أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - عن البغال التي اعتلت التلال














المزيد.....

عن البغال التي اعتلت التلال


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 08:22
المحور: كتابات ساخرة
    


في إحدى غابات الحظ السيئ، كان هناك مخلوق غريب، نصفه يُشبه من اعتاد السحب والخدمة، ونصفه الآخر ينسب نفسه إلى العدو الأبدي للسروج. لا هو خيلٌ يُراهن عليه، ولا هو حمارٌ يُركن إليه، لكنه – على نحوٍ عجيب – يصر أنه من سلالة النبلاء. لم يطلب منه أحد ذلك، ولم يشكك أحد في هويته، لكنه ظلّ يصرخ بها في كل الاتجاهات: "أنا من نسل الخيل!". نبرة فيها من التحدي أكثر مما فيها من الفخر، كأنما يطالب العالم بالتصديق رغم وضوح الحقيقة.

لا أحد طلب من هذا الكائن أن يقود، لكنه صعد التل. لا أحد عيّنه زعيمًا، لكنه أخذ يتصرف كما لو أن الغابة كلها تُدين له بالولاء. كائن لم يُنجز شيئًا يُذكر، لكنه لا يكفّ عن الحديث عن إرثه المجهول، وكأن الفضل يُقاس بشجرة العائلة لا بما يُزرع على الأرض.

المعضلة لم تكن في غروره فقط، بل في من صدّقوه. في جوقة من الطبالين الذين يرون في التل مقامًا مقدسًا لا يجوز المساس به، وفي رفسات متتابعة تُفسَّر باعتبارها إشارات حزم، لا نوبات هيستيرية. التحدي الحقيقي لم يكن في إقناع الكائن أنه ليس فارسًا، بل في إقناع الجمهور بأن النهيق لا علاقة له بالشجاعة.

شيء ما في تركيبة هذا الكائن يجعله يخلط بين الصلابة والبلادة، وبين العناد والعزم، وبين الخشونة والهيبة. يتصرف كأن من يعارضه خائن للغابة، وكأن النقد خيانة، وكأن التنوع فوضى. وكلما حاولت الغابة أن تُرشده بلطف، رفسها بقوة أشد، كما لو أن الأذى ردّ جميل مناسب.

لا أحد يطالب هذا الكائن أن يكون طاووسًا، أو أسدًا، أو حتى سنجابًا ظريفًا. كان يكفي أن يكون نفسه، دون تزوير. كان يكفي أن يعترف بحدوده، أن يقود بواقعه لا بأوهامه، أن يستمع بدل أن يُسكت، وأن ينزل قبل أن تسقط الغابة كلها من تحته.

لكن مشكلته ليست في كونه هجينًا. مشكلته أنه لم يتقبل ذلك. لم يحترم حقيقته، ولم يمنح نفسه فرصة التواضع. ظنّ أن ما ينقصه يمكن تعويضه بالجعجعة، بالاستعراض، بالركل. لم يفهم أبدًا أن القيادة لا تأتي من الصراخ، بل من الإنصات. وأن احترام الغابة لا يُفرض بالقوة، بل يُكسب بالحكمة.

في النهاية، لا شيء يخلّف الخراب في الغابات مثل بغل يرفض أن يعترف أنه بغل، ويصر أن كل من لا يناديه بـ"مولاي الأسد" متآمرٌ يستحق الرفس.
الغابة لم تعد تطلب منه شيئًا. لا خطابًا ولا توجيهًا. فقط أن يفهم، أو إن عجز، أن ينزل.

"كل تشابه في الشخصيات هو ليس من محض الصدف"



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ركلة حمار
- مثالب الولادة: صرخة سيوران في وجه العبث
- وصمةُ عارٍ لا تُمحى: فلسطين بين الجوع والخذلان
- حين رفعت المرأة سيفها على الرجل… فمزّقت قلبها
- اذا أردنا إصلاح المجتمع ...من أين سنبدأ؟
- محمد عبد السميع نوح في رواية حركة تنقلات: هجاء السلطة وفضح ا ...
- بوحمارة... حين امتطى المغربَ رجلٌ فوق حمارة
- ثورة الكوميرة: حين صرخ الفقراء فدوّى الرصاص
- إيران بين الضربة والصفقة: من يرسم حدود الشرق القادم؟
- بوجلود بين الذاكرة والتشويه
- مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة
- بين رصاص الحدود وظلال الوطن: مأساة العودة في قلب التوتر المغ ...
- مقبرة الصمت: لماذا تخشى الأمم المريضة أصوات المهرطقين؟
- من سيقود المغرب؟ سباق الأحزاب نحو حكومة ما بعد الإحباط
- ابن كيران: سياسة -الزواق- بخطاب -بلا نفاق-
- سبعة دراهم لفنجان قهوة... والقدرة الشرائية في غرفة الإنعاش
- الضباع تلتهم قيمنا
- سردٌ يُنصت لصوت الإنسان العربي بين جذور الماضي وتقلبات الحاض ...
- -شيء من بعيد نادني-: بين الهويّة المتجددة والاغتراب الوجودي
- -متتالية حياة-: نشيد الصبر في زمن الانكسارات الصغيرة


المزيد.....




- السطوة الناعمة لهوليود.. كيف غيّرت أميركا شكل السينما العالم ...
- محللون إسرائيليون: نخسر معركة الرواية في كارثة الجوع بغزة
- -أشبه بأفلام التجسس-.. كيف وصلت طائرات بوينغ إلى إيران رغم ا ...
- صدر حديثا : صور من ذاكرة قروية للأديب والباحث مسعود غنايم
- -كل ما نريده هو السلام-.. مجتمع مسالم وسط صراع أمهرة في إثيو ...
- -ميغان 2- دمية القرن الجديد التي أعادت تعريف رعب الدمى في ال ...
- هل يحب أولادك أفلام الرعب؟ أعمال مخيفة مناسبة للأطفال
- -وحشتوني يا أهل الأردن-.. أحلام تشوق جمهورها لحفلها في مهرجا ...
- مايا ويند: هكذا تتواطأ الجامعات الإسرائيلية مع نظام الفصل ال ...
- منع فرقة -كنيكاب- الأيرلندية من المشاركة في مهرجان -سيجيت-.. ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - عن البغال التي اعتلت التلال