رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 09:38
المحور:
الادب والفن
كانت السماء في ذلك الصباح أقرب إلى لون الرماد، كأنها تعرف ما تخبئه لعائشة. سارت وحدها في الطريق الضيق المؤدي إلى المقبرة، حافية القدمين، لا لأنها نسيت حذاءها، بل لأنها شعرت أن التراب يحنّ لخطواتها.
منذ رحيل سامر، لم تعد تعرف الفرق بين النوم واليقظة. كان وجهه يزورها في أحلامها، لكنه لا يبتسم… فقط ينظر إليها بعينين تشبهان الأفق البعيد.
في منتصف الطريق، عند شجرة سدر وحيدة، وجدت طفلة ترتدي فستانًا رماديًا، تمسك بيدها ورقة جافة، تنظر إليها دون أن ترمش.
سألتها عائشة:
“هل ضللتِ الطريق يا صغيرتي؟”
أجابت الطفلة بصوت مبحوح:
“أنا الطريق”.
تراجعت عائشة خطوة، لكن الطفلة اقتربت، وضعت الورقة في يدها وهمست:
“قال لي… إنكِ ستأتين اليوم، وإنكِ لن تعودي”.
ارتعشت أصابع عائشة، وعندما فتحت الورقة، لم تجد سوى كلمة واحدة مكتوبة بخط سامر: “انتظرتك”.
أكملت سيرها مرتبكة، حتى وصلت إلى قبره. لم يكن هناك شاهد قبر، ولا تراب مبلل… فقط بركة ماء صافية تعكس السماء. وعندما انحنت لترى وجهها، رأت وجه سامر يبتسم، ويمد لها يده.
في تلك اللحظة، شعرت ببرودة الماء تغمر كاحليها، ثم ركبتيها، ثم صدرها… ولم تقاوم.
في اليوم التالي، جاء حارس المقبرة، فوجد بجوار شجرة السدر وردة رمادية غريبة، لم ير مثلها من قبل. أما القبر، فبقي كما كان… بلا شاهد، وبلا اسم
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟