز قبل أن يثوروا".

أما الانتقائية في المقارنة بين عطبرة والهامش، فتكشف تناقضًا جوهريًا في هذا الخطاب. الحزب يعمل حيث يملك قاعدة جماهيرية وقدرة تنظيمية تاريخية، مثل عطبرة، دون أن يتخلى عن مواقفه المبدئية ضد الحرب والمجاعات في دارفور وجبال النوبة. في المقابل، لا يقدم الخطاب الناقد أي بديل عملي يوازي المبادرات التي تنقذ حياة الناس، مما يحوله إلى خطاب شعاراتي بلا ترجمة ميدانية. إن توفير الكهرباء ليس مساومة مع الانقلاب، بل واجب ثوري. حتى منظمات المعارضة في مناطق سيطرة النظام السوري قدمت خدمات أساسية ولم تُتهم بالتطبيع، لأن إنقاذ حياة الناس لا يُختزل في حسابات سياسية ضيقة.

هذا النوع من الخطاب الذي يصور نفسه ممثلًا للمهمشين يقوم على رؤية تفصل بين النظرية والممارسة، إذ يحمّل العمل اليومي وسط الجماهير تهمة الخيانة، ويعتبر التفاعل مع قضاياهم المعيشية تنازلًا عن الموقف الثوري. لكنه يتجاهل أن النضال الطبقي يتجذر من المطالب المباشرة التي يطرحها الناس، وأن تجاهلها بدعوى انتظار لحظة مثالية يفرغ الثورة من مضمونها المادي.

أما مقارناته بالتجارب التاريخية، فهي غير دقيقة. الحزب الشيوعي السوداني لم يدخل في أي صفقة سياسية، بل ظل ثابتًا على خط إسقاط السلطة. هذه المبادرة لا تعني تراجعًا عن الموقف الاستراتيجي، بل تأكيدًا على أن المعركة اليومية جزء من المسار الثوري. روزا لوكسمبورغ أكدت ذلك بقولها: "من يقفز فوق الإصلاحات اليومية لن يهبط أبدًا في ميدان الثورة".

لينين نفسه، وهو يحارب القيصرية، أسس النقابات والتعاونيات وعمل في حملات الإغاثة، ليس اعترافًا بالنظام، بل لأنه يدرك أن الثورة تُصنع وسط الجماهير. إنقاذ الناس ليس خيانة، بل هو بقاء في قلب الصراع الطبقي.

الدعوة إلى القطيعة التامة بانتظار "اللحظة الثورية" تعبير عن يسارية طفولية. الثورة لا تتحقق بالشعارات ولا بالبيانات من بعيد، بل بالعمل اليومي في قلب المجتمع، مهما كان محدودًا.

"لا توجد حقيقة مجردة، الحقيقة ملموسة."
كارل ماركس

"الثوري من يربط بين النضال اليومي وبين الهدف الأسمى."
فلاديمير إليتش لينين

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 30. نحو وعي نقابي طبقي جذري
- 29.الحياد النقابي: شعار فارغ لتصفية المعركة الطبقية
- 28. ترويض العمل النقابي عبر القوانين الدولية: وهم الحماية
- ماركسية بلا ماركس: تفكيك المنهج الزائف في خطاب تاج السر عثما ...
- 27. الماركسية ليست إصلاحًا: مراجعة نقدية لخطاب تاج السر عثما ...
- 26. من هندسة الانقسام إلى بناء التنظيم القاعدي
- 25. تحالف القامعين: كيف تواطأت قوى الهبوط الناعم مع قانون قم ...
- من صراع الطبقات إلى واقعية الترويض: سقوط النظرية في فخ التكي ...
- من -الطنين- إلى -الإنكار-: تفنيد ماركسي لمقال تاج السر عثمان
- 24. إتحاد فوقي: كيف يخدم النظام الأساسي قمع الطبقة العاملة
- 23. قانون تنظيم الاتحادات المهنية 2004: أداة السلطة لعزل الط ...
- 22. وثيقة بلا عمق ولا بوصلة: تفريغ للتاريخ الماركسي إلى سرد ...
- 21. البيروقراطية الخائنة: نقابة بلا طبقة، ووثيقة بلا ماركسية
- بين إنقلابين ووثيقة واحدة: الحزب الشيوعي خارج جبهة الوعي الث ...
- 20. صراع البرامج والطبقات: نقابة تابعة أم أداة تحرر؟
- 19. النقابة كجهاز في المنظومة الإمبريالية: وثيقة الحزب الشيو ...
- اللغة ليست نعناعًا: تفكيك ماركسي لبلاغة الامتياز في خطاب -دا ...
- كسلا التي لا ترد التحية: الحب كقهر طبقي في أغنية الحلنقي
- 18. من تنظيم الطبقة إلى طبقة التنظيم: انزلاق الوعي النقابي
- شيبوب: تمجيد الإنسان المغيَّب في بطولات السادة


المزيد.....




- غزة: عشرون قتيلا وعشرات الجرحى إثر انقلاب شاحنة على مئات من ...
- الحرب في غزة: ما حقيقة الخلافات بين الحكومة والجيش في إسرائي ...
- ما حظوظ أن تثمر زيارة ويتكوف إلى روسيا وقفا للحرب في أوكراني ...
- أفريكا ريبورت: صورة كينيا كوسيط محايد تتصدع وسط اتهامات بإيو ...
- أطباء عادوا من غزة: هل بقيت لدينا في أوروبا ذرة من الإنسانية ...
- لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟ ...
- كيف علق المغردون على الخطة الإسرائيلية لاحتلال غزة؟
- يوم وطني لدعم غزة.. مبادرة جزائرية للتحفيز على التبرعات الشع ...
- أصوات من غزة.. أطفال مرضى السكري معاناة وسط الانهيار الصحي
- ويتكوف يصل إلى موسكو في -الرحلة المرتقبة-


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - الثورة بين الشعارات والممارسة: تفنيد مزاعم التطبيع