رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 14:07
المحور:
الادب والفن
“فرحًا مع الفرحين، وبكاءً مع الباكين” (رومية 12:15).
آية قصيرة، لكنّها تحمل في طياتها سرّ الوجود الإنساني، وجوهر المحبة التي لا تسقط أبدًا. فهي ليست دعوة أخلاقية وحسب، بل مسيرة قلب حيّ يعرف كيف يتسع لغيره، وكيف يتجرد من أنانيته ليصير مرآة لنعمة الله في العالم.
الفرح الذي يتضاعف
الفرح الحقيقي لا يعرف العزلة. أن أفرح مع الفرحين يعني أن أتخطّى حدود ذاتي، وأن أرى نجاح الآخر وغبطته امتدادًا لي. حينها يصبح الفرح جماعيًا، يتضاعف ويزهر، لأنه لا يُحاصر في قلبٍ واحد، بل يفيض على القلوب جميعًا. هكذا يُشفى القلب من الغيرة، ويصير الحب هو اللغة الوحيدة.
الحزن الذي يخفّف
أما البكاء مع الباكين، فهو قمّة الإنسانية. دمعة أذرفها تضامنًا مع أخي، لا تزيد ألمه، بل تحمله عن كتفيه لحظة. هنا يصبح البكاء صلاة صامتة، ورسالة حب أبلغ من كل العبارات. المشاركة في الحزن ليست ضعفًا، بل هي دليل قلب نابض يرفض أن يتحجر.
وحدة القلب والروح
بهذا التوازن العجيب بين الفرح والحزن، يرسم بولس طريق الوحدة الروحية. إن تألّم عضو تألّمت معه الأعضاء كلها، وإن فرح عضو فرحت الأعضاء كلها. نحن لسنا جزرًا منفصلة، بل جسد واحد، وروح واحدة، وكيان واحد، تتداخل فيه دموعنا وابتساماتنا لتشكّل لوحة إنسانية متكاملة.
دعوة إلى المحبة الصافية
الله لا يطلب منا قلوبًا باردة لا تعرف التأثر، بل قلوبًا حية، قادرة أن تبتسم وتبكي معًا. إن الفرح والحزن، حين يُعاشان مع الآخرين، يتحوّلان من خبرة فردية إلى نعمة جماعية، فتتقدّس الحياة اليومية وتكتسب طابعًا أبديًا.
الخلاصة
أن نفرح بفرح الآخر وكأننا نحن من نلنا النعمة، وأن نبكي معه وكأن جرحه جرحنا… هذه هي الإنسانية في أنقى صورها، وهذه هي الروحانية التي تجعلنا قريبين من قلب الله. نعم، إن سرّ إنسانيتنا مختبئ في دمعة وابتسامة
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟