أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - على خط النار: الثورة السودانية بين الأوهام والسلطة 1. لماذا تقف ثورتنا على حافة الهاوية؟














المزيد.....

على خط النار: الثورة السودانية بين الأوهام والسلطة 1. لماذا تقف ثورتنا على حافة الهاوية؟


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 14:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليست الرصاصات وحدها ما يدفع ثورتنا إلى حافة الهاوية، بل ضعف التنظيم وغياب البرنامج الاستراتيجي. إن التحالف العسكري-الإسلامي-الطفيلي يواصل سلخ جلد الشعب وقهره، بينما تتحول أدواتنا الثورية نفسها إلى فخاخ تكرس الهزيمة. أخطر ما يواجهنا ليس العدو في قوته، بل نحن في هشاشتنا التنظيمية، حين ننتصر في معارك الشارع الصغيرة ونخسر الحرب الكبرى: معركة السلطة.

العدو واضح المعالم، فالعسكر هم القبضة الحديدية، حماة النظام القديم وضامنو بقائه والإسلاميون هم الغطاء الأيديولوجي والتنظيمي، يبررون النهب والقهر تحت شعارات دينية جوفاء والرأسمالية الطفيلية هي شريان النهب الاقتصادي، تتغذى على عرق الكادحين تحت حماية البنادق. هذا التحالف الثلاثي لا يسقط بالمظاهرات وحدها، فهو يعرف كيف يمتص الغضب الشعبي بوعود كاذبة وتسويات إصلاحية، ما لم يقابَل بتنظيم شعبي قادر على اقتلاع الدولة من جذورها.

لكن الأزمة الكبرى ليست فقط في هذا العدو، بل في أوهامنا نحن. لجان الأحياء التي وُلدت من رحم ديسمبر كان يمكن أن تتحول إلى نواة لسلطة شعبية بديلة، لكنها انحرفت لتصبح أداة لتفريغ الغضب، وقناة لتسويات جزئية، وغلافاً إصلاحياً يكرر علاقات القوة القديمة تحت أسماء جديدة. طبيعتها الأفقية المشوشة جعلتها سهلة الاختراق، فتحولت من منبر للثورة إلى ساحة استهلاك للغضب في صراعات خدماتية حول الكهرباء والماء والخبز، بينما الدولة القمعية تبقى سالمة في جوهرها.

هنا يكمن الخطر الحقيقي: الثورة تُختزل إلى مطالب إصلاحية. يتحول النضال من معركة لتحطيم الدولة إلى مساومة لتحسين إدارتها. نصبح نتفاوض على الخبز بدلاً من الاستيلاء على المخابز، وندير أزمات النظام بدلاً من تدمير النظام الذي ينتجها. تُعاد صياغة شعارات "الوحدة الوطنية" لتغطية عجز البرجوازية الصغيرة، التي لا تملك سوى الخوف من الثورة وسوى التوسل للتسوية مع العدو الطبقي. وهذا هو قبر الثورات: إصلاحية بلا سلطة، غضب بلا أداة، انتفاضة بلا قيادة. لقد رأينا هذا في أوروبا 1848، في انتفاضات العرب، والآن يتكرر في ثورة ديسمبر السودانية.

الثورة لا تعرف المنتصف. إما أن تتقدم إلى تحطيم الدولة البورجوازية وإقامة سلطة العمال والكادحين، أو تُجهض وتتحول إلى مجرد ملحق إصلاحي للنظام. البقاء في حالة المراوحة يعني الموت البطيء: استنزاف الجماهير في معارك جانبية بينما يظل قلب السلطة والاقتصاد بيد العدو. ليست المسألة وجوهاً تُستبدل في القمة، بل منطقاً إصلاحياً يجب فضحه في القاعدة. فعدو الثورة ليس فقط جنرالات المجلس العسكري، بل أيضاً الوهم الذي يغزو أدواتنا ويحوّلها إلى قفص من ذهب.

لا خلاص إلا بتنظيم ثوري جذري يضع هدف الاستيلاء على السلطة في قلب استراتيجيته. التنظيم الطبقي المستقل، البرنامج الثوري الواضح، والاستراتيجية الحازمة لا تقل ضرورة عن تضحيات الشارع. الثورة بلا سلاح تنظيمي هي جسد بلا روح. والغضب وحده لا يهزم الرأسمالية الطفيلية ولا يطيح بدولة العسكر. لا بد من الانتقال من لجان خدماتية إلى سوفييتات حقيقية، من شعارات عامة إلى برنامج طبقي، من إدارة الغضب إلى تنظيم القوة.

"إن السلاح النقدي لا يمكن أن يحل محل نقد السلاح، فالقوة المادية لا تُهزم إلا بالقوة المادية."
كارل ماركس

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 21. إصلاحية مقنّعة، جذرية منهزمة
- 20. المشروع الثوري: طبقية، تنظيم، ممارسة
- 19. المشروع الثوري: طبقية، تنظيم، ممارسة
- 18. من الراديكالية الزائفة إلى الانحراف البيروقراطي
- 17. هيمنة البرجوازية الصغيرة: صراع طبقي داخل الحزب
- 16. استعادة القيادة البروليتارية: شرط البقاء الثوري
- 15. الأممية الشكلية والديمقراطية الشكلية: أدوات هيمنة البرجو ...
- 14. الريف الغائب: جغرافيا الصراع الطبقي المُهملة
- 13. البرجوازية الصغيرة: خطاب بلا ثورة، كلمات بلا محتوى طبقي
- 12. البرجوازية الصغيرة: خطاب بلا ثورة، كلمات بلا محتوى طبقي.
- 11. ​خزينة الحزب الثوري: البوابة السرية لهيمنة البرجوا ...
- 10. الاستعمار وتشكُّل البرجوازية الصغيرة: الجذور التاريخية ل ...
- 9. البرجوازية الصغيرة بين التأرجح الطبقي وعجز القيادة الثوري ...
- 8. التحالفات الطبقية: بين ضرورة الثورة وفخ الهيمنة البرجوازي ...
- 7. البيروقراطية كأداة للهيمنة الطبقية
- 6. الانفصال عن الجماهير: كيف تتحول الأحزاب الثورية إلى أجهزة ...
- 5. الانفصال عن الجماهير: حين تتحول الأحزاب إلى نخب سياسية
- 4. الهيمنة على الوعي الطبقي: أدواتها، آثارها، وسبل المواجهة ...
- 3. تسلل البرجوازية الصغيرة إلى الأحزاب الشيوعية: آليات وأدوا ...
- 2. التناقض البنيوي: لماذا تتأرجح البرجوازية الصغيرة بين الثو ...


المزيد.....




- انتقادات لروبي بالـ -الخروج عن اللياقة- في حفلها بالساحل الش ...
- مسؤول إسرائيلي عن -غارة صنعاء-: واحدة من أسرع عملياتنا.. ويو ...
- -بالمعدل الذي يقتل فيه الجيش الإسرائيلي الصحفيين في غزة، لن ...
- زمير يحذر نتنياهو: تتجهون للحكم العسكري في قطاع غزة.. -افهمو ...
- الصين وروسيا تدافعان عن إيران وترفضان إعادة فرض العقوبات الأ ...
- ألمانيا – الحكم بسجن مغربي ثان أدين بالتجسس على مؤيدي -حراك ...
- الجزائر: لماذا أقال الرئيس تبون وزيره الأول؟
- فرنسا: ما الذي سينقذ حكومة بايرو؟
- ليبيا: المنفي يلتقي رئيس الأركان العامة لبحث خفض التوتر في ط ...
- موريتانيا: سيدي ولد التاه يتسلم رئاسة مصرف التنمية الإفريقي ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - على خط النار: الثورة السودانية بين الأوهام والسلطة 1. لماذا تقف ثورتنا على حافة الهاوية؟