رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 12:02
المحور:
الادب والفن
في زمنٍ صار فيه الإنسان مجرّد رقمٍ في حسابات الآخرين، ووسيلة لا غاية، بتُّ أُعيد ترتيب عالمي الداخلي على مهل، كمن يكنسُ غبار القرون من مرآته. لم أعد أبحث عمّن يملأ حياتي، بل عن أولئك الذين يرونني... يرونني حقًا. لا بعيون المصلحة، ولا بعدسة الشروط، بل بعين القلب.
لطالما قيل لنا: "لا أحد يستحق أن يبقى في حياتك"، لكني أقول اليوم، وبثقة من اكتوى بالتجربة:
من ينظر إليّ كإنسان، لا كأداة أو دور، هو من سيبقى.
لم أعد أقيس العلاقات بعدد الرسائل أو المكالمات، بل بمقدار الصدق في الصمت، والاحترام في الغياب، والاهتمام غير المشروط في حضور الوجع. من يعاملك كروح لا كبندٍ في جدول يومه، هو من يستحق أن يُقيم في حديقة حياتك.
في عصر السرعة والنسخ المتكررة، أن تَمنح أحدهم لحظةً من الإصغاء الخالص، أن تتأمله لا لتقيّمه، بل لتفهمه، لهو فعل ثوري.
أن تقول: "أنا أراك" كما أنت، لا كما أريدك أن تكون، هو جوهر العلاقة التي تستحق البقاء.
الذين ينظرون إلينا من خلف أقنعة المعايير الاجتماعية، أو يخفضون رؤوسهم حين ننهار، لا يشبهون الحياة التي أريدها.
الحياة لا تُقاس بطول القائمة في هاتفك، بل بعمق الشخص الوحيد الذي يسند قلبك حين تتهالك.
ولذلك، ما عدتُ أحتفل بالعدد، بل بالنقاء.
لا أريد من يملأ الفراغ، بل من يصمت معي حين يصير الكلام عبثًا.
لا أريد من يصفّق لنجاحي فقط، بل من يحتملني حين أتكسّر دون ضوء.
من لا يرى فيك سوى وظيفتك أو مظهرك أو حالتك الاجتماعية، لن يرى بك يومًا إنسانًا، مهما بقي.
أما ذاك الذي ينظر إليك ككائن هش، ككلمة بحاجة لمعنى، كنبضٍ خافت يحتاج إلى من يُصغي، فهو وحده الذي يستحق أن تبني معه المعنى.
إنني لا أطلب المستحيل.
أطلب نظرة صادقة، ويدًا لا ترتجف حين تلمس جراحي.
أطلب قلبًا لا يخاف من دموعي، وكتفًا لا يسألني لماذا ضعفت.
أطلب إنسانًا... لا أكثر.
💫 خاتمة بأثر شعري
ولأننا نُشبه ما نحب،
لن يبقى في الدفء إلا من يفهم قسوة الشتاء.
ولن يبقى في القلب،
إلا من رأى الندبة… ولم يهرب.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟