أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عماد حسب الرسول الطيب - 5. الانفصال عن الجماهير: حين تتحول الأحزاب إلى نخب سياسية














المزيد.....

5. الانفصال عن الجماهير: حين تتحول الأحزاب إلى نخب سياسية


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 09:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حين تنفصل القيادة الحزبية عن القواعد الشعبية، تتحول تدريجيًا إلى نخبة بيروقراطية تمتلك امتيازات مادية وتنظيمية تجعلها في موقع متعالٍ عن العمال والفلاحين، وهو ما حدث في فترات متأخرة من التجربة السوفيتية حيث صار أعضاء اللجنة المركزية يعيشون حياة مغايرة تمامًا لجماهير الكادحين. البديل الثوري هنا هو بناء آليات تضمن بقاء القيادة جزءًا من الطبقة، مثل ربط رواتب المسؤولين الحزبيين بمتوسط أجور العمال وإلزامهم بالعمل الميداني داخل المصانع والأحياء الشعبية، تمامًا كما فعل البلاشفة الأوائل الذين اعتبروا أن "النائب الثوري ليس موظفًا بل عامل مناضل".

أما على مستوى الخطاب، فإن انزياحه من لغة الصراع الطبقي المباشر إلى خطاب قومي أو تكنوقراطي يُفقد الحزب روحه الثورية، كما حدث في تجارب عربية حيث تحولت شعارات التحرر إلى شعارات وطنية فارغة فصلت الحزب عن معركة الجماهير اليومية. البديل يتمثل في إعادة بناء خطاب يرتكز على الصراع الطبقي ويُصاغ بلغة يفهمها العمال والفلاحون، على نحو ما أشار أنطونيو غرامشي حين تحدث عن المثقف العضوي القادر على التعبير عن مصالح طبقته من قلب نضالها.

تتجسد الأزمة كذلك في تحوّل الديمقراطية الداخلية إلى طقوس شكلية، إذ تصبح المؤتمرات مجرد جلسات لتثبيت القرارات المتخذة مسبقًا، وهو ما واجهه لينين مرارًا حين حذّر من البيروقراطية داخل الحزب البلشفي. البديل الحقيقي هنا هو تفعيل المركزية الديمقراطية بوصفها نقاشًا حيًا من القاعدة إلى القمة، وانتخاب اللجان القاعدية مباشرة من العمال والفلاحين، ومنح الأعضاء حق الاعتراض على القرارات غير الديمقراطية.

كما أن اعتماد بعض الأحزاب على التمويل الخارجي أو الامتيازات المالية يفقدها استقلالها الطبقي، وهو ما ظهر في بعض الأحزاب الشيوعية الغربية التي ارتبطت بمساعدات حكومية أو نقابية، فأصبح قرارها مرتهنًا بالطبقات الممولة. البديل يكمن في التمويل الذاتي عبر اشتراكات الأعضاء وتبرعات الكادحين، مع شفافية مالية كاملة تعكس الطابع الجماهيري للحزب، على غرار ما شددت عليه كولونتاي حين قالت إن الحزب الثوري يجب أن يعيش من دم الجماهير لا من هبات الراسمالية.

ويُضاف إلى ذلك غياب النقد الذاتي الحقيقي، حيث يُعامَل المعارضون داخل الحزب باعتبارهم تهديدًا، بينما التجربة التاريخية تثبت أن غياب النقد يقود إلى تكلس البنية الداخلية، كما رأينا في الانقسامات التي مزقت الحركة الشيوعية الألمانية في عشرينيات القرن العشرين. البديل هو جعل النقد الذاتي آلية دائمة للتصحيح، وحماية المعارضين من العقوبات التعسفية، والتخلي عن ثقافة الزعيم الأوحد لصالح قيادة جماعية تنبع من إرادة القواعد.

وأخيرًا، فإن العزلة عن السياق الأممي تعني تحويل الحزب إلى كيان محلي ضيق يفقد صلته بالصراع العالمي ضد الرأسمالية، وهو ما جعل بعض الأحزاب الشيوعية العربية تنكفئ على قضايا وطنية محضة دون أن تربطها بالمعركة الأممية. البديل هو تعزيز التضامن الأممي مع الحركات العمالية عبر العالم، والاستفادة من التجارب الثورية المشتركة، كما فعلت الأممية الثالثة حين ربطت نضال العمال الأوروبيين بتحرر الشعوب المستعمَرة.

إن جوهر كل هذه الانحرافات ليس مجرد أخطاء إدارية أو شخصية، بل هو التعبير السياسي عن تغلغل البرجوازية الصغيرة داخل الحزب وتحويله إلى نخبة معزولة عن طبقته الأصلية. والحل يكمن في إعادة دمج الحزب في الحياة اليومية للكادحين: في الإضرابات، في القرى، في المصانع، وفي الأحياء الشعبية، ليظل أداة طبقية لا جهازًا فوقيًا. وكما قال لينين: "الانفصال عن الجماهير ليس مجرد نتيجة شخصية، بل هو نتاج تاريخي-اجتماعي للبنية المادية والأيديولوجية للحزب." ويضيف غرامشي: "إن الحزب الذي ينفصل عن الجماهير يتحول إلى جثة سياسية، حتى لو ظل يحمل اسم الثورة." وهو ما شددت عليه روزا لوكسمبورغ بقولها: "الثورة لا يمكن أن تُقاد من فوق، بل من قلب الجماهير؛ وكل حزب يضع نفسه فوقها إنما يدفن نفسه بيديه."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 4. الهيمنة على الوعي الطبقي: أدواتها، آثارها، وسبل المواجهة ...
- 3. تسلل البرجوازية الصغيرة إلى الأحزاب الشيوعية: آليات وأدوا ...
- 2. التناقض البنيوي: لماذا تتأرجح البرجوازية الصغيرة بين الثو ...
- 1. البرجوازية الصغيرة: الموقع الطبقي ووظيفتها في الصراع الاج ...
- دم الشهداء لا يجف: من تفكيك منظومة القتل والنهب إلى بناء سلط ...
- من تفريغ الغضب إلى تصفية الوعي
- الثورة بين الشعارات والممارسة: تفنيد مزاعم التطبيع
- 30. نحو وعي نقابي طبقي جذري
- 29.الحياد النقابي: شعار فارغ لتصفية المعركة الطبقية
- 28. ترويض العمل النقابي عبر القوانين الدولية: وهم الحماية
- ماركسية بلا ماركس: تفكيك المنهج الزائف في خطاب تاج السر عثما ...
- 27. الماركسية ليست إصلاحًا: مراجعة نقدية لخطاب تاج السر عثما ...
- 26. من هندسة الانقسام إلى بناء التنظيم القاعدي
- 25. تحالف القامعين: كيف تواطأت قوى الهبوط الناعم مع قانون قم ...
- من صراع الطبقات إلى واقعية الترويض: سقوط النظرية في فخ التكي ...
- من -الطنين- إلى -الإنكار-: تفنيد ماركسي لمقال تاج السر عثمان
- 24. إتحاد فوقي: كيف يخدم النظام الأساسي قمع الطبقة العاملة
- 23. قانون تنظيم الاتحادات المهنية 2004: أداة السلطة لعزل الط ...
- 22. وثيقة بلا عمق ولا بوصلة: تفريغ للتاريخ الماركسي إلى سرد ...
- 21. البيروقراطية الخائنة: نقابة بلا طبقة، ووثيقة بلا ماركسية


المزيد.....




- تأسيس الحركة السودانية للتحرر الوطني (1946-1947)
- سوريا ـ مئات المتظاهرين في السويداء يطالبون بـ-حق تقرير المص ...
- في اليوم الرابع... صدامات جديدة بين الشرطة وآلاف المتظاهرين ...
- مروان البرغوثي مانديلا فلسطين .. تاريخ نضال الأسير القائد في ...
- احتجاجات ورفض لتقسيم أوكرانيا.. متظاهرون غاضبون من قمة ألاسك ...
- بيان صادر عن القوى والفصائل الفلسطينية من القاهرة
- القوى والفصائل الفلسطينية: الأولوية لوقف العدوان ورفع الحصار ...
- بلاغ الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الاتح ...
- القوى والفصائل تؤكد أن الأولوية القصوى في هذه المرحلة هي الو ...
- الاشتراكي الديمقراطي ”الحكومة فشلت في ادارة الاقتصاد” - يطال ...


المزيد.....

- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عماد حسب الرسول الطيب - 5. الانفصال عن الجماهير: حين تتحول الأحزاب إلى نخب سياسية