أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عادل زكى - تَرْسْمُل الرِّيع العَقَارِي














المزيد.....

تَرْسْمُل الرِّيع العَقَارِي


محمد عادل زكى
(Muhammad Adel Zaky)


الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 04:01
المحور: المجتمع المدني
    


في معركة الإيجارات القديمة، حيث يعلو صراخ "حق المالك"، ويُعاد إنتاج خطاب الظلم المزعوم، ينسى الجميع، أو يتناسون عن عمد، أن هذا "الحق" لم يُصادَر، بل تم قبضه، لا دفعة واحدة كما في البيع، بل على أقساط زمنية طويلة، ثابتة، ومتواصلة، طوال عقود. نحن لا نتحدث هنا عن حالة استثنائية، بل عن واقع اجتماعي واقتصادي استقر لما يربو على نصف قرن، كان فيه المالك يتقاضى أجرًا منتظمًا، مضمونًا، بلا مخاطرة، بلا تقلبات سوق، بلا ضرائب تُذكر، وبلا كُلفة حقيقية تُنقص من العائد. فهل يمكن لعاقل أن يدّعي أنه كان مظلومًا وهو يقبض كل شهر قسطًا من ثمن ملكه؟ الأرقام لا تكذب (بلغ عدد الأسر التي تقيم في وحدات مؤجرة إيجار قديم بتعداد 2017 (1.642.870) مليون أسرة، بواقع 7% من إجمالي عدد الأسر. بلغ عدد أفرد تلك الأسر (6.133.570) مليون فرد، بواقع 6.5% من إجمالي عدد الأفراد). وتقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وبيانات وزارة الإسكان، تشير إلى أن متوسط مدة العلاقة الإيجاريَّة في الوحدات القديمة تجاوز الأربعين عامًا. وخلال هذه المدة، تراوح الإيجار الشهري، بعد تراكمه وتعديله التدريجيّ، ما بين 100 و300 جنيه في أغلب الحالات داخل المدن الكبرى. إذا حسبنا هذا العائد على مدى 40 سنة، فإن ما قبضه المالك يناهز نصف مليون جنيه، بمقاييس القوة الشرائية الحقيقية، أي ما يعادل تقريبًا سعر الوحدة نفسها حين نشأت العلاقة. نحن إذًا أمام حالة بيع مؤجل، مقنّع في صورة إيجار، وليس أمام "اغتصاب للملكية" كما يروج البعض. لكن القضية أعمق من الحسابات. فالعلاقة الإيجارية لم تكن جريمة اجتماعية، بل كانت آلية تسوية في لحظة تاريخية كانت الدولة فيها تسعى لحماية السكن كحق أساسي، لا كمجال للمضاربة. والمستأجر لم يدخل العلاقة خلسة، بل بعقد قانوني، وبعلم المالك ورضاه، وبإرادة واضحة: أن يستقر هو وأسرته في هذا المكان إلى أن يشاء الله، لا إلى أن تتبدّل أهواء السُّوق. فهل يُعقل بعد كل هذا الزمن، أن يُعاد تعريف العلاقة بأثر رجعي، وأن يُطرَد الإنسان من بيته لأن السوق قد غيّر مزاجه؟ العدل ليس في تحرير العقد، بل في احترامه. والبيت الذي قُبِض ثمنه عبر الزمن، ليس ملكية خاملة، بل ملكية استُهلكت، تحققت، وأنتجت عائدها. إن محاولة قبض الثمن مرتين ليست مطالبة بالعدل، بل طمعٌ في زمنٍ لا يُرد، وفي مالٍ قد دُفِع، وفي علاقةٍ قد استُهلكت حتى النهاية. الدَّولة التي تتبنى هذا المنطق، لا تحمي الملكية، بل تعيد إنتاج الجشع بقوة القانون. في النهاية، ليس المالك هو من يُظلَم، بل الساكن الذي دفع ثمن سكنه زمنًا وطمأنينة. فالأثمان لا تُقاس بالنقد فقط، بل تُقاس بالعمر الذي استُهلك في بيت صار وطنًا صغيرًا. ومن قبض المال، لا يجوز له أن يقبض العمر.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)       Muhammad_Adel_Zaky#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضد أرجيري إيمانويل، وسمير أمين
- أيْن الخَلَل؟ قراءةٌ في تُرَّهات التَّبادُل غَيْر المُتَكافئ
- عن يسارٍ بلا مشروع، وقومية بلا مساءلة
- التَّبادُل غَير المُتَكافئ: كذْبةُ الشَّمال الَّتي صدَّقها ا ...
- المثقف اليساري: شبح بلا تاريخ
- ماركس: الوثن الَّذي صنعته الهيمنة
- إحياء قانون القيمة
- الإمبرياليَّة والنفط، وخرائط الدّم
- هل يمكن إنقاذ الاقتصاد السياسي؟
- من بابل إلى لانكشير: تاريخ مقنّن للسيطرة
- أزمة الماركسية في العالم العربي
- صدمة الحداثة
- الرأسمالية كحضارة نفي: حين يحكم الربح مسار الإنتاج
- الأزمة البيداجوجية للاقتصاد السياسي
- الإصلاح الاقتصادي: لحظة من لحظات الهيمنة
- مَن يربح حين نموت؟ الإمبرياليَّة تُجيب
- القانون: شرعنة القهر الرأسمالي الحديث
- قفاز حريري يُخفي مخالب من حديد
- نهب القارة الأفريقية: جرحٌ نازفٌ في جسد التَّاريخ والإنسانيّ ...
- الاقْتِصَاد السِّياسيّ: تحطيم المركزيَّة وبناء الإنسانيَّة


المزيد.....




- الأمم المتحدة تعلن وفاة 7 مهاجرين من الجوع والعطش قبالة سواح ...
- وزيرة بريطانية تحذر من تفاقم أزمة المجاعة بقطاع غزة
- الهلال الأحمر ينشئ وحدة عناية مكثفة لخدمة المصابين والمرضى و ...
- داخلية غزة: إسقاط المساعدات جوا يوقع قتلى ويزيد الفوضى في ظل ...
- استطلاع: 79% من جمهور الاحتلال -غير مبالين- بالمجاعة والإباد ...
- صندوق الأمم المتحدة للسكان يطلق تحذيرا بشأن الوضع الإنساني ف ...
- أمنستي: -إكس- سهلت انتشار خطاب الكراهية والعنف ضد المسلمين و ...
- أمنستي: -إكس- سهلت انتشار خطاب الكراهية والعنف ضد المسلمين و ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل تسعى لإلغاء تراخيص عشرات المنظمات الإ ...
- شبكة رقمية تغذي خطاب الكراهية ضد المهاجرين بعد طعن شرطي في أ ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عادل زكى - تَرْسْمُل الرِّيع العَقَارِي