أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الشهبي أحمد - مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة














المزيد.....

مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 01:26
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


حين قرأت تقرير البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير حول وضعية الدين الخارجي في إفريقيا، لم أندهش لترتيب المغرب في المرتبة الرابعة ضمن الدول الأكثر مديونية. لم أندهش، لكنني شعرت بانقباض صامت. لأن الأمر لا يتعلق برقم معزول في جدول، بل بموقع حساس في خريطة اقتصادية ملغّمة، وبسؤال كبير يتجنبه الخطاب الرسمي: هل نحن بصدد بناء نموذج تنموي أم مجرد تأجيل مرتب لأزمة قادمة؟

أن تستحوذ المملكة على 5.9% من إجمالي الدين الخارجي للقارة ليس مجرد تفصيل إحصائي، بل هو مدخل مشروع لفتح النقاش حول طريقة تدبيرنا للمالية العمومية، وعن الفجوة المتزايدة بين طموح الدولة في التنمية وبين قدرتها الفعلية على تمويلها. فالدين، في نهاية المطاف، ليس عيبًا في ذاته، لكنه يصبح مقلقًا حين يتحول إلى عادة، إلى أسلوب يومي في ترتيب الميزانية، إلى مسكن مؤقت لعجز بنيوي لا نعالجه بل نجمّله.

اللافت في التقرير أن ست دول فقط، بينها المغرب، تتحمل نصف مديونية القارة بأكملها. وهذا التركيز ليس مقلقًا فقط من زاوية الأرقام، بل من زاوية الجغرافيا السياسية أيضًا. لأن أي زلة مالية في واحدة من هذه الدول قد تُطلق سلسلة اهتزازات تطال الجوار، وتُربك الأسواق، وتُخرجنا من الاستقرار الهش الذي نتشبث به كمن يتعلق بطوق نجاة في عرض المحيط.

التقرير لم يطلق صفارة الإنذار، لكنه لم يوزع صكوك الاطمئنان أيضًا. وصف الوضع المالي المغربي بـ"المستقر نسبيًا"، وهي عبارة دبلوماسية كفيلة بإثارة الشك أكثر من زرع الثقة. الاستقرار النسبي لا يصمد كثيرًا أمام تحولات الأسواق العالمية، خصوصًا في ظل موجات متتالية من تشديد السياسات النقدية، وركود شهية المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة، واشتداد التنافس على الموارد المحدودة.

في خضم هذا السياق، لا يكفي أن نُحافظ على تصنيفنا الائتماني، أو أن نحصل على قروض بشروط ميسّرة، بل نحتاج إلى ما هو أعمق: رؤية واضحة لتقليص الاعتماد على التمويل الخارجي، وبناء مصادر داخلية حقيقية للإنتاج والثروة. وهذا يتطلب شجاعة في اتخاذ القرار، وجرأة في تقييم السياسات السابقة، وشفافية مطلقة في كشف أوجه صرف القروض، وقياس أثرها على الأرض، لا في تقارير المجالس ولا في المراسيم الوزارية.

المفارقة أن دولًا مثل الجزائر أو ساحل العاج، رغم ما تعيشه من أزمات هيكلية، لم تظهر في مقدمة الدول الأكثر مديونية. فهل نحن أكثر طموحًا منها؟ أم أقل حكمة في تدبير تمويل مشاريعنا؟ أم أن بعض الدول اختارت أن تخفي هشاشتها، فيما نحن نُراكم الأرقام تحت شعار الشفافية و"الثقة في المؤسسات الدولية"؟

ربما آن الأوان لنعترف بأننا لا نُحسن مخاطبة المستقبل، ما دمنا نحمّل الأجيال القادمة أعباء مديونية لم تُستشر فيها، ولم تستفد من نتائجها. وربما علينا أن نعيد تعريف مفهوم "النجاح الاقتصادي"، فليس النجاح أن تملأ دفاتر الحسابات، بل أن يشعر المواطن بفرق في حياته اليومية: في جودة التعليم، في الخدمات الصحية، في فرص الشغل، وفي الكرامة الاجتماعية.

المديونية قد تكون ضرورة مرحلية، وقد تكون خيارًا خاطئًا. الفارق بين الحالتين هو في من يقود السفينة، وفي أي اتجاه يوجّهها. أما أن نظل نُقترض لنُسدد، ونستهلك لنستدين، فذلك ليس نموذجًا اقتصاديًا، بل هو وصفة لتأجيل الأزمة إلى حين، وربما إلى من لن يجد حتى فرصة تأجيلها.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين رصاص الحدود وظلال الوطن: مأساة العودة في قلب التوتر المغ ...
- مقبرة الصمت: لماذا تخشى الأمم المريضة أصوات المهرطقين؟
- من سيقود المغرب؟ سباق الأحزاب نحو حكومة ما بعد الإحباط
- ابن كيران: سياسة -الزواق- بخطاب -بلا نفاق-
- سبعة دراهم لفنجان قهوة... والقدرة الشرائية في غرفة الإنعاش
- الضباع تلتهم قيمنا
- سردٌ يُنصت لصوت الإنسان العربي بين جذور الماضي وتقلبات الحاض ...
- -شيء من بعيد نادني-: بين الهويّة المتجددة والاغتراب الوجودي
- -متتالية حياة-: نشيد الصبر في زمن الانكسارات الصغيرة
- حكايات الهدوء النبيل في زمن الاضطراب: تأملات الناصر التومي ف ...
- -الوقوف على عتبات الأمس-: كتابة ضد النسيان في زمن القطيعة
- -المتشابهون-: احتجاج ناعم على صمت الأجيال
- قراءة في -عيد ميلاد ميت- لأحمد طايل: حين يتحوّل الموت إلى طق ...
- حين يرقص التعليم على جراحه
- الوطن ككابوس وحلم: تأملات في تناقضات الرواية المغربية «الوطن ...
- حين انفجرت الدار البيضاء... واهتزّ قلب الوطن
- -الطلياني: عندما يصبح العقل آخر ملاذ للبقاء- ـ قراءة نقدية و ...
- الأستاذ... من القسم إلى تيك توك
- حين تُطل الحرب من نافذة كشمير: العالم على حافة الزر النووي
- الكيان الصهيوني: مشروع اغتصاب لا وطن


المزيد.....




- -مصاصو الدماء الحقيقيون في أستراليا-.. اعترافات ضحية: شربوا ...
- روسيا تعرض أكثر من 250 نموذجا من المعدات العسكرية في معرض دو ...
- تعثر لترامب على سلم الطائرة على غرار مشاهد بايدن الشهيرة (في ...
- التايمز: دخول الجيش الروسي إلى مقاطعة دنيبروبيتروفسك ضربة اس ...
- الجيش الروسي يسقط 24 مسيرة جوية
- تحالف أسطول الحرية يقول إن جنودا إسرائيليين صعدوا إلى السفين ...
- إطلاق صفارات الإنذار في جميع أنحاء أوكرانيا
- الجيش الإسرائيلي يسيطر على السفينة مادلين المتجهة لكسر حصار ...
- حكام 22 ولاية أمريكية يستنكرون قرار ترامب إرسال الحرس الوطني ...
- مفتي مصر ووزير الأوقاف ينعيان -البطل الشهيد خالد شوقي- بعد إ ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الشهبي أحمد - مديونية المغرب: حين يتحوّل الدين إلى أسلوب حياة