أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!














المزيد.....

ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 15:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


كلما تأملتُ الواقع العربي المتردّي ومواقف الأنظمة تجاه معاناة فلسطين، تجلّى أمامي وجه ناجي العلي (أبو خالد)، الفنان الشجاع الذي لم يعرف الخوف، ولم يساوم على قلمه؛ القلم الذي كان سلاحه، وكلمته التي تهزّ الضمير. رسوماته الساخرة، وشخصية حنظلة الصامتة المليئة بالغضب، كانت مرآة لكل وعد لم يُوفَ، ولكل صمتٍ مريب، ولكل خذلان.

لكن الحزن على غيابه لا يقتصر على فنه وحده؛ فالوطن أيضاً لم يحتضنه في قبره. لقد تحوّل إلى رقم: 230191، في مقبرة بروك وود في لندن، بعيداً عن تراب فلسطين الذي حلم به، وعن سماء المخيمات التي رسم فيها حنظلة وصرخ باسم شعبه. الغربة ليست مسافة فحسب، بل حرمان الأرض الأم من احتضانه، وحرماننا نحن من دفئه الأبدي بيننا.

تتضاعف المرارة حين نتذكّر كيف منعت حركة "فتح"، بقيادة ياسر عرفات (أبو عمار)، دفنه في مخيّم عين الحلوة، مخيّمه ومخيّم أحلامه. وكيف عبّر الراحل أبو ماهر اليماني عن غضبه ومرارته من سلطة لم تُقدّر قيمةَ فنانٍ سخّر فنه من أجل فلسطين.

غياب ناجي العلي (أبو خالد) خسارة فادحة؛ ليس لأنه فنان استثنائي فحسب، بل لأنه كان صوت الحقيقة الصادق، وعيناً تكشف وجوه التخاذل، وضميراً لم يمت. قبره البعيد ليس مجرد حجر ورقم، بل رمز لحرمان الأمة من إرث ناصع من الجرأة والصدق، وحكاية عن فلسطين التي لم تستطع، حتى بعد موته، أن تحتضنه.

وفي كل رسمة، في كل خط من خطوط حنظلة، نسمع صرخة لم تمت؛ صرخة تحذرنا من الغياب، وتذكّرنا بأن الحرية لا تُنال إلا بمن يجرؤ على أن يكون حقيقياً وصادقاً وشجاعاً حتى النهاية.

ويبقى ناجي العلي (أبو خالد) غريباً؛ ليس فقط في قبره الذي يبعد آلاف الكيلومترات عن تراب فلسطين، بل أيضاً في غياب من أحبّوا الوطن ولم يقدّروا صوته الصادق.

كم كانت قلوبنا لتطمئن لو دُفن بيننا، في مخيم عين الحلوة أو في أيّ مخيم، بين أطفال فلسطين الذين كانوا يجدون في رسوماته بصيص أمل. لكن حركة "فتح" منعت ذلك، فحوّلته الغربة إلى رمز لفقدان الحق، ولعنة التخاذل المستمرة.

وغداً، عندما يمرّ أحدنا أمام قبره في لندن، لن يرى سوى رقـم على حجر بارد، بينما روحه تتجول في كل شارع فلسطيني، في كل حارة تنبض بالحلم، وفي كل عين ترى الظلم.

ما أقسى أن يموت الإنسان بعيداً عن وطنه، وأن يُدفن بعيداً عن ترابه الذي أحبّ… وما أقسى أن يترك خلفه وطناً يئنّ، وأمةً ضائعة بين الخيانة والخذلان، وحلماً ظلّ حبيس النسيان.

لقد غاب ناجي العلي عن وطنه حيّاً وميتاً، لكنه ترك إرثاً لا يُمحى؛ إرثاً من الشجاعة والصدق الفني والسياسي، جعل منه شاهداً على مرحلة كاملة من تاريخ النضال الفلسطيني، وأيقونة فنية وأخلاقية ما تزال تفضح الخيانة وتدعونا للوفاء للحلم الذي ظلّ، حتى اللحظة، حبيس النسيان.

[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة... حين يساوي التّوقيعُ وطناً!
- صبرا وشاتيلا… حين يصبح الوطن غطاءً للقتل!
- ذاكرة الدم… من صبرا وشاتيلا إلى غزة!
- غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!
- من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ ش ...
- غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!
- النجيل الفلسطيني: صمود لا ينكسر في وجه القهر!
- غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!
- الحذاء الأمريكي… والحذاء العربي!
- خذوا العبرة… من ملوك الاستسلام وأمراء البيانات!
- التاريخ سيكتب: أنتم جميعاً خذلتم غزة!
- عشيرة عرب السّمنيّة.. حين صنع نايف الحسن صوت البطولة!
- فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية ا ...
- غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!
- من نهيق الحمير إلى بيانات الشجب والإدانة!
- غزة… الامتحان الذي أسقط العالم بالضربة القاضية!
- فاطمة البُديري… المرأة التي جعلت الأثير جبهةً للمقاومة
- نزار بنات... حين قال -لا- ونام في تراب الوطن!
- أنس الشريف ومحمد قريقع… حين يكتب الشهداء وصية الحقيقة ويفضحو ...
- في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!


المزيد.....




- تحقيق لبي بي سي يكشف تمدداً عسكرياً إسرائيلياً جديداً في سور ...
- الناتو يحذر روسيا بعد الاختراقات المتكررة لخاصرته الشرقية
- دراسة هولندية: شرب الكحول وتدخين القنب يجذبان البعوض
- الغزيون يلملمون قتلاهم من الطرقات والباقي ما يزالون تحت الأن ...
- -شظايا عراق-: قصائد عن الذاكرة والمنفى وإعادة اختراع الريف
- نداء دولي لتنظيم الذكاء الاصطناعي... خبراء يحذرون من مخاطر غ ...
- السودان.. الفاشر تحت حصار مميت تفرضه قوات الدعم السريع
- وزارة الصحة في قطر تدرج لقاح الحزام الناري ضمن البرنامج الوط ...
- قطر تتوسع في أنشطة الصناعات الدوائية
- بعد عام من اكتشافها.. ثاني أكبر ألماسة في العالم في طريقها ل ...


المزيد.....

- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!