أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر بين تلاعب الهويات وخطر التفكيك














المزيد.....

الجزائر بين تلاعب الهويات وخطر التفكيك


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 20:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أقدم العصور، ظلّت الجزائر أرضًا عصيّة على الفناء، قاومت الغزاة وتجاوزت كل أشكال الاحتلال. غير أن أخطر ما يتهددها اليوم لا يأتي من جيوش الأجانب، بل من بعض أبنائها الذين صاروا يشككون في هوية وطنهم، ويرفعون شعارات دخيلة لا تمت بصلة إلى التاريخ العميق لهذه الأرض. نسمع من يزعم أنّ الجزائر يمنية الأصل، وآخر يربطها بالعثمانيين، وثالث يردّد أنها فينيقية، ورابع يسعى إلى إلحاقها بنجد أو الشام… هكذا تتحول الهوية إلى سلعة في سوق المزايدات، ويغدو الشعب غريبًا عن تاريخه، وكأن أرضه دار أيتام تنتظر من ينسبها إلى هذا أو ذاك.
إنّ هذه السرديات الوافدة ليست مجرد "آراء بريئة"، بل هي تلاعب خطير يستهدف تفكيك الانتماء الوطني. فمن يشكّك في الأصل يضعف الولاء، ومن يمزّق التاريخ يفتح الباب أمام القوى الخارجية لتدّعي الوصاية على حاضرنا ومستقبلنا. ولعلّ الخطر الأكبر يكمن في أنّ هذه الخطابات تلقى آذانًا صاغية لدى بعض الشباب، فينشأ جيلٌ ملوّث بالاغتراب، فاقد للثقة في نفسه، مستعد لبيع هويته في سوق الوهم.
إنّ صمت الدولة أمام هذا المشهد لا يمكن أن يستمر، لأن حماية الهوية ليست ترفًا فكريًا، بل مسألة أمن قومي. نحن بحاجة إلى تشريعات صارمة تجرّم التشكيك في أصول الجزائر وتاريخها، وبحاجة إلى مؤسسة وطنية تعنى بالذاكرة الجماعية، توثقها وتعلّمها للأجيال بالعلم والبحث لا بالشعارات. كما أنّ إصلاح المناهج التربوية صار واجبًا ملحًا، حتى نغرس في أبنائنا الاعتزاز بتاريخهم العريق الممتد من نوميديا وماسينيسا إلى ثورة نوفمبر المجيدة. أما الإعلام، فينبغي أن يكون جبهة متقدمة في إنتاج المعرفة والوعي، وأن يواجه حملات التشويه ببرامج وأعمال فنية تحيي ملاحم أبطالنا وتكشف زيف السرديات المستوردة.
ولا يعفى المجتمع من مسؤوليته، فالمثقفون ملزمون بفضح الخرافات التي تُساق إلينا، والشباب مدعوون إلى استعادة الثقة في ذواتهم وهويتهم، والعائلات مطالبة بزرع حب الجزائر في نفوس أبنائها. ذلك أن حماية الوطن لا تكون بالدعاء فقط، بل بالوعي والقوانين والتربية والمواجهة الفكرية.
الجزائر ليست ابنة الغزو، ولا وريثة المزايدات، بل هي حضارة ضاربة في عمق الزمن، وهوية صاغتها دماء الشهداء وصمود الأحرار. من يتلاعب بها اليوم لا يختلف عن المستعمر بالأمس، فكلاهما يسعى إلى سلخ الجزائري عن أرضه وتاريخه. ورسالتنا واضحة: على الدولة أن تتحرك قبل فوات الأوان، وعلى الشعب أن يعي أن هويته أمانة لا تقبل المساومة.
فالجزائر إذا ضاعت هويتها ضاع معها كل شيء، وإذا صانت جذورها وأصالتها، فلن يقوى عليها أحد. فلتحيا الجزائر خالدةً في وجه كل الزوابع، عصيّة على كل غزو، رافعة راية أجدادها، وفية لشهدائها، مزهوة بأصالتها. الجزائر التي نحبها ونحيا لأجلها ونموت دفاعًا عنها، ستبقى أبديًا أرض الأحرار، وجوهرة إفريقيا، ورمز العزة والكرامة.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة بسيطة في التاريخ : من ماسينيسا واكسيل إلى نوفمبر المجي ...
- الجزائر ونوميديا : هوية ضاربة في عمق الزمن
- الجزائر... هوية لاتباع ولاتنسى
- هروب الأمل من الوطن : الجزائر بين الجهل وتنويم الشعب
- سليل نوميديا بين المجد والوعي : الجيش والشعب في ميزان التاري ...
- العقل ثورة... والبقية عبيد الأوهام
- الجزائر... حين يختنق المستقبل في حضن الماضي
- اغتيال الهوية الجزائرية: الغزو الفكري الذي تهمله الدولة
- المثقف العشائري... حين يتحوّل إلى أداة اصطفاف
- لعبة النار...بين النظام والتيارات المتطرفة في الجزائر
- النهضة لا جنس لها...من المانيا إلى الجزائر،الدرس الذي لم نتع ...
- الجزائر بين مطرقة الاستعمار القديم وسندان الوصاية الجديدة: ا ...
- الجزائر: وعي شعب يقطع الطريق على محاولات التلاعب وحكمة تقود ...
- رشيد بوجدرة والثورة الجزائرية: تصويب ضد التدليس الأيديولوجي
- العلمانية والإيمان : دعوا الدولة للناس،والدين لله
- عيد الاستقلال الجزائري : ذكرى المجد والتحدي
- التحرر من سجون الفكر.. دعوة إنسانية على خطى دوركايم
- محمد بوضياف....رجل حلم بدولة، فاغتالوه قبل أن يتم الحلم
- الحجاب: عادة اجتماعية أم فريضة دينية؟
- متى نتوقف عن الأدعاء بأن - الغرب منحل اخلاقيا -؟


المزيد.....




- ماكرون يوضح لترامب سبب عدم الجدوى من -تفكيك حماس-
- الحرب على غزة مباشر.. ترقب لنتائج اجتماع ترامب بقادة عرب ومس ...
- عاجل | مراسل الجزيرة عن أسطول الصمود: 15 مسيرة تحلق فوق عدد ...
- إيران وإسرائيل تستعدان لمعركة حاسمة
- شاهد..الريال يكشف عيوب ليفانتي
- أكثر من 150 دولة تعترف بها.. خريطة الاعتراف المتغيرة بفلسطين ...
- دراسة تكشف الرابط بين العلاقات العاطفية والرضا عن الحياة
- بري يرد على مبعوث واشنطن: جيش لبنان لن يكون حارسا لإسرائيل
- الترويكا وإيران.. انطلاق -مباحثات الفرص الأخيرة- في نيويورك ...
- غوتيرس: -الإفلات من العقاب- يهيمن على العالم


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر بين تلاعب الهويات وخطر التفكيك