أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - موطئ القدم الناعم: خطر العمالة الأجنبية حين تستحيل أقليةً مطالبةً بحقوقها














المزيد.....

موطئ القدم الناعم: خطر العمالة الأجنبية حين تستحيل أقليةً مطالبةً بحقوقها


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 12:56
المحور: قضايا ثقافية
    


في خضم زحام الاقتصاد العالمي، تتدفق جموع العمالة الأجنبية كأنهار صامتة إلى جسد الدول العربية، تحمل معها من السواعد ما يشد أركان التنمية، لكنها في الوقت ذاته تخفي تحت تلك السواعد أعواد ثقاب قد تشعل النسيج الوطني ذاته متى ما اشتدت رياح المطالب وتبدلت الموازين. ليست العمالة الأجنبية شرًا محضًا، بل كانت ولا تزال ضرورة تفرضها حاجات السوق وسدّ الفجوات التي تعجز الكوادر المحلية عن ملئها، غير أن المسألة لم تعد اليوم مسألة تشغيل وتبادل منافع بل تحوّلت تدريجيًا إلى هيكل سكاني مستتر يتكاثر بهدوء ويتحول مع الزمن إلى طيف سياسي واجتماعي يُلوّح بورقة الحقوق وربما يحمل في طيّاته أجندات لا علاقة لها بالعمل أو الرزق بل تمتد لتكون أذرعًا مرنةً لبلدانهم الأصلية تتسلل في مفاصل الدول المستضيفة بلا صخب لكنها تمارس فعلاً ناعمًا لا يقل خطورة عن التسلل الصريح. ما الذي يحدث حين تتحوّل العمالة الأجنبية من ضيوف إلى قاطنين ومن عابرين إلى مقيمين ومن صامتين إلى مطالبين؟ تلك هي معضلة العصر في كثير من الدول العربية خاصة دول الخليج التي فتحت أبوابها من أوسعها لأسباب اقتصادية آنية دون أن تتنبّه إلى البُعد الإستراتيجي السكاني والسياسي لهذه السيولة البشرية التي تخترق بنيان الدولة وتتشبث بأركانه. في بعض دول الخليج اليوم لم تعد المسألة مجرد استقدام عمالة ماهرة أو متوسطة بل إنك تجد إدارات عليا لمؤسسات كبرى تُدار من غير أبناء الوطن بل من غير العرب أصلًا، وهنا لا نتحدث عن طبيب أو مهندس أو خبير بل عن منظومات تشغيلية وهياكل إدارية عليا تتخذ القرارات وتضع السياسات وتتحكم في مسارات اقتصادية واجتماعية بينما المواطن يقف عند العتبة في الانتظار. إن هذا الامتداد غير العربي في الإدارة ليس بريئًا ولا عفويًا بل في كثير من الأحيان يرتبط بمصالح خفية وقد تكون مموّلة أو مدعومة من دول كبرى تسعى لخلق أقدام رطبة في الداخل العربي، أقدام لا تلبث أن تطالب بحقوق مدنية ثم سياسية ثم بهويات فرعية تتجاوز حدود الضيافة لتصل إلى التمثيل والمطالبة وربما التدخل في السيادة. ما يثير القلق أن جزءًا من هذه العمالة الأجنبية في كثير من الدول العربية ليست عمالية بالمعنى التقليدي فقط بل قد تكون جزءًا من شبكات منظمة تعمل تحت شعارات اقتصادية لكنها تنفذ أجندات ناعمة لصالح جهات خارجية تستثمر في الثروات العربية لا بصفقات معلنة بل بأفراد يندسون في المرافق الحيوية ويؤسسون لجماعات ضغط خفية تتغذى على أموال الخليج وتخدم طموحات غير عربية. دعونا نتأمل مثالًا حيًّا من الماضي القريب في دولة كـسنغافورة التي كانت جزءًا من اتحاد ماليزيا ثم انفصلت في ستينيات القرن الماضي بعدما أصبحت الأقلية الصينية ذات ثقل اقتصادي وسياسي ما أوجد اضطرابات عرقية أدّت في النهاية إلى انفصالها وتحوّلها إلى دولة قائمة بذاتها، فكيف لأقلية مهاجرة أن تتحوّل إلى قوة تغيير سياسي في بلد مضيف؟ هذا ليس خيالًا بل وقائع أثبتها التاريخ وتكرارها في بلادنا ليس مستحيلًا. من المؤسف أن بعض النخب العربية تصر على التعامل مع ملف العمالة الأجنبية بمنطق الضرورة الاقتصادية فقط متغاضيةً عن أبعاد أخرى أكثر خطورة، إن التراخي في تنظيم هذا الملف وعدم سنّ سياسات حاسمة لضبطه وتحجيم تمدده ليس إلا وصفة أكيدة لخلق أقلية ناعمة تتكاثر صامتة ثم تستيقظ ذات فجرٍ لتجد نفسها ذات صوت ثم ذات مطلب ثم ذات ورقة ضغط وربما ذات دعم خارجي يهيّئ لها منابر ومنصات تطالب فيها بحقوق مكتسبة لا لشيء سوى أنها عاشت هناك طويلًا. ما يجعل الدول العربية وخاصة الخليجية مستهدفةً بهذا الشكل من التمدد العمالي ليس فقط الرفاه الاقتصادي بل وفرة الثروات التي تثير لعاب الدول الكبرى تلك التي تعرف أن الاحتلال الخشن بات مستهجنًا فاختارت أن تبني موطئ قدمها بأدوات ناعمة وأي أداة أنجع من بشر يقيمون باسم العمل ويؤسسون لاحقًا لوجود مستقر دائم؟ لسنا ضد الإنسانية ولسنا دعاة إغلاق أو عنصرية لكن العاقل من وضع شروط الاستضافة قبل أن يُستضاف ومن قرأ التاريخ قبل أن يصنع حاضره، إن استمرار الصمت العربي تجاه التمدد العمالي غير المنضبط هو صمت عن جرح ينزف من الداخل لن تنفع معه المسكنات ولن تجدي نفعًا معه النظرات القصيرة الأمد، فلنُعد التفكير ولنضع ضوابط لا تقف عند أرقام الدخول والخروج بل تصل إلى صميم الوجود والسيادة والهوية حتى لا نصحو يومًا على أرضنا وقد استوطنها غرباء يطالبوننا بحقوق لم نمنحها لهم ويقايضوننا على ثرواتنا بمفاتيح منازلنا.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق والكويت: ملحمة السقوط العربي في حضرة التحالف الغادر
- ياسين غالب.. طائر الحرية الذي حطّ في هلسنكي
- الشرق الأوسط الجديد... حين يتهاوى ظلُّ طهران ويُولد الضوء من ...
- الجرذ الذي أكل 62 ترليوناً ولم يتجشأ
- صرخة في وجه التفاهة الإعلامية: حين يصبح الانحدار خبزًا يوميً ...
- -على موائد الإمبراطوريات: حين تُباع الأرواح بثمن الدولار-
- -دولة الوجهين ونصف عمامة-
- -قوّادو الكلمة وباعة الوهم: حين يصبح الإبداع طعنة في خاصرة ص ...
- -شهرة على مقاس العُري… ومثقفٌ خلف الستار-
- استري نفسكِ… قبل أن يفضحكِ هاتفكِ!
- فيروز تودّع نغمة قلبها.. حين بكى الصباح في حضن الوطن
- شمشونا... رماد ملكةٍ لم تولد، وسؤالٌ يمشي في شوارع بابل
- من باع الخور والنفط والأرض
- -المرشح الراقص والناخب الطيّب: من جوبي البرلمان إلى حفلة الد ...
- -الفن العراقي... بين ضوء الماضي وظل الحاضر-
- قفي أيتها الملكة.. فالساقطون لا يرون الهامات المرتفعة
- من أندلسِ تطوان إلى نبضِ بغداد: شهرزاد الركينة… نشيدُ الفنّ ...
- -أنا الحرف الذي لا يركع… هذا بعض ما كنته يا سائلين عن حامد ا ...
- -اخوتنا درع العراق… حين يكون العراقي ظلاً لأخيه-
- من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.


المزيد.....




- الكونغو : بين أثار صدمة الحرب وأمل العلاج النفسي
- رأي.. سلمان الأنصاري يكتب: لبنان ولعنة التدخل في شؤون الآخري ...
- مكالمة هاتفية بين نتنياهو وبوتين.. وهذا ما ناقشاه بشأن سوريا ...
- الأراضي الفلسطينية .. شروط قيام الدول؟
- روسيا تحث على -توخي الحذر الشديد- بشأن التهديدات النووية إثر ...
- المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف يزور روسيا هذا الأسبوع
- لبنان: عون يتعهد بتحقيق العدالة بعد خمس سنوات من انفجار مرفأ ...
- بعد نشر حماس المقطع المصور للرهينتين.. ما مدى تأثير التحركات ...
- سودانيون يتضامنون مع أهالي غزة المجوّعين
- مؤسسات حقوقية تنتقد تنكر ويتكوف للمجاعة بغزة


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - موطئ القدم الناعم: خطر العمالة الأجنبية حين تستحيل أقليةً مطالبةً بحقوقها