أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكد الجبوري - غزة: المجاعة كسلاح إبداعي استراتيجي عسكري. لمحرقة مدنية/ شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري















المزيد.....

غزة: المجاعة كسلاح إبداعي استراتيجي عسكري. لمحرقة مدنية/ شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 07:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غزة: المجاعة كسلاح إبداعي استراتيجي عسكري. لمحرقة مدنية تربوية للمشاهدين العالميين. هو الصمت المتواطئ على الإبادة الجماعية والتشويه المُحكم. والهدف المُثقل بأدلة انهياره الأخلاقي. بل أداة مسؤولة في إسناد إبادة. مدعومة بالحصار الإسرائيلي.

لم يعد السؤال الحقيقي هو ماذا سيفعل العالم، بل كم من القتلى يحتاج ليستفيق من سباته الدبلوماسي.

يُقال إن الحديث عن غزة كثر، لكن كل شيء يُشير إلى أنها مجرد وهم بصري، لأن ما يسود في الواقع هو الصمت المتواطئ على الإبادة الجماعية والتشويه المُحكم. لقد اختار القرن الحادي والعشرون، المُثقل بأدلة انهياره الأخلاقي، أن يُقدم لنا درسًا مُتقدمًا أخيرًا في البربرية المُستنيرة. وهكذا تبرز غزة كمختبر إنساني للنظام العالمي الجديد، حيث لا يحدث شيء بالصدفة، وكل شيء مُخطط له بدقة. المجاعة، هذه الطريقة الجديدة، الأكثر هدوءًا وتمويهًا للإبادة الجماعية، ليست سوى طريقة مدروسة، وأداة إبادة مدعومة بالحصار الإسرائيلي ومشرعنة بسلبية - إن لم يكن بتواطؤ متحمس - مجتمع دولي جعل من فن غض الطرف تخصصه الأكثر رقيًا.

أما الأرقام، فقد نبذت عار الغموض. فقد قُتل أكثر من 60,034 فلسطينيًا منذ أكتوبر 2023، وفقًا لوزارة الصحة في غزة(). وأصيب 145,870 آخرون()، في حال تركت الوحشية الأولية أي نهايات غير واضحة. 55% من القتلى هم من النساء والأطفال وكبار السن()، تلك الشريحة المزعجة من السكان التي غالبًا ما تكون لديها عادة سيئة تتمثل في عدم تشكيل أي تهديد. صدفة؟ بالطبع لا: تماسك استراتيجي محض وبسيط، نحو هدف واضح: التطهير العرقي. من بين القتلى 18,592 طفلًا، يمثلون 30.8% من السكان؛ 9782 امرأة (16.3%)، و4412 مسنًا (7.3%)(). حتى الصدفة لا تُقدّر بمثل هذا القدر من الانتقائية في دمارها.()

وماذا عن العائلات؟ تقلص عددهم إلى الحد الأدنى، مع وجود ناجٍ واحد فقط. ويمكن القول إن نجاة الشهادة قد اعتُبرت فئة عملياتية جديدة. مات ما يقرب من ألف رضيع دون سن الواحدة منذ بدء الهجوم، ولكن، وكأن هذا لم يكن دليلاً على ذروة الهمجية، فقد تفوق الموت الفوري الذي تُسببه القنابل في كفاءته السردية تقنية أخرى أكثر تحفظًا وطولًا وصمتًا: التجويع. حتى الآن، مات 133 فلسطينيًا - 87 منهم أطفال - جوعًا(). لأنه، إذا كان ما تُثبته غزة دليلاً على شيء، فهو أنه يُمكن القتل دون إطلاق رصاصة واحدة.

وأفادت الأمم المتحدة، في إحدى زياراتها المتقطعة، مؤخرًا أن 90% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي(). واحد من كل ثلاثة سكان ظلّ بلا طعام لعدة أيام في يوليو. ويؤكد تقرير مركز معلومات المستهلك، الذي نُشر بكلّ الدبلوماسية التقنية التي تتطلبها الكارثة، أن غزة قد وصلت إلى أقصى مستويات سوء التغذية؛ إذ يعاني 10% من سوء التغذية الحاد، وأكثر من 20% من النساء الحوامل أو المرضعات في حالة حرجة(). باختصار، محرقة معاصرة.

بين أبريل ويوليو، نُقل أكثر من 20,000 طفل إلى المستشفى بسبب سوء التغذية(). من بينهم 3,000 في حالة حرجة. نحن لسنا أمام كارثة طبيعية أو مصادفة من المصائب(). نحن أمام مجاعة تحمل اسمًا ولقبًا وتوقيعًا. وصرحت منظمة الصحة العالمية(): "هذه ليست مصادفة تاريخية، بل مجاعة ناجمة عن الحصار"()، مضيفةً أن إسرائيل وشركائها. ولضمان الترجمة الفورية، عبّر المفوض العام للأونروا عن ذلك بوضوح تربوي: "هذا ليس معسكر اعتقال نازي. هذه غزة عام 2025"(). في هذه المرحلة، لا حاجة للمقارنة بغزة؛ فلديها بالفعل تصنيفها التاريخي الخاص من الرعب.

لا يقتصر براعة إسرائيل على منع دخول الغذاء. فخلال المجزرة، دمّرت وأعاقت وصول المساعدات الإنسانية(). دُفنت أو أُحرقت آلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية بعد أسابيع من احتجازها على الحدود. فلماذا نضيع فنّ اللوجستيات في منع وصول ما قد ينقذ الأرواح؟ عندما يُصبح الحصار مُحكمًا لدرجة السخافة، يختارون مشهدًا جويًا، فيُسقطون الإمدادات من السماء، كما لو كانوا يُنظّمون يانصيبًا إنسانيًا. بعبارة أخرى، ماذا تفعل عندما تكون المساعدات عالقة على الحدود؟ حسنًا، تُلقى من الجو، مما يُسعد وكالات الأنباء. بالطبع، هذا يعني أن شخصًا ما قد يُسحق حتى الموت، لكن دعونا لا ننسى أن اللوجستيات الحديثة تتطلب تضحيات. في هذه الأثناء، لم يعد الأطفال الفلسطينيون يحلمون بمستقبل. لقد حصروا طموحاتهم في طبق من الطعام. حتى أن بعضهم يفضل الجنة (أي الموت)، حيث - حسب زعمهم - يوجد خبز على الأقل. نعم، عندما تتجاوز رغبات الطفولة حدود الحياة، فذلك لأن الحاضر قد فُكك بلا رحمة.

وإذا بدا توزيع المساعدات المباشرة غير فعال، فلا داعي للقلق؛ فقد تدخلت تل أبيب وواشنطن بالفعل. أنشأتا "مؤسسة غزة الإنسانية"() التي، ببراعة فائقة، استبعدت الأمم المتحدة والوكالات ذات الخبرة. يبدو أن المشكلة كانت في الكفاءة. لذا، صُممت آلية جديدة، غير فعالة بعناية، ومسيّسة بعمق، وقاتلة في عواقبها.

ومن المسؤولون؟ لا مجال للغموض هنا. إسرائيل، القوة المحتلة ومنفذة الحصار(). الولايات المتحدة، الراعي الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي(). لأن لا شيء من هذا يمكن أن يستمر بدون أسلحة، بدون حق النقض في مجلس الأمن، بدون خطاب الدفاع المشروع الذي يرتقي إلى عقيدة عالمية. دفاع مشروع لدرجة أنه يتطلب، للحفاظ عليه، الإبادة المنهجية للسكان المدنيين. يبدو أن "الأمن القومي" يعتمد الآن على عدد جثث الأطفال التي يمكن تراكمها. الفاشية، بدون أنصاف الحلول.

الولايات المتحدة، بالطبع، ليست حليفًا بسيطًا. إنها الاستراتيجي والممول والمهندس(). منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وافقت على مساعدات عسكرية إضافية تزيد قيمتها عن 17 مليار دولار(). أما القنابل التي تدمر المدارس والمستشفيات، فهي في الوقت نفسه تُصنع وتُمول وتُبارك في واشنطن. ولإكمال الصورة، تحرص وسائل الإعلام الرئيسية على ترجمة المذبحة إلى لغة التماثل: فهي تُسميها "صراعًا" بين الأطراف، كما لو أن رمي الحجارة وإطلاق الصواريخ تعبيران متكافئان عن المنطق نفسه.

اليوم، ينجو أكثر من مليوني شخص - متى وكيفما استطاعوا - في سجن بلا قضبان. لم تعد غزة ديستوبيا؛ بل نموذج عملي للفشل الأخلاقي المعاصر. متحف حيّ للتجريد من الإنسانية، حيث تُدار الحياة كنفايات.

إبادة جماعية؟ بالطبع لا... سيقول القائمون على هذا التعبير المُلطف. مع أنها، من منظور إنساني بحت، هي كذلك. تقول اتفاقية عام 1948 ذلك، ونحن الذين نتحدث بإنصاف ودون تحيز أمام شعب يستحق ويحق له العيش بسلام نقول ذلك. لكن ما وراء التعريف القانوني، تفرض علينا غزة حقيقة أخلاقية يصعب تجنبها. نشهد إبادة جماعية تُرتكب بكفاءة القرن الحادي والعشرين، محصنة بخطاب القوة، وتُبثّ على الهواء مباشرة. محرقة ذات علامة تجارية، وتغطية إعلامية، وتصفيق جيوسياسي.

لكن السؤال الحقيقي لم يعد ماذا سيفعل العالم، بل كم عدد القتلى الذين يحتاجهم ليستفيق من سباته الدبلوماسي؟

وعندما يأتي حكم التاريخ أو القانون أو الضمير - لأنه سيأتي - فلن يكون ذريعةً لإخفاء جهلنا. لن نتمكن من القول إننا لم نكن نعرف. لأننا كنا نعرف. رأيناه، سمعناه، قرأناه. شاركناه. كل رقم، كل شهادة، كل جثة كانت تشير إلينا. وعندها، سيبقى سؤال واحد فقط: لماذا لم نفعل شيئًا؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيــو ـ 09/01/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسيقى: بإيجاز:(42) بيتهوفن: التحول الفني وتراجع الإنتاج (18 ...
- موسيقى: بإيجاز:(41) فترة انتقالية وتأمل (1810-1811)/ إشبيليا ...
- (لوريتا) في ليلتها الأخيرة الهادئة/ إشبيليا الجبوري - ت: من ...
- القوة العاطفية للمكتبات المستقلة في العصر الرقمي/ إشبيليا ال ...
- يا عشتار عفوك هذا الجمال / شعوب الجبوري ت: من الألمانية أكدا ...
- موسيقى: بإيجاز:(40) بيتهوفن: تأثيرات تراث القداس الاحتفالي/ ...
- موسيقى: بإيجاز:(39) يتهوفن: الأزمة الاجتماعية: القطيعة. شجار ...
- موسيقى: بإيجاز:(38) بيتهوفن: إعلان الهوية: ضميرًا موسيقيًا و ...
- موسيقى: بإيجاز:(37) بيتهوفن:بين المجد والمشقة / إشبيليا الجب ...
- رائحة المطر - هايكو السينيو
- تَرْويقَة: قصيدتان/ للشاعر الكولمبي ألفارو موتيس غاراميلو - ...
- موسيقى: بإيجاز:(36) بيتهوفن: الوضع الاجتماعي والمالي/ إشبيلي ...
- مُثل كونفوشيوسية - هايكو التانكا/ أبوذر الجبوري - ت: من اليا ...
- موسيقى: بإيجاز:(35) بيتهوفن: الحياة الشخصية والمشهد العاطفي/ ...
- مختارات أودافيشا ميري الشعرية - ت: من الإسبانية أكد الجبوري
- موسيقى: بإيجاز:(34) بيتهوفن:الصحة والسمع (1808-1809)/ إشبيلي ...
- موسيقى: بإيجاز:(33) بيتهوفن: حفل الأكاديمية التذكاري
- موسيقى: بإيجاز:(32) بيتهوفن: فيينا تحت الحصار: الغزو الفرنسي ...
- إما أن يكون النضال الايديولوجي ماركسيًا نسويًا أو لا يكون/ ا ...
- موسيقى: بإيجاز:(31) بيتهوفن: النشوة الفنية والأعمالٌ الضخمة/ ...


المزيد.....




- قمة منظمة شنغهاي: الرئيس الصيني يدين -عقلية الحرب الباردة- و ...
- بريطانيا تغلق سفارتها في القاهرة -مؤقتاً- بعد إزالة السلطات ...
- إدانات لقصف استهدف مستشفى شهداء الأقصى، وانطلاق أسطول كسر ال ...
- مؤسسة هند رجب تكشف تسلسل المجزرة الإسرائيلية بمستشفى ناصر
- الكابينيت الإسرائيلي يضع -غزة أولاً-.. ولا صفقة جزئية للأسرى ...
- بولتون يقرع ناقوس الخطر.. لبنان رهينة حزب الله والوقت ينفد
- تقرير: زلزال أفغانستان يقتل 250 شخصا على الأقل
- قمة الصين الأمنية: هل تشهد ولادة تحالف جديد ضد النفوذ الأمري ...
- خارجية بريطانيا تتحدث عن إغلاق مؤقت لمبنى سفارتها في مصر
- في الضفة.. كيف -تعاقب- إسرائيل الدول التي ستعترف بفلسطين؟


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكد الجبوري - غزة: المجاعة كسلاح إبداعي استراتيجي عسكري. لمحرقة مدنية/ شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري