أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - الصحافي الحرباء… حين يكتب اللون لا الحقيقة














المزيد.....

الصحافي الحرباء… حين يكتب اللون لا الحقيقة


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 07:04
المحور: كتابات ساخرة
    


في بلاط الغابة، لم يكن الصحافي الحرباء يُفاجئ أحدًا. كان بارعًا في ارتداء لون السلطة، كيفما تغيّر لونها، لا يسبقه إليها سابق، ولا يتخلف عنها لحظة. يُجيد التصفيق، يُتقن المديح، ويعرف بالضبط متى يُرفع الصوت، ومتى يُخفض، ومتى يُكتَب، ومتى يُحذف.

كل شيء فيه كان يشبه الكائن الذي يعيش على الحافة: نبرته تُشبه نغمة البلاغ الرسمي، تحليله نسخٌ مشفّرة من خطاب الزعيم، عنوانه مدهون بعسلٍ مغشوش، ومقاله لا يتغير إلا حين يتغير السيد. وحين يُسأل عن موقفه، يبتسم بلونٍ جديد، ويقول: "أنا أكتب للحقيقة". لكنه لم يكتب يومًا إلا ما يرضي راعي الغابة.

لم يكن صحافيًا، بل مُترجمًا للهوى السلطوي في ثوب رأي. يتلون لا لأن المهنة تفرض مرونة، بل لأن البقاء عنده أغلى من الصدق. كانت أقلام أمثاله كثيرة، تسيل حبرًا لا ليكشف الحقيقة، بل ليغطيها بلونٍ يطلبه من يدفع أكثر.

لكن الخطر لم يكن فيه وحده، بل في جمهوره. أولئك الذين صدّقوا كل لون ظهر به، وصفقوا له وهو يتقلب، وباركوا له حين بارك، ونسوا كم مرة تراجع دون خجل، وكم مرة زوّر وجه الواقع ليصنع "مانشيتًا" يُرضي الحاكم.

وحين تغير لون السلطة فجأة، تأخر لحظة في التبديل، فبان قبحه. قالوا: "خائن!"، ونسوا أنهم هم من ربّوه على الطاعة، هم من علموه أن الحقيقة لا تُطعم، وأن الخبز يأتي من ركن الخضوع.

سألوه عن رأيه الحقيقي، عن لونه الأصلي. لكنه لم يكن يملك واحدًا. لم يولد صحافيًا من معدن، بل من ورق. وكلما خاف من الجفاف، بلّل لسانه بلون جديد.

هو لا يُنافق، هكذا يقول لنفسه، بل يحتمي. لأن قول الحقيقة في غابة القمع يُعتبر جنحة، والصمت أحيانًا أهون من المنفى أو المقصلة أو حتى الجوع. لكنه لم يكن صامتًا، كان مرتزقًا بلون أنيق.

الصحافي الحرباء لم يخن أحدًا. فقط خان مهنته. وتلك أكبر خيانة.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شدولارين: عندما يكتب القلب نفسه ويتطهر بالحبر والحنين
- شدولارين: قراءة نقدية وتحليلية في رواية د. فتحية الفرارجي – ...
- عن البغال التي اعتلت التلال
- ركلة حمار
- مثالب الولادة: صرخة سيوران في وجه العبث
- وصمةُ عارٍ لا تُمحى: فلسطين بين الجوع والخذلان
- حين رفعت المرأة سيفها على الرجل… فمزّقت قلبها
- اذا أردنا إصلاح المجتمع ...من أين سنبدأ؟
- محمد عبد السميع نوح في رواية حركة تنقلات: هجاء السلطة وفضح ا ...
- بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة
- ثورة الكوميرة: حين صرخ الفقراء فدوّى الرصاص
- إيران بين الضربة والصفقة: من يرسم حدود الشرق القادم؟
- بوجلود بين الذاكرة والتشويه
- مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة
- بين رصاص الحدود وظلال الوطن: مأساة العودة في قلب التوتر المغ ...
- مقبرة الصمت: لماذا تخشى الأمم المريضة أصوات المهرطقين؟
- من سيقود المغرب؟ سباق الأحزاب نحو حكومة ما بعد الإحباط
- ابن كيران: سياسة -الزواق- بخطاب -بلا نفاق-
- سبعة دراهم لفنجان قهوة... والقدرة الشرائية في غرفة الإنعاش
- الضباع تلتهم قيمنا


المزيد.....




- من إسطنبول إلى عمّان.. هكذا تصنع زينب وعيا معرفيا بقضية القد ...
- مهرجان اللغة العربية الثامن في الخليل.. عين على غزة وعين على ...
- إطلاق خطة شاملة لإحياء السينما المصرية.. ما تفاصيلها؟
- رضوان لفلاحي: -لا شيء ممهَّد لشباب الضواحي في فرنسا كي يدخلو ...
- غاليري 54.. بورتريهات من ضوء، ألوان تتسابق وذاكرة تتمهل الزم ...
- رحيل فنان لبناني كبير والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تنعاه!
- احتجاجًا على الرقابة... فنانة أمريكية تُلغي معرضها في المتحف ...
- نصف قرن من الإبداع - وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني
- البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
- وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني ...ظاهرة فنية فريدة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - الصحافي الحرباء… حين يكتب اللون لا الحقيقة