أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل














المزيد.....

وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 13:48
المحور: سيرة ذاتية
    


من ضفاف الفرات إلى عرش اللغة، تمضي وئام كريم الموسوي بخطى ناعمة وواثقة، كأنها تمشي على جمر القصيدة بلا وجل، وتلثم لهبها بابتسامة شاعرة، عارفة بأن الحرف حين يكون امرأة، يصبح أكثر دهشةً، وأكثر وفاءً لجوهر المعنى.
وُلِدت في الحلة، مدينة الضوء والطين والتاريخ، يوم 23 نيسان 1989، وكأنها جاءت لتكتب في سجل الشعر اسماً جديداً لامرأة تعرف كيف تجعل من الكلمات معبراً إلى الروح، لا مجرد زخرف لغوي. درست في كلية الآداب – قسم الآثار الإسلامية، وفي كل أثر كانت تبحث عن ظل أنثى تُمسك القلم قبل أن يُمسكها القدر.
بدأت وئام تكتب الشعر مبكرًا، وفي مراحل الدراسة الأولى كانت تحمل دفاترها كما يحمل العاشق محبوبته، تهمس بالقصيدة كما يهمس النهر لشطّه. ولم تكن مجرد شاعرة تقف على المنصات، بل كانت مشعلًا ثقافيًا يتحرّك في المشهد، تؤسس، وتجمع، وتلهم.
قصيدة على هيئة ظل
حين أصدرت مجموعتيها الشعريتين:
"أنت هنا ربما أنا هناك" (2015).
"قريبًا كظلّي" (2015).
جاء صوتها الشعري مختلفًا، يجمع بين الرقة والوجع، وبين الأنوثة الشفيفة والتحدي الصامت. قصائدها كانت تراوغ المعنى، لا لتبتعد عنه، بل لتستدرجه إلى بوح أنثوي شفيف، بعيد عن الضجيج، قريب من عمق الذات. كتبت عن الحب كما يُكتب عن الخسارة، وعن الغياب كما يُكتب عن الولادة، فكانت قصائدها تمسك بتلابيب الزمن، وتفلت من قوالبه.
قال عنها أحد النقاد: "وئام لا تكتب الشعر، بل تنسج وشاحاً من الضوء، وتلقي به على وجه العالم، كأنها تستعير من الآلهة لسانها ومن الطفولة نبلها." وقال آخر: "ما تكتبه وئام هو شعرٌ يتكئ على الحواس، ويغترف من الرؤيا، لا من البلاغة، ومن هنا تأتي فرادة تجربتها."
امرأة بمشاريع ثقافية
وئام لم تكتفِ بالكتابة، بل آمنت بدور الكلمة في التغيير، وفي زمن عزفت فيه كثيرات عن الثقافة، أسست ناديًا ثقافيًا نسويًا حمل اسم "عشتار"، وهو أكثر من اسم إلهة قديمة، بل كان رمزًا لعودة الكتاب إلى مائدة الفتيات، وعودة القراءة إلى الوعي الاجتماعي. ومع فريق من الشابات، فتحت نوافذ الكتاب، وعادت تتلو على الحضور ملخصات كتب عربية وعالمية، فتسرب الحنين إلى الورق في قلوب الجيل الجديد.
لم يكن "نادي عشتار" مجرد نشاط نسوي، بل كان ثورة ناعمة، ونقطة ضوء في المشهد الثقافي البابلي. فقدّم النادي جلسات نقدية، وندوات ثقافية، وسلّط الضوء على أسماء نسائية عراقية في ميادين الأدب والفن والمعرفة.
سبع أرواح لرواية واحدة
حين صدرت روايتها "سبع أرواح" سنة 2018 عن دار آشور بانيبال، أثبتت أن صوتها لا يُحبس في بيت القصيدة فقط، بل يتسع لحكاية طويلة، فيها من التشظي بقدر ما فيها من التماسك، ومن الدهشة بقدر ما فيها من الجرح. كانت الرواية بمثابة تمرين على السرد بعيون أنثوية حاذقة، تستبطن الداخل وتفتح أفقًا روائيًا جديدًا في تجربتها الإبداعية.
حضور إذاعي وتلفزيوني متألّق
وئام كريم لم تكن غائبة عن المنابر الإعلامية، بل شاركت في برامج إذاعية وتلفزيونية، وقدّمت محتوى ثقافيًا بروح شاعرة ومفردات مثقفة. كما كانت ضيفة في عدد من اللقاءات التي أُجريت معها على القنوات الفضائية العراقية، حيث تحدّثت عن الشعر، والمرأة، والثقافة، بلغة راقية بعيدة عن التكلف، فيها من الوعي بقدر ما فيها من العفوية.
احتفاء نقدي بمكانتها الأدبية
يرى بعض النقاد أن وئام تنتمي إلى جيل يتجاوز النسوية الضيقة نحو "الكتابة الكونية"، التي تحتفظ بجماليات الأنثى دون أن تحبسها في قالب جنساني. ويُجمع أغلب من قرأها أو سمعها في مهرجانات الشعر أنها تكتب بنبرة غير مُقلّدة، وفيها خصوصية الصوت والتجربة، وقدرتها على تمرير الفكرة الكبيرة في جملة قصيرة، والإحالة إلى فلسفة العزلة من خلال مشهد بسيط، أو مفارقة شعرية.
وقال أحد الأدباء في جلسة نقدية عنها: "إذا كان الشعر ماءً، فإن وئام تصبه في كؤوس مختلفة، مرةً كدمعة، ومرة كابتسامة، ومرة كشرارة تقودنا إلى المعنى."
الشاعرة التي عرفت كيف تكون هناك... وتظل هنا
وئام كريم الموسوي، ليست فقط صوتًا شعريًا نسويًا جديدًا، بل هي تجربة متكاملة تنمو بلا صخب، وتثمر بلا استعراض. في كل قصيدة لها ظلّ خفيف من وجع الوطن، وفي كل مقالٍ بصمةُ امرأة قرأت، فكتبت، ثم نهضت لتُنير دربًا لغيرها.
وفي زمنٍ تتكسر فيه الأحلام على قارعة الحروب والمخاوف، تظلّ وئام مثالًا لشاعرة لم تكتفِ بكتابة الحزن، بل صنعت من كلماتها سلمًا للصعود، ومن ظلّها طريقًا للحضور.
"أنا هنا... ولكنك لا تعلم أن ظلي سبقني إليك." من إحدى قصائدها.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل
- صادق الطريحي الشاعر الذي مشى إلى اللغة بأجنحة من رؤيا
- عادل حبه: شاهد قرنٍ مضرجٍ بالخيبات والأمل
- في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة
- الخطيب الثائر محمد الشبيبي
- الشهيد الذي كتب بالحبر والدم: عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)
- عبد الرزاق الصافي: نبضُ الصحافةِ الحمراء وقلمُ الفكرة الواضح ...
- قاسم محمد حمزة... صوت الشعب الذي أعدمه الطغيان


المزيد.....




- -كافية لقتل كل سكان فلوريدا-.. خفر السواحل الأمريكي يصادر كم ...
- -أنا رجل يتمتع بفطنة سليمة عظيمة وذكاء-.. رد فعل ترامب على م ...
- ماذا يحدث عند انفجار جهاز يحمله غالبية المسافرين على متن الط ...
- -استقبلت 18 طفلًا برصاص في الرأس-.. طبيبة مُنعت من العودة إل ...
- ألمانيا ـ قطاع السيارات يخسر أكثر من خمسين ألف وظيفة
- لبنان يتسلم الرد الإسرائيلي وحزب الله يكرر رفضه التخلي عن ال ...
- مجلس الأمن يرجئ البت بمصير قوة اليونيفيل في جنوب لبنان: ما ن ...
- برّاك ينقل رسائل من إسرائيل إلى لبنان
- في 10 أعوام.. الاحتلال يدمر 1986 بئرا وبركة وخزان مياه بالضف ...
- ترامب يقيل محافظة الاحتياطي الفدرالي ومخاوف من التداعيات


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل