أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - هل يمكن لهيئة تحرير الشام أن تقود مشروعاً ديمقراطياً في سوريا؟














المزيد.....

هل يمكن لهيئة تحرير الشام أن تقود مشروعاً ديمقراطياً في سوريا؟


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضمّ الدعوات المتكررة لإنقاذ سوريا من مستنقع الدمار السياسي والمؤسساتي، يبرز سؤال جوهري: هل السلطة القائمة في دمشق، ممثلةً بهيئة تحرير الشام، قادرة على قيادة مشروع ديمقراطي حقيقي؟
العديد من الكتّاب الوطنيين والتقدميين يطرحون مطالب مشروعة، تتضمن عقد مؤتمر وطني عام، وتشكيل حكومة انتقالية جامعة، وصياغة دستور عصري، وتحقيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة المتورطين في جرائم بحق السوريين.
لكن المشكلة لا تكمن في عدالة هذه المطالب، بل في طبيعة السلطة التي يُطلب منها تنفيذها.
هيئة تحرير الشام، التي نشأت من رحم "جبهة النصرة"، تحمل في جوهرها مشروعاً أيديولوجياً متشدّداً، يرتكز على عقيدة السلفية الجهادية، رغم محاولاتها الأخيرة لتقديم وجه سياسي أكثر نعومة.
ما قامت به من حلّ للمؤسسات العسكرية والأمنية والحزبية، وتسريح للعمّال، وتغيير للمناهج، وانتهاك لحقوق الأقليات، لا يبدو ارتجالاً عشوائياً، بل أقرب إلى مخطط ممنهج لإعادة تشكيل المجتمع وفق رؤية إقصائية لا تحتمل التعدد.
الهيئة لم تعترف يوماً بشرعية التعددية السياسية، ولا بمرجعيات القانون المدني، ولا بأسس الدولة الوطنية القائمة على الحريات وحقوق الإنسان ولا بالديمقراطية. وهي تُكفّر كل من ينتمي إلى دين أو طائفة لا تنضوي تحت عقيدتها، رافضةً بذلك أي تنوّع فكري أو عقدي خارج إطارها المغلق.
سلطتها قائمة على التمكين لا التمثيل، وعلى التعيين لا الانتخابات، وعلى الهيئات الشرعية لا القضاء المستقل. فهل يمكن لسلطة كهذه أن تتحوّل إلى حاضنة لعلمانية مدنية؟
السؤال يكشف أكثر مما يستفهم، فالفكر المدني والعلماني يفترض الاعتراف بالمواطنة، والمساواة، وحرية المعتقد، وحقوق المرأة، وتداول السلطة، وهي جميعها قيم تتعارض جذرياً مع رؤية الهيئة، مهما حاولت "ترويض" خطابها الإعلامي.
محاولات الهيئة لتقديم نفسها كسلطة معتدلة تبدو أقرب إلى مناورات تكتيكية تهدف إلى تجنّب التصنيف الدولي، أو فرض نفسها كطرف شرعي في أي تسوية مستقبلية.
وحتى لو افترضنا وجود نية صادقة لدى الحكومة الانتقالية للاستجابة للمطالب، فإن الغالبية الساحقة من الفصائل العسكرية المنضوية تحت وزارتي الدفاع والداخلية تعارض ذلك بشدة، وقد تلجأ إلى العنف لمنع أي انفتاح سياسي.
وبالتالي، فإن الحديث عن مؤتمر وطني جامع، وحكومة انتقالية، ودستور جديد، يبقى أقرب إلى الخيال السياسي منه إلى مشروع قابل للتطبيق.
إن الطموح لسوريا ديمقراطية مدنية هو طموح مشروع، ويستحق النضال من أجله. لكن لا يمكن تحميل هذا المشروع لقوى تحمل فكراً إقصائياً، وتستند في شرعيتها إلى منطق القوة لا إلى التوافق الوطني.
فمن بنى سلطته على شعار "من يحرر يقرر"، لا يمكنه أن يقود شعباً يبحث عن الحرية، بل يقوده إلى سجن جديد بأقفال أيديولوجية هذه المرة.
من يراهن على هيئة تحرير الشام لقيادة مشروع ديمقراطي، إنما يضع حلم الحرية في جيب سلطة لا تعترف أصلاً به.
ومن يحلّ المؤسسات، ويفرض أيديولوجيا شمولية، ويقصي الأقليات، ويمنع العمل السياسي... لا يمكنه أن يكون بوابةً لسوريا المستقبل.
الحل لا يكمن في انتظار تحوّل الهيئة، بل في بناء مشروع وطني بديل، جذاب وأخلاقي، يقدّم نفسه للناس بوصفه طريقاً للحياة لا للموت.
هذا المشروع يجب أن يكون جامعاً، لا يُقصي أحداً من أبناء الوطن، لكنه يضع حدوداً واضحة ضد الفكر التكفيري والعنف، ويستند إلى قيم الحرية والعدالة والكرامة.
لا بد من تحالف مدني قوي، يضم القوى الديمقراطية والليبرالية واليسارية، وحتى الإسلامية المعتدلة، ليشكّل جبهة واحدة قادرة على مواجهة الفوضى والتكفير بخطاب عقلاني وإنساني.
كما أن تفكيك الخطاب الجهادي بات ضرورة لا تحتمل التأجيل، لا بهدف إنتاج كراهية مضادة، بل لكشف تناقضاته، وتعرية رموزه، وإبراز البديل الأفضل بلغة واضحة ومقنعة.
ويتطلّب ذلك تفعيل جميع أدوات التأثير المتاحة: من الإعلام، إلى الفن ووسائل التواصل الافتراضي، مروراً باللقاءات والندوات التي تجمع مختلف شرائح المجتمع السياسية والدينية، في حوارٍ يرسّخ قيم التعدد والانفتاح، ويعيد تشكيل الوعي الجمعي على أسس إنسانية مشتركة.
الفكر المتطرف لا يزدهر إلا في العتمة، يتغذّى على الأزمات، ويذبل حين تهدأ النار.
ولهذا، فإن بناء سورية الحديثة لا يتطلب معجزة، بل صبراً طويلاً وإيماناً راسخاً بأن النور، مهما طال انتظاره، لا بد أن ينبثق.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من خطاب الدولة إلى خطاب المكونات: هل ضاعت سوريا في متاهة اله ...
- نزع السلاح.. هل هو بداية نهاية لبنان؟
- مأساة التشرذم في قضايا الشعوب
- من مراعاة النظام إلى تمثيل الكرد.. هل تغيّرت روسيا؟
- روسيا والمأساة السورية الممتدة
- أشباحُ الابتسام
- اتفاق دمشق – إسرائيل: هل فقدت الدولة سيادتها؟
- حين يُكافأ الشرف بالحصار.. هل جُنّت الحكومة الانتقالية؟
- الحقد لا يسقط من السماء.. بل يصعد من الجحيم
- بلد الفزعات؟ أيّ وطن هذا؟!
- من السويداء إلى سايكس بيكو جديد... حين يصبح التقسيم حلاً مرغ ...
- من الساحل إلى السويداء.. متى يسقط الخوف؟
- العالم ليس صامتاً... العالم شريك في الجريمة
- هل تُفرّط حكومة الشرع بالجولان مقابل طرابلس؟
- هوية بصرية.. أم بصيرة غائبة؟
- حين تصبح البديهيات مادةً للجدل
- الصلاة في زمن الخوف
- هل مجزرة -كنيسة مار إلياس- آخر -التجاوزات الفردية-؟
- الردع الرمزي وتوازن الهيبة
- الثغرات القاتلة.. قراءة في فشل استخبارات إيران خلال الحرب


المزيد.....




- زفاف يمنى خوري -يومي-.. احتفالات فاخرة ومرصعّة بالنجوم.. الأ ...
- بعد لبنان وغزة.. هل يدخل العراق في سجال سحب السلاح من الحشد ...
- ماكرون: خطة إسرائيل بشأن غزة -كارثة محققة قد تدفع نحو حرب دا ...
- سياسات إيران الإقليمية.. ماذا في رسائل طهران لبغداد وبيروت؟ ...
- وقفات بالأردن تندد بمجزرة الاحتلال بحق الصحفيين في غزة
- -هواجس إقليمية-.. ماذا يريد لاريجاني من زيارة العراق ولبنان؟ ...
- تلغراف: هكذا تسعى أوكرانيا لاختراق أسطول روسيا النووي
- نزع السلاح، نزع الوجود السياسي
- مقابلة سمير عادل مع جريدة (الى الامام) حول اعمال مؤتمر زنكوZ ...
- اجتماع افتراضي رفيع لبحث مفاوضات السلام في أوكرانيا يضم ترام ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - هل يمكن لهيئة تحرير الشام أن تقود مشروعاً ديمقراطياً في سوريا؟