أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - رامساي (1789- 1864)














المزيد.....

رامساي (1789- 1864)


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 03:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم ينتج رامساي عِلمًا، بل أعاد إنتاج خطاب سائد، لم يكن مفكرًا، بل كان "مدرّسًا". بمعنى: الإعادة، لا الإبداع. النقل، لا الخلق. تثبيت الموجود، لا خلخلته. لقد جاء رامساي في لحظة كانت فيها الرأسماليَّة الإنجليزية تُعاني من فائض نشاط، وفائض عُنف، وفائض سلع. فكان هو مَن تولّى وظيفة "المؤسّس الخطابيّ" لهذا الفائض. أي أنه لم يكن مفكرًا في الرأسماليَّة، بل مفكرًا من داخلها، بل بها، بل... لها. ومنذ كتاباته الأولى، بدا رامساي مأخوذًا بهاجس "التَّجريد"، لا التَّجريد الَّذي يحرّر الْفكرة من تاريخها الكَاذب، بل التَّجريد الإحصائيّ الَّذي يفصل الإنْسان عن العالم، ويحوّل الْعملية الإنتاجيَّة إلى عملية حسابيَّة صمّاء. لقد أراد أن يصنع من الاقتصاد علمًا طبيعيًّا، كما هو نيوتن في الفيزياء، أو لافوازييه في الكيمياء. فكانت النتيجة علمًا بدون حياة، بدون بشر، بدون صراع. كان يكتب عن الأجور كما لو كانت قانونًا فيزيائيًا بحتًا، وعن الفقر كما لو كان اختيارًا أخلاقيًا، وعن السُّوق كما لو كانت تجليًا لإرادة إلهية لا تُناقش. ولا يُمكن فهم رامساي إلا في ضوء الْوظيفة الَّتي قام بها: المنظر لما بعد ريكاردو. أي ذاك الَّذي أخذ النَّص الرَّأسماليّ، الموشوم بالتناقضات، وحاول تجهيزه ليُصبح كتابًا مدرسيًّا. لم يكتب "نقد الاقتصَاد السّياسي"، بل كتب الاقتِصَاد السّياسيّ كنقد مُضاد للواقع، وكآلية دفاع عن الرَّأسمالية لا عن الإنْسان. إنه ابن أمين للمنطق البرجوازيّ: يَجمع، يُبسط، يُصنّف، يُقنن، لكنه لا يُشكك، لا يُمزّق النَّص، لا يُثير السُّؤال المؤسّس: ما الَّذي يُخفيه هذا العِلم المسمى"اقتِصَادًا سياسيًّا"؟ ومن أجل مَن يُصاغ؟ وإذا كان ريكاردو قد وُصف بأنه عبقريّ من طرازٍ فريد، فإن رامساي كان موظفًا بارعًا. أخذ مفهوم القِيمة، وفككه من ماديته، وعزله عن العمل، ثم صفاه من الصراع الاجتماعيّ، وتركه مجرَّد رقم في جدول إحصائيّ لمن سيأتي من اقتصادويين لا يرون الْعالم إلا من عدسة الطلب والعرض. لم يكتب رامساي أبدًا عن الهدر، عن المسروق، عن القِيمة الزَّائدة، عن القهر المنظم باسم السُّوق، عن استعمار الْأرض والعقل، عن الأيديولوجيا الَّتي تُخفى داخل الأرقام. لم يكتب شيئًا من هذا، لأنه لم يكن يرى شيئًا من هذا، أو رآه وتجاهله، وهو أسوأ. الحقيقة أن رامساي ليس شخصًا من أشخاص تاريخ التَّحليل الاقتِصَاديّ بقدر ما هو ظاهرة: الظَّاهرة الَّتي تنتجها الأكاديميَّة حين تتحول إلى أداة في يد السلطة، حين يُستبدل سؤال الْوجود بسؤال الثمن، حين يُختزل الْعمل إلى وظيفة، والْوظيفة إلى رقم، والرقم إلى مبرر للظلم. رامساي هو صوت الطَّبقة حين تتنكر في ثياب"المنهج الْعلميّ". وحين يقرأه القارئ الْيوم، فلن يجد عنده سوى التكرار، وإرادة التَّبرير، وغياب السُّؤال.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خدعة البريكس: قراءة نقدية في وهم الاقتصاد السياسي الجديد
- استبداد السلطة في الأنظمة العربية: جدلية القمع والتخلف
- عن التخلُّف وإعادة إنتاجه
- في مواجهة الاقتصاد النفطيّ المُقدّس
- الطَّبقة الْوسطى العربيَّة: صراعات الهوية وتصدّعات الحداثة
- الطبقة المستحيلة: أزمة العامل العربيّ في اقتصاد تابع
- وليم بتي (1623–1687)
- ريتشارد كانتيون (1680–1734)
- النيوكلاسيكية: نهاية الاقتصاد السياسي وبداية وهم العلم المحا ...
- فرنسوا كينيه (1694 – 1774)
- ما بعد الاحتلال: الصراع العربي/الإسرائيلي كأزمة حضارية
- التاريخ كصيرورة: في نقد الثبات والوهم في الوعي الاجتماعي
- منابر الصمت: المدارس والجامعات بين الطاعة والمعرفة
- النيوليبرالية العربية: عن عبودية السوق واستقالة الدولة
- في مدارات التبعيّة: الاقتصاد كإعادة إنتاج للفقر
- الجامعة كآلية لإعادة إنتاج الطاعة
- من نظام إلى احتضار: سيرة العدم المعولم
- سرّ إنتاج المعرفة
- النخَّاس الجديد: كيف تعيد الإمبريالية صياغة هويتنا وتراثنا؟
- من الكنيسة إلى الجامعة: استمرار أدوار الهيمنة بصيغ جديدة


المزيد.....




- -لم أتحمّل الحلم الأمريكي-: محارب متقاعد ينتقل للعيش في البر ...
- عُثر عليه على بُعد 300 قدم داخل غابة.. ممثل أمريكي يصف نجاته ...
- لأول مرة.. -داعش- يتبنى هجومين ضد قوات موالية للحكومة الجديد ...
- الخارجية الروسية: بكين تتفهم موقف موسكو بخصوص الأزمة الأوكرا ...
- فضيحة طبية تهز أوروبا: متبرع دنماركي أنجب 67 طفلًا ونقل جينً ...
- ماكرون يحذر من تركيز واشنطن على الصين على حساب أوكرانيا
- بعد عرقلة إسرائيلية.. وزراء عرب يؤجلون زيارتهم لرام الله
- بيان مصري تونسي جزائري مشترك حول ليبيا
- رئيس جورجيا يتحدث عن مطالبة دول غربية لبلاده بالانخراط في ال ...
- مصادر تركية تنفي نية لقاء أحد قيادات تنظيم -بي كي كي-


المزيد.....

- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - رامساي (1789- 1864)