أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - حين يصرخ الصمت... رواية دينا حنحن تكتب بالحزن والنجاة قراءة في -جدار الصمت-














المزيد.....

حين يصرخ الصمت... رواية دينا حنحن تكتب بالحزن والنجاة قراءة في -جدار الصمت-


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


هناك كتبٌ تدخلها كما يدخل المسافر مدينة غريبة؛ تتأمل وجوهها، تشمّ هواءها، وتخطو بحذر على أرصفتها. لكن "جدار الصمت" للكاتبة دينا حنحن ليس مدينة تُزار، بل جدارٌ يقف أمامك شامخًا، يفرض عليك أن تلمسه، أن تصغي إلى وشوشاته، وأن تترجم ما لا يقال. كتبت دينا هذه الرواية بعد فاجعة فقدان ابنها باسم، لتتحول الكتابة هنا إلى فعل نجاة، ومحاولة لترميم الروح بالكلمات. منذ الصفحة الأولى، تدرك أنك أمام نص لا يمنحك رفاهية التسكع، بل يسحبك إلى قلبه حيث الصمت يصرخ، والذكريات تتنفس في الظلال.

هذه ليست رواية عن الصمت بوصفه غيابًا للكلام، بل عن الصمت كقوة فاعلة، كسوط يجلد الذاكرة، وكقفص يضيق على الروح حتى تخشى التنفس. الشخصيات تتحرك بين الكلمات بحذر، كأنها تسير في ممرات ضيقة بين ألغام، تخشى أن ينفجر الماضي إذا نطقت به.

الرواية كُتبت بعد فاجعة شخصية هزّت حياة الكاتبة، وهي وفاة ابنها باسم. هذا الحدث المفصلي لا يرد كذكرى عابرة، بل ينساب في نسيج النص كنبض داخلي، يفسّر عمق الألم، ويمدّ الصمت في الرواية بظلال من الفقد الذي لا يزول. إن الصمت هنا ليس اختيارًا، بل هو رد فعل نفسي أمام جرح لا يقبل الاندمال.

البعد النفسي للرواية
من الناحية النفسية، تُشيّد الكاتبة فضاءً مغلقًا يختزن مراحل الحداد والإنكار والعزلة، وكأن الجدار هو رمز لآلية دفاعية تبنيها النفس كي تتفادى الانهيار. غير أن هذه الآلية، بقدر ما تحمي، فإنها تحاصر، فتجعل الروح أسيرة لذكريات موجعة. في لحظات معينة، يطلّ القارئ على انكسارات داخلية، حيث تصطدم الشخصيات بحدود قدرتها على التعايش مع الفقد، فيسود شعور بالاغتراب والتيه.

الرمزية في "جدار الصمت"
الجدار: يتجاوز كونه حاجزًا ماديًا ليصبح تجسيدًا لكل ما يفصل الإنسان عن العالم: الخوف، الصدمة، الذكريات المؤلمة، وحتى القيم التي فقدت معناها.

الصمت: ليس سكونًا سلبيًا، بل فعل مقاومة وصراع داخلي، أحيانًا ضد النفس نفسها.

الظلّ والضوء: يلعبان دورًا مزدوجًا، فهما يكشفان ويخفيان، تمامًا كما تفعل الذاكرة حين تختار ما تسمح لنا بتذكره.

مقارنة بأسلوب الكاتبة في أعمال أخرى
في أعمال سابقة، اعتادت دينا حنحن المزج بين الحكاية الواقعية والبعد الإنساني العام، لكن في "جدار الصمت" تنتقل إلى مستوى أكثر خصوصية واعترافية، إذ تحوّل الألم الشخصي إلى نص أدبي جامع، يلامس القارئ مهما اختلفت تجربته. وهنا تكمن فرادة الرواية: إنها مكتوبة بدمع القلب لا بحبر القلم.

خاتمة
"جدار الصمت" ليست رواية للقراءة العابرة، بل نص يطالبك أن تقرأه ببطء، وأن تُصغي لما لا يُقال بقدر ما تقرأ ما كُتب. إنها شهادة على ألم شخصي تحوّل إلى عمل أدبي، وعلى قدرة الكلمة على اختراق أعتى الجدران التي تبنيها النفس.
إنها حكاية عن الشجاعة التي تبدأ من الإصغاء، وعن الحرية التي لا تُنال إلا حين نتجرأ على الكلام، ولو كان الكلام همسًا خلف جدار.

ومضات من النص
"كنت أضع يدي على الجدار، كأنني أتحسس نبضه، فأكتشف أنه ينبض بذكرياتي لا بحجارته."

"الصمت ليس غيابًا للصوت، بل حضورًا لما نخشى أن نقوله."

"أحيانًا، نختبئ خلف الجدران التي بنيناها، حتى من أنفسنا."

"بعد رحيله، صار الجدار أطول، والنافذة أصغر، والهواء أثقل."

"الضوء الذي يتسلل من شقوق الجدار... لا يبدد الظلام، بل يذكّرني به."

"كنت أظن أني أهرب بالصمت، لكني اكتشفت أني كنت أختبئ فيه."



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في نص إياد شماسنة –
- ثمن الفستان… وثمن الوهم قراءة وجدانية في قصة “رجل فاشل” ل عا ...
- نشيد الوحدة في حضرة النور
- شهيدة وطن
- “أيام الغبار”: حين تُحبّك البلاد كما تُجففك
- قراءة زاخرة وجدانية فلسفية لنص “صهيلُ السؤال في زمنِ الصمت”
- حين تُشرعُ الكلمات نوافذ الحوار _ فوز فرنسيس ورانية مرجيّة
- خبزُها... كتب، وصلاتُها... قصائد
- قراءة لديوان “لماذا تأخرتِ دهراً؟” للشاعر يحيى السماوي
- حينَ يزهرُ الصبّارُ في القلب: قراءة لرواية -إلى أن يُزهر الص ...
- حين يُصبح النقد مرآةً للروح والشعر: قراءة في دراسة إيمان مصا ...
- حين يُقتل الحنان بصمت: قراءة نقدية في “لقد قتل الفقد روح الك ...
- حين يُقتل الحنان بصمت: قراءة نقدية في “لقد قتل الفقد روح الك ...
- يا نارَ الانقسامِ، كُفّي
- من أين أملك لغتي؟
- الكاتب الكبير... الذي لا يكتب!
- -نكبتنا لم تَغِب... بل كبُرت معنا-
- توجيه مجموعات للمتوحدين: عبور إلى عالمٍ آخر
- دوائر الظلم
- الله منحك الحرية… فلا تسلّمها لأحد


المزيد.....




- فنانون وكتاب ومؤرخون أرجنتينيون يعلنون موقفهم الرافض لحرب ال ...
- سليمان منصور.. بين الريشة والطين: إبداع مقاوم يروي مآساة وأم ...
- أمير تاج السر: أؤرخ للبشر لا للسلاطين والرواية تبحث عن الحقي ...
- العودة إلى زمن (المصابيح الزرق) لحنّا مينه.. علامة مبكرة من ...
- حسين الجسمي يحيي -ليلة من العمر- في الساحل الشمالي وليلى زاه ...
- أنطونيو بانديراس في عيده الـ65: لن أعتزل التمثيل
- مقهى -مام خليل-.. حارس ذاكرة أربيل وقلبها النابض
- بمشاركة 300 دار نشر.. انطلاق -معرض إسطنبول للكتاب العربي- في ...
- الصدق أحلى يا أصحاب. قصة للأطفال جديدة للأديبة سيما الصيرفي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - حين يصرخ الصمت... رواية دينا حنحن تكتب بالحزن والنجاة قراءة في -جدار الصمت-