أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - فلسطين في عام 3000














المزيد.....

فلسطين في عام 3000


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 00:50
المحور: الادب والفن
    



لم تكن الأرض تدور كما كانت، ولا السماء صافية كما في كتب الشعراء. في عام 3000، صارت الكواكب تتحدث، والمدن تطير، والذكريات تُخزّن في قوارير زجاجية معلقة على صدور الناس. وحدها فلسطين كانت كما هي، تُخزّن وجعها في التراب، وتربّي الأمل في حجارة الزيتون.
في ذلك العام، لم تعد فلسطين خريطة ممزقة أو شعارًا على الجدران، بل كانت كيانًا ينبض بالحياة… ولكن ليست الحياة التي نعرفها، بل حياة تولد من رماد آلاف السنين من المقاومة والحلم.

الفتاة التي تحدّثت مع الضوء
في قرية تُسمّى “ظلّ الندى”، ولدت طفلة بعينين بلون الليل، اسمها ليّا. كانت مختلفة، ليس لأنها كانت تقرأ الكتب القديمة وتبكي، بل لأنها كانت الوحيدة التي ترى “الضوء الفلسطيني”، ذلك الشعاع الذهبي الذي لا يراه إلا من يمتلك ذاكرة الأجداد.
حين كانت تمرّ بيدها على جذع زيتونة، تسمع صوت جدّها وهو يرتّل أغاني العودة، رغم أنّه مات في القرن الحادي والعشرين. كانت تشعر أنها لم تولد من رحم أمها فقط، بل من رحم النكبة والانتفاضات، والقصائد التي نُسيت في دفاتر المنفى.

القدس ترتدي ثوب الأمل
في عام 3000، استعادت القدس وجهها. لم تكن كما كانت تُصوَّر في الأناشيد: حزينة، مدمّرة، تنزف… بل كانت كائنة حية. المباني تعزف موسيقى خفيفة كل صباح، والصلاة تُرفع بلغات لم تُخترع بعد، والديانات الثلاث تكتب كتابًا جديدًا عنوانه: “الحياة ممكنة حين نؤمن بالإنسان”.
ليّا كانت تمرّ بجانب جدار كان يومًا ما جدار فصل عنصري. الآن صار حديقةً عملاقة، تتدلّى منها ثمار برتقال يافوي، ومكتوب عليها بأشعة الليزر: “أنتَ تنتمي لهذا المكان، لا تخف”.

ذاكرة التراب
كان البشر في عام 3000 قد نسوا معنى الوطن، إذ صاروا ينتقلون من مجرّة إلى أخرى بجواز سفر إلكتروني. لكن ليّا لم تنسَ. كانت تمشي حافية القدمين في أزقة عكا، تجمع الرمل في زجاجات وتهمس فيه: “أنا أحبك”.
قالوا لها: “ليّا، هذا جنون”، فأجابتهم بابتسامة:
“بل هو الحبّ كما علّمتنا إياه فلسطين.”

رسالة إلى من سيأتي
في آخر يوم من حياتها، كتبت ليّا رسالة بخطٍ قديم، وخبأتها في حفرة صغيرة تحت سور بيت لحم:
“إلى من سيقرأ هذه الكلمات بعد ألف سنة:
لا تبحث عن فلسطين في الأخبار أو كتب التاريخ.
ابحث عنها في بكاء أمٍّ تنادي على ابنها، في قبلة مسروقة خلف حاجز، في قصيدة كتبها سجين على حائط الزنزانة.
فلسطين ليست وطنًا نملكه، بل وطن يملكنا.”

نهاية؟ لا، بداية
حين ماتت ليّا، لم يُدفنوها، بل زرعوها. نعم، زرعوها كأنها بذرة. وبعد سنوات، نبت من قبرها شجر زيتون ناطق، يُغنّي أغنية واحدة، كل مساء:
“راجعين، لو مهما طال الغياب…”
وفي عام 3000، كانت فلسطين لا تزال ترفض أن تكون مجرّد ذكرى.
كانت - كما كانت دائمًا - قصة لا تنتهي



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حين غاب زياد-
- 🌾 دمٌ أصفر
- حب على الحاجز
- من ينظر إليّ كإنسان، هو من سيبقى 🌿 – فلسفة القلب في ز ...
- الراهب الطيب صانع المعجزات
- استيقظتُ نفسي: من نور ونار وسماء
- شاهدة قبر من رخام الكلمات: كتابة على حافة الوجع والبعث
- الوجود يتقيأني… وأنا أبتلع القيامة
- الموروث الشعبي والتربية ، تحليلاً من خلال هويتنا الفلسطينية
- قوس الرمل
- 🌿 تراتيلُ العارفين 🌿
- قصيدة: فَكِّرْ بِنَفْسِكَ وَأَنْصِفْهَا
- -حين كنتُ صغيرة... كنتُ أحلم-
- العائدون من الموت إلى الحياة: شهادات الروح حين تتجلّى
- القصيدة التي نزفت: يحيى السماوي يكتب الوطن بجسده
- حين تمشي يدُ الله في الحقل
- بين سماءٍ وأرض
- وصمة الدم… لا الطُهر
- مناديل من حرير الكلمات: مزامير العاشق الروحاني
- -فراديس إنانا-: تجلّيات الخلاص والموت في شعر يحيى السماوي قر ...


المزيد.....




- باراماونت تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة شركات سينمائية إسرائيلية ...
- إنقاذ كنز أثري من نيران القصف الإسرائيلي على مدينة غزة
- يُرجح أنه هجوم إيراني.. عشرات الممثلين الإسرائيليين يقعون ضح ...
- غزة... حين تعلو نغمات الموسيقى على دوي الانفجارات والرصاص
- غزة: الموسيقى ملاذ الشباب الفلسطيني وسط أجواء الحرب والدمار ...
- سياسي من ديمقراطيي السويد يريد إيقاف مسرحية في مالمو – ”تساه ...
- وزير الثقافة الإيراني: سيتم إعداد فهرس المخطوطات الفارسية في ...
- رشيد حموني يساءل السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل حول أدو ...
- -الحياد ليس خيارا-: لماذا يتحدث عدد كبير من الفنانين الآن عن ...
- فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يطالب بعقد اجتماع للجنة ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - فلسطين في عام 3000