رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 02:52
المحور:
الادب والفن
ورقةٌ بيضاء،
تطلُّ عليّ كوجهٍ لم يمسّه الزمن،
كقلبٍ ما زال في رحم الغيب،
لم تلوثه خطايا الحبر،
ولم تنقشهُ أنيابُ الكلمات.
أجلسُ أمامها،
كأنني أجلسُ في حضرةِ الله،
أرتجفُ من صفائها،
وأتطهّرُ ببياضها،
فأرى في نقائها
مرايا الأرواح قبل أن تسقط في الجسد.
يا ورقةً،
ما أعظمك حين تكونين بيضاء،
تحملين سرَّ البداية،
وتخبئين في طياتك وصيّةَ النهاية،
كلُّ من يخطُّ عليكِ أثرًا
يُدركُ أن البدايات لا تنجو من النهايات،
وأن النهايات تعود لتُولد فيك من جديد.
البياض الذي فيكِ ليس فراغًا،
بل كونٌ يتّسع لآلاف الصلوات،
سماءٌ لم تُعكّرها غيوم البشر،
وبحرٌ لم يجرؤ أحدٌ أن يرمي فيه
سواد خطاياه.
يا ورقتي البيضاء،
كوني لي وطنًا من النقاء،
ألوذ بكِ من جلبة الدنيا،
وأستندُ إليكِ كي أتعلمَ الصمت،
الصمت الذي يكتب الله به رسائله
في قلوب العارفين.
أيتها الورقة،
حين أضعُ قلمي فوقكِ
أخشى أن أجرحك،
فأستأذن منكِ بصمت،
وأرسم أول حرفٍ كما يرسم الساجدُ جبينهُ
على سجادة الفجر.
أيتها الورقة البيضاء،
أنتِ قلبي حين يتطهّر،
أنتِ وجهي حين يغسله الدمع،
أنتِ أنا…
قبل أن تلوثني الأسماء،
وقبل أن تصبغني الألوان.
وحين يطويكِ الزمن بين دفاتره،
لن تكوني ورقةً بعد الآن،
بل شاهدةً على أنني كنتُ هنا،
أحاولُ أن أكتب بياضًا
في عالمٍ امتلأ بالسواد.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟