أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - الرأسمالية كحضارة نفي: حين يحكم الربح مسار الإنتاج














المزيد.....

الرأسمالية كحضارة نفي: حين يحكم الربح مسار الإنتاج


محمد عادل زكى
(Muhammad Adel Zaky)


الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 23:35
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ليست الرأسماليَّة ـ كما قد يتوهم بعضهم ـ نظامًا اقتصاديًا ينهض على إشباع الحاجات الاجتماعية، بل هي بالأحرى نفيٌ صريح لتلك الحاجات طالما أنها لا تُترجم إلى طلبٍ فعال يُدرُّ ربحًا. فالمسألة، في جوهرها، ليست مسألة إنتاج من أجل الاستهلاك، وإنما إنتاج من أجل التراكم، من أجل استزراع القيمة الزائدة، من أجل الاغتناء المتنامي للرأسمال نفسه، لا لحاجات البشر ولا لضرورات العيش المشترك. ذلك أن الربح، وقد أصبح غايةً في ذاته، لا يعبأ كثيرًا بما إذا كان هذا المنتج أو ذاك يسدّ حاجةً أم يخلق وهماً، يغذّي حياةً أم يهددها، يضيف معنىً إلى الوجود الإنساني أم يضيف شقاءً جديدًا إلى شقاء قائم. فما دام هناك مستهلكٌ قادرٌ على الدَّفع، فلا بأس أن يُنتج ما لا حاجة له، ويُهمَل ما لا ربح فيه، حتى وإن كان ضرورةً حياتية أو مطلبًا إنسانيًا ملحًّا. وفي هذا الإطار، لا يُنتظر من الرأسمالي، أيًا كانت نواياه أو أخلاقه الشخصيَّة، أن يخرج عن منطق النظام الذي يحتضنه ويعيد إنتاجه. فهو لا يعمل من أجل المجتمع، ولا من أجل الإنسان، بل من أجل القيمة، وتحديدًا: ازدياد القيمة. وهنا يطلّ قانون القيمة باعتباره المبدأ المحرك لكل النشاط الرأسمالي، بل يمكن القول إن الرأسمال لا يحيا إلا عبر هذا القانون، ولا يتحرك إلا في مداراته. ولذلك، فإن الرأسمالي، بقدر ما هو حامل للرأسمال لا كيان مستقل، يُرغم على أن يبحث دائمًا عن أقل نفقة، عن أرخص قوة عمل، عن مواد خام بأدنى تكلفة، وعن أسواق تتسع لقيمة تُنتَج لا من أجل حاجتنا، بل من أجل حاجته هو... حاجة القيمة إلى أن تتضاعف. هنا يتبدى التناقض: المجتمع في حاجة إلى إنتاج من أجل الحياة، بينما النظام في حاجة إلى إنتاج من أجل الربح. وبين هذين القطبين المتنافرين، تتكثف أزمات الرأسمالية، لا بوصفها أزمات تقنية في التنظيم أو التَّوزيع، بل بوصفها أزمات نابعة من منطقها نفسه، من طبيعة القيمة بوصفها تجريدًا اجتماعيًا لا يعترف بالحياة إلا إذا ارتدت عباءة الربح. هكذا يغدو (العلم الاقتصادي الحديث!) في صيغته الرأسمالية علمًا للأرباح. وليس علمًا للازدهار الإنساني، بل لسلطة القيمة وهيمنتها. ولذا؛ فإن تحرير الاقتصاد لا يعني شيئًا آخر سوى تحرير الربح من كل قيد اجتماعي أو أخلاقي أو إنساني، وجعل الحياة نفسها تابعة لمنطق السوق، لا العكس. فما الذي تبقى من "الحاجة" في هذا الإطار؟ لا شيء، إلا إذا أُعيد تعريف الحاجة بحسب مقاييس الربح. إننا لا نعيش في اقتصاد يلبّي الحاجات، بل في اقتصاد يُنتج حاجات زائفة فقط ليستهلك ذاته، اقتصاد تُنبت فيه الرغبة لا لأن الإنسان يحتاج، بل لأن الرأسمال يريد أن يبيع. بهذا المعنى، يصبح من المشروع أن نتساءل: هل الرأسمالية نظامٌ اقتصادي؟ أم أنها نظامٌ حضاري كامل، يختزل الوجود الإنساني في حسابات الفائدة وجدليات السُّوق، وينقلب على كل ما راكمته الحضارات من معنى ومغزى وغاية؟ وهل يمكن نقد الاقتصاد السياسي من داخله؟ أم أن النقد الجذري يتطلب تجاوز هذا الاقتصاد ذاته، والبحث عن عالم لا يكون فيه الربح هو المبدأ الأعلى؟



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)       Muhammad_Adel_Zaky#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة البيداجوجية للاقتصاد السياسي
- الإصلاح الاقتصادي: لحظة من لحظات الهيمنة
- مَن يربح حين نموت؟ الإمبرياليَّة تُجيب
- القانون: شرعنة القهر الرأسمالي الحديث
- قفاز حريري يُخفي مخالب من حديد
- نهب القارة الأفريقية: جرحٌ نازفٌ في جسد التَّاريخ والإنسانيّ ...
- الاقْتِصَاد السِّياسيّ: تحطيم المركزيَّة وبناء الإنسانيَّة
- أطلال الحضارات المغدورة: أمريكا اللاتينيَّة في ظل الهيمنة ال ...
- في التَّاريخ الذي كُتب بالذهب والدم: نقد المركزيَّة الأوروبي ...
- الهيمنة بالفائدة: الرأسمالية حين تُدير العالم كخزينة خاصة
- هيمنة التداول وأزمة الاقتصاد المتخلف
- الآلهة الجديدة: الرَّأسمال، والسُّوق، والإمبرياليَّة
- رامساي (1789- 1864)
- خدعة البريكس: قراءة نقدية في وهم الاقتصاد السياسي الجديد
- استبداد السلطة في الأنظمة العربية: جدلية القمع والتخلف
- عن التخلُّف وإعادة إنتاجه
- في مواجهة الاقتصاد النفطيّ المُقدّس
- الطَّبقة الْوسطى العربيَّة: صراعات الهوية وتصدّعات الحداثة
- الطبقة المستحيلة: أزمة العامل العربيّ في اقتصاد تابع
- وليم بتي (1623–1687)


المزيد.....




- فيديو منسوب لمشاهد دمار في إسرائيل جراء الصواريخ الإيرانية.. ...
- بين هدنة مؤقتة وبداية تحول استراتيجي.. ماذا بعد وقف إطلاق ال ...
- شاهد.. غوارديولا يداعب الكرة مع لاعبي السيتي على الشاطئ
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا
- طهران تستعيد نبضها الهادئ بعد صخب الحرب
- وول ستريت وأسباب تعجُّل ترامب لوقف الحرب
- لماذا نشرت اليونان سفنا حربية قبالة السواحل الليبية؟


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكى - الرأسمالية كحضارة نفي: حين يحكم الربح مسار الإنتاج