أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - الآلهة الجديدة: الرَّأسمال، والسُّوق، والإمبرياليَّة














المزيد.....

الآلهة الجديدة: الرَّأسمال، والسُّوق، والإمبرياليَّة


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 00:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ما الحياة؟ وما الهدف منها؟
ربما عالم اليوم، وحده، هو القادر على الإجابة عن هذين السُّؤالين؛ يجيب: لا أعرِف! وكيف يعرِف بعد أن صار عبر خمسمئة سنة من الانحطاط لا يعرِف سوى الهذيان؛ بعدما أصرَّ على الانتحار الجماعيّ، لقد صمت فينا صوت الحياة... وغفل داخلنا ضمير الإنسان، حتى كاد الإنسان أن ينسى أنه إنسان؛ بعد أن فقد عبقرية مشيته المستقيمة حين ألف السجود للطغاة فزحف على بطنِه من الفاقة والجوع... أو تحوّل إلى حشرة كافكا... إن حشرة كافكا هي التّجسيد الرّائع لعالم يترنّح إنسانه بعد أن صارت الحياة بلا معنى وبلا هدف، وبلا مشروع حضاريّ لمستقبل آمن. كيف يعرِف عالمنا اليوم معنى الحياة والهدف منها! وقد مهّد له دانتي حين فصل تاريخيًّا، وبمنطق أرسطو المقدّس بين الحياة والدين، واختزل له ديكارت الإنسان إلى آلة مفكرة؛ المشاعر... الأحاسيس... العواطف... كلها صارت عمليات عقليّة تخضع، مع التطور التكنولوجيّ، إلى القياس الدقيق على أحدث برامج بيل جيتس، ويمكن حسابها طبقًا لسعر الصرف العالميّ! كيف يعرِف عالمنا اليوم معنى الحياة والهدف منها! وقد أعلن له نيتشه أن الناس هم الذين أقاموا الخير والشر فابتدعوهما وما اكتشفوهما ولا أنزلا عليهما من السماء! ابتداءً من اللامعنى صار الإلحادُ إبداعًا. والدين أسطورة. والرسل مرتزقة. حتى الإلحاد صار مسخًا. ابتداءً من اللامعنى لعن فاوست كل شيء صالحًا على الأرض واتبع مارجريت! ابتداءً من اللامعنى واللاهدف أمسى الانسلاخ عن حضارة الإنسان حداثة، وهجر التراث الإنسانيّ المشترك تجديدًا، أما وحدة المعرفة الإنسانيّة فقد باتت عتهًا! كيف يعرِف عالمنا اليوم معنى الحياة والهدف منها! وقد همس له حلّاق أشبيليه: "إن للذهب قدرة على تفتيح مدارك الإنسان". كم هي عبارة مهذّبة، مقارنةً بما صاح به كولومبس في جاميكا: "الذّهب شيء مدهش. من يملكه يملك كل شيء، من يملكه يملك كل ما يرغب فيه، بل بالذّهب يستطيع المرء أن يُدخل الأرواح إلى الجنّة". ابتداءً من اللامعنى صار الهوس العقليّ مرحًا في موسيقى "الهارد روك" و"الميتال" و"التكنو" و"الفانكي"، ولقد أمسى الخواء تجريبًا، وتدمير المعنى واللون انطباعيّة، وإهدار الشكل والأبعاد تكعيبًا، والاختزال والتسطيح أسموه تجريدًا. ومع اللامعنى تجرّعنا مرّ تراث الدين الوضعيّ... التراث الذي جرّد النصوص الخلّاقة من قوتها المتسائلة عن معنى حياتنا والهدف منها، حتى صرنا لا نميز بين وقت الفراغ وبين الوقت الفارغ؛ لأن تجريد تلك النصوص من قوتها تلك إنما تم في نفس اللحظة التي تحوّلت فيها من أيقونة إلى وثن... من نقطة بداية إلى خط نهاية العابر له مرتد! ومن كان لا يروقه قولي فلينظر إلى الخواء في الفن، وإلى الاضمحلال في الأخلاق، وإلى الفساد والفوضى في الاقتصَاد، وإلى القمع في السّياسة، وإلى التجارة بالدين،... فلينظر إلى التحلل في الرّغبة الجماعية... وإلى النّهضة في الفرديّة والأنانيّة. فلينظر إلى الأحاديّة في المعرفة، وإلى الثيوقراطيّة في الإيمان، وإلى الهوس في الدين، وإلى الصنميّة في الرأي... فلينظر إلى ادعاء امتلاك الحقيقة الاجتماعيّة، ورفض الآخر من باب أنه آخر، فلينظر إلى الحروب... إلى الإبادة... إلى طمس حضارات، وإزالة ثقافات من على خريطة العالم! حقًا، هذا هو العالم الذي أفرزته الخمسمئة سنة الماضية. إنه العالم الذي شرع يرنّم ترانيم هلاكه على مذبح الإله الأبطش: الرأسمالية، بقيادة كاهن معبدها: اقتصاد السُّوق، وفي هستيريا جماعية أطلق خُدّام المذبح (المرصّع بالدولار) بخور الجنائز بعد أن تليت عليه إصحاحات من كتاب الانحطاط في معابد "وول ستريت" وفروعها في طوكيو وبرلين ونيويورك وباريس! ها هي الآلهة اليونانية العائدة في صيغة هندية، تعود من جديد. إله السوق. إله الرأسمالية. إله الإمبريالية، الثلاثة في واحد (آمين)؛ إنهم في إله واحد نهم عطش إلى مزيد من دماء الشعوب التي اختلطت بأوراق "النقد" في خزائن "صندوق" الموت الحامل لعرش أسياد العالم ومفسديهم، محرّكي الفتن فيه وجلاديه. طليعة الانحطاط، أمريكا، وخدّام معابدها! ولم تزل الشرايين مفتوحة!



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رامساي (1789- 1864)
- خدعة البريكس: قراءة نقدية في وهم الاقتصاد السياسي الجديد
- استبداد السلطة في الأنظمة العربية: جدلية القمع والتخلف
- عن التخلُّف وإعادة إنتاجه
- في مواجهة الاقتصاد النفطيّ المُقدّس
- الطَّبقة الْوسطى العربيَّة: صراعات الهوية وتصدّعات الحداثة
- الطبقة المستحيلة: أزمة العامل العربيّ في اقتصاد تابع
- وليم بتي (1623–1687)
- ريتشارد كانتيون (1680–1734)
- النيوكلاسيكية: نهاية الاقتصاد السياسي وبداية وهم العلم المحا ...
- فرنسوا كينيه (1694 – 1774)
- ما بعد الاحتلال: الصراع العربي/الإسرائيلي كأزمة حضارية
- التاريخ كصيرورة: في نقد الثبات والوهم في الوعي الاجتماعي
- منابر الصمت: المدارس والجامعات بين الطاعة والمعرفة
- النيوليبرالية العربية: عن عبودية السوق واستقالة الدولة
- في مدارات التبعيّة: الاقتصاد كإعادة إنتاج للفقر
- الجامعة كآلية لإعادة إنتاج الطاعة
- من نظام إلى احتضار: سيرة العدم المعولم
- سرّ إنتاج المعرفة
- النخَّاس الجديد: كيف تعيد الإمبريالية صياغة هويتنا وتراثنا؟


المزيد.....




- -تُبت إلى الله-.. داعية مصري يثير التكهنات حول اعتزال المطرب ...
- طهران تهدد بالردّ الصارم على أي خطوة إسرائيلية متهورة
- جولة مفاوضات ثانية في إسطبول بين الروس والأوكرانيين
- إيران: سنرد على المقترحات الأمريكية وفق مصالحنا الوطنية والت ...
- السيسي يلتقي وزير خارجية إيران ويحذر من حرب شاملة
- تركيا تأمل بأن يتم في نهاية المطاف لقاء بين بوتين وزيلينسكي ...
- غروسي يؤكد دور مصر -الواضح- في محاولة تسوية الملف النووي الإ ...
- السعودية.. حجّاج من الصين ينظفون شوارع مكة المكرمة
- مباحثات أمنية بين مديري المخابرات السودانية والإثيوبية في بو ...
- مغردون: هجوم أوكرانيا على روسيا يستدعي ذكريات بيرل هاربر ومخ ...


المزيد.....

- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - الآلهة الجديدة: الرَّأسمال، والسُّوق، والإمبرياليَّة