أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عادل زكى - القانون: شرعنة القهر الرأسمالي الحديث














المزيد.....

القانون: شرعنة القهر الرأسمالي الحديث


محمد عادل زكى
(Muhammad Adel Zaky)


الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 11:55
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ليس القانون، في جوهره، سوى لحظة من لحظات إنتاج السيطرة داخل النِّظام الاجتمَاعي. فكل قانون هو، في التَّحليل النهائيّ، نصٌّ مؤسَّس فوق بنية اقتصاديَّة محدَّدة، يُنتَج كصدى لقوانين حركة الرَّأسمال وهيمنتها على مجمل العلاقات الاجتماعيَّة. ولقد درجت النَّظريَّة الرسميَّة على تقديم القانون بوصفه تعبيرًا عن "الحق"، أو تجليًا لـ"العدالة"، أو مرآةً لـ"الإرادة العامة". غير أن تلك التَّصورات تُخفي، عن تجاهل أو جهل، طابع القانون نفسه كأداة إخضاع تاريخيَّة، لا تقف على الحياد بين الطَّبقات، بل تتموضع، وبقوة، مع مَن يملك وسائل الإنتاج، ووسائل إعادة إنتاج الوعي. فالقانون، في تجليه الحديث، الَّذي تبلور في لحظة صعود البرجوازيَّة الأوروبيَّة، لم يكن آلية تنظيم بل آلية احتكار. احتكار لشرعيَّة القهر، واحتكار لتعريف "الشرعيَّة" ذاتها، واحتكار لصياغة المبادئ المجرَّدة التي تُشرعن الملكيَّة الخاصة، وتُجرّم أشكال التَّمرد، وتُقنن استغلال العمل الحيّ في مصانع الرأسمال. إن كل قانون، مهما بدا متعاليًا، يُعيد إنتاج منطق البنية التحتية التي ينتمي إليها. قانون العمل لا يُنظم "العلاقة بين العامل وربّ العمل" بل يُنظّم إخضاع العامل تحت منطق الربح. القانون المنظم للملكيَّة لا يحمي "حق الفرد" بل يحمي امتيازات من راكموا الثروة عبر القرون. القانون الجنائيّ لا يحارب "الجريمة" بل يُعرّف الجريمة بما لا يهدّد النظام السَّائد. فالسرقة من متجر تُعاقب، أما الاستيلاء على القيمة الزائدة فلا تُسمى جريمة أصلًا. إن الوظيفة التاريخيَّة للقانون، ضمن نمط الإنتاج الرأسمالي، تتمثل في تثبيت الهيمنة الطبقيَّة داخل بنية تبدو، في ظاهرها، محايدة. وهنا تكمن خطورته؛ إذ لا يبدو كقمع مباشر دائم، بل كقمع مؤسَّس على التعميم، على الشكليَّة، على التجريد. هو لا يقول: "احمِ الطبقة المالكة" بل يقول: "احمِ الملكيَّة"، ولا يقول: "اقمع الفقراء" بل يقول: "طبّق القانون". وهكذا يصبح القانون شكلًا فوقيًّا يعيد إنتاج العلاقات الطبقيَّة، لا بوسائل عنيفة فحسب، بل بوسائل رمزيَّة ومعرفيَّة. بل يُصبح هو ذاته، في لحظة من اللحظات، حاملًا أيديولوجيًّا للسيطرة، يُدرَّس في الكليَّات، ويُقدَّس في المحاكم، ويُرفَع فوق رؤوس القضاة كأنه كتاب مقدس. غير أن نقد القانون لا يعني الدعوة إلى الفوضى، بل يعني تعريته، ربطه بتاريخه، بكشف جذوره الطبقيَّة، بفضح ادعائه الموضوعيَّة والحياد. ومن ثم، فإن تفكيك القانون هو ضرورة نظريَّة لكل من يسعى لفهم جوهر السلطة في المجتمعات الطبقيَّة، ولكل من ينشد تحرر الإنسان من كل أشكال الهيمنة، لا باعتبارها "ظلمًا طارئًا"، بل بوصفها منتجًا ضروريًّا لنمط الإنتاج ذاته.



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)       Muhammad_Adel_Zaky#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قفاز حريري يُخفي مخالب من حديد
- نهب القارة الأفريقية: جرحٌ نازفٌ في جسد التَّاريخ والإنسانيّ ...
- الاقْتِصَاد السِّياسيّ: تحطيم المركزيَّة وبناء الإنسانيَّة
- أطلال الحضارات المغدورة: أمريكا اللاتينيَّة في ظل الهيمنة ال ...
- في التَّاريخ الذي كُتب بالذهب والدم: نقد المركزيَّة الأوروبي ...
- الهيمنة بالفائدة: الرأسمالية حين تُدير العالم كخزينة خاصة
- هيمنة التداول وأزمة الاقتصاد المتخلف
- الآلهة الجديدة: الرَّأسمال، والسُّوق، والإمبرياليَّة
- رامساي (1789- 1864)
- خدعة البريكس: قراءة نقدية في وهم الاقتصاد السياسي الجديد
- استبداد السلطة في الأنظمة العربية: جدلية القمع والتخلف
- عن التخلُّف وإعادة إنتاجه
- في مواجهة الاقتصاد النفطيّ المُقدّس
- الطَّبقة الْوسطى العربيَّة: صراعات الهوية وتصدّعات الحداثة
- الطبقة المستحيلة: أزمة العامل العربيّ في اقتصاد تابع
- وليم بتي (1623–1687)
- ريتشارد كانتيون (1680–1734)
- النيوكلاسيكية: نهاية الاقتصاد السياسي وبداية وهم العلم المحا ...
- فرنسوا كينيه (1694 – 1774)
- ما بعد الاحتلال: الصراع العربي/الإسرائيلي كأزمة حضارية


المزيد.....




- إسرائيل تعلن عن أول وفاة جراء الهجوم الإيراني
- إصابة نائب تركي باعتداءات على نشطاء -قافلة الصمود- في مصر
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات في طهران.. واشتعال ني ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنستهدف قواعد أي دولة ستدافع عن إسرائيل ...
- شاهد.. دمار واسع في تل أبيب خلفه الهجوم الإيراني
- -التايمز-: إسرائيل لم تبلغ بريطانيا بنيتها ضرب إيران لأنها ل ...
- خبير طاقة مصري يكشف أسوأ سيناريو بعد الضربة الإسرائيلية للمن ...
- الحرس الثوري الإيراني: الضربات الصاروخية استهدفت 150 موقعا إ ...
- خبير عسكري مصري يكشف سبب قوة تأثير صواريخ إيران فرط الصوتية ...
- وزير خارجية الإمارات يجري اتصالات موسعة مع عدة دول لتجنب الت ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عادل زكى - القانون: شرعنة القهر الرأسمالي الحديث