أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - -حين كنتُ صغيرة... كنتُ أحلم-














المزيد.....

-حين كنتُ صغيرة... كنتُ أحلم-


رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات

(Rania Marjieh)


الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


حين كنتُ صغيرة، كنتُ أملك حلمًا واسعًا كسماء الصيف، نقيًا كأمنية تُقال في الصلاة الأولى، حلمًا لا يشبه العالم حولي، بل يشبهني كما كنت أريد أن أكون.
لم أكن أعرف شيئًا عن الفقر آنذاك، ولا عن التهميش، ولا عن كون الأنثى تُولد وفي عنقها قيود لا تراها…
كنت فقط أعرف أنني أريد أن أصبح شيئًا جميلاً، شيئًا يغيّر وجه الحياة، يرمّم صدوع العالم، ويجعل أمي تبتسم أكثر.
كنت أظنّ أن الحلم يكفي كي نصل.
أن الإيمان وحده يفتح الأبواب.
أن للنية الطيبة سحرًا، وللصدق مكافأة.
كنت أظن أن الطريق مفروش بالفرح، ما دمتُ أسير عليه بقلبٍ نظيف.
لكنني كبرت…
وفي هذا "الكبر" انكشفت الحقائق التي لم يخبرني بها أحد، تلك التي لا تُكتب في كتب المدرسة، ولا تُقال في الحكايات.
كبرتُ على مهل، وكلّما تمدّد ظلّي، تقلّص حلمي.
بات الحلم يُحاصَر بشروط الواقع، يُفكّك في دهاليز الخوف، يُسرق على دفعات، كلما طُرِق باب الخيبة.
صار حلمي مستحيلاً، لا لأنه ضخم، بل لأن الحياة في هذا الشرق تكره ما لا يُفسَّر بالنجاة.
تُبارك من ينحني، وتُكافئ من يصمت، وتكسر من يحلم علنًا، دون استئذان.
كبرتُ وأنا أكتشف أنني أعيش في مجتمع يُطفئ الضوء قبل أن يولد، يُخيف البنات من جناحيهن، ويغلق النوافذ في وجه الأمل.
كبرتُ وأنا أفهم أن الفقر ليس مجرد نقص في المال، بل هو أيضًا نقص في الحيلة، في الفرص، في اللغة، وفي الصوت.
كبرتُ وأنا أرى كيف يتحوّل الجهل إلى قانون، والخوف إلى عادة، والخضوع إلى فضيلة.
ومع كل سنة تمرّ، كان الحلم يبتعد…
أولاً صار أمنية مؤجلة،
ثم بات فكرة مريبة،
ثم غدا ذكرى… تُحرّض الدمع كلما تذكّرتها.
ولكن، رغم كل هذا،
لم يخفت الحنين في داخلي.
لا زالت الطفلة التي كنتها تنقر على نافذتي كل مساء،
تسألني: "أما زلتِ تتذكرينني؟ أما زلتِ تحبينني؟"
وأجيبها بصمت يليق بمن تعلّمت أنّ لا أحد يسمع صوت الأنثى الحالمة في مدينة منهكة.
لكنني أراها في الكتابة، في الحبر الذي لا يخون،
أراها في كل نصّ أكتبه،
وفي كل صرخة أطلقها ضد الجهل والتهميش واغتيال الأحلام.
نعم، حلمي صار مستحيلاً…
لكنني صرت أؤمن أن الكتابة حلم آخر، لا يمكن إعدامه.
أن كل حرف أكتبه هو قنديل صغير يضيء الدرب لمن يأتون بعدي.
وأن كل طفلة تقرأني اليوم، ربما تحمل من أحلامي ما يكفي لتُكمل الطريق، لا كما مشيته، بل كما تمنّيت أن أمشيه.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)       Rania_Marjieh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العائدون من الموت إلى الحياة: شهادات الروح حين تتجلّى
- القصيدة التي نزفت: يحيى السماوي يكتب الوطن بجسده
- حين تمشي يدُ الله في الحقل
- بين سماءٍ وأرض
- وصمة الدم… لا الطُهر
- مناديل من حرير الكلمات: مزامير العاشق الروحاني
- -فراديس إنانا-: تجلّيات الخلاص والموت في شعر يحيى السماوي قر ...
- قراءة في قصة -خمّ الديوك- – لنبيل عودة
- الله يعرفني… وأنا أعرفه… وهذا يكفي
- أن تكون إنسانًا أولاً
- خمسةُ أشهرٍ من الغياب… وكبرُ الحنين
- نظرة من الداخل: المتوحدون وذوو الإعاقات الذهنية التطورية... ...
- البُعدُ أجمَل
- شتّان بين من مهنتهم الأيديولوجيا... وبين من حوّلوها إلى فنٍ ...
- وجعٌ يقاومهُ وجع
- العطاء الموجع… حين تُزهِر الأرواح من دموعها
- -نحنُ الملحُ الباقي... والجرحُ النّديّ-
- -الديك والانتخابات الديمقراطية-
- في حضرة الشراكة: أبطالٌ في قلب الوطن
- بعد موت الأمل: حين يصير القلم موطناً للروح المنفية


المزيد.....




- الرئيس يستقبل رئيس مكتب الممثلية الكندية لدى فلسطين
- كتاب -عربية القرآن-: منهج جديد لتعليم اللغة العربية عبر النص ...
- حين تثور السينما.. السياسة العربية بعدسة 4 مخرجين
- إبراهيم نصر الله يفوز بجائزة نيستاد العالمية للأدب
- وفاة الممثل المغربي عبد القادر مطاع عن سن ناهزت 85 سنة
- الرئيس الإسرائيلي لنائب ترامب: يجب أن نقدم الأمل للمنطقة ولإ ...
- إسبانيا تصدر طابعًا بريديًا تكريمًا لأول مصارع ثيران عربي في ...
- حين تثور السينما.. السياسة العربية بعدسة 4 مخرجين
- إبراهيم نصر الله يفوز بجائزة نيستاد العالمية للأدب
- لن يخطر على بالك.. شرط غريب لحضور أول عرض لفيلم -بوجونيا-


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - -حين كنتُ صغيرة... كنتُ أحلم-