أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - دور الاستبداد في تشويه أخلاق العباد














المزيد.....

دور الاستبداد في تشويه أخلاق العباد


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 11:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستبداد، هذه الكلمة التي أرّقت شعوب العالم، ورزحت تحت وطأتها أجيالٌ تلو أجيال، وما زال بعضها يئنّ في صمتٍ مكلوم؛ إذ لا يقتصر على القمع وتكميم الأفواه أو مصادرة الحريات، بل يتسلل إلى النسيج الأخلاقي والاجتماعي، فيعيد تشكيل العلاقات الإنسانية على أساس الخوف والريبة والنجاة الفردية..
ويصبح الناشط السياسي، الذي يفترض أن يكون ضمير المجتمع، منبوذاً حتى من أقرب الناس إليه، لا لشيء سوى أنه قرر أن يقول "لا" في وجه "نعم" الجماعية المفروضة.
فالأنظمة الاستبدادية لا تكتفي بإسكات الصوت المعارض، بل تسعى إلى عزله عن محيطه، وتجريمه في نظر من يحبونه، حتى يتحوّل إلى عبء نفسي واجتماعي، لا إلى حامل لقضية.

تبدأ المأساة من لحظة الانتماء، حين يقرر الفرد أن يكون جزءاً من حركة سياسية أو فكرية معارضة، فيجد نفسه فجأة في مواجهة ليس فقط مع السلطة، بل مع أهله وأصدقائه وجيرانه. يتحوّل الانتماء السياسي إلى وصمة، ويُنظر إليه، كمن جلب البلاء لأسرته، لا كمن يحاول انتزاع الكرامة للجميع.
تنشب الخلافات بين أفراد الأسرة، ويُحمّل الناشط مسؤولية المضايقات الأمنية التي تطالهم، ما يؤدي إلى عزلة اجتماعية قاسية.
وفي حالات كثيرة، ينتهي الزواج؛ بسبب اختلاف الانتماء السياسي أو الخوف من تبعاته، فتنهار العلاقات العاطفية أمام جدار الخوف، ويصبح أفراد الأسرة مخبرين غير رسميين، يراقبون بعضهم البعض، ويتجنّبون الحديث في السياسة حتى داخل الجدران المغلقة، وتتحوّل البيوت إلى مساحات من التوجّس، لا من الأمان.
ولا يقتصر أثر الاستبداد على تفكيك العلاقات، بل يتعداه إلى إعادة تشكيل منظومة القيم ذاتها. فبفعل الخوف من البطش والطمع في المكاسب، تنتشر ظاهرة التملق والزلفى والانتهازية في صفوف الشعب، ويُكافأ من يبيع ضميره على قارعة الولاء، بينما يُعاقب من يتمسك بموقفه. ويصبح الانتماء للسلطة جواز مرور إلى الامتيازات، ويغدو شعار المرحلة: "اسرق وانهب ما تشاء، المهم أن تكون في صفوف الولاء".
ففي ظل غياب القضاء النزيه، لا يُحاسب الفاسد، بل يُحمى، ويُقصى الشريف، بل ويُدان. وهكذا، يُعاد تعريف النجاح على أنه قدرة على التلون، لا على الثبات، وعلى الانحناء، لا على الوقوف.
ولا يمكن للمعاناة التي يعيشها الناشط السياسي ومن يمتّ له بصلة، أن تضمحلّ أو تزول في ظل هذه الظروف، فالجراح التي يخلّفها الاستبداد لا تُشفى إلا في مناخ نقيض له تماماً، حيث تسود الديمقراطية وتُحترم الحقوق وتُصان الكرامات.
لذلك، فإن الصبر والصمود والتحلي بالثبات الأخلاقي والوجداني يبقى الخيار الوحيد أمام المناضلين، إلى أن تتحقق الأهداف، وتُفتح نوافذ الحرية على مصاريعها.
والتغيير لا يولد من التمنيات، بل من التضحيات، ومن الإيمان بأن النور لا يأتي إلا بعد عبور النفق، مهما طال ظلامه.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء إلى مَن لم تتزوج بعد
- جعلوني انفصالياً!
- تأملات في خطوة المجلس التأسيسي لوسط وغرب سوريا
- الوجه الخفي لبريطانيا في الأزمة السورية
- الصديق اختيار.. والرفيق التزام
- التطبيع الزاحف وسلام العار
- السويداء في القلب.. وستبقى
- حين ينهزم الوزير أمام صمت الأسير
- في دهاليز الصمت.. حكاية تقريرٍ مخبّأ ومجازر لا تنسى
- غزة… بين مخالب الإبادة وفخّ التهجير
- ما قصة النفير العام في سوريا؟
- هل يمكن لهيئة تحرير الشام أن تقود مشروعاً ديمقراطياً في سوري ...
- من خطاب الدولة إلى خطاب المكونات: هل ضاعت سوريا في متاهة اله ...
- نزع السلاح.. هل هو بداية نهاية لبنان؟
- مأساة التشرذم في قضايا الشعوب
- من مراعاة النظام إلى تمثيل الكرد.. هل تغيّرت روسيا؟
- روسيا والمأساة السورية الممتدة
- أشباحُ الابتسام
- اتفاق دمشق – إسرائيل: هل فقدت الدولة سيادتها؟
- حين يُكافأ الشرف بالحصار.. هل جُنّت الحكومة الانتقالية؟


المزيد.....




- دبي تتحول لمنصة عالمية للأزياء بأسبوع الموضة لربيع وصيف 2026 ...
- هجوم مميت لراكب قطار جلست فتاة أمامه في المقعد.. شاهد اللحظة ...
- بعد شنها أكبر هجوم.. خريطة بالمواقع التي تسيطر عليها روسيا ف ...
- أبرز إطلالات النجمات العربيات على السجادة الحمراء في مهرجان ...
- أول تعليق من نتنياهو على حادث إطلاق النار في القدس
- تحرك كوري عاجل لإعادة مئات المحتجزين في الولايات المتحدة بعد ...
- إثيوبيا تتفوق على مصر في معركة مياه النيل بسد النهضة الضخم
- سقوط 5 قتلى على الأقل في إطلاق نار بالقدس الشرقية والشرطة تح ...
- كيف نفهم التوتر بين أميركا وفنزويلا؟ وما السيناريوهات المتوق ...
- منظمة أنقذوا الأطفال: الاحتلال يقتل طفلا كل ساعة في غزة


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - دور الاستبداد في تشويه أخلاق العباد