أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكد الجبوري - فلسطين: معيار مسؤولية التماسك الأخلاقي العالمي/ شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري















المزيد.....

فلسطين: معيار مسؤولية التماسك الأخلاقي العالمي/ شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 13:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- وصف الملخص التجريدي:
إنّ التكلفة الأكبر للوضع الراهن لا تُقاس فقط بالأرواح المفقودة، بل أيضًا بتآكل القانون الدولي.

المهمة العلمية والتعليمية للمقال:
- ما المعايير الاخلاقية المشروطة للتماسك العالمي إزاء ما يحدث في فلسطين؟
- ولكن ما هو موقف المجتمع الدولي الاستراتيجي. من خيارات تنفيذ السلام الثنائي بين الدول (إسرائيل وفلسطين)؟
- كيف ينفذ السلام العالمي في ظل الإنتهاكات الأنسانية والدبلوماسية التقليدية العامة لقواعد النظام العالمي؟
- وهل هناك رؤية حقوقية أممية تطبيقية. وفق قرارات الأمم المتحدة لـ"سلام عادل" قريبة لحل الدولتين مستقبلًا؟


مرّ أكثر من سبعة عقود منذ أن أصدرت الأمم المتحدة القرار عام 1947 الذي أوصى بتقسيم الانتداب البريطاني إلى دولتين: واحدة يهودية وأخرى عربية(). كان ذلك أول صياغة رسمية لما يُعرف الآن بـ"حل الدولتين". في ذلك الوقت، احتضنته الحركة الصهيونية كفرصة تاريخية، بينما رفضته الدول العربية والفلسطينيون باعتباره ظالمًا. وكانت النتيجة حرب 1948 وولادة دولة إسرائيل().

اليوم، تتجلى المفارقة: فالعالم العربي يدعم هذا الحل إلى حد كبير، وتدّعي فلسطين أنه أساس سيادتها، بينما يتمسّك به المجتمع الدولي باعتباره الأفق الوحيد القابل للتطبيق. إلا أن إسرائيل تنكره علنًا، ويبدو أن الولايات المتحدة، التي روّجت له لعقود، قد تخلّت عن دعمه. لم يتحقق وعد عام 1947، ومع كل دورة عنف في غزة والضفة الغربية، يتراجع هذا الوعد أكثر فأكثر.

لطالما كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرآةً للنظام العالمي. خلال الحرب الباردة، كان مسرحًا للتنافس بين واشنطن وموسكو، مع تحالفات امتدت إلى مصر وسوريا والأردن. في التسعينيات، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، بدت اتفاقيات أوسلو وكأنها تفتح نافذةً للسلام في ظل الهيمنة الأمريكية. لكن تلك النافذة أُغلقت مع الانتفاضة الثانية، وتوسع المستوطنات الإسرائيلية، وتآكل السلطة الفلسطينية.

اليوم، يعكس الصراع تحولًا جيوسياسيًا آخر: الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب. لقد اختبرت حرب غزة، التي أودت بحياة عشرات الآلاف، مصداقية المؤسسات الدولية وكشفت عن حدود الدبلوماسية التقليدية. إن استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) ضد عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة()، وقرارها رفض منح تأشيرات للمسؤولين الفلسطينيين لحضور الجمعية العامة، التي تبدأ هذا الأسبوع، هما بادرتان تُضعفان شرعية نظام قائم على قواعد عالمية.

في الوقت نفسه، تملأ الصين هذا الفراغ للدفاع عن التعددية والقضية الفلسطينية. لم تُقدّم الصين بعدُ خطةً مُفصّلة أو تُخصّص موارد كبيرة، لكنها تكتسب نفوذًا رمزيًا فيما يُسمّى بالجنوب العالمي. أما أوروبا، المُمزّقة بين التحالف عبر الأطلسي وضغوطها الداخلية، فتتجه نحو الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، كما فعلت إسبانيا وأيرلندا والنرويج، كبادرة سياسية أكثر منها خارطة طريق فعّالة.

في غضون ذلك، تُعقّد الديناميكيات الداخلية لكل جانب الصورة. في فلسطين، تضعف السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل متزايد. إن غياب الانتخابات، وإدراك الفساد، وعجزها عن تحقيق نتائج دبلوماسية، كلها عوامل تُقوّض شرعيتها. تملأ حماس والجماعات المسلحة الأخرى هذا الفراغ بخطاب مقاومة يكتسب زخمًا بين القطاعات المُحبطة والمُهانة. في إسرائيل، يوفر التفوق العسكري الأمريكي والدعم الأمريكي الأمن الفوري، لكنهما لا يُجيبان على السؤال الجوهري: أي مستقبل ينتظر ملايين الفلسطينيين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية؟ إن مشروع ضم الضفة الغربية، الذي تدفع به قطاعات من الائتلاف الحاكم، لا يتعارض مع حل الدولتين فحسب، بل يُهدد أيضًا بقطع روابط التطبيع الهشة التي أقامتها إسرائيل مع دول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب. حتى المملكة العربية السعودية، التي استكشفت خطوات نحو التطبيع، أوضحت أنها لن تُقدم على هذه الخطوة دون تحقيق تقدم ملموس للفلسطينيين.

إن أكبر تكلفة للوضع الحالي لا تُقاس فقط بالأرواح المفقودة، بل أيضًا بتآكل القانون الدولي. فقد أعلنت محكمة العدل الدولية أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، وتُبقي المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات مفتوحة في جرائم فظيعة وإبادة جماعية وصفتها بأنها "مُحتملة". ومع ذلك، فإن غياب العواقب الفعالة يُوحي بأن الامتثال للقواعد أمر اختياري لمن لديهم حلفاء أقوياء.

هذه السابقة خطيرة. قد تفسرها دول أخرى، في مناطق أخرى، على أنها تفويض ضمني لتعديل الحدود بالقوة أو ترسيخ الضم الفعلي. ما يحدث في فلسطين لا يبقى في فلسطين: إنه يقوض البنية العالمية التي، بكل قيودها، شكلت مرجعًا لحل النزاعات منذ عام 1945().

للانتقال من عالم أحادي القطب، تهيمن عليه الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة، إلى نظام متعدد الأقطاب عواقب مباشرة على الصراع. تحتفظ واشنطن بالقدرة على التأثير بشكل حاسم على إسرائيل، لكن دورها كوسيط موثوق آخذ في التلاشي. تستغل الصين وروسيا الرواية القائلة بأن الغرب يطبق معايير مزدوجة: فهو يطالب باحترام السيادة والقانون الدولي في أوكرانيا، بينما يقلل من شأنهما في فلسطين.

في كثير من دول الجنوب العالمي، يُغذي هذا التناقض شعورًا بالظلم. ليس الأمر أن الدول الأفريقية أو الأمريكية اللاتينية أو الآسيوية لديها حلول جاهزة لفلسطين، بل إن القضية أصبحت رمزًا للحاجة إلى نظام دولي أكثر توازنًا. بهذا المعنى، تُعدّ القضية الفلسطينية اليوم أيضًا قضية شرعية عالمية.

هل لحل الدولتين مستقبل؟ يعتبره الكثيرون حلمًا بعيد المنال، غارقًا في توسع المستوطنات وتجزئة أراضي الضفة الغربية. بينما يدافع عنه آخرون باعتباره الصيغة الوحيدة القادرة على توفير الأمن لإسرائيل والسيادة لفلسطين. لا يوجد نموذج بديل - لا دولة واحدة ثنائية القومية ولا إدارة غير محددة الأجل للأراضي - يُقدّم ضمانات ضئيلة للعدالة والاستقرار.

يكمن التحدي في أن وعد الدولتين قد أُفرغ من مضمونه السياسي. تُكرّره الخطابات كالتعويذة، لكن على أرض الواقع، يسود الأمر الواقع. ولكي يُصبح هذا الحل ممكنًا مرة أخرى، لا بد من تجديد الالتزام الدولي: وقفٌ فعّال للتوسع الاستيطاني، وضمانات إنسانية قوية في غزة والضفة الغربية، وعملية سياسية ذات مصداقية مع جداول زمنية وإشراف متعدد الأطراف.

ليس هذا سذاجة، بل إدراكٌ بأن البديل هو استمرار صراعٍ بلا مستقبل، مع تكاليف بشرية متزايدة وتأثيرٍ مُدمّر على الشرعية الدولية.

أخيرا. وبأختصار. لم يعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مجرد نزاعٍ على الأراضي. بل هو اليوم أيضًا اختبارٌ للنظام الدولي. إذا قبل المجتمع الدولي بإمكانية تعليق القانون إلى أجلٍ غير مسمى، وأن قرارات الأمم المتحدة حبرٌ على ورق، فإن وعد "لن يتكرر أبدًا" بعد الحرب العالمية الثانية سيُختزل إلى ذكرى خطابية.

في عالمٍ متعدد الأقطاب، حيث تتنافس القوى العظمى على النفوذ والشرعية، تُعدّ القضية الفلسطينية أكثر من مجرد صراعٍ إقليمي: إنها مقياسٌ للتماسك العالمي. لن يأتي السلام من الدبابات أو حق النقض، بل من إرادة الاعتراف بالآخر كصاحب حقوق. كان هذا وعد عام 1947، وهذا يبقى الدين المستحق لفلسطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيــو ـ 09/11/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسيقى: بإيجاز:(50) بيتهوفن: إعادة تصور المُثُل الكلاسيكية / ...
- موسيقى: بإيجاز:(49) بيتهوفن: تطور الفكر وظهور -الأسلوب المتأ ...
- موسيقى: بإيجاز:(48) بيتهوفن: العزلة الاجتماعية والتوتر في ال ...
- تاريخ الفن تركة إعادة التفكير المفقود/ إشبيليا الجبوري - ت: ...
- عولمة الدين التكنولوجي: الإله في جيبك/أبوذر الجبوري - ت: من ...
- عولمة الدين التكنولوجي: الإله في جيبك/أبوذر الجبوري - ت: من ...
- المضحك المُحزن / بقلم فرانكو بيرادي - ت: من الإيطالية أكد ال ...
- موسيقى: بإيجاز:(47) بيتهوفن: التطور الفني والارتداد الإبداعي ...
- موسيقى: بإيجاز:(46) بيتهوفن: تراكم وختام الاضطرابات الشخصية ...
- موسيقى: بإيجاز:(45) بيتهوفن: صراعه العائلي المُضني (1816-181 ...
- موسيقى: بإيجاز:(45) بيتهوفن: صراعه العائلي المُضني (1816-181 ...
- موسيقى: بإيجاز:(44) بيتهوفن: السياق التاريخي والمكانة العامة ...
- من مذكرات -كانو سوغاكو-* في السجن** - ت: من اليابانية أكد ال ...
- موسيقى: بإيجاز:(43) بيتهوفن: العودة إلى انبعاث النجاح الجماه ...
- ما خلفية الأنسحاب الأمريكي التكتيكي من العراق؟/ الغزالي الجب ...
- الولايات المتحدة: العاصمة الكونية لتجارة المخدرات/ الغزالي ا ...
- غزة: المجاعة كسلاح إبداعي استراتيجي عسكري. لمحرقة مدنية/ شعو ...
- موسيقى: بإيجاز:(42) بيتهوفن: التحول الفني وتراجع الإنتاج (18 ...
- موسيقى: بإيجاز:(41) فترة انتقالية وتأمل (1810-1811)/ إشبيليا ...
- (لوريتا) في ليلتها الأخيرة الهادئة/ إشبيليا الجبوري - ت: من ...


المزيد.....




- -أقوى من أي وقت مضى-.. قطر ترد على أنباء -إعادة تقييم- العلا ...
- دعمًا -للشعب السوري الشقيق-.. منحة سعودية نفطية ضخمة لدمشق ب ...
- تدمر تستعيد تاريخها: معالم بدوية ومتحف وطني يُبصر النور قريب ...
- ما مستقبل الوساطة في حرب غزة بعد هجوم إسرائيل على حماس في قط ...
- ما هي العقوبات الأمريكية الجديدة على ميليشيا الحوثيين في الي ...
- بريطانيا تقيل سفيرها في واشنطن لعلاقته بجيفري إبستين
- معاريف تكشف وثيقة ليبرمان لحكومة بديلة عن نتنياهو
- تاريخ طويل من الاغتيالات السياسية في أميركا
- 30 حالة منها 12 وفاة.. بدء محاكمة طبيب فرنسي بتهمة تسميم مرض ...
- هآرتس: نتنياهو طبّع مع الفساد ويجرّ إسرائيل إلى الهاوية


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكد الجبوري - فلسطين: معيار مسؤولية التماسك الأخلاقي العالمي/ شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري