رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8438 - 2025 / 8 / 18 - 00:24
المحور:
قضايا ثقافية
جدلية الروح والكلمة نقد لكتابات كاظم حسن سعيد.
لم يكن اختياري لنصوص الشاعر والصحفي والأديب العراقي كاظم حسن سعيد محض صدفة، ولا كان ترفًا نقديًا عابرًا، بل كان استجابة لنداءٍ خفيّ أيقظني كلّما وقعت عيناي على نصوصه. هناك كتّاب يكتبون لتزهو الكلمات بهم، وهناك آخرون – مثل كاظم – يكتبون ليُضيئوا للقارئ دروبًا من المعنى وسط عتمة الأسئلة وضجيج الحياة.
لقد وجدت في نصوصه تعدّدًا يشبه الحياة نفسها: قصيدة تتوهّج بالحنين كجمرٍ تحت رماد المنفى، مقالة صحفية تشهد على جرح الوطن وتوثّق لحظةً عابرة قبل أن تبتلعها دوامة النسيان، وحكاية أدبية تطرق أسئلة الوجود كما يطرق العاشق باب المستحيل. هذا التنوّع لم أقرأه كشتات، بل كلوحة فسيفساء متكاملة؛ كلّ قطعة فيها تكشف عن ظلّ مختلف للإنسان، للكاتب، وللشاعر الذي لا يهدأ.
إن ما شدّني في تجربة كاظم حسن سعيد ليس فقط لغته الشفافة أو قدرته على المزج بين الحلم والواقع، بل تلك الجدلية العميقة بين الروح والكلمة؛ فحين يكتب، لا يضع الحبر على الورق وحسب، بل يسكب نفسه كاملة، بجرحها وأملها وخوفها وشموخها. هو لا يكتب بيدٍ واحدة، بل يكتب بقلق المثقف، بحرارة الصحفي، وبخيال الشاعر، ليمنح نصوصه روحًا لا تهرم.
ولذلك اخترت أن أرافق نصوصه في هذا الكتاب النقدي، لا من موقع “الناقدة المتعالية” التي تفكك النصوص لتضعها في قوالب جاهزة، بل من موقع المسافرة في أرض الحروف، أقرأها بعينٍ عاشقة وبقلبٍ يصغي. أردتُ أن أقدّم للقارئ رحلة، لا مجرد دراسات؛ رحلة تكشف كيف يمكن للنص أن يتحوّل إلى مرآة نرى فيها وجوهنا وأوطاننا وأحلامنا المنفية.
هذا الكتاب هو إذن محاولة لالتقاط أصداء إنسانية وفكرية تسكن بين سطور كاظم حسن سعيد، وإعادة بثّها بروح جديدة، علّ القارئ يكتشف أن النقد ليس مقصلة، بل جسر محبة، ونافذة دهشة، واعترافًا بأن الكلمة، حين تكتب بصدق، تصبح بيتًا يسعنا جميعًا.
رانية فؤاد مرجية
اغسطس 2025
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟