أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رانية مرجية - الكاتب الكبير... الذي لا يكتب!














المزيد.....

الكاتب الكبير... الذي لا يكتب!


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 02:20
المحور: كتابات ساخرة
    


في أمسية ثقافية "رفيعة المستوى"، أقيمت برعاية جهة رسمية تُحب الشعر كما تُحب التقارير الأسبوعية، اجتمع أهل الثقافة والفكر والفن في قاعة فخمة تشبه المتاحف، حيث تُعرض الكتب لا لتُقرأ، بل لتُلتقط بجانبها الصور.

على المنصّة، وقف "الكاتب الكبير"، أو كما يُحب أن يُنادى: الأستاذ الدكتور المفكر الشامل، حامل جائزة "أكثر من تحدّث عن الكتابة دون أن يكتب".
تنحنح. صفّق له الجمهور قبل أن ينطق، فهؤلاء يعرفون البروتوكول جيدًا.
قال بصوته العميق الذي يشبه فاصلًا إعلانيًا عن منتج أدبي منتهي الصلاحية:
– "أنا لم أعد أكتب منذ أعوام… لأن النصوص أصبحت أصغر من رؤيتي!"

ضجّت القاعة بالتصفيق، وانطلقت "همهمات الإعجاب" من زوايا القاعة كأنها صدى لصوت الحكمة، رغم أن بعض الحاضرين لم يفهموا هل هو يعلن موت الإبداع أم ولادته من العدم، لكن لا أحد تجرأ أن يسأل، فالسؤال – في هذه الأوساط – يعتبر خيانة ثقافية.

على الطرف الآخر من القاعة، كانت شاعرة تصف نفسها بـ"صوت الأنثى الحرة في زمن الذكورة النقدية"، تُمسك دفترًا مخمليًا عليه صورتها مع اقتباس من قصيدتها الأخيرة:
"نحنُ النسوةُ لا نُغلب، إلا حين نُحبُّ رجالًا يكتبون."
همست لجارتها:
– "والله ما فهمت عليه، بس عظيم! جدًا عظيم!"

أما الناقد، فكان يقلب كتابه المطبوع ذاتيًا، متظاهرًا أنه يبحث عن شيء، رغم أنه يحفظ فهرسه عن ظهر قلب:
"في نقد النقد للنص ما بعد الاستعارة"، و"التأويل الظاهراتي للغياب المجازي"... مصطلحات تصلح كوسائد من ريش الفلسفة، لكنها لا تُشبع قارئًا جائعًا للصدق.

في الزاوية الخلفية، جلس شاب هادئ، لم يُدعَ للمنصّة، ولم يعرفه أحد، يحمل دفتراً عادياً وبعض الأحلام التي لم تتلوث بعد.
كتب شيئًا في صمت، ثم خرج دون أن يصفق له أحد، ولا أحد التفت إليه…
لكنه الوحيد الذي كتب شيئًا حقيقيًا في تلك الليلة.

أما الكاتب الكبير، فقد غادر القاعة محاطًا بالكاميرات والابتسامات، وهو يردد:
– "حين أتكلم، تصمت النصوص. وحين أكتب... ينتهي الزمن."

وفي صباح اليوم التالي، امتلأت مواقع التواصل بصور من الأمسية، مرفقة بتعليقات مثل:
"ليلة من ليالي المجد الثقافي!"
"الثقافة بخير… ما دام الكبار حاضرون."

ولم ينتبه أحد أن الكهرباء كانت مقطوعة عن غزّة،
وأن من كتب حقًا لم يُمنح حتى مقعدًا.

--



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -نكبتنا لم تَغِب... بل كبُرت معنا-
- توجيه مجموعات للمتوحدين: عبور إلى عالمٍ آخر
- دوائر الظلم
- الله منحك الحرية… فلا تسلّمها لأحد
- 🌿 القدسُ… حين تتنفسُ الروحُ حجارةً 🌿
- “النهر المتصحِّر”… مرثيّة لوطن مصلوب على ضفاف الخيبة قراءة و ...
- في حضرة الزُرقة النقية
- ما بين الحُبُورِ والوجع
- ✦ بين الحبر والنبض: حين وجدتُ ذاتي بين القراءة وقلوبه ...
- � في السماء السابعة… أمي 🌿
- � رثاء فيروز لزياد 💠
- 🌿 القدسُ… حين تتنفسُ الروحُ حجارةً 🌿
- الحياة في زمن العار والنفاق
- فلسطين في عام 3000
- -حين غاب زياد-
- 🌾 دمٌ أصفر
- حب على الحاجز
- من ينظر إليّ كإنسان، هو من سيبقى 🌿 – فلسفة القلب في ز ...
- الراهب الطيب صانع المعجزات
- استيقظتُ نفسي: من نور ونار وسماء


المزيد.....




- فن الشارع في سراييفو: جسور من الألوان في مواجهة الانقسامات ا ...
- مسرحية تل أبيب.. حين يغيب العلم وتنكشف النوايا
- فيلم -جمعة أغرب-.. محاولة ليندسي لوهان لإعادة تعريف ذاتها
- جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف -الحرب الثقافية- على متاحف واشنط ...
- عودة الثنائيات إلى السينما المصرية بحجم إنتاج ضخم وتنافس إقل ...
- الدورة الثانية من -مدن القصائد- تحتفي بسمرقند عاصمة للثقافة ...
- رئيس الشركة القابضة للسينما يعلن عن شراكة مع القطاع الخاص لت ...
- أدب إيطالي يكشف فظائع غزة: من شرف القتال إلى صمت الإبادة
- -بعد أزمة قُبلة المعجبة-.. راغب علامة يكشف مضمون اتصاله مع ن ...
- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رانية مرجية - الكاتب الكبير... الذي لا يكتب!