رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 10:16
المحور:
الادب والفن
البداية: المجد الملطّخ بالدم
في بلدة صغيرة يحكمها الصمت والخوف، كان سليم يتباهى أمام أصدقائه بأن القتل ليس جريمة بل بطولة. يرفع رأسه عاليًا، كأن كل رصاصة أطلقها وسام على صدره.
الناس من حوله بين صامتٍ مرتجف، ومصفّقٍ منافق، أما هو فكان يرى في الدم مرآةً لصورة متضخّمة.
كان يردد دائمًا:
"أنا لا أقتل بدافع الغضب، بل لأثبت أنني رجل. القتل فخر لا يدركه الجبناء."
ومع كل ضحية جديدة، كان غروره يكبر، واسمه يتحول إلى صفارة إنذار معلّقة بين الحياة والموت.
العقدة: الحفلة الأخيرة
في إحدى الليالي، أقام سليم حفلة صاخبة، سماها "عرس النصر".
دخل القاعة بثياب سوداء، أشبه بكفن مؤجل، والأضواء الخافتة تزيد وجهه قسوة.
وقف يخطب بين ضيوفه بصوت عالٍ:
"اليوم أرفع كأس الانتصار. كل جثة ورائي كانت جسرًا أعبر عليه نحو المجد. القتل هويتي، ومن يجرؤ على معارضتي فليجرب حظه."
ضحك البعض مجاملة، صمت آخرون خوفًا، فيما اشتعلت عيون قليلة بكراهية مكتومة.
الذروة: المفاجأة المدوّية
بينما كان يملأ كأسه بخمرة حمراء، اقترب منه طفل لم يتجاوز الثانية عشرة. عيناه دامعتان وصوته مرتجف:
"أنت تفتخر بقتل أبي... لكنك نسيت شيئًا."
ابتسم سليم بازدراء:
"أبوك كان مجرد خطوة صغيرة في طريقي. وأنت، ما الذي ستفعله؟"
عندها أخرج الطفل مسدسًا صغيرًا، كان يومًا لسليم نفسه حين رماه ساخرًا قائلاً: "هذه لعبة لا تصلح إلا للأطفال."
ضغط الطفل الزناد.
رصاصة وحيدة اخترقت صدر سليم، فسقط أرضًا، والكأس الأحمر ينقلب فوقه، يمتزج الخمر بدمه في مشهد لا يميّز فيه أحد بين أيهما أُريق.
النهاية: سقوط الأسطورة
خيم الصمت على القاعة. تجمدت الأنفاس.
اقترب الطفل وهمس، والدموع على وجهه:
"أبي لم يكن عدوك... كان إنسانًا فقط."
هكذا انتهى "البطل" الذي جعل من القتل فخرًا.
لم يسقط برصاص أعدائه الكبار، بل برصاصة طفل أعاد للعدالة براءتها الأولى.
في اليوم التالي لم تكتب الصحف: "قُتل رجل شرس".
بل كتبت:
"سقطت أسطورة القتل... على يد طفل أعاد تعريف الشجاعة."
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟