رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8440 - 2025 / 8 / 20 - 13:44
المحور:
الادب والفن
لا يموتون الذين نحبّهم… تلك حقيقة لا تقبل جدالًا في وجدان العاشقين وفي يقين العارفين. إنهم لا يغادروننا كما نتوهّم، بل يتحوّلون إلى سرٍّ خفيٍّ يسكن في تفاصيلنا، إلى جذورٍ ضاربة في أرواحنا، تنبت من دموعنا أشجارًا من نور، وتورق في قلوبنا غاباتٍ من حنين.
يموت الجسد، نعم، ولكن الروح التي أحببناها لا تعرف الفناء. تتسرّب في أنفاسنا كندى الفجر، وتستيقظ معنا كل صباحٍ في وجه طفلٍ يضحك، أو في قُبلةِ ريحٍ على جبين وردة، أو في ظلّ شجرةٍ تبارك خطانا. هم الماء الذي لا ينقطع، والنبع الذي لا يجفّ، والسماء التي تنحني علينا بظلالها حين يثقلنا العطش.
لا يموتون… بل يتحوّلون إلى أغنيةٍ تسكن صمتنا، وإلى صلاةٍ نجهش بها عند مفترق الطرق. هم الجمر الذي يوقظ الدفء في ليالي الوحدة، والنور الذي يضيء لنا حين يطول الظلام. في غيابهم يولد الحضور، وفي موتهم تتفتح الحياة.
لقد علّمنا الله أن الحبّ الحقّ لا يزول، بل يخلّد. فمن أحبّ بصدقٍ قد زرع في قلبه جنة، ومن غرس في أرواح الآخرين بذور وفائه، فلن يُمحى اسمه حتى لو غاب الجسد. لهذا، لا نحزن حين يرحل أحبّتنا، لأنهم ينبتون فينا كلّما بكينا، ويزهرون كلّما ابتسمنا، ويثمرون في كل خطوة نمضيها حاملين ذكراهم.
لا يموتون… بل ينبتون، ونحن الأرض التي تحتضنهم، ونحن الحقول التي تثمر بهم، ونحن القصيدة التي لا تُختتم.
⸻
ومضة ختامية
لا يموتون…
إنهم قناديلُ الله في عتمتنا،
وبذورُ أبديةٌ في أرواحنا،
كلما سقيناها بالدمع أزهرت،
وكلما ضحكنا أثمرت،
فنمشي بهم… ومعهم… وفيهم،
إلى أن نصير نحن أيضًا غرسًا،
ينبت في قلوب من أحبّونا.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟